تستّر حوثي على عصابات تختطف النساء

جهود عائلة يمنية كشفت عن عصابتين تحتجزان 16 امرأة

الانفلات الأمني في مناطق سيطرة الحوثيين يضاعف من معاناة النساء (غيتي)
الانفلات الأمني في مناطق سيطرة الحوثيين يضاعف من معاناة النساء (غيتي)
TT
20

تستّر حوثي على عصابات تختطف النساء

الانفلات الأمني في مناطق سيطرة الحوثيين يضاعف من معاناة النساء (غيتي)
الانفلات الأمني في مناطق سيطرة الحوثيين يضاعف من معاناة النساء (غيتي)

كشفت واقعة اختفاء امرأة في إحدى المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، والعثور عليها في محافظة أخرى، عن انتشار عصابات متعددة لاختطاف النساء وابتزاز عائلاتهن، في ظل سياسة تعتيم إعلامية حوثية.

وأفادت مصادر محلية مطلعة بأنه عُثر قبل أيام لدى عصابة في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) على امرأة فاقدة الذاكرة، وفي حالة صحية سيئة، بعد نحو أسبوعين من تعرضها للاختطاف من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، وتبيَّن أن العصابة متخصصة في اختطاف النساء، وترتبط بعصابات أخرى في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.

ووفق مصادر مقربة من عائلة المرأة المختطفة فإن أجهزة الأمن التابعة للجماعة الحوثية فرضت على جميع المطلعين على تفاصيل الواقعة، وما جرى خلال فترة البحث، تحري الصمت وعدم النشر، وهددت بمحاسبة كل من ينشر حولها في وسائل التواصل الاجتماعي، واكتفت باحتجاز العصابة دون اتخاذ الإجراءات القانونية لمحاسبتها، والكشف عن باقي ممارساتها.

وأوضح من خلال تسجيلات كاميرات المراقبة في مدينة إب، محل واقعة الاختطاف، أن المرأة اسْتُدرِجت من امرأة أخرى، إثر مغادرتها محل صرافة، ولم يتم التعرف على أفراد العصابة التي استدرجتها واختطفتها، ولم تُعرف وجهتها بعد ذلك، بسبب احتراف العصابة في التمويه.

فتاتان في إحدى جامعات مدينة تعز في انتظار بدء اليوم الدراسي (أ.ف.ب)
فتاتان في إحدى جامعات مدينة تعز في انتظار بدء اليوم الدراسي (أ.ف.ب)

واستخدمت العصابة، كما ظهر في تسجيلات كاميرات المراقبة، حقنة لتخدير المرأة بعد وصولها إلى سيارة كانت في انتظارها رفقة المرأة التي استدرجتها، في حين لم تتضح الحيلة التي استُخدمت في عملية الاستدراج.

وتُفيد المصادر بأن الكشف عن مكان وجود المرأة المختطفة تَطَلَّبَ من عائلتها بذل كثير من الجهود، وإنفاق كثير من الأموال رشاوى لقيادات أمنية حوثية طوال أسبوعين، حتى جرى القبض على عصابة متخصصة في اختطاف النساء بمحافظة صعدة، وهي معقل الجماعة الحوثية في شمال اليمن.

رشاوى وتعتيم

وعلى الرغم من العثور على 6 من النساء المحتجزات لدى هذه العصابة، فإن المرأة المنشودة لم تكن بينهن، واضطرت عائلتها لدفع مزيد من الأموال مقابل استمرار التحقيق معها والضغط عليها للإدلاء بأي معلومات، خصوصاً أن عدداً من النساء المحتجزات لديها ينتمين إلى محافظات بعيدة عن صعدة.

النساء اليمنيات يواجهن صعوبات حياتية كبيرة بسبب الحرب وممارسات الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)
النساء اليمنيات يواجهن صعوبات حياتية كبيرة بسبب الحرب وممارسات الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

واضطر أفراد العصابة للإدلاء بمعلومات عن عصابة أخرى مقربة منهم في محافظة ذمار، ليتم القبض عليها، والعثور على المرأة، و9 نساء أخريات لديها، في حالة صحية سيئة، تشي بتعرضها لممارسات جسدية ونفسية خطرة.

وأثارت الواقعة مخاوف السكان، خصوصاً أن الجماعة الحوثية فرضت التعتيم الإعلامي عليها، ومنعت النشر في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي.

ويتهم الأهالي الجماعة الحوثية بالتستر على العصابات المتخصصة في اختطاف النساء، وعدم الجدية في التعاطي مع وقائع وشكاوى الاختطافات، خصوصاً أن الوقائع حدثت في مناطق سيطرتها، في حين ينتمي عناصرها إلى معقلها في صعدة.

يمنية مسنة تتسوق حاجياتها في إحدى أسواق مدينة تعز (أ.ف.ب)
يمنية مسنة تتسوق حاجياتها في إحدى أسواق مدينة تعز (أ.ف.ب)

وتتهم تقارير حقوقية محلية ودولية وأممية الجماعة الحوثية بممارسات خطرة ضد النساء، تتضمن الاختطاف والتعذيب والاستغلال الجنسي والابتزاز والتجنيد للتجسس.

انفلات أمني

استمرت وقائع الانفلات الأمني في محافظة إب الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية؛ حيث قتل أحد سكان منطقة السحول، شمال مركز المحافظة، وأصيبت طفلتاه في هجوم نفذه مسلحون يرجح أنهم يتبعون الجماعة، منتصف الشهر الحالي.

زيادة حوادث اختطاف النساء في مناطق سيطرة الحوثيين تثير مخاوف السكان (رويترز)
زيادة حوادث اختطاف النساء في مناطق سيطرة الحوثيين تثير مخاوف السكان (رويترز)

ووفق أهالي المنطقة، فقد اقتحم المسلحون المنزل، وأطلقوا النار على العائلة قبل أن يغادروا دون أن يتركوا ما يشير إلى سبب الواقعة أو هوياتهم سوى السيارة التي أقلتهم، ويكشف مظهرها عن تبعيتها لقوات الأمن الحوثية.

ومنذ أسبوعين، تم العثور في مديرية مذيخرة (جنوب غربي المحافظة) على جثة مشوهة لطفل في الثالثة من عمره بعد 10 أيام من اختفائه في ظروف غامضة.

وطوال فترة اختفاء الطفل لم تتدخل أجهزة الجماعة الحوثية بالبحث أو مساعدة عائلته في التحقيق والتحري عن الواقعة، وتجاهلت مناشدة سكان المنطقة الذين لجأوا لإجراء عمليات البحث بأنفسهم، حتى تمكنوا من العثور على جثة الطفل، وقد بترت أطرافها وشوه وجهها.


مقالات ذات صلة

تعسف الانقلابيين يضرب التكافل الاجتماعي في اليمن

المشرق العربي اتهامات للجماعة الحوثية باستخدام المساعدات في استقطاب المقاتلين خصوصاً من الأطفال (رويترز)

تعسف الانقلابيين يضرب التكافل الاجتماعي في اليمن

تتسبب ممارسات الجماعة الحوثية في تراجع التكافل الاجتماعي بين اليمنيين، بالتزامن مع مساعيها لحرمان السكان من المساعدات المقدمة من فاعلي الخير وتجييرها لصالحها

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري (الشرق الأوسط) play-circle

وزير الدفاع اليمني لـ«الشرق الأوسط»: سنتعامل بحزم مع أي مغامرة حوثية

أكد وزير الدفاع اليمني أن القوات المسلّحة اليمنية وجميع التشكيلات العسكرية في جهوزية عالية للتعامل بصلابة وحزم مع أي اعتداءات أو مغامرات حوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يمنيان ينظفان الزجاج الذي تسببت الغارات الأميركية في تحطيمه أمام متجرهما بصنعاء (أ.ف.ب)

سكان صنعاء يتخوفون من مواجهة طويلة بين واشنطن والحوثيين

أعادت الضربات الأميركية الأخيرة في اليمن تجديد مخاوف السكان من مواجهة طويلة تؤثر على معيشتهم، في ظل إصرار الحوثيين على التصعيد وعدم اكتراثهم بتبعات ممارساتهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم عبد الملك الحوثي لاستعراض القوة أمام الضربات الأميركية (إ.ب.أ)

الحوثيون يختارون التّصعيد رغم وعيد ترمب واستمرار الضربات

اختارت الجماعة الحوثية تمسُّكها بالتصعيد البحري رغم الوعيد والضربات الأميركية المستمرة التي أمر بها ترمب، زاعمة أنها هاجمت حاملة الطائرات «ترومان» مرتين.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الرئيس اليمني رشاد العليمي مع القيادات العسكرية اليمنية خلال الاجتماع (سبأ)

الحكومة اليمنية تطالب بتعاون دولي أوسع لمحاصرة الحوثيين

في وقت تستمر فيه الضربات الأميركية على مواقع حوثية عدة، طالبت الحكومة اليمنية بتبنِّي تعاون دولي أوسع واستراتيجية شاملة لمحاصرة الجماعة وقطع مصادر تمويلهما.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«النواب» المصري يناقش مشروع قانون «المسؤولية الطبية» المُثير للجدل

مجلس النواب خلال جلسة مناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية (النائبة أميرة صابر - إكس)
مجلس النواب خلال جلسة مناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية (النائبة أميرة صابر - إكس)
TT
20

«النواب» المصري يناقش مشروع قانون «المسؤولية الطبية» المُثير للجدل

مجلس النواب خلال جلسة مناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية (النائبة أميرة صابر - إكس)
مجلس النواب خلال جلسة مناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية (النائبة أميرة صابر - إكس)

بدأ مجلس النواب (البرلمان) المصري، الأحد، مناقشةَ مشروع قانون المسؤولية الطبية وسلامة المريض، خلال جلسة عامة تمهيداً لإقراره، وسط مطالب من نقابة الأطباء بإدخال تعديلات على المشروع المثير للجدل، من بينها «خفض الغرامات المفروضة على الأطباء في حالة الأخطاء الطبية»، وهو المطلب الذي تبناه ائتلاف الأغلبية.

وعد رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، مشروع القانون، «إنجازاً جديداً» يُضاف إلى قائمة «إنجازات المجلس»، مؤكداً أن المشروع «لم يأت في عجالة كما يتصور البعض وإنما شهد دراسة مستفيضة ومتأنية شاركت فيها كافة نقابات المهن الطبية المعنية، على رأسها نقابة الأطباء، وتم طرح أكثر من مسودة للمشروع في ضوء التعديلات المقترحة من الجهات المختلفة، وصولاً إلى أفضل الصياغات التي تحقق الصالح العام».

رئيس مجلس النواب حنفي جبالي (وزارة الشؤون النيابية)
رئيس مجلس النواب حنفي جبالي (وزارة الشؤون النيابية)

ويهدف مشروع القانون إلى «بيان الأحكام العامة للمسؤولية الطبية، والتأكيد على الحقوق الأساسية بمتلقي الخدمة الطبية أياً كان نوعها، وإنشاء لجنة عليا تسمى اللجنة العليا للمسؤولية الطبية وحماية المريض، تكون جهة الخبرة الاستشارية بخصوص الأخطاء الطبية، وتوفير بيئة داعمة للأطقم الطبية من خلال حماية الممارسين الصحيين من التعدي عليهم أثناء عملهم»، حسب رئيس لجنة الشؤون الصحية، أشرف حاتم.

ويواجه مشروع القانون رفض بعض الأطباء ممن عدّوه «مقيداً لعملهم». ووصف عضو مجلس نقابة الأطباء السابق الدكتور محمد عبد الحميد لـ«الشرق الأوسط» المشروع بأنه «كارثي»، محذراً من أن «يتسبب حال تمريره بشكله الحالي في أن يتحول الطب في مصر إلى طب دفاعي، بمعنى امتناع الأطباء عن مباشرة أي حالة فيها مجازفة أو صعبة، تجنباً لتعريض أنفسهم للعقاب».

لكن وزير الشؤون النيابية والتواصل السياسي، محمود فوزي، أثنى على مشروع القانون، قائلاً إنه «لـ(فرض) مزيد من الانضباط وطمأنة المرضى ليس ضد أحد، لكن لسلامة المرضى ممكن يكون أنا وأنت أو الطبيب نفسه».

وطالب نقيب الأطباء، أسامة عبد الحي، خلال جلسة البرلمان، بإدخال تعديلات على المشروع، منها عدم إحالة الطبيب المشكو في حقه للتحقيق أو المحاكمة سوى بعد صدور تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، مشيراً إلى أن ذلك «يريح الطبيب وجهات التحقيق».

نقيب الأطباء أسامة عبد الحي خلال ندوة لمناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية 29 يناير 2025 (النقابة العامة لأطباء مصر)
نقيب الأطباء أسامة عبد الحي خلال ندوة لمناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية 29 يناير 2025 (النقابة العامة لأطباء مصر)

كما طالب بتعديل النص الخاص بإلزام الطبيب بغرامة تتراوح بين 100 ألف جنيه (الدولار50.27 جنيه) ومليون جنيه، مقترحاً أن تصبح «رمزية تتراوح من مرتب شهر إلى ثلاثة أشهر أو أربعة».

وسبق ودعت نقابة الأطباء إلى عقد جمعية عمومية طارئة في 3 يناير (كانون الثاني) الماضي، ثم أجلتها قبل ساعات من التئامها، بعد موافقة لجنة الشؤون الصحية على إلغاء المادة 29 من مشروع القانون، التي كانت تُجيز حبس الأطباء احتياطياً في الأخطاء الطبية.

ودفع تأجيل العمومية بعض أعضاء مجلس النقابة إلى الاستقالة بسبب اعتراضهم على طريقة إدارة ملف القانون، من بينهم إبراهيم الزيات، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «الجمعية العمومية لكانت دعمت موقف الأطباء اليوم عند مناقشة المشروع»، مشدداً على أن «المشروع بشكله الحالي لا يرضي من انسحبوا من المجلس أو من بقى فيه، الجميع يتفق على ضرورة تعديله».

ووافق ائتلاف الأغلبية في مجلس النواب على مشروع القانون من حيث المبدأ، الأحد، وقال زعيمه النائب عبد الهادي القصبي، إنهم يطالبون بتعديل المادة 27، بـ«تخفيض الغرامات الواقعة بسبب الأخطاء الواردة في المادة، مع التوازن والحفاظ على مصلحة المريض وعدم الإجحاف بحقوق مقدمي الخدمة».

وتنص المادة على أنه «يعاقب بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تجاوز مليون جنيه كل من ارتكب خطأ طبياً سبب ضرراً محققاً لمتلقي الخدمة، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة خطأ طبي جسيم».

ولا تنحصر اعتراضات الأطباء في المادة الخاصة بالغرامة، إذ يطالبون بوضع تعريف أكثر انضباطاً للخطأ الطبي الجسيم، الذي يعرفه المشروع بأنه «ينشأ عن إهمال أو تقصير أو رعونة أو عدم احتراز، ويشمل ذلك على وجه الخصوص ارتكاب الخطأ الطبي تحت تأثير مسكر أو مخدر أو غيرها من المؤثرات العقلية، أو الامتناع عن مساعدة من وقع عليه الخطأ الطبي أو عن طلب المساعدة له، على الرغم من القدرة على ذلك وقت وقوع الحادثة».

ويرى الأمين العام السابق لنقابة الأطباء، إيهاب الطاهر، أن النص الحالي يحمل عبارات فضفاضة مثل «الرعونة وعدم الاحتراز»، مطالباً، عبر صفحته على «فيسبوك»، بحصره في «ممارسة المهنة بشكل متعمد خارج نطاق الترخيص في غير حالات الطوارئ، أو العمل تحت تأثير مسكر أو مخدر، أو استخدام طرق علاجية تجريبية في غير حالات التجارب السريرية الرسمية، أو القيام بإجراء طبى مخالف لقوانين الدولة (مثل تجارة الأعضاء أو الإجهاض غير القانوني)».

https://www.facebook.com/story.php?story_fbid=10064092236953383&id=100000581210586&mibextid=wwXIfr&rdid=sDx9HJhsU0P4QadQ#

وتتضمن الاعتراضات أيضاً «ضعف العقوبة في المواد الخاصة بالاعتداء على المستشفيات مقارنة بقوانين الدول المجاورة لمصر»، حسب الزيات.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقة شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، وكذا الاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.