مصر: «رسوم» الجوال المستورد تُربك مستخدميه

الحكومة ترفض التراجع «تشجيعاً للصناعة المحلية»

مصر تعتزم تطبيق رسوم جمركية على الجوالات الواردة من الخارج (رويترز - أرشيفية)
مصر تعتزم تطبيق رسوم جمركية على الجوالات الواردة من الخارج (رويترز - أرشيفية)
TT

مصر: «رسوم» الجوال المستورد تُربك مستخدميه

مصر تعتزم تطبيق رسوم جمركية على الجوالات الواردة من الخارج (رويترز - أرشيفية)
مصر تعتزم تطبيق رسوم جمركية على الجوالات الواردة من الخارج (رويترز - أرشيفية)

تسببت رسوم فرضتها السلطات المصرية، على الجوالات المستوردة من الخارج، في حالة إرباك واسعة بين المصريين، الذين انتقدوا تحميلهم «أعباء إضافية»، وسط إصرار حكومي على تنفيذ القرار، بداية من يناير (كانون الثاني) الحالي، بداعي «تشجيع الصناعة المحلية».

وبموجب القرار الجديد، يُسمح للمسافرين بإدخال جوال شخصي واحد فقط، بينما يخضع أي جوال إضافي يتم إدخاله لرسوم جمركية بنسبة 38.5 في المائة من قيمته. وفي حال دخول الجوال من خلال الجمارك دون دفع الرسوم المقررة، يتلقى صاحب الجوال رسالة تطالبه بسداد الرسوم خلال 90 يوماً.

وإذا لم يتم السداد في الموعد المحدد، فسوف يتم وقف خدمة الاتصالات عن الجوال، كما تشير وزارة المالية المصرية.

ورغم المحاولات الحكومية المتكررة، عبر بيانات أو تصريحات رسمية، لتوضيح المعنيين بالقرار وطريقة الدفع، فإن تطبيق إلكتروني أطلقته «مصلحة الجمارك»، لتسجيل بيانات الأجهزة المحمولة المستوردة، تسبب في حالة إرباك واضحة بين المواطنين، بعدما اكتشف كثيرون أنهم يحملون جوالات عليها رسوم مستحقة بآلاف الجنيهات، وسط تساؤلات عن مصيرها.

وسعت وزارة المالية، وكذلك وزارة «الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات»، لتوضيح ذلك اللبس في بيان مشترك، الأربعاء، حيث أكد البيان أن المنظومة الجديدة تسري على الجوالات الجديدة المستوردة من الخارج، ولا تسري على التي سبق شراؤها من السوق المحلية، أو من الخارج، وتم تفعيلها قبل الأول من يناير 2025، حيث لا تطبق هذه المنظومة بأثر رجعي.

وترفض الحكومة المصرية وصف تلك الرسوم بالجديدة، مؤكدة أن «الرسوم والضريبة الجمركية من دون تغيير»، غير أنها حددت لكل مواطن يأتي من الخارج «إعفاء جوال واحد للاستخدام الشخصي لفترة انتقالية لمدة 3 أشهر لأول مرة»، وفقاً للبيان.

وبررت الحكومة المصرية العمل بالمنظومة الجديدة بداعي «تشجيع وتوطين صناعة الجوال في مصر»، في ظل «بدء عدد من الشركات الدولية تصنيع جوالات بمختلف أنواعها بالسوق المصرية»، وشدّدت على دعم جهود توفير جوالات محلية الصنع بجودة عالية، وأسعار تنافسية، ومحفزة للتصدير.

وأرجع رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، تطبيق الرسوم على الجوالات المستوردة، إلى «شكوى 5 شركات دولية، تعمل على إنتاج أجهزة الجوالات في مصر، من عمليات التهريب»، التي وصفها بـ«الكبيرة».

ويصل إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركات الأجنبية المصنعة للجوالات في مصر إلى نحو 11.5 مليون وحدة سنوياً، حسب إفادة من وزارة الاتصالات المصرية، في أغسطس (آب) الماضي.

ومع محاولة مواطنين استخدام تطبيق «تليفوني» الإلكتروني، الذي أطلقته مصلحة الجمارك المصرية، للاستعلام عن قيمة الرسوم المستحقة، اشتكى كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي من ارتفاع قيمة الرسوم، عادّين أنها «تتخطى أرباح الشركة المصنعة للجوال».

وانتقد مصريون تطبيق رسوم الجوالات المستوردة، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبات بوقفها، وتصدر هاشتاغ #اوقفو_قرار_ضريبه_المحمول صدارة «التريند» على موقع «إكس»، للمطالبة بوقف القرار.

وأبدى كثير من المصريين المغتربين انتقادهم لتلك الرسوم، كونهم أكثر المتضررين من القرار وفق قولهم، لافتين إلى أن كثيرين يمتلكون جوالين، أحدهما برقم مصري وآخر برقم الدولة التي يعيشون فيها، وهو ما يكبدهم أموالاً طائلة مع عودتهم.

وما زالت إجراءات فرض الرسوم على الجوالات المستوردة، «غير واضحة»، كما يشير سكرتير شعبة الاتصالات باتحاد الغرف التجارية المصرية، تامر محمد، الذي طالب الحكومة بتوضيح آليات تنفيذها حتى لا يُساء استخدامها.

وقال محمد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «غاية الحكومة المصرية من حوكمة سوق الجوالات (خطوة جيدة)، خاصة أن المستفيد الأكبر من تلك الخطوة، هي شركات تعمل بشكل منضبط»، لكنه أشار كذلك إلى «ضرورة شرح آلية تطبيق النظام الجديد والبدائل للمستخدمين».

وارتفعت واردات مصر من الجوالات بنسبة 31.4 في المائة، خلال الخمسة الأشهر الأولى من العام الماضي 2024، حيث سجلت 1.828 مليون دولار، مقابل 1.391 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023، حسب إفادة من «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في أغسطس الماضي.

ومع شكاوى المستخدمين من تطبيق «تليفوني» التابع للجمارك، أقر نائب رئيس شعبة المحمول باتحاد الغرف التجارية، محمد الحداد، بوجود أخطاء في التطبيق، تتعلق بتلقي بعض المستخدمين رسائل برسوم على جوالات تم شراؤها من قبل، لكنه عدّها «طبيعية»، وأوضح: «هناك أخطاء سيتم تداركها، خصوصاً أن التطبيق يجري تفعيله لأول مرة في مصر».

ورغم ترحيبه بالمنظومة الجديدة، قال الحداد لـ«الشرق الأوسط»، إن «شركات تعاملت بشكل خاطئ مع القرار، وقامت برفع أسعار الجوالات بنسب تتراوح بين 5 و15 في المائة»، محذراً من أن هذه التصرفات «ستسهم في حالة ركود داخل السوق المحلية».


مقالات ذات صلة

مصريون يترقبون «منحة حكومية» ويخشون «تبعاتها»

العالم العربي ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)

مصريون يترقبون «منحة حكومية» ويخشون «تبعاتها»

أعلن رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحافي الأربعاء، عن توجيه رئاسي للحكومة بـ«وضع تصور لحزمة حماية اجتماعية تقديراً للضغوط على المواطن».

رحاب عليوة (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التعليم المصري أثناء تفقد امتحانات بالمرحلة الثانوية في وقت سابق (وزارة التربية والتعليم)

مصر: مقترح «البكالوريا» للتعليم الثانوي يفجّر «سخرية» وجدلاً «سوشيالياً»

أثار مقترح وزارة التربية والتعليم المصرية تغيير نظام الثانوية العامة إلى «البكالوريا»، جدلاً على «السوشيال ميديا».

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

وزير الخارجية المصري: لن ندخر جهداً للتوصل إلى وقف النار في غزة

أكد وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي الخميس أن بلاده لن تدخر جهداً لمحاولة التوصل لصفقة لوقف إطلاق النار في غزة

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«المساعدات المالية» و«الهجرة» يتصدران محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي في القاهرة

يتصدر ملفا «المساعدات المالية» و«الهجرة» محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، خلال زيارتها إلى القاهرة، الأربعاء والخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

القاهرة قد تطلب نجل القرضاوي من أبوظبي

بينما تسير السلطات اللبنانية في إجراءات إتمام ترحيل الناشط المصري عبد الرحمن القرضاوي، إلى الإمارات، فإن مصدراً مصرياً كشف عن نية القاهرة طلبه من أبوظبي.

هشام المياني (القاهرة)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.