النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

الأقمار الاصطناعية كشفت عن 1350 حريقاً

مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
TT

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة وزيادة معدل الاحتباس الحراري، وقال إن هذه المواقع تشكل مخاطر تلوث بيئية كبيرة عبر الهواء والماء والتربة، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة.

ووفق دراسة لمرصد الاستشعار عن بُعد، فإن الحرب في اليمن أثرت بشكل عميق على إدارة النفايات الصلبة، مما أدى إلى زيادة الإغراق والمخاطر على البيئة والصحة العامة، وقالت الدراسة إنه يتم استخدم الأقمار الاصطناعية في تحديد مواقع الإغراق، وبالتالي المساعدة في إيجاد التدابير العلاجية وسياسات إدارة النفايات.

إحراق النفايات في اليمن يؤدي إلى إطلاق الغازات فضلاً عن المواد المسرطنة (إعلام محلي)

وأوضح المرصد أنه رغم تراجع حدة الصراع الذي دام قرابة عقد من الزمان في اليمن، فإن البلاد لا تزال بعيدة عن السلام، إذ احتلت في بداية الصراع بالفعل المرتبة 160 من أصل 177 على مؤشر التنمية البشرية، مما عزز مكانتها بوصفها واحدة من أكثر دول العالم فقراً.

وأثناء الصراع أشار المرصد إلى نشوء عديد من تحديات إدارة النفايات، ما أدى إلى انتشار مواقع الإغراق غير الرسمية وتفاقم المخاطر البيئية والصحية، كما أدت الحرب إلى إجهاد الموارد الاقتصادية، وتعطيل البنية التحتية للنفايات، وتحويل الانتباه بعيداً عن إدارتها.

وأكدت الدراسة أن مواقع النفايات غير الرسمية المليئة بالنفايات الخطرة تسبب تلوث الهواء أثناء إحراقها، ما يؤدي إلى إطلاق غازات مثل ثاني أكسيد الكبريت، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة، ورجحت أن يكون تفشي الكوليرا في اليمن عام 2016، الذي أسفر عن وفاة 3000 شخص، مرتبطاً بالنفايات الطبية غير المعالجة التي تلوث المجاري المائية.

100 حريق سنوياً

وأوضح المرصد أنه استعمل الأقمار الاصطناعية لتحديد ومراقبة مثل هذه المواقع باستخدام نظام معلومات الحرائق التابع لوكالة «ناسا»، وكشف عن تسجيل 1350 حريقاً بين أكتوبر (تشرين الأول) 2014، وأكتوبر2023، وقال إن هذه الحرائق تتركز في المناطق الحضرية على طول السواحل الغربية والجنوبية المكتظة بالسكان في اليمن.

ووفق ما جاء في دراسة المرصد فإن الصور أظهرت أن غالبية الحرائق وقعت في عامي 2019 و2021، حيث وقعت 215 و226 ​​حادثة على التوالي، بينما شهدت الفترة بين 2014 و2016 عدداً أقل من الحرائق، حيث سُجل 17 حريقاً فقط في عام 2016، لكن المرصد نبه إلى أنه على الرغم من انخفاض وتيرة الحرائق في عامي 2022 و2023، فإن كلا العامين لا يزالان يسجلان أكثر من 100 حريق سنوياً.

نظام إدارة النفايات المتدهور يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والسكان في اليمن (إعلام محلي)

وبحسب البيانات فإن مواقع هذه النفايات كانت حول المدن الكبرى، إذ كان لدى كل من صنعاء والحديدة مكبّان جديدان للنفايات، كما ظهر معظم النفايات حول مدينة عدن؛ التي شهدت انخفاضاً كبيراً في معدلات جمع النفايات، وهو ما يفسر انتشار المكبات غير الرسمية.

ومع ذلك أكدت الدراسة أن ظهور مكبات النفايات غير الرسمية الجديدة لم يكن متأثراً بما إذا كانت المنطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين أو الحكومة، كما أن قربها من مكبات النفايات الرسمية لم يمنع تشكلها، كما يتضح من حالات في عدن والمكلا.

ضرر على البيئة

نبهت دراسة مرصد الاستشعار عن بُعد، أن نظام إدارة النفايات المتدهور في اليمن يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والسكان، ذلك أن لها تأثيرات على البيئية والمناخية، خصوصاً في ميناء «رأس عيسى» النفطي على البحر وصنعاء.

ففي «رأس عيسى» أوردت الدراسة أن ممارسات الإلقاء غير السليمة بالقرب من الساحل تساهم بشكل كبير في تلوث المياه البحرية والجوفية، كما يتسرب السائل الناتج عن تراكم النفايات إلى التربة ويصل إلى المياه الساحلية، مما يؤدي إلى تعطيل النظم البيئية البحرية وتعريض الأنواع للخطر.

وتقول الدراسة إن المواد البلاستيكية تتحلل من هذه المكبات إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة، تبتلعها الكائنات البحرية وتتراكم بيولوجياً من خلال سلسلة الغذاء، أما في صنعاء، فتساهم مكبات النفايات في تغير المناخ بشكل كبير، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى انبعاثات غاز الميثان؛ لأنه مع تحلل النفايات العضوية بشكل لا هوائي، يتم إطلاق الغاز مما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث الجوي المحلي.

مسؤولة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي تتفقد مكب القمامة غربي صنعاء (الصليب الأحمر)

وطالب المرصد باستراتيجية شاملة للتخفيف من هذه التأثيرات، بما في ذلك أنظمة التقاط غاز مكبات النفايات واستخدامه لتحويل الميثان إلى طاقة، وممارسات تحويل النفايات مثل التسميد وإعادة التدوير للحد من النفايات العضوية.

ولكنه رأى أن الصراع المستمر في اليمن غالباً ما يهمش جهود حماية البيئة، مما يجعل من الصعب معالجة هذه القضايا الحرجة بشكل فعال.

وأعاد مرصد الاستشعار عن بُعد التذكير بأن تحديد المخاطر البيئية الفعلية على الناس والنظم البيئية أمر مستحيل باستخدام هذه الأساليب وحدها. وقال إن تحديد المواقع «ليس سوى جزء صغير من الحل». وأكد أن معالجة إدارة النفايات الصلبة ستظل معقدة طالما بقي الوضع السياسي في اليمن على حاله.


مقالات ذات صلة

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صاروخ باليستي زعم الحوثيون أنهم أطلقوه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

ضمن تصعيد الجماعة الحوثية تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مناصرة «حزب الله» في لبنان، تبنت، الخميس، إطلاق عدد من الطائرات المسيرة باتجاه تل أبيب

علي ربيع (عدن)
العالم العربي عامل يعد نقوداً في محل للصرافة في صنعاء (إ.ب.أ)

منصة يمنية تكشف جانباً من خفايا الكيانات المالية للحوثيين

كشفت منصة يمنية متخصصة في تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال جانباً من أسرار الكيانات المالية للحوثيين مسلطة الضوء على تورط شركات صرافة وأخرى تجارية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي حريق كبير وعمود من الدخان يظهر في مدينة الحديدة الساحلية باليمن بسبب الضربات الإسرائيلية (أ.ب)

تقديرات بتأزم الإغاثة في اليمن بعد الضربات الإسرائيلية

أتت الضربات الإسرائيلية الجديدة الأحد الماضي في محافظة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين لتضاعف الخسائر التي تتعرض لها البنية التحتية وتفاقم المعاناة الإنسانية.

محمد ناصر (تعز)

تطلعات صينية في السعودية نحو مصانع سيارات كهربائية

السفير الصيني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
السفير الصيني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
TT

تطلعات صينية في السعودية نحو مصانع سيارات كهربائية

السفير الصيني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
السفير الصيني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

نقل السفير الصيني لدى السعودية تشانغ هوا، تطلعات بكين لتعميق الشراكة مع السعودية في مجال مصانع السيارات الكهربائية وغيره من القطاعات.

وفي حديث موسع أجرته «الشرق الأوسط» أوضح السفير أن بلاده تُدين انتهاك سيادة لبنان وأمنه، واستهداف المدنيين الأبرياء، داعياً الأطراف المعنية إلى اتخاذ تدابير فورية لتخفيف التوترات ومنع تفاقم الوضع والحفاظ بجدية على السلام والاستقرار في المنطقة. وقال إن «الصين تشعر بصدمة كبيرة جراء الخسائر البشرية الكبيرة الناجمة عن العمليات العسكرية بين إسرائيل ولبنان، مما يستدعي أن يعمل المجتمع الدولي، لتخفيف حدة التوترات والتهدئة».

وبغضّ النظر عن كيفية تطور الأوضاع، يقول السفير: «ستظل الصين دائماً تقف إلى جانب العدالة، وستواصل التزامها الحفاظ على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. نحن على استعداد للعمل مع الأطراف المعنية لمواصلة بذل جهود دؤوبة من أجل تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

نهضة العملاق الصيني

ووفق هوا، فإن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع من 30 مليار دولار في بداية تأسيس الدولة إلى 17.8 تريليون دولار، مما جعلها ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وأكبر دولة صناعية، وأكبر دولة للتجارة السلعية، وأكبر دولة في احتياطيات النقد الأجنبي في العالم.

وأكد أن الصين ستعمل على تحسين نظام الانفتاح رفيع المستوى، ودفع التنمية الاقتصادية عالية الجودة، وبناء نظام الاقتصاد الاشتراكي عالي المستوى، مبيناً أنها تدعو إلى عالم متعدد الأقطاب قائم على المساواة والنظام، والعولمة الاقتصادية الشاملة تعود بالنفع على الجميع، وتسعى إلى المشاركة والقيادة لإصلاح وبناء نظام الحوكمة العالمية.

الشراكة السعودية - الصينية

وقال هوا: «دخلت الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والمملكة، عصراً جديداً من التطور العميق، تحت الريادة الشخصية لقيادتَي البلدين، وبهذه المناسبة، أهنئ السعودية بحرارة بمناسبة اليوم الوطني الـ94».

وتابع: «إن زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، السعودية في الفترة من 10 إلى 11 سبتمبر (أيلول)، خلقت زخماً جديداً، لتنمية العلاقات الثنائية، ودعمت الشراكة الاستراتيجية الشاملة، للمضي قدماً نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً».

ودعا رئيس مجلس الدولة الصيني إلى توسيع نطاق التجارة الثنائية وتشجيع الشركات من كلا البلدين على الاستثمار فيهما، والعمل معاً للحفاظ على استقرار سلاسل التوريد العالمية، مشيراً إلى أهمية نجاح «عام الثقافة الصينية - السعودية 2025».

ولفت إلى أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أكد أن العلاقات السعودية - الصينية قديمة ومتينة وفق هوا، وعلى مستويات عالية من التطور، مما جعل البلدين شريكين استراتيجيين شاملين، متطلعاً إلى استغلال آلية اللجنة المشتركة لتعزيز التوافق الاستراتيجي، وتوسيع التعاون في مجالات الطاقة والاستثمار والتمويل والثقافة.

وقال هوا: «منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية الثنائية في الأعوام الثلاثين الماضية، شهدت تطوراً مستمراً، حيث وقَّع الطرفان وثائق تعاون تشمل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وتعززت الثقة السياسية المتبادلة بين قيادتي البلدين باستمرار»، موضحاً أنه «خلال زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ، المملكة في عام 2022، وقَّع قيادتا البلدين (اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين)»، مبيناً أن العلاقات شهدت مواصلة المواءمة بين «رؤية السعودية 2030» و«مبادرة الحزام والطريق» الصينية، وأحرزت تقدماً مستمراً.

ولفت إلى أن الصين تعد الشريك التجاري الأكبر للمملكة، في حين تعد السعودية أكبر شريك تجاري للصين في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، مبيناً أن حجم التبادل التجاري الثنائي تجاوز، وفق هوا، حاجز 100 مليار دولار للعامين الماضيين على التوالي، حيث يمثل أكثر من 35 في المائة من إجمالي حجم التجارة بين الصين والدول الخليجية في نفس الفترة.

وقال هوا: «في العام الماضي، وقَّع البنك المركزي في كلا البلدين اتفاقية ثنائية لتبادل العملات المحلية بحجم 500 مليار يوان صيني (260 مليار ريال)، مما أسهم في تعزيز وتسهيل التجارة والاستثمار بين الجانبين».

التطورات الجديدة بين الرياض وبكين

ووفق هوا، تعمَّق التعاون الثنائي واتسع، خصوصاً في عدة مجالات مثل السيارات والطاقة المتجددة والسياحة، حيث شهدت المجالات إنجازات ملحوظة.

وشهدت الواردات السعودية من السيارات الصينية نمواً سريعاً، حيث إنه في عام 2023، بلغ إجمالي قيمتها من السيارات والمنتجات ذات الصلة من الصين 4.12 مليار دولار، مشيراً إلى أن شركات «شانغان»، و«جيلي»، و«إم جي»، و«شيري»، و«جريت وول»، و«هونغ تشي»، و«جي إيه سي»، و«بي واي دي»، أنشأت فروعاً في المملكة.

وكشف هوا، عن نقاشات بين الشركات في البلدين، حول التعاون لبناء مصانع محلية، مبيناً أنه في عام 2023، بلغت صادرات السيارات الصينية 4.91 مليون مركبة، لتصبح الصين لأول مرة أكبر دولة مصدرة للسيارات في العالم، منها 1.203 مليون مركبة كهربائية، بزيادة سنوية قدرها 77.6 في المائة.

وأضاف هوا: «نلاحظ أن (رؤية السعودية 2030) تهدف إلى أن تشكل السيارات الكهربائية 30 في المائة على الأقل من إجمالي المركبات في العاصمة الرياض بحلول عام 2030. نتطلع إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجال تصنيع السيارات لتحقيق تطور مشترك».

ويشهد مزيد من الشركات الصينية مشاركةً في تنمية قطاع الطاقة المتجددة في المملكة، حيث تشارك حالياً، في بناء وتطوير عديد من مشاريع توليد الطاقة الشمسية في السعودية، بما في ذلك مشروع محطة الطاقة الكهروضوئية «الشبحة» بقدرة 2.6 غيغاوات، وهو أكبر مشروع للطاقة الكهروضوئية في العالم حتى الآن.

وزاد: «في يوليو (تموز) من هذا العام، وقّعت شركة Renewable Energy Localization Company (RELC) المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة السعودي اتفاقيات مع ثلاث شركات صينية هي: Envision Technology Group وJinko Solar وTCL Zhonghuan، لإنشاء ثلاث شركات مشتركة، تهدف إلى بناء وتشغيل مشاريع إنتاج وحدات الخلايا الشمسية عالية الكفاءة في السعودية».

وستشمل المشاريع، وفق هوا، إنتاج الرقاقات الكهروضوئية والتوربينات والمكونات الأساسية، مؤكداً أن مشاركة مزيد من الشركات الصينية في تنمية قطاع الطاقة المتجددة في السعودية، سيسهم في تحقيق هدف المملكة، المتمثل في إنتاج 75 في المائة من مكونات مشاريع الطاقة المتجددة محلياً بحلول عام 2030، مبيناً أن الزيارات بين الشعبين في ازدياد مستمر.

وقال هوا: «في سبتمبر 2023، وقَّعت الصين والمملكة مذكرة تفاهم حول (تنفيذ خطة السياحة الجماعية للصينيين إلى السعودية»، مما جعل المملكة رسمياً، وجهة سياحية للمجموعات السياحية الصينية المغادرة إلى الخارج».

وطرح عديد من وكالات السفر الكبرى في الصين، وفق هوا، منتجات سياحية تتضمن وجهات في المملكة، وجاء مزيد من الوفود السياحية الصينية إلى المملكة، مبيناً أنه في الآونة الأخيرة، أطلق عديد من شركات الطيران الصينية رحلات مباشرة بين البلدين، كما زادت الخطوط الجوية السعودية عدد رحلاتها المباشرة، حيث تُشغل حالياً عشرات الرحلات أسبوعياً بين بكين وشنغهاي وشنتشن، والرياض وجدة.

وتابع: «الخطوط الجوية السعودية أعلنت سابقاً إطلاق خط جوي مباشر بين بكين والدمام، فيما تجاوز عدد السياح الصينيين المغادرين إلى الخارج 87 مليون سائح في عام 2023، ومن المتوقع أن يتجاوز عددهم 130 مليون سائح في عام 2024. ومن المؤكد أن المملكة ستجذب عدداً متزايداً من السياح الصينيين في المستقبل».

التعاون في قطاع التعليم

ووفق هوا، فإنه في عام 2019، أعلن ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، خلال زيارته الصين، إدراج اللغة الصينية ضمن النظام التعليمي في المملكة العربية السعودية.

وتابع: «في عام 2022، وخلال زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ، السعودية، وقَّعت وزارتا التعليم في البلدين، مذكرة تفاهم بشأن التعاون في تعليم اللغة الصينية. وفي أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، زار وكيل وزارة التعليم للتعليم العام، الدكتور حسن خرمي، الصين، ووقّع مع الجانب الصيني (اتفاقية تنفيذية لتعزيز التعاون في تعليم اللغة الصينية)».

وشهدت الأعوام الأخيرة، وفق هوا، تطوراً سريعاً في تعليم اللغة الصينية في المملكة، حيث بدأ عدد متزايد من السعوديين في تعلم اللغة الصينية، حيث تقدم حالياً أربع جامعات سعودية تخصص اللغة الصينية، وتم افتتاح وتشغيل معهد كونفوشيوس في جامعة الأمير سلطان في يونيو (حزيران) من العام الماضي.

وأضاف: «نلاحظ أن وزارة التعليم السعودية، أصدرت العام الماضي خطة لترويج تعليم اللغة الصينية، التي نصت على تدريس اللغة الصينية في المدارس في الرياض وينبع والمنطقة الشرقية وجدة وجازان وتبوك، إلى جانب اللغتين العربية والإنجليزية».

وتابع: «الشهر الماضي، وصلت الدفعة الأولى من 175 معلماً صينياً، إلى المملكة، سيقومون بتدريس اللغة الصينية في المدارس الحكومية، حيث لاقوا ترحيباً حاراً من المواطنين السعوديين».

تأمين ملاحة البحر الأحمر

وشدد هوا على أن بلاده تتبنى موقفاً واضحاً من الوضع في البحر الأحمر، لخّصه في وقف عمليات تستهدف السفن المدنية، وحمَّل المجتمع الدولي مسؤولية المحافظة معاً على سلامة الملاحة وفقاً للقانون، مع ضرورة أن تلعب الأطراف كافة، دوراً بنّاءً في تهدئة التوتر في البحر الأحمر.

وربط هوا تصاعد الوضع في البحر الأحمر بصراع غزة، مما يستدعي تحقيق وقف إطلاق النار ومنع القتال في غزة في أسرع وقت ممكن، ويحدّ من امتداد تداعيات الصراع، مع ضرورة الحفاظ الجدي على السيادة وسلامة الأراضي للدول المطلة على البحر الأحمر بما فيها اليمن.

ويحرص الجانب الصيني، وفق هوا، على تعزيز التنسيق مع دول المنطقة، بما فيها السعودية، والعمل مع المجتمع الدولي، لمواصلة لعب دور بنّاء في استعادة السلام والأمن والأمان في البحر الأحمر.

وزاد: «تعد الممرات البحرية القناة الرئيسية للصين في التجارة الدولية وواردات الطاقة، فتهتم الصين بضمان حرية وسلامة الملاحة البحرية اهتماماً بالغاً. وبوصفها دولة تجارية ومستوردة للنفط ذات أهمية عالمية، تظل تهتم بأمن الموانئ والممرات البحرية المهمة.

وشدد على أن عمليات مرافقة يقوم الأسطول البحري الصيني بها، لا علاقة لها بالوضع الحالي في البحر الأحمر، مبيناً أن ذلك يأتي في إطار مهمة مرافقة في خليج عدن والمياه قبالة الصومال فوّضها مجلس الأمن الدولي للصين.

وأضاف هوا: «منذ عام 2008، أرسلت القوات البحرية الصينية 45 دفعة من أساطيل بحرية على التوالي مكونة من أكثر من 150 سفينة، وهي أكملت بشكل ممتاز مهام الإغاثة الإنسانية وطرد القراصنة، مما قدم مساهمة إيجابية في الحفاظ على سلامة الملاحة في المياه المعنية».

حل الدولتين

وحول إقامة دولة فلسطينية، قال هوا: «تبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أخيراً، أول قرار لوقف إطلاق النار منذ اندلاع الصراع في غزة، وهو قرار مُلزم ويجب تنفيذه بشكل فعال لتحقيق وقف إطلاق نار فوري ودائم من دون شروط».

ولفت إلى أن الصين أصدرت «ورقة موقف لجمهورية الصين الشعبية عن تسوية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي» وقدمت 5 اقتراحات لتعزيز حل القضية، يتمحور الاقتراح الأول حول وقف إطلاق النار وإنهاء القتال على نحو شامل، والثاني حول حماية المدنيين بخطوات ملموسة، والثالث هو ضمان الإغاثة الإنسانية. فيما تمحور الاقتراح الصيني الرابع، وفق هوا، حول تعزيز الوساطة الدبلوماسية، والمقترح الخامس حول إيجاد حل سياسي، مشيراً إلى أن بلاده تحرص على مواصلة العمل مع المجتمع الدولي للدعم الثابت للقضية العادلة للشعب الفلسطيني.

وزاد: «حريصون على دفع المصالحة بين الفصائل الفلسطينية عبر الحوار، وحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ودعم الشعب الفلسطيني، لإقامة دولته المستقلة».

وشدد هوا على ضرورة الإسراع في عقد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة أوسع ومصداقية أكثر وفاعلية أكبر، ووضع الجدول الزمني وخريطة الطريق لتنفيذ «حل الدولتين»، بما يدفع بإيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية.

ووفق هوا، اجتمعت الفصائل الفلسطينية الـ14 في بكين انطلاقاً من المصلحة الوطنية العليا، الأمر الذي يعد لحظة تاريخية مهمة في مسيرة تحرير فلسطين، مبيناً أن أهم توافق لحوار بكين بين الفصائل الفلسطينية كان على السعي إلى تحقيق المصالحة والوحدة الشاملة بين الفصائل الفلسطينية الـ14 كافة.

وشددت نتائج الاجتماع على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأن أبرز النقاط كانت الاتفاق حول الحوكمة المستقبلية ما بعد الصراع في قطاع غزة وتشكيل حكومة وفاق وطني مؤقت، وأن أقوى الدعوات فيه كانت إلى إقامة دولة فلسطين المستقلة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة.

وأعربت الفصائل الفلسطينية كافة خلال هذا الحوار، وفق هوا، رغبتها الشديدة في تعزيز المصالحة، وذلك يجسد عزيمتها على الالتزام بالمصلحة الوطنية العليا، مما أتى بأمل ثمين للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لما يكفي من المعاناة.

وأضاف: «تأمل الصين أن تحقق الفصائل الفلسطينية إقامة دولة فلسطين المستقلة، على أساس المصالحة الوطنية. وسنواصل جهودنا الدؤوبة والمشتركة مع الأطراف المعنية كافة في هذا الصدد».

الموقف الصيني من الأزمة السودانية

وعلى الصعيد السوداني، قال هوا: «الجانب الصيني يدعم حماية السودان وسيادته الوطنية واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه، ليتمكن من التحكم في مستقبله ومصيره بنفسه، إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع المجتمع الدولي لدفع السودان نحو استعادة السلام والاستقرار في أقرب وقت ممكن».

وتابع أن «الحل السياسي هو السبيل الوحيد لحل المشكلة السودانية، والأولوية القصوى الآن هي العمل على دفع وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن، والمساعدة في تخفيف الأزمة الإنسانية في السودان».