تلويح «أميصوم» بتقليص قواتها يثير مخاوف من تنامي الإرهاب بالصومال

وسط إحجام أميركي عن التمويل ومساعٍ لمؤتمر دولي لدعم الميزانية

جنود من قوات حفظ السلام التابعين لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم)
جنود من قوات حفظ السلام التابعين لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم)
TT

تلويح «أميصوم» بتقليص قواتها يثير مخاوف من تنامي الإرهاب بالصومال

جنود من قوات حفظ السلام التابعين لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم)
جنود من قوات حفظ السلام التابعين لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم)

تقليص حجم بعثة الدعم والاستقرار في الصومال «أميصوم» بات خياراً مطروحاً أمام الاتحاد الأفريقي، في ظل إحجام أميركي عن تمويلها، ومساعٍ لإقامة مؤتمر دولي لجلب دعم عاجل، تزامناً مع تصعيد حركة «الشباب» الإرهابية لعملياتها بمقديشو.

ويرى خبير في الشؤون الأفريقية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن ذلك التقليص المحتمل يحمل مخاطر كبيرة ستشجع حركة «الشباب» على زيادة عملياتها المتصاعدة مؤخراً في البلاد، متوقعاً أن تتحمل الدول المشاركة بالبعثة ميزانية قواتها بالتزامن مع تأمين دعم الاتحاد الأوروبي، والبحث عن بدائل جديدة للتمويل.

ويشهد الصومال، الدولة الواقعة في شرق أفريقيا، تمرداً إرهابياً عنيفاً، وأجبر الجيش الصومالي، بدعم من قوات «الاتحاد الأفريقي»، حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» على الانكفاء، واتخاذ موقف دفاعي في عامَي 2022 و2023، قبل أن تعود للظهور بشكل لافت منذ بداية هذا العام.

تزامن هذا الظهور مع بداية بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال، المعروفة باسم «أميصوم»، عملياتها رسمياً في بداية يناير (كانون الثاني) الماضي، خلفاً لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية «أتميس»، التي انتهت ولايتها في نهاية العام الماضي، بعد اعتماد مجلس الأمن إياها في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2024، لفترة أولية مدتها 12 شهراً، لمكافحة حركة «الشباب»، وتعزيز جهود الاستقرار.

رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري يستقبل القائم بأعمال رئيس بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار كريم أديبايو (وكالة الأنباء الصومالية)

وبحسب تقرير حديث نشرته مجموعة الأزمات الدولية، فإن عجز التمويل «يحد من قدرات البعثة الوليدة، في تنفيذ مهامها، وتسبب في استياء الدول الأفريقية المساهمة بقوات عسكرية ضمن البعثة، التي ترى أن عدم الوفاء بالالتزامات المالية يُعرّض جنودها لمخاطر متزايدة دون وجود غطاء لوجيستي أو دعم مالي كافٍ»، بحسب ما نقله إعلام صومالي، الأحد.

ويعود ذلك العجز عقب اعتراض الولايات المتحدة مؤخراً على قرار من مجلس الأمن الدولي يقضي بتحمل الأمم المتحدة نسبة تصل إلى 75 في المائة من تكلفة بعثة الدعم والاستقرار في الصومال والتي تعد واشنطن أكبر مموليها، ما أدى إلى تعطيله وظهور أزمة بمسار تمويل بحسب التقرير.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، أن «تقليص عدد البعثة الأفريقية سيشجع حركة الشباب بقيام عمليات إرهابية أكثر وأكثر، خصوصاً في ظل عدم وجود جيش قوي صومالي وسيطرة الحركة على بلدات استراتيجية في الآونة الأخيرة».

والتمويل كان بحسب إبراهيم «يأتي من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتحفظت واشنطن على دعم القوات الأفريقية، وطلبت من الاتحاد الأفريقي أن يمول قواته، وهذا صعب للغاية عليه وغير متوفر، لأنه يلجأ لمجلس الأمن لنيل الدعم الدولي والتمويلي»، لافتاً إلى أن «الاتحاد الأوروبي مستعد لدفع دعمه، ولكن لن يكفي من دون دعم أميركي أو إيجاد بديل آخر».

وعادة ما تكون مساهمات الاتحاد الأفريقي في تمويل البعثات بالصومال ضئيلة، وقدم في 2023 تمويلاً لبعثة «أتميس» مقداره 3.5 مليون دولار، بينما تشير التقديرات إلى أن الاتحاد الأوروبي قدم نحو 2.5 مليار يورو لدعم بعثات الاتحاد الأفريقي في مقديشو منذ 2009، فضلًا عن 118 مليون يورو مساهمة إضافية لسد فجوة التمويل.

وانتهت «قمة عنتيبي»، في أواخر أبريل (نيسان) الماضي، بالتطرق لذلك، مؤكدة الحاجة لنشر 8 آلاف جندي إضافي، ضمن قوات الاتحاد الأفريقي لمعالجة الوضع الأمني الحالي في مقديشو، وسط تشديد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف بكلمته على ضرورة «توفير التمويل اللازم لبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال».

وأوضح أنه «لا تزال هناك موانع لتطبيق قرار مجلس الأمن بشأن بعثة دعم الصومال، وسيتطلب الأمر جهداً جماعياً لحشد موارد مالية تصل إلى 190 مليون دولار في عام 2025».

وهذا العجز التمويلي يأتي بينما تتصاعد هجمات حركة «الشباب» الإرهابية، وقُتل ما لا يقل عن 10 أشخاص، الأحد، عندما استهدف انتحاري صفاً من المجندين الشباب الذين كانوا يسجلون أسماءهم في ثكنة دامانيو العسكرية في العاصمة الصومالية مقديشو، حسبما أفاد شهود لوكالة «رويترز»، وفي ظل أزمة سياسية بالبلاد مع إصرارٍ من الرئيس حسن شيخ محمود على التمسك بتنفيذ انتخابات مباشرة في 2026، رغم رفض المعارضة ورئيسَي ولايتَي بونتلاند سعيد عبد الله دني، وغوبالاند أحمد مدوبي.

كما سيطرت الحركة في أبريل الماضي على عدن يابال، البلدة الاستراتيجية الواقعة وسط الصومال، بعد استهدافها موكب الرئيس حسن شيخ محمود بالعاصمة مقديشو في مارس (أذار) الماضي.

وبحثاً عن مخرج لإعادة التصدي لنفوذ الحركة، كشفت مجموعة الأزمات الدولية أن مسؤولي الاتحاد الأفريقي يسعون لتنظيم مؤتمر دولي في الدوحة أو لندن، كمحاولة أخيرة لحشد تمويل ميزانية البعثة لتفادي احتمال التقليص.

وعن فرص نجاح أي مؤتمر دولي للتمويل، أوضح مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، أن «هذا يعتمد على القرار الأميركي، فالولايات المتحدة أكبر دولة يتوقع أن تدفع التمويل، أما من دونها فستكون هناك صعوبة»، موضحاً أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لو وجد اهتماماً عربياً بموضوع الصومال لكان الحل أقرب كما فعل في سوريا ورفع العقوبات عنها، لا سيما أن الصومال هو بوابة البحر الأحمر، وهو مهم للأمن القومي العربي».

ويعتقد أن الحل هو بناء جيش صومالي قادر على إدارة الأمن في الدولة، ولحين إتمام ذلك «ربما تدفع الدول المشاركة بالبعثة بقية رواتب دولها بعد تلقي الدعم من الاتحاد الأوروبي لحين حل أزمة التمويل بشكل جذري».

ولمعالجة النقص في التمويل بعد الموقف الأميركي، اتفقت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي على إجراء تخفيضات كبيرة شملت خفض رواتب القوات، وإزالة تكاليف التأمين، وتقليص تكاليف الرحلات الجوية والمعدات، ونتيجة ذلك، انخفضت الميزانية المعدلة للبعثة إلى 166.5 مليون دولار، وفق صحيفة «بيزنس إنسايدر أفريقيا».


مقالات ذات صلة

تنظيم «القاعدة» يدعو في مالي إلى «حكومة شرعية»

أفريقيا مقاتلون من تنظيم «القاعدة» في مالي (إعلام محلي)

تنظيم «القاعدة» يدعو في مالي إلى «حكومة شرعية»

دعت مجموعة موالية لتنظيم «القاعدة» في دولة مالي إلى إقامة ما سمته «حكومة شرعية»، وذلك بالتزامن مع تعزيز التنظيم لنفوذه في المناطق القريبة من العاصمة باماكو.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقائه قيادات عدد من الولايات (وكالة الأنباء الصومالية)

رفض «بونتلاند» المشاركة في «منتدى التشاور» يعمّق أزمة الصومال

رفضت ولاية بونتلاند المشاركة في منتدى «التشاور السياسي» الذي دعا إليه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، وسط أزمة سياسية تتصاعد بين المعارضة والحكومة الفيدرالية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تحليل إخباري الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (وكالة الأنباء الصومالية)

تحليل إخباري «المشاورات الوطنية» بالصومال... هل تقود لانفراجة في أزمة الانتخابات؟

تترقب الأوساط الصومالية والدولية منتدى المشاورات الوطنية لقادة المجتمع المدني والسياسي، المقرر عقده في مقديشو يوم 15 يونيو (حزيران) الجاري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مالي: «القاعدة» تكثف هجماتها... ومجموعة «فاغنر» تعلن الانسحاب

مالي: «القاعدة» تكثف هجماتها... ومجموعة «فاغنر» تعلن الانسحاب

وجَّهت الجماعات الإرهابية المسلحة في دولة مالي، ضربات موجعة إلى الجيش (الخميس)، وسيطرت على ثكنة عسكرية تقع إلى الجنوب من العاصمة باماكو.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا قوات من مالي في تخريج دفعة عسكرية (متداولة)

مالي: تعرض موقعين عسكريين للهجوم مع تصاعد عنف الجماعات المتشددة

قال جيش مالي إن مسلحين شنوا ضربات على منشأتين عسكريتين يومي الأربعاء والخميس، في أحدث حلقة من سلسلة هجمات خاطفة يقول المسلحون إنها أسفرت عن مقتل مئات الجنود.

«الشرق الأوسط» (باماكو )

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟
TT

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

تلقت الجماعة الحوثية في اليمن صدمة كبيرة إثر الضربات الإسرائيلية غير المسبوقة على إيران، فيما يتوقع سياسيون وباحثون يمنيون أن الجماعة ستنتظر التعليمات الجديدة من طهران بخصوص التصعيد المرتقَب المطلوب منها، سواء على صعيد تكثيف إطلاق الصواريخ والمسيّرات، أو على صعيد العودة للهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن.

وعلى وَقْع هذه الضربات الإسرائيلية المتواصلة على إيران، توالت مواقف الكيانات الحوثية، عبر بيانات متضامنة، ابتداءً من أعلى الهرم الانقلابي للجماعة، ووصولاً إلى مكتبها السياسي، وانتهاءً بقادتها وناشطيها.

وبينما عمّ الذهول مؤيدي الجماعة والموالين لها، أكد مجلس حكمها الانقلابي على حق إيران في «الرد الرادع على العدوان الأرعن»، وقال في بيان إن الجماعة تقف مع طهران «في حقها المشروع للرد».

وحمل البيان الحوثي الولايات المتحدة المسؤولية عن الهجمات الإسرائيلية، وقال إن علمها بالهجمات «لا يعفيها من المسؤولية، بل هي بذلك تثبت أنها متورِّطة ويجب محاسبتها على ذلك».

زعيم الحوثيين توعد باستمرار هجمات جماعته باتجاه إسرائيل (إ.ب.أ)

من جهته، قال المكتب السياسي للجماعة الحوثية في بيان آخر، إن ما تدّعيه إسرائيل حول البرنامج النووي الإيراني «لا أساس له من الصحة، وليس لها الحق أن تكون شرطي المنطقة تقرر عنها ما تريد أن تفعل».

وأكد مكتب الجماعة أنه يؤيد حق إيران الكامل والمشروع في الدفاع عن نفسها، وفي تطوير برنامجها النووي.

جاء موقف الحوثيين من هذه التطورات غداة خطبة لزعيمهم عبد الملك الحوثي دعا فيها أتباعه للاحتشاد الأسبوعي في الميادين لاستعراض القوة، كما توعَّد باستمرار الهجمات باتجاه إسرائيل ضمن ما يقول إنه لمساندة الفلسطينيين في غزة.

وتبنى الحوثي إطلاق 11 صاروخاً بين باليستي وفرط صوتي ومسيّرات خلال أسبوع واحد، زاعماً أنها استهدفت أهدافاً في حيفا ويافا وأسدود، وأن 5 صواريخ منها استهدفت مطار بن غوريون.

صواريخ اعتراضية إسرائيلية تتصدى لهجوم حوثي (رويترز)

وادعى الحوثي أن أحد الصواريخ أحدث إرباكاً للمنظومة الدفاعية الإسرائيلية، وأن مجمل الهجمات أجبرت ملايين الإسرائيليين على الهروب إلى الملاجئ، وتفعيل صافرات الإنذار.

وبحسب ادعاءات زعيم الحوثيين، فإن هجمات جماعته تهدف لفرض حصار جوي على إسرائيل. كما زعم أن منع ملاحة السفن الإسرائيلية مستمر في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب.

تحديث الأوامر

على الرغم من عدم صدور موقف حوثي فوري بخصوص الانخراط العسكري في معركة إيران مع إسرائيل، فإن باحثين يمنيين يرون أن الجماعة في انتظار الحصول على التعليمات من طهران، سواء لتكثيف إطلاق الصواريخ والمسيّرات، أو للعودة إلى مهاجمة السفن، بما في ذلك السفن الأميركية.

ويقول الباحث والأكاديمي اليمني فارس البيل، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن تصرف الحوثي سيندرج ضمن خطة إيران للرد أو المواجهة، كما كان سابقاً لحماية إيران وتحقيق تقدم سياسي وعسكري لها».

ويجزم البيل بأن الضربة الموسعة والمربكة الإسرائيلية على إيران أربكت الأذرع، بما فيها الحوثيون، ويضيف: «الحوثيون كأقرانهم لا يمتلكون القرار، ولم تمنحهم إيران حتى مساحة للمناورة، لذلك لا تجد ردّات فعل واضحة حتى الآن، ما يعني أنهم في انتظار تحديث الأوامر».

حاملة طائرات أميركية انسحبت من البحر الأحمر عقب تعهد الحوثيين بعدم مهاجمة السفن (أ.ب)

وستتضح (بحسب البيل) طبيعة المرحلة المقبلة للحوثيين بناءً على مصير إيران؛ فإما أن تحرق الأخيرة كل مراكبها، وتدفع بالحوثي لإشعال النار فيما حوله، أو ستفاوض به للبقاء.

ويرى الباحث اليمني أنه كان من الممكن أن تدفع إيران الحوثيين للسيطرة على باب المندب وحتى إغلاقه، باعتبار أن هذه هي مهمتهم المنشودة بالأساس، وخنق العالم اقتصادياً لتحقيق السيطرة لإيران.

ويستدرك بالقول: «لكن يبدو الأمر مختلفاً بعد الضربة الموجعة؛ إذ لا يُستبعد أن يطلق الحوثيون النار بشكل عشوائي، ويهاجمون السفن، ويطلقون الصواريخ باتجاه إسرائيل، وربما إلى قواعد في المنطقة أو أهداف ثانوية».

وفي حين لا يعتقد البيل أن إيران ستدخر الحوثيين بعد خسارتها القوية في صلب هيكلها الأساسي، ينظر إلى أن الأمر برمته عائد على قدرة إيران على الرد أو الاستسلام.

وفي كل الأحوال، يبقى الحوثيون (وفق الباحث اليمني) ورقة إيران الأكثر قدرة على التحرُّك، بخلاف «الحشد الشعبي» في العراق المرصود والمحاصر بدقة، لذلك يمكن أن نشهد انتحاراً للجماعة.

مفترق طرق

«بعد الضربات الإسرائيلية القاسية التي استهدفت قلب المنظومة العسكرية والعلمية الإيرانية، تقف الجماعة الحوثية أمام مفترق طرق حقيقي»، وفق ما يقوله المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر.

ولا يرجح الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تواصل الجماعة الحوثية التصعيد بالوتيرة السابقة ذاتها؛ خصوصاً في ظل إدراكها أن انخراطها المباشر في الرد قد يضع قياداتها ضمن أهداف إسرائيل، على غرار ما حدث مع «حماس» و«حزب الله».

وفي المقابل، قد تلجأ الجماعة - بحسب تقديره - إلى إعادة استخدام ورقة الهجمات على السفن كخطوة رمزية أكثر من كونها عسكرية استراتيجية، وذلك بهدف امتصاص الغضب الإيراني، والحفاظ على موقعها ضمن محور «المقاومة” دون الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

عنصر موالٍ للحوثيين في صنعاء يحمل مجسماً لطائرة مسيرة (رويترز)

ويضيف: «سيكون هذا التصعيد (إن حدث) بروباغندا سياسية لخدمة الجماعة في الداخل اليمني أكثر من تحقيق مكاسب عسكرية».

ويتابع الطاهر بالقول: «من المهم أن نضع في الحسبان أن مثل هذه الخطوات محفوفة بالمخاطر؛ فالهجمات على الملاحة الدولية قد تستفز المجتمع الدولي بشكل جماعي، وتؤدي إلى رد فعل أوسع يُهدد بقاء الجماعة نفسها؛ خصوصاً مع تزايد الاختراقات الاستخباراتية في صفوفها، كما كشفت الأحداث الأخيرة».

ويقرأ أن الحوثيين باتوا اليوم في وضع لا يُحسدون عليه، إذ عليهم إرضاء طهران، وتجنب مصير الضربات الدقيقة، وإقناع جمهورهم بأنهم جزء من المواجهة، دون أن يُضحوا بقياداتهم.

وأمام هذا التحدي (وفق الطاهر) قد يلجأ الحوثيون للتصعيد المحسوب، أو للمناورة الإعلامية فقط، دون تحرك فعلي، لكنهم قد يسعون للاستفزازات لكي تستمر إسرائيل بقصف البنية التحتية.

تصعيد متوقع

في سياق التكهُّن بما سيكون عليه الأمر بالنسبة للحوثيين بعد الهجوم الإسرائيلي الواسع على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية وقتل قيادات الصف الأول في الجيش الإيراني، يعتقد المحلل السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك يضع الحوثيين أمام لحظة فارقة ومفصلية.

ولأن الجماعة الحوثية ذراع إيرانية عسكرية وعقائدية، فالمتوقع (وفق الجبري) أن تتحرك وفقاً لتوجيهات طهران التي قد تجرها لمعارك في البحر الأحمر من جديد، بعد أن كانت تعهَّدت بعدم استهداف السفن.

مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

ولا يُستبعد الجبري أن تعود العمليات الحوثية في البحر الأحمر، ويقول: «يمكن أن نشهد تصعيداً حوثياً تجاه المصالح الدولية في باب المندب، وربما يصل إلى التهديد بإغلاق باب المندب؛ كون هذه هي المهمة الأساسية التي أنشأت إيران الجماعة من أجلها، فضلاً عن إطلاق الصواريخ بكثافة مستمرة تجاه إسرائيل».

ومع إدراك الحوثيين أن العودة العشوائية لاستهداف السفن في البحر الأحمر تحت شعار مهاجمة مصالح إسرائيل ستستدعي الضربات الأميركية من جديد، وتخرجهم عن الهدنة الضمنية القائمة، يتوقع الجبري أن تكون هناك أولاً عمليات حوثية رمزية لاختبار رد الفعل الأميركي.

ويجزم أن الجماعة الحوثية باتت أمام مفترق طرق؛ إما مصالحها أو مصالح إيران، ويشير إلى أنها خلال مواقفها في السنوات الماضية أظهرت أنها تقدم مصالح طهران على أي مصالح تخصها أو تخص الشعب اليمني.