مخاوف يمنية في تعز من تصاعد أزمة إيجار المنازل

إحراق عائلة بسبب رفضها الدفع بعملة أجنبية

رجل على كرسي متحرك أمام مبنى تضرر من الحرب في تعز (رويترز)
رجل على كرسي متحرك أمام مبنى تضرر من الحرب في تعز (رويترز)
TT

مخاوف يمنية في تعز من تصاعد أزمة إيجار المنازل

رجل على كرسي متحرك أمام مبنى تضرر من الحرب في تعز (رويترز)
رجل على كرسي متحرك أمام مبنى تضرر من الحرب في تعز (رويترز)

أدّت واقعة إحراق عائلة في مدينة تعز اليمنية بسبب خلافاتها مع مالك المنزل الذي تسكنه على مبلغ الإيجار، إلى إثارة مزيد من المخاوف لدى غالبية سكان المدينة الذين يقطن غالبيتهم في منازل مستأجرة، وفي ظروف معيشية معقدة، فإلى جانب مخاوفهم من الطرد، أصبحوا يخشون على سلامتهم وحياتهم.

وفي هذا السياق، فوجئ جندي في الجيش وعائلته التي تسكن في حي المطار القديم غرب مدينة تعز (جنوب غربي) بحريق يحاصرهم داخل شقتهم الصغيرة، ويلتهم الأثاث والمحتويات، قبل أن يهرع جيرانهم لإنقاذهم ونقلهم إلى المستشفى للعلاج من الحروق التي أصيبوا بها، واتضح أن منفذ الحريق هو مالك الشقة الذي سبق أن اختلف معهم حول مبلغ الإيجار.

وألقت أجهزة الأمن في المدينة القبض على الجاني، الذي طالب عائلة الجندي بزيادة الإيجار والدفع بعملة أجنبية بسبب تقلبات سعر العملة المحلية (الريال اليمني). وهذه الممارسة باتت شائعة بين غالبية ملاك العقارات في عدد من المدن اليمنية، ما تسبب في معاناة كبيرة للمستأجرين الذين تتراجع قدرتهم الشرائية بشكل مستمر.

في غضون ذلك، شدّد نبيل شمسان، محافظ تعز، على أهمية ضبط أسعار الإيجارات بعد الزيادات الكبيرة المبالغ بها من قبل المؤجرين، ما أدّى إلى تحوّلها إلى مشكلة تؤرق الجميع، وبسبب تلك الزيادات وقعت حوادث وجرائم كثيرة، خصوصاً أن العلاقة بين طرفي الإيجار تفتقر إلى وجود عقود موقّعة تحت رعاية الجهات المعنية، وتهرب المؤجرين من دفع الضرائب.

محافظ تعز أقر في لقائه مسؤولي المدينة وقيادات سياسية ضبط أسعار الإيجارات (سبأ)

ووجّه شمسان خلال لقاء جمعه بممثلي السلطة القضائية ورؤساء الأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات ومديري المديريات، بتبنّي حملة يشارك فيها القضاء والأحزاب ومكونات المجتمع المدني والأجهزة الأمنية والخطباء وقادة الرأي، لحشد التأييد الشعبي للعمل بقرار تحديد الإيجارات، الذي تضمن استمرار عقود الإيجارات السكنية والعقارية وتمديدها بالقيمة الإيجارية نفسها وبالعملة المحلية دون زيادة خلال هذه الظروف الاستثنائية للحرب والحصار.

ويقول عدد من السكان في مدينة تعز، إن حوادث اعتداء المؤجرين على المستأجرين وطردهم من منازلهم تصاعدت في الآونة الأخيرة، إلا أن الإقدام على محاولة قتل عائلة بسبب خلاف حول مبلغ الإيجار تعدُّ الأولى من نوعها، والأولى في كيفيتها.

ويرجح مصدر قضائي في مدينة تعز أن طول إجراءات التقاضي حول دعاوى الإخلاء ربما تكون هي السبب في تغيُّر سلوك المؤجرين، وسعيهم إلى طرد المستأجرين بمختلف الوسائل، بما فيها العنف، وهو مؤشر خطير، حسب وصفه، قد يؤدي إلى التصاعد بشكل مقلق، خصوصاً أن المدينة ما زالت تعاني من عدم قدرة أجهزة الأمن على تطبيع الأوضاع منذ تحريرها من الجماعة الحوثية.

مظاهرة للموظفين العموميين في تعز للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية (إعلام محلي)

ونوه المصدر -الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، نظراً لحساسية منصبه- بأن غالبية القضاة، سواء في النيابات أو المحاكم، يبدون تعاطفاً مع المستأجرين؛ نظراً لأن معظمهم، أي القضاة، يسكنون في منازل بالإيجار، وتراجعت قدرة رواتبهم على الوفاء بالتزاماتهم المعيشية خلال السنوات الماضية، بسبب تردي العملة المحلية.

وبسبب هذا التعاطف، يشعر المؤجرون بالغبن، ويعتقدون أن هناك تآمراً ضدهم، وفقاً للمصدر القضائي، الذي أوضح أن القاضي، رغم تعاطفه، لا يمكنه اتخاذ إجراءات أو إصدار قرارات تخالف القانون. إلا أن المؤجرين يفسرون محاولات حل القضايا بالصلح ودون الإضرار بالمستأجرين على أنها تواطؤ ضدهم.

الدمار الذي لحق بالمدينة جراء الحرب وحصار الحوثيين تسبب في تراجع أعداد الوحدات السكنية (إعلام محلي)

وارتفعت الإيجارات في المدينة إلى أكثر من 80 في المائة خلال الأعوام الأخيرة، خصوصاً بعد تحرير معظم أجزائها من سيطرة الجماعة الحوثية، وتراجع حدة القصف المدفعي وأعمال القنص الحوثية التي تستهدف المدنيين، وتمكن أجهزة الأمن من بسط سيطرتها على معظم الأحياء.

واستغل المؤجرون هذه التطورات والتحسن الملحوظ في جودة الحياة عمّا كانت عليه قبل تحرير المدينة من النفوذ الحوثي، كما يؤكد المحامي والناشط المجتمعي صلاح غالب، فعمدوا إلى زيادة الإيجارات تدريجياً وبسرعة.

وكان عدد من الناشطين والمنظمات قد نفذوا، خلال السنوات الماضية، أنشطة ميدانية وحملات مجتمعية للضغط على الجهات الحكومية لإقرار القانون الذي يفرض دفع الإيجارات بالعملة المحلية، ومراعاة الأوضاع المعيشية للسكان.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يشددون مراقبة الموظفين الأمميّين والإغاثيين

العالم العربي مسلَّحون حوثيون على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يشددون مراقبة الموظفين الأمميّين والإغاثيين

شددت الجماعة الحوثية أعمال الرقابة على الموظفين الأمميين والعاملين الإغاثيين بمناطق سيطرتها، بما في ذلك تحركاتهم وعلاقاتهم ومكالماتهم الهاتفية وتعليقاتهم.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مخاوف من تأثيرات سلبية لوقف التعليم نتيجة إضراب المعلمين (إعلام محلي)

الطلاب في تعز بين عدالة مطالب المعلمين والحرمان من الدراسة

دخل إضراب المعلمين في تعز اليمنية شهره الثالث، ومعه توقفت المدارس، ما وضع عشرات الآلاف من الطلاب بين التعاطف مع عدالة مطالب المعلمين والحرمان من الدراسة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي طائرة المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ في أحدث زيارة له إلى صنعاء (أ.ف.ب)

موظف أممي يقضي تحت التعذيب في معتقل حوثي

أفادت الأمم المتحدة بوفاة موظف يمني يعمل مع برنامج الغذاء العالمي في معتقل حوثي، وسط تكهنات بتعرضه للتعذيب مع زملائه الذين اعتقلوا في أحدث موجة قمع حوثية.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي المهاجرون الأفارقة إلى اليمن ضحايا عصابات التهريب والاتجار بالبشر (إعلام حكومي)

الشرطة اليمنية تحرر عشرات الأفارقة من قبضة متاجرين بالبشر

أعلنت الداخلية اليمنية تحرير عشرات من المهاجرين غير الشرعيين من حمَلة الجنسية الإثيوبية، في محافظة شبوة، من قبضة عصابة من جنسيتهم نفسها تتاجر بالبشر.

محمد ناصر (عدن)
المشرق العربي وزير التخطيط اليمني واعد باذيب خلال توقيع مذكرات التفاهم مع القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن (سبأ)

اليمن والصين يؤسسان لشراكة استراتيجية عبر تعاون تنموي

التعاون التنموي اليمني- الصيني يفتح آفاقاً جديدة للشراكة الاستراتيجية في كافة المجالات.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أمين جامعة الدول العربية يؤكد أن الضغط على الفلسطينيين يهدّد استقرار الشرق الأوسط

أبو الغيط والبديوي خلال مشاركتهما في «القمة العالمية للحكومات» (إنترنت)
أبو الغيط والبديوي خلال مشاركتهما في «القمة العالمية للحكومات» (إنترنت)
TT

أمين جامعة الدول العربية يؤكد أن الضغط على الفلسطينيين يهدّد استقرار الشرق الأوسط

أبو الغيط والبديوي خلال مشاركتهما في «القمة العالمية للحكومات» (إنترنت)
أبو الغيط والبديوي خلال مشاركتهما في «القمة العالمية للحكومات» (إنترنت)

حذّر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، من أن استمرار سياسة الضغط التي تمارسها الولايات المتحدة، خصوصاً إدارة الرئيس دونالد ترمب، على الفلسطينيين والعالم العربي، سيؤدّي إلى تصعيد جديد في المنطقة بدلاً من تحقيق تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.

وقال أبو الغيط: «إذا استمرّ الرئيس ترمب في هذا النهج فإن الشرق الأوسط قد يدخل دورة جديدة من الخلاف الشديد بين العرب وإسرائيل، وهو أمر أتمنى ألا يحدث، لأن تداعياته ستكون مدمّرة على السلام والاستقرار في المنطقة، وسيهدّد كل ما تمّ بناؤه منذ اتفاقيات (كامب ديفيد) عام 1978 وحتى اليوم».

وانتقد أبو الغيط السياسات التي تهدف إلى فرض حلول غير عادلة على الفلسطينيين، مشيراً إلى أن نقل السكان أو القصف أو التهجير القسري تتعارض مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة. وأضاف: «المجتمع الدولي لا يمكن أن يلغي فكرة التنظيم الدولي والقانون الدولي الذي بُني عبر آلاف السنين».

وحول الطرح الأميركي، أكد أبو الغيط خلال مشاركته في «القمة العالمية للحكومات» أنه غير مقبول عربياً أو فلسطينياً، مشيراً إلى أن الدول العربية ترفضه بشكل قاطع. وأوضح أن البيان العربي الذي يتم العمل عليه حالياً سيرتكز على إعادة تأكيد مبادرة السلام العربية التي تقوم على مبدأ إقامة دولة فلسطينية مستقلة مقابل انسحاب إسرائيل وتحقيق السلام.

كما شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية على ضرورة وجود موقف أميركي متوازن تجاه النزاع، وقال: «الولايات المتحدة، بصفتها القوة الأكبر في العالم، يجب أن تكون أكثر توازناً في التعامل مع الطرفَيْن الإسرائيلي والفلسطيني، وليس بالانحياز التام إلى إسرائيل».

وعن مستقبل قطاع غزة بعد وقف إطلاق النار، أشار أبو الغيط إلى أن الوضع يتطلّب حلولاً عملية لإعادة تأهيل القطاع دون تهجير السكان، موضحاً أن الدول العربية وقوى إقليمية أخرى لديها تصورات مختلفة حول إدارة غزة في المرحلة المقبلة.

وشدد أبو الغيط على أهمية الوحدة العربية لمواجهة التحديات الراهنة، وقال: «نحن اليوم أحوج ما نكون إلى التوافق العربي-العربي والتوافق الفلسطيني-الفلسطيني، لأن استمرار الانقسام سيُضعف موقفنا في مواجهة المخططات التي تستهدف حقوق الشعب الفلسطيني».

من جانبه، قال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي: «نقدّر العلاقات الخليجية والعربية مع الولايات المتحدة، وهي ممتدة لعقود عديدة، ونعرف أهمية الدور الأميركي لاستقرار المنطقة وأمنها، لكن الحوار يكون من جانبَيْن».

وشدد البديوي على ضرورة أن يقف العرب صفاً واحداً من أجل حقوق الشعب الفلسطيني ومواجهة مخططات التهجير.

وأكد أهمية أن يتوازى العمل على سيناريو إعادة إعمار غزة مع شكل اليوم التالي بعد الحرب، وقال إن المرتكز الأساسي هو قرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن (أعلى هيئة دولية) في شأن القضية الفلسطينية، الذي يتركز حول حل الدولتَيْن.

وأضاف: «هناك ثوابت واضحة فيما يخص القضية، وفي الصدارة منها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وعودة اللاجئين»، وقال: «نحن في مجلس التعاون نعمل وفق هذا الإطار».

وأكد قائلاً: «نحن متفائلون ونتعامل مع الأمور بتروٍ وحكمة، ونسعى إلى موقف عربي موحّد، يستهدف حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه».