دعم الشراكة الاستراتيجية، وتعزيز التعاون بين مصر والولايات المتحدة، والتشديد على رفض تهجير الفلسطينيين، كانت في مقدمة رسائل حملتها لقاءات وزير الخارجية بدر عبد العاطي في واشنطن، وسط تباين مصري - أميركي بشأن مقترح دونالد ترمب، بـ«إخراج سكان قطاع غزة من أراضيهم».
تلك اللقاءات التي تأتي مع حديث ترمب، عن لقاء سيتم مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، «مهمة لنقل الرسائل المصرية بوضوح وصراحة، والتأكيد على أن علاقات البلدين مستمرة على وتيرتها الاستراتيجية رغم التباينات في ملف تهجير الفلسطينيين»، بحسب عضو مجلس الشؤون الخارجية المصرية، السفير محمد حجازي، وكذلك العضو بالمجلس الاستشاري لترمب، غبريال صوما، في تصريحات منفصلة لـ«الشرق الأوسط».
وفي مستهل زيارته إلى واشنطن، التقى عبد العاطي، مع السيناتور الديمقراطي عضو لجنتي العلاقات الخارجية والاعتمادات بمجلس الشيوخ، كريس فان هولن، متناولاً «سبل دعم الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، والجهود الحثيثة التي تبذلها مصر لدعم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط»، منوهاً بـ«ما تشكله الشراكة المصرية - الأميركية والتعاون المشترك من ركائز أساسية في سبيل دعم هذه الجهود»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

وأبرز الوزير المصري خلال اللقاء ذاته، «جهود القاهرة في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بمراحله الثلاث وضمان استدامته، ونفاذ المساعدات الإنسانية بوتيرة مكثفة ومتسارعة، وضرورة البدء في عملية التعافي المبكر، وإزالة الركام، وإعادة الإعمار ضمن إطار زمني محدد، ومن دون خروج الفلسطينيين من أرضهم التي يتمسكون بها».
وشدد على «التوافق العربي الكامل على مسألة رفض تهجير الفلسطينيين»، مؤكداً «أهمية إيجاد أفق سياسي للقضية الفلسطينية، يسفر عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وتمتع الشعب الفلسطيني بحق تقرير المصير».
وتحمل تلك اللقاءات رسائل ورؤية مصرية واضحة بشأن التنبيه على أهمية الحفاظ على العلاقات والشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، بحسب تقدير السفير محمد حجازي.
ويرى حجازي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الرسائل تحمل أيضاً «تأكيد تطابق الموقف المصري والعربي والدولي بشأن رفض تهجير غزة، وأنها ليست محل نقاش، خصوصاً أن مقترح ترمب مهدد لاستقرار المنطقة، وأن السلام الذي ترجمته اتفاقيات بالمنطقة مثل (كامب ديفيد) بين مصر وإسرائيل هو المقبول».
ويعتقد أستاذ القانون الدولي والعضو في المجلس الاستشاري لترمب، البرفسور غبريال صوما، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن زيارة عبد العاطي لواشنطن «ذات أهمية كبيرة، وهي تهدف لتعزيز العلاقات الثنائية والشراكة الاستراتيجية بين البلدين».
وستحمل لقاءات عبد العاطي، لا سيما مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، 3 ملفات رئيسية، بحسب تقدير صوما، تتناول الأوضاع الإقليمية، خصوصاً المتعلقة بأزمات ليبيا والسودان، والتطورات الخطيرة في قضية غزة، والتعاون الأمني والاقتصادي ومناقشة الطرق التي يمكن من خلالها تعزيز ذلك، بخلاف تأكيد مصر على موقف الرافض لأي مشاريع تهدف إلى إجبار الفلسطينيين للخروج من أراضيهم، خصوصاً مع رفض الرئيس المصري وملك الأردن عبد الله الثاني، مقترحات الرئيس ترمب في هذا الصدد.
وتزامناً مع زيارة عبد العاطي، قال ترمب، الأحد، في تصريحات، إنه سيجتمع مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، دون تحديد موعد أو مكان اللقاء، أو تعليق من الرئاسة المصرية.
ومطلع فبراير (شباط) الحالي، أجرى السيسي وترمب اتصالاً هاتفياً بحثا خلال عدداً من القضايا، ووجه خلاله الرئيس الأميركي دعوة مفتوحة إلى نظيره المصري لزيارة واشنطن ولقائه بالبيت الأبيض، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية وقتها.

ويرى حجازي أن زيارة وزير الخارجية المصري، تعد تحضيرية لزيارة محتملة للرئيس المصري إلى واشنطن، مستبعداً أن تؤثر أي تباينات بشأن ملف التهجير على مسار العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، وهذا ما يتوقعه غبريال صوما، مرجحاً استمرار العلاقات المصرية - الأميركية بشكل يعزز فرص التعاون في مختلف المجالات دون تأثير اختلافات ملف التهجير عليها.
وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، قال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، مع بداية الزيارة، إن «الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة راسخة تمتد لـ4 عقود، وتتمتع بالخصوصية وتعتمد على تفاعل نشط وبنّاء بين المؤسسات في كلا البلدين، والتعاون متنوع في شتى المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والتعليمية والصحية، هذه العلاقة تحقق المنفعة للجانبين، وتخدم مصالحنا المشتركة».
وعن مستقبل الشراكة الاستراتيجية بينهما في ضوء ما يراه البعض من وجود «تباينات»، أوضح خلاف أن «الشراكة الاستراتيجية تظل بين البلدين ثابتة ومستقرة في ضوء تشعبها بمجالات متعددة تحقق المصالح المشتركة للبلدين».
وأضاف: «نعمل مع الجانب الأميركي على توطيد مستقبل هذه الشراكة، حيث تعد زيارة وزير الخارجية المصري إلى واشنطن في هذه المرحلة المبكرة من تشكيل الإدارة الأميركية الجديدة، دليلاً على صلابة الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة واستمراريتها، والحرص المتبادل على تعزيز مصالحنا المشتركة وتبادل الرؤى والتقييمات بصورة مستمرة».
وبرأي متحدث «الخارجية» المصرية، فإن «عدم وجود تطابق بوجهات النظر في قضية هنا أو هناك، أمر متعارف عليه وطبيعي في العلاقات الدولية، حتى بين الشركاء والأصدقاء، ويتم التعامل معه بكل وضوح وانفتاح في ظل الأسس المتينة الحاكمة للعلاقات بين البلدين».









