حراك أثارته على مدار أسبوع، مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب على قطاع غزة، بعد جمود طال مفاوضاتها منذ يوليو (تموز) الماضي، وسط ترحيب عربي من حيث المبدأ وأنباء عن موافقة إسرائيلية مشروطة.
ذلك الحراك الأميركي الذي دفع به ترمب للواجهة مع قادة دول عربية وإسلامية قبل أسبوع، وصولاً إلى لقاء نتنياهو الاثنين بالبيت الأبيض، يعزز فرص عودة «مفاوضات صعبة ومعقدة لإنهاء الحرب» التي تبدأ عامها الثالث الأسبوع المقبل، وسط تفاؤل حذر بنجاح المبادرة، في ظل محادثات ستكون تحت نيران احتلال إسرائيل المسيطر على نحو 75 في المائة من مساحة غزة، وتوقع خضوع تنفيذ الخطة إلى مراحل؛ سواء على مدى قصير أو طويل دون توقع وقف الحرب بين ليلة وضحاها، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».
واقتربت الدبابات الإسرائيلية من قلب مدينة غزة، الاثنين، وفق ما ذكرته «رويترز»، بينما قالت كارولاين ليفيت المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن إسرائيل وحركة «حماس»، «تقتربان جداً» من التوافق على اتفاق إطاري لإنهاء الحرب في غزة، وضمان سلام دائم في الشرق الأوسط.
وأضافت ليفيت، في حديث مع قناة «فوكس نيوز» الاثنين، أن ترمب سيناقش خطة سلام من 21 بنداً مع نتنياهو، وسيتحدث إلى قادة قطر، الذين اضطلعوا بدور الوسيط مع «حماس».
ودعت المتحدثة الأميركية لتنازلات لطرفي الحرب، قائلة: «للتوصل إلى اتفاق معقول للطرفين، يجب على كل طرف أن يتنازل قليلاً، وربما يغادر الطاولة وهو غير راضٍ بعض الشيء، لكن هذه في نهاية المطاف هي الطريقة التي سنُنهي بها هذا النزاع».

فيما ذكر موقع «أكسيوس» الأميركي أن الخلاف بين الولايات المتحدة وإسرائيل في الوقت الحالي، يتركز حول بند نزع سلاح «حماس»، الذي تريد إسرائيل أن يكون أكثر إلزاماً، ودور السلطة الفلسطينية في غزة، الذي يعدّه نتنياهو «خطاً أحمر» بالنسبة له.
وتشمل الخطوط العريضة للخطة المكونة من 21 نقطة، وقفاً دائماً لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن خلال 48 ساعة من الهدنة، وانسحاباً تدريجياً للقوات الإسرائيلية من غزة، وإطلاق سراح نحو 250 معتقلاً فلسطينياً من المحكوم عليهم بالسجن المؤبد، ونحو ألفي معتقل من غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
فيما قال مصدر مطلع على المناقشات لـ«رويترز»، إن مسؤولين إسرائيليين أثاروا مخاوف مع نظرائهم الأميركيين بشأن الاقتراح، بما في ذلك بشأن المشاركة المقترحة لقوات الأمن الفلسطينية في غزة بعد الحرب، وعدم الوضوح بشأن ما إذا كان سيتم طرد قيادات حركة «حماس» من القطاع، وبشأن من سيتولى المسؤولية بشكل عام عن أمن غزة.
فيما وضع وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، في منشور مطوّل على منصة «إكس» (الاثنين)، مجموعة من «الخطوط الحمراء»، شملت المطالبة بـ«الانسحاب الحقيقي والكامل لـ(حماس)» من غزة. وطالب أيضاً بأن «يبقى الجيش دائماً في المحيط الأمني، بما في ذلك محور فيلادلفيا، ويحتفظ بحرية كاملة لتنفيذ عمليات في قطاع غزة بأكمله».
وفي ضوء ذلك التفاؤل الأميركي والتحفظات الإسرائيلية، يرى أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشأنين الفلسطيني والإسرائيلي، الدكتور طارق فهمي، أنه سيكون هناك ترقب لعودة المفاوضات، لكن بتفاؤل حذر في ظل التطورات المتواصلة منذ طرح ترمب للمبادرة، وحرص واشنطن على إنجاحها، خصوصاً وهي مطروحة باسم الرئيس الأميركي الذي يسعى لعدم فقد مصداقيته وتأثيره، خصوصاً في ظل عدم حدوث إي إنجاز بملف أوكرانيا بعد.
ويتوقع فهمي ألا تقول إسرائيل بعد لقاء نتنياهو وما يتلوه من محادثات، «نعم» لكل البنود المطروحة، ولكن ستتحفظ وتطرح ملاحظاتها بمحطة مفاوضات الوسطاء، من أجل ضمان استمرارها في التفاوض تحت النار، في ضوء سيطرة عملية لها على أكثر من 75 في المائة من قطاع غزة، وعدم أولوية ملف الرهائن لديها حالياً.
ويرجح السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، أيضاً، أن يقود الحراك الذي أشعله ترمب، إلى عودة المفاوضات قريباً، في ظل مساعي الرئيس الأميركي لنيل جائزة نوبل للسلام، وتفاؤله المتكرر بقرب إنجاز اتفاق بغزة، لتحقيق إنجاز لشخصه في ظل تعثر محاولاته لإنهاء حرب أوكرانيا.
وجاء هذا التفاؤل الأميركي غداة إعلان ترمب في مقابلة مع موقع «أكسيوس»، أن المفاوضات حول خطته لإنهاء الحرب في غزة «بمراحلها النهائية»، مضيفاً أنه تلقى «رداً جيداً للغاية» من إسرائيل والقادة العرب على مقترح خطة السلام في غزة.
ورحّب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الاثنين، خلال لقاء بالقاهرة، بمبادرة ترمب لوقف الحرب في قطاع غزة، مؤكدَين «أهمية دعم هذه المبادرة السلمية بما يمهد الطريق أمام مسار تحقيق سلام دائم وشامل في المنطقة»، وفق بيان للرئاسة المصرية الاثنين.
كما أكد العاهل الأردني الملك عبد ﷲ الثاني، الأحد، في بيان، أن المملكة تعمل بالتنسيق مع دول عربية وشركاء على تفاصيل خطة ترمب، مؤكداً أنها «شهدت توافقاً بنسبة كبيرة».
بينما أكدت حركة «حماس» الأحد، في بيان، «استعدادها لدراسة أي مقترحات تصل إليها من الوسطاء بكل إيجابية ومسؤولية، وبما يحفظ حقوق شعبنا الوطنية».
ويعتقد فهمي أنه يجب التفاؤل بحذر إزاء المطروح من ترمب رغم ما يثيره من تفاؤل، في ظل المخاوف، خصوصاً «وقد نفاجأ بضربة إسرائيلية لإيران توقف كل المسار، أو نشهد حدثاً مفصلياً بالتوصل إلى الرهائن من جانب إسرائيل»، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة تفاوضية صعبة وعسيرة، ستطرح فيها بالكواليس والعلن كل الملاحظات والتباينات.
ويرجح أن الأمور ستذهب إلى «نصف حل وشبه خيار وسيناريوهات توافقية، وسنكون أمام مفاوضات تقود لتدابير آنية ومرحلية وأخرى في مدى قصير وآخر طويل، وقضايا شائكة تأخذ وقتاً دون توقع حدوث وقف للحرب نهائياً بين ليلة وضحاها»
ويعتقد الفرا أن العرب يحاولون بهذه الترحيبات المبدئية المتواصلة بمبادرة ترمب، تفكيك أي تحديات أو عراقيل قد يضعها نتنياهو في طريق وقف الحرب، مشيراً إلى أن «حماس» في وضع صعب للغاية، ويمكن أن تذهب إلى اتفاق، حال تم الضغط عليها لإنجاح مسار خطة الرئيس الأميركي وفق ضمانات دولية لإنهاء الحرب، متوقعاً أن تستمر المفاوضات وقتاً، وتبدأ بوقف مبدئي لإطلاق النار للحصول على الرهائن، وسط مناورات ومماطلات إسرائيلية لوقف الحرب.









