تنديد دولي ومطالبة بالتحقيق في وفاة موظف أممي اعتقله الحوثيون

الجماعة متهمة باستخدام التعذيب وسوء المعاملة

تنكيس علم الأمم المتحدة في صنعاء حداداً على وفاة موظف برنامج الأغذية العالمي (الأمم المتحدة)
تنكيس علم الأمم المتحدة في صنعاء حداداً على وفاة موظف برنامج الأغذية العالمي (الأمم المتحدة)
TT

تنديد دولي ومطالبة بالتحقيق في وفاة موظف أممي اعتقله الحوثيون

تنكيس علم الأمم المتحدة في صنعاء حداداً على وفاة موظف برنامج الأغذية العالمي (الأمم المتحدة)
تنكيس علم الأمم المتحدة في صنعاء حداداً على وفاة موظف برنامج الأغذية العالمي (الأمم المتحدة)

قوبلت وفاة الموظف الأممي اليمني أحمد باعلوي، في أحد سجون الحوثيين، بتنديد دولي واسع، ومطالبات بتحقيق فوري، ومعاقبة المتورطين في الحادثة، مع تحذيرات من مصير مماثل يلاحق عشرات المعتقلين من الموظفين لدى منظمات دولية ومحلية.

وفي حين أرغمت الجماعة الحوثية أسرة الضحية باعلوي على دفنه دون إجراء التشريح الطبي، أعربت الحكومة الفرنسية عن استيائها العميق إزاء وفاته، حيث كان محتجزاً تعسفياً من قبل الحوثيين في ظروف غير إنسانية منذ يناير (كانون الثاني) الماضي. وجددت باريس إدانتها الشديدة للاحتجاز التعسفي الذي يقوم به الحوثيون لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية، وطالبت بالإفراج عنهم فوراً ودون قيد أو شرط.

ودعت فرنسا إلى الاحترام الكامل لحماية العاملين في المجال الإنساني، وفقاً للقانون الإنساني الدولي، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق. وأكدت عدم جواز استهداف العاملين في المجال الإنساني تحت أي ظرف من الظروف، ودعمها الكامل لعمل الأمم المتحدة في اليمن.

من جهتها، قالت السفيرة البريطانية لدى اليمن عبدة شريف إن الاحتجاز الظالم لأحمد باعلوي ووفاته أثناء احتجازه لدى الحوثيين أمر مروع، وذكرت أنه كان إنسانياً مخلصاً، يعمل على إيصال المساعدات لمن هم في أمسّ الحاجة إليها في بلاده.

وأكدت السفيرة أن الحوثيين لا يزالون يحتجزون كثيراً من الأشخاص بشكل غير قانوني ودون أي مبرر، وجددت دعوتها لهم للقيام بالتصرف الصحيح والإفراج الفوري عن جميع المحتجزين.

وفاة مروعة

وقالت منظمة العفو الدولية إن على الحوثيين التحقيق بشكل عاجل في وفاة الموظف لدى برنامج الغذاء العالمي أحمد باعلوي الذي كان محتجزاً تعسفياً في معتقل يديرونه في شمال البلاد.

ووصفت الباحثة في شؤون اليمن ديالا حيدر حادثة وفاته بأنها «مروعة»، وطالبت بإجراء تحقيق عاجل ومستقل وفعّال ونزيه في الظروف التي أدت إلى وفاته. وأكدت أن الجماعة الحوثية لديها سجل حافل في استخدام التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة في مراكز الاحتجاز التابعة لها، مما يثير المخاوف من أن هذا العامل ربما يكون قد توفي نتيجة للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة.

الحوثيون نفذوا سلسلة مداهمات واعتقلوا العشرات من العاملين في الجانب الإنساني (إكس)

وبحسب بيان المنظمة الدولية، فإن هذه الوفاة تزيد من المخاوف بشأن سلامة ورفاهية جميع الذين ما زالوا محتجزين تعسفياً في مراكز الاحتجاز التي يديرها الحوثيون، بما في ذلك أكثر من 65 موظفاً من وكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني اليمنية والدولية.

وقالت المنظمة إن على السلطات الحوثية أن تفرج فوراً عن جميع الأفراد الذين تحتجزهم تعسفياً، بما في ذلك أولئك الذين يتم احتجازهم فقط فيما يتصل بعملهم في مجال حقوق الإنسان أو العمل الإنساني.

وأعادت «العفو الدولية» التذكير بأن الجماعة الحوثية نفذت، ابتداءً من 31 مايو (أيار) 2024 وعلى مدى أسبوعين، سلسلة من المداهمات في المناطق الخاضعة لسيطرتها، واعتقلت تعسفياً 13 موظفاً من الأمم المتحدة وما لا يقل عن 50 موظفاً من منظمات المجتمع المدني اليمنية والدولية.

وبين 23 و25 يناير الماضي، ذكرت المنظمة أن الحوثيين نفذوا موجة أخرى من الاعتقالات، واحتجزوا تعسفياً ثمانية موظفين من الأمم المتحدة، بما في ذلك موظف الأمم المتحدة الذي تم الإبلاغ عن وفاته أثناء الاحتجاز، وأفادت بأن جميع المعتقلين محتجزون دون تهمة، ودون الوصول إلى محامٍ أو التواصل مع عائلاتهم.

ورأت مسؤولة ملف اليمن في منظمة «العفو الدولية» أن موجات الاعتقالات التي تستهدف العاملين المحليين والدوليين في المجال الإنساني والمجتمع المدني تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني في اليمن، حيث يعتمد ما لا يقل عن 80 في المائة من السكان على المساعدات للبقاء على قيد الحياة، وفقاً للأمم المتحدة.

كما أعادت المنظمة التذكير بوجود أربعة موظفين يمنيين من الأمم المتحدة يعملون لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان و«اليونيسكو»، محتجزين تعسفياً ومحتجزين بمعزل عن العالم الخارجي منذ اعتقالهم عامي 2021 و2023.

إجراءات عاجلة

وطالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة حتى لا يكون مصير بقية المعتقلين لدى الحوثيين مثل مصير موظف برنامج الأغذية العالمي أحمد باعلوي.

وذكرت المنظمة في بيان لها أن سلطات الحوثيين أحالت منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي 12 شخصاً على الأقل، بينهم موظفون سابقون في السفارة الأميركية والأمم المتحدة، إلى «النيابة الجزائية المتخصصة»، وقد اتهمت بعضهم بجرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام، بينما تحرمهم من الإجراءات الواجبة.

ومع تأكيدها ارتفاع عدد المعتقلين، نبهت المنظمة إلى أن ثمة خطراً يتمثل في أن تكون هذه الاعترافات قد انتُزعت تحت التعذيب.

وقالت نيكو جعفرنيا، الباحثة في «هيومن رايتس ووتش»: «لطالما أظهر الحوثيون ازدراءهم للإجراءات الواجبة والحمايات الأساسية للمتهمين منذ استيلائهم على العاصمة اليمنية صنعاء، وقد تفاقم الوضع في الأشهر الأخيرة».

باعلوي دفن في صنعاء دون إجراء تحقيق والتأكد من أسباب وفاته (إعلام محلي)

ورأت جعفرينا أن وفاة المحتجزين لدى الحوثيين يجب أن تنبّه المجتمع الدولي وتدفعه إلى اتخاذ إجراءات فورية؛ لضمان عدم تعرض المئات الآخرين المحتجزين تعسفاً لدى الحوثيين لنهاية مماثلة.

بدورها، أعربت منظمة «ميون لحقوق الإنسان» في اليمن عن قلقها وحزنها البالغين على باعلوي، مسؤول تكنولوجيا المعلومات في برنامج الأغذية العالمي، الذي اختطفه الحوثيون، ووصفت الحادثة بأنها «تثير القلق» على مصير عشرات المختطفين من موظفي المنظمات الدولية والسفارات الأجنبية، الذين لا تُعرف أماكن احتجازهم ولا أوضاعهم الصحية، مع منعهم من التواصل مع عائلاتهم.

واتهمت المنظمة الحوثيين باستخدام هؤلاء الضحايا رهائن لإجبار منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية على الرضوخ لمطالبها، وأكدت على «المسؤولية الأخلاقية لبرنامج الأغذية العالمي، ووكالة الأمم المتحدة، وبقية المنظمات الدولية التي لم تتخذ ما يكفي من التدابير لحماية موظفيها».


مقالات ذات صلة

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.