الأمم المتحدة تحذّر من أن النزاع في سوريا «لم ينته بعد»

مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن (أ.ف.ب)
مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تحذّر من أن النزاع في سوريا «لم ينته بعد»

مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن (أ.ف.ب)
مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن (أ.ف.ب)

قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن لمجلس الأمن، اليوم الثلاثاء، إن التحرك الملموس نحو انتقال سياسي شامل في سوريا سيكون مهماً لضمان حصول البلاد على الدعم الاقتصادي الذي تحتاج إليه.

ووفقاً لـ«رويترز»، أضاف بيدرسن: «هناك استعداد دولي واضح للمشاركة. الاحتياجات هائلة ولا يمكن معالجتها إلا بدعم واسع النطاق، بما في ذلك إنهاء سلس للعقوبات، واتخاذ إجراءات ملائمة بشأن تصنيف (الجماعات) أيضاً، وإعادة الإعمار الكامل».

كما حذّر من أن «النزاع لم ينته بعد»، حيث تسعى السلطات الجديدة إلى طمأنة العواصم الأجنبية بشأن قدرتها على تهدئة الأوضاع في البلاد بعد نزاع مدمر استمرّ أكثر من 13 عاماً.

وأشار بيدرسن إلى الاشتباكات في شمال البلاد بين القوات الكردية السورية والجماعات المدعومة من تركيا، في أعقاب هجوم الفصائل المعارضة الذي أطاح ببشار الأسد من السلطة في 8 ديسمبر (كانون الأول).

وقال بيدرسن: «وقعت مواجهات واسعة خلال الأسبوعين الماضيين، قبل أن تجري وساطة لوقف إطلاق النار... انقضت مهلة وقف لإطلاق النار مدتها خمسة أيام الآن وأشعر بقلق بالغ حيال التقارير عن تصعيد عسكري... من شأن تصعيد كهذا أن يكون كارثياً».

لكن واشنطن أعلنت الثلاثاء، تمديد الهدنة بوساطتها «حتى نهاية الأسبوع»، مشيرة إلى أنها تعمل على «تمديد وقف إطلاق النار إلى أقصى حد ممكن في المستقبل».

وتعد تركيا قوات سوريا الديمقراطية التي شكّلت وحدات حماية الشعب الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة عمودها الفقري، فرعاً لحزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة وواشنطن «منظمة إرهابية».

وقال القائد العسكري لـ«هيئة تحرير الشام» مرهف أبو قصرة، المعروف باسمه الحربي أبو حسن الحموي، الثلاثاء، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»، إن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرقي البلاد «ستُضّم» إلى الإدارة الجديدة للبلاد، مؤكداً رفض وجود أي فيدرالية.

وقال أبو قصرة المعروف باسمه الحربي أبو حسن الحموي، الثلاثاء، إن بناء مؤسسة عسكرية تنضوي ضمنها كل الفصائل المعارضة، يشكل «الخطوة المقبلة» بعد إطاحة الرئيس السابق بشار الأسد.

وقال أبو قصرة: «في أي دولة، يجب أن تنضوي كل الوحدات العسكرية ضمن هذه المؤسسة». وعما إذا كان سيصار إلى حل جناح الهيئة العسكري، أجاب: «بالتأكيد... سنكون إن شاء الله من أول المبادرين وسنبقى مبادرين لأي توجه يحقق المصلحة العامة للبلد».

القائد العسكري لـ«هيئة تحرير الشام» مرهف أبو قصرة المعروف باسمه الحربي أبو حسن الحموي في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» (أ.ف.ب)

وكان أبو محمد الجولاني، قائد «هيئة تحرير الشام» تعهّد بـ«حلّ الفصائل» المسلّحة في البلاد، داعياً إلى «عقد اجتماعي» بين الدولة وكل الطوائف، ومطالباً برفع العقوبات المفروضة على دمشق.

أما أبو قصرة فطالب الولايات المتحدة و«الدول كلها» بإزالة فصيله وقائده أحمد الشرع (أبو محمّد الجولاني) من قائمة «الإرهاب»، واصفاً هذا التصنيف بأنه «جائر».

«ذئب في ثوب حمل»

تتطلع قوى غربية إلى تواصل مع السلطات الجديدة في سوريا، بهدف تجنّب فوضى على غرار تلك التي سادت في العراق أو ليبيا، بعد سقوط حكم الأسد.

وأوفدت فرنسا التي عاد علمها ليرفرف فوق سفارتها المقفلة منذ عام 2012 مبعوثاً، وكذلك فعلت ألمانيا والمملكة المتحدة والأمم المتحدة.

وأجرى دبلوماسيون ألمان محادثات الثلاثاء مع الجولاني للتباحث في «العملية الانتقالية السياسية»، وفق برلين.

وقال الموفد الفرنسي جان - فرنسوا غيوم: «تستعد فرنسا لتقف إلى جانب السوريين» خلال المرحلة الانتقالية.

ومن جهته، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه «مستعد» لإعادة فتح سفارته في العاصمة السورية، فيما أقامت الولايات المتحدة اتصالات بـ«هيئة تحرير الشام».

لكن إسرائيل تبدي موقفاً أكثر تحفظاً تجاه السلطات الجديدة في سوريا، وقد عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، اجتماعاً أمنياً على جبل الشيخ في الجولان السوري المحتل، بعدما سيطرت إسرائيل على منطقة عازلة تراقبها الأمم المتحدة تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية.

ووصفت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي شارين هسكل، الجولاني، بأنه «ذئب في ثوب حمل».

ويقصف الجيش الإسرائيلي بعنف منذ الثامن من ديسمبر (كانون الأول) المواقع العسكرية السورية.

وطالب القائد العسكري لـ«هيئة تحرير الشام»، الثلاثاء، المجتمع الدولي بالتدخل لوقف الغارات والتوغل الإسرائيلي في سوريا، مؤكداً أن بلاده لن تكون منطلقاً لأي «عداء» تجاه أي من الدول.

في مختلف أنحاء البلاد يعمل السكان على استعادة حياتهم العادية، بعد 14 عاماً على اندلاع الحرب في 2011 على خلفية قمع تحركات احتجاجية وتظاهرات مطالبة بالديمقراطية، ما أوقع البلاد في حرب أهلية تحولت إلى نزاع معقد قضى فيه نصف مليون شخص ولجأ ستة ملايين آخرين إلى خارج البلاد.

في أسواق دمشق القديمة، أعاد معظم التجار فتح محالهم. واستكمل أصحاب محال سوق الحميدية صباح الثلاثاء طلاء واجهات محلاتهم باللون الأبيض بدلاً من ألوان العلم السوري ذي النجمتين الخضراوين، الذي كان معتمداً خلال فترة الحكم السابق.

وبينما ارتفعت أسعار بعض المواد، انخفضت أسعار معظم السلع الغذائية والأساسية في ظلّ رفع الضرائب بشكل موقت.

لا خدمات أساسية

قال أبو عماد الذي حوّل سيارته الصغيرة إلى دكان لبيع الخضار في ساحة السبع بحرات في وسط دمشق: «الخير جاء دفعة واحدة، سقط النظام وانخفضت الأسعار وتحسّنت الحياة ونتمنى ألا يكون ذلك مؤقتاً وأن يستمر على طول».

لكن المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب، قالت، الثلاثاء، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنها لا توصي حالياً بعودة جماعية إلى سوريا قبل أن يستقرّ الوضع في البلاد بعد إطاحة الأسد.

وبينما كان بشار الأسد يقدّم نفسه على أنه حامي الأقليات في البلاد ذات الغالبية السنية، تترقب كثير من الدول والمنظمات التي رحّبت بسقوطه، كيف ستتعامل السلطات الجديدة مع هذه الأقليات.

وتحدثت بوب عن تقارير تفيد بأن أفراداً من الطائفة الشيعية هربوا من البلاد «ليس لأنهم تعرضوا لتهديد فعلاً، بل لأنهم قلقون إزاء أي تهديد محتمل».

وقال أحمد الشرع، الاثنين، خلال لقائه أعضاء من الأقلية الدرزية التي تقدّر بنسبة 3 في المائة من السكان، إنّ «سوريا يجب أن تبقى موحّدة، وأن يكون بين الدولة وجميع الطوائف عقد اجتماعي لضمان العدالة الاجتماعية».

وخلال لقائه دبلوماسيين بريطانيين في دمشق، أشار إلى «ضرورة عودة العلاقات»، مؤكداً في الوقت ذاته على «أهمية إنهاء كل العقوبات المفروضة على سوريا حتى يعود النازحون السوريون في دول العالم إلى بلادهم».

وقد بدأ البعض بالعودة في مدنهم المدمرة كما الحال في معرة النعمان في غرب سوريا، حيث خلفت المعارك التي اندلعت ابتداء من 2012 دماراً هائلاً.

ويقول الشرطي جهاد شاهين البالغ 50 عاماً: «النشاط يعود إلى المدينة... تم تنظيف هذا الحي ونحن هنا لحماية الناس وممتلكاتهم. سنعيد البناء بأفضل مما كان عليه من قبل».

لكن كفاح جعفر المسؤول المحلي في «مديرية المناطق المحررة» يقول إن الأمر يتطلب وقتاً.

ويقول: «لا مدارس ولا خدمات أساسية. في الوقت الحالي نحاول تنظيم أنفسنا لمساعدة الناس بأفضل طريقة. لكن الأمر سيستلزم جهداً وكثيراً من المساعدة، فالمدينة تفتقر إلى كل شيء».


مقالات ذات صلة

بيدرسن يدعو إلى انتخابات «حرة وعادلة» في سوريا بعد «المرحلة الانتقالية»

المشرق العربي المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث لوسائل الإعلام في دمشق (أ.ف.ب)

بيدرسن يدعو إلى انتخابات «حرة وعادلة» في سوريا بعد «المرحلة الانتقالية»

دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن من دمشق، اليوم الأربعاء، إلى تنظيم انتخابات «حرة وعادلة» في البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا عناصر هيئة البحث عن المفقودين خلال عملية لانتشال جثث تم العثور عليها بضواحي ترهونة (هيئة البحث عن المفقودين)

دعوة أممية للتحقيق في «جرائم تعذيب أفضت إلى موت» بالسجون الليبية

حثت الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل المعنية بالقانون الدولي الإنساني السلطات الليبية على «اتخاذ إجراء فوري لإطلاق سراح الأفراد المحتجزين تعسفياً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا خوري في لقاء سابق بممثلي الأحزاب السياسية بليبيا (البعثة الأممية)

انقسام ليبي بشأن مبادرة خوري لحلحلة الأزمة السياسية

وسط ترحيب أميركي وغربي شهدت ليبيا انقساماً بشأن الإحاطة التي قدمتها القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة ستيفاني خوري أمام مجلس الأمن وتضمنت مبادرة سياسية جديدة.

خالد محمود (القاهرة)
المشرق العربي أم سورية مع أطفالها عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا (د.ب.أ)

توقعات أممية بعودة مليون سوري إلى بلادهم في النصف الأول من 2025

قدّرت الأمم المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، أن مليون لاجئ سوري قد يعودون إلى بلدهم بين يناير (كانون الثاني) ويونيو (حزيران)2025، بعد إطاحة بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توم فليتشر مسؤول المساعدات الإنسانية لدى الأمم المتحدة يتحدث إلى وسائل الإعلام في دمشق (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: هناك «لحظة أمل حذر» في سوريا

أعرب مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة عن شعور «مشجّع» بعد اجتماعات عقدها في دمشق مع السلطات الجديدة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

العثور على جثث مجهولة الهوية في منطقة السيدة زينب بدمشق

فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية بمخزن للأدوية في منطقة السيدة زينب بدمشق (أ.ف.ب)
فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية بمخزن للأدوية في منطقة السيدة زينب بدمشق (أ.ف.ب)
TT

العثور على جثث مجهولة الهوية في منطقة السيدة زينب بدمشق

فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية بمخزن للأدوية في منطقة السيدة زينب بدمشق (أ.ف.ب)
فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية بمخزن للأدوية في منطقة السيدة زينب بدمشق (أ.ف.ب)

أعلن عضو مجلس إدارة في الدفاع المدني السوري، عمار السلمو، اليوم الأربعاء، أن فرق «الخوذ البيضاء» عثرت على نحو 20 جثة ورفات مجهولة الهوية في مخزن للأدوية في منطقة السيدة زينب بدمشق.

وكانت منطقة السيدة زينب الواقعة جنوب دمشق معقلاً لعناصر من «حزب الله» اللبناني، وغيره من المجموعات المدعومة من إيران، منذ 2012 الذين قالوا إنهم دخلوها للدفاع عن هذا المقام المقدّس بعد انطلاق الانتفاضة على الرئيس المخلوع، بشار الأسد.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، خلت المنطقة الآن تماماً من عناصر «حزب الله» وفصائل أخرى موالية لإيران، وحل مكانهم مسلحون محليون.

وقال السلمو من المكان الذي يقع قرب مقام السيدة زينب لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «وصلنا بلاغ عن وجود جثث وهياكل عظمية وروائح كريهة في هذا المكان».

وبحسب السلمو فإن «الأعداد الموجودة هنا لا تتجاوز 20 ضحية، لكن العظام منشورة في كل مكان، سنحاول تجميع هذه العظام ومعرفة الرقم التقديري».

وشاهد مصور «وكالة الصحافة الفرنسية» في المكان مخزناً قرب مقام السيدة زينب مباشرة، وفي داخله غرفة خزّنت فيها أدوية تحتوي على براد صغير، عثر فيه على نحو عشر جثث، بالإضافة إلى جماجم وعظام مبعثرة على الأرض. كما تناثرت على الأرض كذلك علب لتخزين الطعام.

وقامت فرق الدفاع المدني برفع الجثث والعظام ووضعها في أكياس لتجميعها من أجل البدء بعملية التعرف عليها.

وأضاف السلمو أن «المكان مخصص ليكون مستودع أدوية (...)، لكن داخل المستودع يوجد براد، هذا البراد يحتوي على جثث متفسخة وهياكل عظمية يبدو أنها ماتت قبل سنتين أو سنة ونصف السنة، بشكل تقريبي».

وأوضح السلمو أن ثمة «أرقاماً موجودة على تلك الأكياس التي كتب عليها (حلب - حريتان) لا ندري لمن تعود هذه الجثث، سنحاول معرفة أي تفاصيل تدلنا على هويتها».

وتابع أن «ما نستطيع أن نفعله الآن هو توثيق هذه الجثث لمعرفة أعمارها... وفيما بعد أخذ عينات لفحص الحمض النووي» لمعرفة هويتها.

وتعذر على «وكالة الصحافة الفرنسية» التأكد بشكل منفصل من سبب وجودها أو هوية أصحابها.

وفرّ بشار الأسد من سوريا في 8 ديسمبر (كانون الأول) في أعقاب هجوم خاطف لفصائل المعارضة قادته «هيئة تحرير الشام»، بعد أكثر من 13 عاماً من قمع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية التي أدت إلى اندلاع إحدى أكثر الحروب دموية في هذا القرن.