إسرائيل تشنّ حرباً نفسية لإضعاف معنويات جمهور «حزب الله»

بموازاة الحرب العسكرية

محمد عفيف مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله»
محمد عفيف مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله»
TT

إسرائيل تشنّ حرباً نفسية لإضعاف معنويات جمهور «حزب الله»

محمد عفيف مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله»
محمد عفيف مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله»

بعدما كان «حزب الله» يشنّ حرباً نفسية مكثّفة بوجه إسرائيل في الأشهر الماضية، معتقداً أنه بذلك يردعها عن توسعة المواجهات، انقلبت المعادلة في الأسابيع الماضية، وباتت تل أبيب هي التي تخوض حرباً نفسية شرسة بالتوازي مع تلك العسكرية التي لا تلتزم فيها بسقوف، وتهدف من خلالها لإضعاف الحزب وصولاً للقضاء عليه.

صحيح أن «حزب الله» لا يزال يحاول مجاراة هذه الحرب، لكن انشغاله باستيعاب الصدمات والضربات التي تلقّاها، وحاجته إلى ملء الفراغات الكبيرة في مراكزه القيادية، تجعل التفوق الإسرائيلي فيها ملحوظاً.

ويبدو واضحاً أن إسرائيل تهدف من هذه الحرب بشكل أساسي إلى إضعاف معنويات جمهور الحزب، عساه يتوقف عن دعمه، وعن اللعب على وتر خلْق إشكالات في الداخل اللبناني، وخصوصاً بين النازحين الشيعة وباقي المجتمعات اللبنانية التي تستضيفهم.

استراتيجية تل أبيب

وعمدت إسرائيل أخيراً إلى بثّ فيديوهات لناطقين باسم الجيش الإسرائيلي يحاولون فيها إقناع جمهور «حزب الله»، بأن الحزب ينشر الصواريخ بين المباني وفي الأحياء السكنية، مهدّداً بذلك سلامتهم، كذلك عمَّموا فيديوهات لقادة عسكريين قالوا إنهم يعقدون اجتماعات في منازل بقرى وبلدات جنوب لبنان؛ لإحباط معنويات الأهالي الذين اضطروا للنزوح.

وأثار مقطع فيديو روّجت له مواقع وقنوات إسرائيلية، ومن ثم بثّته وسائل إعلام عالمية، تخلّله قيام جرافة تابعة للجيش الإسرائيلي بجَرّ تمثال لقاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، الذي اغتالته الولايات المتحدة، بعد تدميره في منطقة مارون الراس، ورفع العلم الإسرائيلي هناك، الكثير من الأخذ والرد.

أسلحة وذخائر قال الجيش الإسرائيلي إنه صادرها خلال عملياته في جنوب لبنان يوم الأربعاء (رويترز)

استراتيجية «حزب الله»

في المقابل، حاول «حزب الله» استنهاض قدراته وقواه، وعاد ناشطون محسوبون عليه لبَثّ فيديوهات على حساباتهم لرفع معنويات الجماهير المؤيدة للحزب، بعدما كانوا قد أحجموا عن ذلك بُعَيد اغتيال الأمين العام السيد حسن نصر الله.

وتحتوي هذه الفيديوهات إما مشاهد لصواريخ تُطلَق وتسقط في المستوطنات، أو تحليلات تؤكّد أن الحزب لا يزال قوياً ومتماسكاً، ويحقّق «إنجازات» في البر.

وبثّ «حزب الله»، الأربعاء، صوراً وفيديوهات لمواقع استراتيجية عديدة في حيفا التقطتها مسيّرة «الهدهد» التي كان يعرضها تباعاً قبل السابع عشر من أيلول (تاريخ تفجير البيجر)، لما قال إنها أهداف له في المناطق الإسرائيلية.

ويوم الجمعة الماضي عقد الناطق باسم الحزب محمد عفيف، مؤتمراً صحافياً في العراء بين المباني المدمَّرة في الضاحية الجنوبية لبيروت، ما عَدَّه كثيرون محاولة لاستنهاض معنويات جمهور الحزب، وحثّه على الصمود.

رجل يعبر سوق مدينة النبطية المدمّر بالقصف الإسرائيلي (أ.ب)

إضعاف المعنويات

وتَعُدّ الكاتبة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت منى فياض، أن «الحرب النفسية سلاح فعّال جداً في الحروب، وعادةً يتم اللجوء إليها لمنع الحرب الفعلية، أو التخفيف من حدتها»، لافتةً إلى أن «إسرائيل تلجأ إليها راهناً للتخويف، فهي عندما تحذّر الناس بشكل مسبق بوجوب إخلاء مبانٍ أو شوارع معينة، فذلك لتقول لهم إنها تعرف مواقعهم وتحركاتهم، كما لإيهام المجتمع الدولي بأنها حريصة على المدنيين وسلامتهم، علماً بأنها لا تعطيهم الوقت الكافي للهرب».

وتشير فياض في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «تل أبيب تلجأ اليوم للحرب النفسية لإشعال فتنة داخلية، من خلال أدوات عديدة تمتلكها أو تشغّلها، وفيديوهات لبعض النازحين الذين ما زالوا يستقوون على المجتمعات التي تستضيفهم، وكل ذلك بهدف زيادة الشرخ بين المكونات اللبنانية»، مضيفةً: «تعتمد إسرائيل بشكل أساسي على الحرب النفسية، من خلال بثّها مثلاً فيديوهات لرفع العلم الإسرائيلي، أو تدمير تمثال سليماني، أو وجود جنودها داخل منازل في الجنوب؛ لإضعاف معنويات جمهور (حزب الله)، ودفعه للتخلّي عنه».

وترى فياض أنه مقابل كل ذلك، «تبدو قدرات (حزب الله) على ممارسة الحرب النفسية محدودة جداً، خصوصاً بعد بدء إسرائيل حربها الفعلية، واكتشافها حقيقة قدرات الحزب العسكرية والتكنولوجية مقارنةً بقدراتها».


مقالات ذات صلة

بري: وقف النار لقي تجاوباً من ماكرون بخلاف بلينكن

المشرق العربي رئيس مجلس النواب نبيه بري (يمين) والمبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان أموس هوكستين في بيروت (أ.ف.ب)

بري: وقف النار لقي تجاوباً من ماكرون بخلاف بلينكن

تمسّك مجلس الوزراء اللبناني في جلسته الأخيرة بثلاثية وقف إطلاق النار في الجنوب، ونشر الجيش بمؤازرة القوات الدولية «يونيفيل» وتطبيق القرار الدولي «1701».

محمد شقير (بيروت)
العالم العربي أشخاص قرب دمار سبّبه القصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

جيران الضاحية يشاركونها القلق والخوف على إيقاع الغارات الإسرائيلية

يعيش سكان الأحياء المجاورة لضاحية بيروت الجنوبية حالة من القلق والتوتر والخوف من أن تمتد عمليات القصف الإسرائيلي لتطول أحياءهم وتجبرهم على ترك منازلهم

حنان مرهج (بيروت)
المشرق العربي آلية تابعة لقوات «يونيفيل» جنوب لبنان (د.ب.أ)

نتنياهو يطلب من غوتيريش إبعاد قوات «اليونيفيل» عن الخطر «على الفور»

دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إبعاد قوات «اليونيفيل» عن «الخطر على الفور».rn

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة مقتبسة من فيديو نشره الجيش الإسرائيلي للحظة أسر المقاتل من «حزب الله» اليوم (تويتر) play-circle 00:36

الجيش الإسرائيلي يعلن أسر مقاتل من «حزب الله» في نفق جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أسر مقاتل من «حزب الله» في نفق في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رجل يسير بجوار أنقاض محال تجارية قديمة دُمّرت جراء غارات إسرائيلية على النبطية جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الطيران الإسرائيلي يدمر مسجداً جنوب لبنان

قالت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، الأحد، إن الطيران الإسرائيلي شن غارة استهدفت مسجداً في قريبة بجنوب لبنان، ودمرته بالكامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

حملة ابتزاز تستهدف صاغة الذهب في صنعاء

استهداف حوثي لورشة صياغة ذهب في صنعاء (إعلام حوثي)
استهداف حوثي لورشة صياغة ذهب في صنعاء (إعلام حوثي)
TT

حملة ابتزاز تستهدف صاغة الذهب في صنعاء

استهداف حوثي لورشة صياغة ذهب في صنعاء (إعلام حوثي)
استهداف حوثي لورشة صياغة ذهب في صنعاء (إعلام حوثي)

لم تمضِ سوى أسابيع قليلة على استهداف الجماعة الحوثية متاجر الذهب والمجوهرات في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، حتى شرعت الجماعة في تنفيذ حملة ميدانية تستهدف معامل وورش صياغة المعدن النفيس، حيث فرضت على ملاكها دفع إتاوات مالية.

وأفادت مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الحملة التي تنفذها الجماعة الحوثية عبر ما تسمى هيئة المواصفات والمقاييس، استهدفت في أول يومين بالتعسف والابتزاز نحو 18 ورشة ومعمل صياغة.

فرض الإتاوات غير القانونية وسيلة حوثية لتمويل جبهات القتال (فيسبوك)

وقدرت المصادر وجود نحو 80 ورشة ومعملاً خاصاً بصياغة المشغولات الذهبية والفضية والبلاتينية في صنعاء، حيث تسعى الجماعة الانقلابية عبر حملاتها التعسفية لإرغام مُلاك تلك الورش على دفع الأموال بشكل غير قانوني.

ويبرر الانقلابيون الحوثيون ذلك الاستهداف بأنه يأتي في إطار ما يسمونه تعزيز الدور الرقابي على مصوغات المعادن الثمينة وسبائكها، ومعرفة مدى التزام ورش الصاغة بضبط العيارات. حسب زعمهم.

شروط تعسفية

نقلت وكالة «سبأ» بنسختها الحوثية عن المنتحل صفة المدير التنفيذي لهيئة المواصفات سام البشيري، تأكيده أن الحملة تستمر لأسبوعين، وتشمل سحب عينات من الذهب بزعم إخضاعها للفحص والتحقق من مطابقتها للعيارات، ومدى التزام معامل وورش الصياغة بما تسميه الجماعة «الاشتراطات الفنية».

وخلال الحملة فرضت الجماعة حزمة شروط تعسفية على معامل وورش صياغة المجوهرات في صنعاء، وبقية مناطق سيطرتها، مع التهديد بعقوبات صارمة ضد المخالفين للتعليمات.

عناصر حوثيون لحظة استهدافهم معملاً لصياغة الذهب في صنعاء (إعلام حوثي)

واشتكى مُلاك معامل وورش الصياغة في صنعاء من تجدد الاستهداف الحوثي لهم تحت أسماء وذرائع متعددة، بغية إرغامهم على دفع الجبايات.

وذكر عدد من الملاك لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين مسنودين بدوريات ومسلحين اقتحموا عدداً من ورش ومعامل الصياغة ومارسوا التعسف ضد العاملين فيها، واتهموهم بالتلاعب بالعيارات والأوزان، وعدم قيامهم بوضع ما تسميه الجماعة ملصقات المعايرة على الموازين الإلكترونية.

وأبدى (خالد. ع)، وهو مالك ورشة لصياغة الذهب بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، تخوفه من قيام الجماعة الحوثية بمصادرة ما يملكه من حلي ذهبية بذريعة أنها لا تتطابق مع المواصفات والشروط.

ويُعد هذا التحرك الانقلابي استكمالاً لسلسلة استهدافات سابقة لتضييق الخناق على ما تبقى من العاملين في هذا القطاع التجاري الحيوي بغية إحلال طبقة جديدة من الموالين للجماعة.

وكانت الجماعة الحوثية شنت في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، حملات لجمع الأموال من متاجر الذهب والمجوهرات في صنعاء تحت ذرائع غير قانونية.

وأجبرت الجماعة أكثر من 40 محلاً تجارياً لبيع الذهب والمجوهرات في مديريتي معين والتحرير على دفع مبالغ مالية بالقوة تحت مسمى «مخالفات» وأخرى «تأديبية».