سكان كردستان العراق يدلون بأصواتهم لانتخاب برلمان جديد للإقليم

ملصقات الحملات الانتخابية للمرشحين في شوارع مدينة السليمانية بشمال العراق (أ.ف.ب)
ملصقات الحملات الانتخابية للمرشحين في شوارع مدينة السليمانية بشمال العراق (أ.ف.ب)
TT

سكان كردستان العراق يدلون بأصواتهم لانتخاب برلمان جديد للإقليم

ملصقات الحملات الانتخابية للمرشحين في شوارع مدينة السليمانية بشمال العراق (أ.ف.ب)
ملصقات الحملات الانتخابية للمرشحين في شوارع مدينة السليمانية بشمال العراق (أ.ف.ب)

يدلي الناخبون في إقليم كردستان بشمال العراق، بأصواتهم اليوم (الأحد)، لانتخاب برلمان جديد، وسط مناخ من السأم، وفي ظلّ هيمنة حزبَين رئيسيين يتنافسان منذ عقود على السلطة.

وفتحت مراكز الاقتراع الساعة السابعة صباحاً (04:00 ت غ)، حسبما أفادت وكالة الأنباء العراقية. ورأى مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» في السليمانية ثانية كبرى مدن الإقليم، نحو 20 شخصاً، بعضهم كبير في السنّ، ينتظرون دورهم للتصويت.

وستُغلق المراكز التي يزيد عددها على 1200، عند السادسة مساء (15:00 ت غ).

ويبلغ عدد الناخبين المسجّلين للتصويت في الدوائر الأربع بانتخابات الإقليم المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991، 2.9 مليون ناخب تقريباً، بحسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق. وهم مدعوون لانتخاب 100 عضو في البرلمان ما لا يقلّ عن 30 في المائة منهم نساء.

رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني يدلي بصوته في مركز اقتراع خلال الانتخابات البرلمانية لإقليم كردستان العراق بأربيل (رويترز)

ويشهد إقليم كردستان العراق منذ عقود تنافساً على السلطة بين حزبين أساسيين وعائلتيهما؛ هما الحزب الديمقراطي الكردستاني وأسرة بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني وأسرة طالباني.

وعلى الرغم من تعبئة مكثفة قام بها الحزبان اللذان عقدا تجمعات انتخابية كثيرة لحشد قواعدهما الانتخابية في الأسابيع الأخيرة، أشار خبراء إلى خيبة من الطبقة السياسية في ظلّ وضع اقتصادي صعب، وبعد تأجيل 4 مرات للانتخابات التي كانت مقررة في الأساس لخريف 2022، بسبب خلافات سياسية.

ويقول الموظف الحكومي ديلمان شريف (47 عاماً) في السليمانية، إنه سيشارك في الانتخابات لأنه «ضدّ الحكومة» ويريد «استعادة راتبه».

ويوضح أن حكومة الإقليم لم تصرف بعد 15 من رواتبه، داعياً «الجميع إلى الذهاب والتصويت ضد هذا النظام».

«الخيبة من السياسة»

ويقدّم الإقليم، حليف الولايات المتحدة والأوروبيين، نفسه على أنه واحة استقرار جاذبة للاستثمارات الأجنبية في العراق. لكن ناشطين ومعارضين يدينون مشاكل تلمّ كذلك بباقي أنحاء العراق، أبرزها الفساد وقمع الأصوات المعارضة وزبائنية تمارسها الأحزاب الحاكمة.

ومن شأن التصويت المناهض للحزبين التقليديين، أن يعود بالنفع على أحزاب صغيرة جديدة نسبياً ومعارضة؛ مثل «الجيل الجديد»، وحزب «جبهة الشعب» برئاسة لاهور الشيخ جنكي، الذي انفصل عن الاتحاد الوطني الكردستاني.

يبلغ عدد الناخبين المسجّلين للتصويت في الدوائر الأربع بانتخابات الإقليم المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991 2.9 مليون ناخب تقريباً (أ.ف.ب)

وقال المحلل السياسي شيفان فاضل مؤخراً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الناس لا يبدون متحمّسين»، مضيفاً أن «الخيبة من السياسة بشكل عام آخذة في الازدياد».

وعزا طالب الدكتوراه في جامعة بوسطن ذلك إلى «تدهور الظروف المعيشية للناس خلال العقد الماضي»، متحدثاً كذلك عن التأخير في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية، والبالغ عددهم نحو 1.2 مليون، وهي أموال تشكّل «مصدر دخل رئيسياً للأسر».

جرت المرحلة الأولى من الاقتراع المعروفة بـ«التصويت الخاص» للقوات الأمنية والتي صوّت فيها أكثر من 208 آلاف ناخب الجمعة بنسبة مشاركة بلغت 97 % وفق المفوضية العليا المستقلة للانتخابات (أ.ف.ب)

ويعود هذا الملف الشائك إلى الواجهة بانتظام، ويعكس التوترات بين بغداد وأربيل، إذ يحمّل كل طرف الآخر مسؤولية تأخير دفع رواتب الموظفين الحكوميين.

وتوقّع فاضل أن يؤدي تشكيل 4 دوائر انتخابية «إلى إعادة توزيع للأصوات والمقاعد في البرلمان المقبل»، عادّاً مع ذلك أن الحزب الديمقراطي الكردستاني «قد يحافظ على الغالبية، بفضل الانضباط الداخلي في الحزب وتماسكه».

ويتمتع الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان المنتهية ولايته، بغالبية نسبية مع 45 مقعداً، وقد أقام تحالفات مع نواب انتُخبوا بموجب نظام حصص مخصصة للأقليتين المسيحية والتركمانية.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا أصدرت في فبراير (شباط)، قراراً حدّدت فيه عدد أعضاء برلمان الإقليم بـ100 بدلاً من 111، ما أدى عملياً إلى إلغاء 5 مقاعد للأقلية التركمانية، و5 للمسيحيين ومقعد واحد للأرمن.

غير أن القضاء العراقي أعاد في وقت لاحق، 5 مقاعد للأقليات من بين 100 نائب.

تنشيط الديمقراطية

وبلغت نسبة المشاركة في التصويت بالانتخابات التشريعية الأخيرة في عام 2018، نحو 59 في المائة، بحسب الموقع الرسمي للبرلمان الكردي.

وسيصوّت البرلمان المنتخب لاختيار رئيس للإقليم خلفاً لنيجيرفان بارزاني، ورئيس لحكومته خلفاً لمسرور بارزاني.

وجرت المرحلة الأولى من الاقتراع المعروفة بـ«التصويت الخاص» للقوات الأمنية، والتي صوّت فيها أكثر من 208 آلاف ناخب الجمعة، بنسبة مشاركة بلغت 97 في المائة، وفق المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

بلغت نسبة المشاركة في التصويت بالانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2018 نحو 59 % بحسب الموقع الرسمي للبرلمان الكردي (أ.ف.ب)

وشدّد رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) محمد الحسّان، الخميس، في رسالة مصوّرة، على ضرورة الانتخابات التي «طال انتظارها»، مؤكداً أن الاقتراع «سيعيد تنشيط الديمقراطية ويضخّ أفكاراً جديدة في مؤسساتها من شأنها أن تعالج مخاوف الشعب».

من جهتها، تؤكد المدرّسة سازان سعد الله (55 عاماً) أنها لن تدلي بصوتها، «لأن هذه السلطة لا يمكن تغييرها عن طريق التصويت وتغيير المقاعد».

وتضيف: «ما يحكم هو قوة السلاح والمال، والتغيير من خلال البرلمان أمر صعب»، عادّة أن تغيير النظام ممكن فقط في حال حدوث «انتفاضة للشعب».


مقالات ذات صلة

كردستان ينتخب البرلمان السادس... ومحاولات لتغيير «ميزان القوى»

المشرق العربي ناخبون كرديون يُدلون بأصواتهم في سادس انتخابات تشريعية بكردستان العراق (أ.ف.ب)

كردستان ينتخب البرلمان السادس... ومحاولات لتغيير «ميزان القوى»

في سادس انتخابات يشهدها إقليم كردستان، صوَّت الناخبون الكرد لاختيار ممثليهم بالبرلمان الجديد، بينما تقول أحزاب ناشئة إنها تعمل على تغيير ميزان القوى.

حمزة مصطفى (بغداد) «الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي عدد من منتسبي الأجهزة الأمنية ينتظرون الإدلاء بأصواتهم في دائرة انتخابية بإقليم كردستان الجمعة (المفوضية العليا المستقلة للانتخابات)

الانتخابات البرلمانية في كردستان العراق: صراعات حزبية وتغيّرات مرتقبة

على الرغم من تطمينات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، أظهر التصويت الخاص بمنتسبي الأجهزة الأمنية في إقليم كردستان مستوى حاداً من الاستقطاب الحزبي.

حمزة مصطفى (بغداد)
العالم العربي الجيش العراقي يُطلق النار على مسلحي «داعش» عام 2017 (رويترز)

الرئاسة العراقية تنفي أحكام إعدام بالجملة وتؤكد سلامة إجراءاتها بحق عناصر «داعش»

نفت رئاسة الجمهورية العراقية ما اعتبرته تقارير مضللة بشأن أحكام إعدام عشوائية، حيث أصدر القضاء أحكام إعدام ومؤبد جديدة بحق 10 من عناصر «داعش» في محافظة نينوى

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية إردوغان وبارزاني خلال مباحثاتهما في أنقرة الأربعاء (الرئاسة التركية)

ملفات حرجة في مباحثات إردوغان وبارزاني بأنقرة... وحضور لـ«العمال الكردستاني»

أجرى رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني زيارة لتركيا في توقيت دقيق بالنسبة لأنقرة وأربيل إضافة إلى الوضع الإقليمي المتوتر في ظل توسيع إسرائيل نطاق الحرب

سعيد عبد الرازق (لأنقرة: )
المشرق العربي ناخب كردي يدلي بصوته في انتخابات محلية بإقليم كردستان (أرشيفية - موقع المفوضية)

«صمت انتخابي» في كردستان العراق قبل اقتراع عاصف

وصلت الحملات الانتخابية للأحزاب في إقليم كردستان إلى مرحلتها الأخيرة، قبل أن تدخل الخميس في «الصمت الانتخابي».

فاضل النشمي (بغداد)

العليمي يستعين بالورقة الأمنية في خطط إنقاذ العملة اليمنية

اجتماع في عدن لـ«اللجنة الأمنية العليا» برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي (سبأ)
اجتماع في عدن لـ«اللجنة الأمنية العليا» برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي (سبأ)
TT

العليمي يستعين بالورقة الأمنية في خطط إنقاذ العملة اليمنية

اجتماع في عدن لـ«اللجنة الأمنية العليا» برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي (سبأ)
اجتماع في عدن لـ«اللجنة الأمنية العليا» برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي (سبأ)

وسط مساعي الحكومة اليمنية للسيطرة على تدهور الاقتصاد، الناجم عن توقف تصدير النفط إثر الهجمات الحوثية وضعف الموارد المالية، لجأ رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، إلى تفعيل الورقة الأمنية لمساندة جهود إنقاذ العملة وضبط السوق المصرفية.

وذكرت المصادر الرسمية أن العليمي عقد في عدن؛ حيث العاصمة المؤقتة للبلاد، الأحد، اجتماعاً طارئاً بـ«اللجنة الأمنية العليا»، وذلك «في إطار جهود المجلس لتعزيز الأمن والاستقرار، وتيسير جهود الحكومة، والبنك المركزي، في إدارة الأوضاع الاقتصادية والخدمية والمالية».

ووفق وكالة «سبأ»، فقد ضم الاجتماع وزير الدفاع رئيس «اللجنة الأمنية العليا» الفريق الركن محسن الداعري، وأعضاء اللجنة: وزير الداخلية اللواء إبراهيم حيدان، ورئيس جهاز الأمن القومي اللواء أحمد المصعبي، ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية والاستطلاع الحربي اللواء الركن أحمد اليافعي».

رئيس مجلس القيادة اليمني شدد على الدور الأمني لدعم جهود «البنك المركزي» والحكومة (سبأ)

كما ضم الاجتماع وكيل جهاز الأمن السياسي (المخابرات) اللواء نور الدين اليامي، والعميد الركن عبد الحكيم شايف مقرر «اللجنة الأمنية العليا»، وذلك بحضور وزير الدولة محافظ عدن أحمد لملس، ونائب رئيس مجلس إدارة «البنك المركزي اليمني» الدكتور محمد عمر باناجة، ومدير شرطة عدن اللواء مطهر الشعيبي.

وناقش الاجتماع، وفق الوكالة، عدداً من الملفات والموضوعات الأمنية والعسكرية، وجهود تعزيز الأمن والاستقرار في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، والاستحقاقات المطلوب لمواجهة مخططات «الميليشيات الحوثية الإرهابية، والتنظيمات المتخادمة معها».

واطلع الاجتماع من وزيري الدفاع والداخلية، ورؤساء الأجهزة المعنية، على تقارير حول الملفات المطروحة على جدول الاجتماع، والإجراءات المتخذة بشأنها على مختلف المستويات.

إسناد «البنك المركزي»

طبقاً لما أوردته المصادر الرسمية اليمنية، فقد ركز الاجتماع على «دور (اللجنة الأمنية العليا) في تعزيز وإسناد جهود (البنك المركزي)، وتمكينه من إدارة السياسة النقدية، وتنفيذ إجراءاته الرامية لحماية العملة الوطنية، وضبط سوق الصرف، وردع المضاربين، وتجار السوق السوداء، و الممارسات المضرة بالاقتصاد الوطني والوضع المعيشي في البلاد».

ونقلت المصادر أن «العليمي أشاد بنجاحات القوات المسلحة والأمن، وجميع التشكيلات العسكرية والأمنية، في مكافحة الإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة، ودورها المحوري في تعزيز الأمن والاستقرار في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة».

«البنك المركزي اليمني» في العاصمة المؤقتة عدن (إعلام حكومي)

وشدد العليمي على دور «اللجنة الأمنية العليا» في «تحسين اتخاذ القرار الأمني والعسكري، والاستجابة السريعة للمتغيرات، وردع المخططات الإرهابية، ومكافحة تهريب الأموال، والأسلحة، والمواد المخدرة».

وكان رئيس مجلس الحكم اليمني شدّد على استقلالية «البنك المركزي»، وردع المضاربين بالعملة، والتسريع بخطة «الإنقاذ الاقتصادي»، وذلك خلال اجتماع سابق، الخميس، مع إدارة «لجنة الأزمات الاقتصادية والإنسانية».

وحثّ العليمي على «التسريع بإنفاذ خطة الإنقاذ الاقتصادي، واتخاذ الإجراءات والتدابير الموجهة لتعزيز كفاءة إدارة المالية العامة والسياسة النقدية، والحدّ من تداعيات الانقسام النقدي الذي فرضته الميليشيات الحوثية بوصفه ورقة حرب اقتصادية».

وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي قد عاد إلى عدن؛ حيث العاصمة المؤقتة، الأسبوع الماضي لمواجهة تفاقم التحديات الاقتصادية بعد وصول الدولار الواحد إلى أكثر من ألفي ريال لأول مرة في تاريخ البلاد.