منصة يمنية تكشف جانباً من خفايا الكيانات المالية للحوثيين

شركات صرافة وأخرى تجارية عززت موارد الانقلابيين

الجماعة الحوثية تحظر التعامل بالأوراق النقدية اليمنية الصادرة من عدن (إعلام محلي)
الجماعة الحوثية تحظر التعامل بالأوراق النقدية اليمنية الصادرة من عدن (إعلام محلي)
TT

منصة يمنية تكشف جانباً من خفايا الكيانات المالية للحوثيين

الجماعة الحوثية تحظر التعامل بالأوراق النقدية اليمنية الصادرة من عدن (إعلام محلي)
الجماعة الحوثية تحظر التعامل بالأوراق النقدية اليمنية الصادرة من عدن (إعلام محلي)

كشفت منصة يمنية معنية بتعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال عن جانب من أسرار الكيانات المالية للحوثيين، مسلطة الضوء على شركات صرافة وأخرى تجارية متورطة في تعزيز موارد الانقلابيين المدعومين من إيران.

وقدمت منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) في تقرير بعنوان «الكيانات المالية السرية للحوثيين» تفاصيل ومعلومات كشفت النقاب عن الجرائم المالية التي ترتكبها الجماعة وعمليات الفساد الممنهج التي يقوم بها قادتها لتمويل الإرهاب وغسل الأموال، والالتفاف على العقوبات الدولية، بهدف إطالة أمد الحرب والتحكّم في مفاصل الاقتصاد اليمني.

عامل يعد نقوداً في محل للصرافة في صنعاء (إ.ب.أ)

ويحتوي التقرير على بيانات ووثائق ومستندات تثبت تورط المئات من شركات الصرافة، والشركات التجارية، والكيانات الرسمية في أنشطة سرية تهدف جميعها إلى تعزيز الموارد المالية لقادة الجماعة، ما يمكّنهم من مواصلة الحروب المحلية والإقليمية، ويعزّز الإثراء غير المشروع لعدد منهم على حساب معاناة الشعب اليمني.

وكشفت المنصة اليمنية عن وثائق رسمية وتجارية لشركات تجارية وأشخاص مرتبطين بالجناح المالي السري للحوثيين، تسلط الضوء على المنظومة المالية الخفية التي تعتمد عليها إيران في تمويل أذرعها في اليمن والمنطقة.

«الروضة» للصرافة

أفاد تقرير المنصة بأن شركة الروضة للصرافة المملوكة لمحمد الحوري وياسر علي الحوري أنشأها الحوثيون في عام 2019 بهدف فرض السيطرة على سوق الصرافة والتحويلات المالية، إضافة إلى تسهيل عملية نقل أموال الجماعة وغسلها.

وقالت المنصة في تقريرها إنها حصلت على معلومات موثّقة تفيد بأن الميليشيا الحوثية تعمل على تمكين شركة «الروضة» وتحت غطاء البنك المركزي الخاضع لها في صنعاء من إنشاء شبكة مالية موحدة وإلغاء بقية شبكات الصرافة المستقلة وتعطيلها وإجبار بقية الشبكات والصرّافين على المشاركة فيها للتحايل على العقوبات الدولية.

بوابة مقر البنك المركزي الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

ورأت أن ذلك يتطلب موقفاً دولياً صارماً تجاه هذه الخطوة «الخطرة» التي قالت إنها تلحق الضرر بالاقتصاد الوطني اليمني.

وبحسب التقرير، مكنت ميليشيا الحوثي شركة الروضة من فرض سيطرتها المالية على السوق المصرفية ومارست مهام البنك المركزي الواقع تحت سيطرة الجماعة، حيث بلغ حجم حركتها المالية أكثر من 2.5 تريليون ريال يمني (الدولار يعادل حوالي 535 ريالاً يمنياً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية).

ولا يقتصر نشاط شركة الروضة للصرافة - وفق التقرير - على الأعمال المالية والتحويلات فقط، بل هي الذراع المالية الكبرى للحوثيين، بعد أن أنشئت بشكل مفاجئ.

وبعد فرض الخزانة الأمريكية عقوبات على الشركة (الروضة) ذكر التقرير أن قيادات الحوثيين عملت على إيجاد مخرج يجنّب تعطيل الشركة والأموال التي تديرها، وقالت المنصة إنها حصلت على وثيقة تكشف عن تعديل اسم شركة الروضة للصرافة والتحويلات المالية (محمد الحوري وياسر علي محمد الحوري) إلى شركة «محمد الحوري وعلي عومان التضامنية».

أسماء وشركات

أوضحت المنصة في تقريرها أنها تتبعت خيوطاً عن شركة قصي الوزير قادتها إلى المزيد من المعلومات والتفاصيل الكثيرة الخاصة بالشركات التي تقوم بتسهيل عمليات التحويلات المالية لجماعة الحوثيين والشركات التجارية داخل اليمن وخارجه.

وتضمن التقرير بعض مستندات التحويلات المالية، بحسب المنصة التي قالت إن بحوزتها محاضر وعقود صفقات نفطية تابعة لقصي الوزير مع شخصيات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وشخصيات عراقية.

وتظهر عمليات التحويل المالية لشركة «فيو أويل» التابعة للوزير ارتباط شبكة مالية مصرفية لجماعة الحوثيين بالعمليات التجارية المالية وهي مجموعة من الشركات المحدودة فرضت جماعة الحوثيين على بعضها بشكل أو بآخر ضرورة العمل لصالحهم أو مصادرة ممتلكاتهم.

وبحسب التقرير، أصبح بعض الشركات متماهياً مع الحوثيين في كل الجوانب المالية والتجارية بل وفي غسل الأموال عبر هذه الشركات المالية، ما مكّن الحوثيين من الحصول على موارد مالية ضخمة ساعدتهم في إطالة أمد الحرب والصراع في اليمن.

عملة معدنية من فئة 100 ريال سكها الحوثيون بشكل غير قانوني (إكس)

وأشارت المنصة في تقريرها إلى زيد علي أحمد عبد الرحمن الشرفي وقالت إنه أحد القيادات الحوثية المالية والسرية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وعلى علاقة مباشرة بقائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، ويعمل في إطار شبكات مالية معقدّة ويمتلك مع أخيه ونجل شقيقه وأفراد أسرته العديد من الشركات والمصانع.

كما أشار التقرير إلى نبيل أحمد ناصر الجوزي وهو صهر القيادي خالد محمد خليل رئيس دائرة الاقتصاد والشؤون المالية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الذي منح الجوزي حق استيراد المواد الغذائية غير الأساسية للحصول على إيرادات مالية كبيرة.

وعيّنت الجماعة الحوثية - طبقاً للتقرير - علي سالم الصيفي خلال عام 2015 في منصب وكيل وزارة الداخلية للشؤون المالية والإدارية في حكومة الانقلاب، بعد أن فرضته مسؤولاً مالياً للوزارة لتولّى عملية إدارة أموال وموازنة واستثمارات داخلية الجماعة التي تقدّر بعشرات المليارات من الريالات اليمنية.

أما حسين صالح عيظة المطيعي، فذكرت المنصة أنه أحد التجار البارزين في جماعة الحوثي، ومن الشخصيات النافذة في مجال تجارة المشتقات النفطية، وقالت إنه يمتلك شبكة مالية معقدة مسخّرة لخدمة الجماعة عبر مجموعة من شركات الاستيراد والتصدير المختلفة، وخاصةً في مجالات المشتقات النفطية، وقطع الغيار، والمبيدات الزراعية.


مقالات ذات صلة

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

العالم العربي صاروخ باليستي زعم الحوثيون أنهم أطلقوه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

ضمن تصعيد الجماعة الحوثية تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مناصرة «حزب الله» في لبنان، تبنت، الخميس، إطلاق عدد من الطائرات المسيرة باتجاه تل أبيب

علي ربيع (عدن)
العالم العربي حريق كبير وعمود من الدخان يظهر في مدينة الحديدة الساحلية باليمن بسبب الضربات الإسرائيلية (أ.ب)

تقديرات بتأزم الإغاثة في اليمن بعد الضربات الإسرائيلية

أتت الضربات الإسرائيلية الجديدة الأحد الماضي في محافظة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين لتضاعف الخسائر التي تتعرض لها البنية التحتية وتفاقم المعاناة الإنسانية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مسلحون حوثيون على متن عربة في صنعاء (إ.ب.أ)

عقوبات أميركية على فرد وكيانات تهرّب الأسلحة للحوثيين

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على فرد وكيانات متورطة في تهريب الأسلحة إلى الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، وفق ما أفاد به بيان للخارجية الأميركية.

علي ربيع (عدن) عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي صاروخ أطلقه الحوثيون من مكان غير معروف (إعلام حوثي)

مزاعم حوثية عن قصف تل أبيب بـ3 صواريخ

ادّعت الجماعة الحوثية إطلاق 3 صواريخ مجنحة باتجاه تل أبيب، دون تأكيد إسرائيلي بخصوص هذا الهجوم الذي جاء غداة تبنّي الجماعة قصف سفينتين في البحر الأحمر

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الهجمات الإسرائيلية ضد الحوثيين استهدفت منشآت الوقود والكهرباء في الحديدة (إعلام حوثي)

الحوثيون يتوجسون من اغتيالات إسرائيلية مقبلة

يتخوف قادة الجماعة الحوثية الموالية لإيران في اليمن من اغتيالات إسرائيلية مقبلة في صفوفهم بعد تصفية قادة «حزب الله» اللبناني وتصعيد الجماعة من هجماتها

محمد ناصر (تعز)

إلحاق منتسبي جامعة البيضاء اليمنية بمعسكرات للتعبئة القتالية

قيادي حوثي يلقي محاضرة تعبوية في إحدى قاعات جامعة البيضاء (فيسبوك)
قيادي حوثي يلقي محاضرة تعبوية في إحدى قاعات جامعة البيضاء (فيسبوك)
TT

إلحاق منتسبي جامعة البيضاء اليمنية بمعسكرات للتعبئة القتالية

قيادي حوثي يلقي محاضرة تعبوية في إحدى قاعات جامعة البيضاء (فيسبوك)
قيادي حوثي يلقي محاضرة تعبوية في إحدى قاعات جامعة البيضاء (فيسبوك)

ألحقت الجماعة الحوثية المئات من منتسبي جامعة يمنية بمعسكراتها التي تقيمها للتعبئة القتالية، ضمن حملات استقطاب وتجنيد واسعة تستهدف فئات الشباب والأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وكشفت مصادر أكاديمية في محافظة البيضاء (267 كلم جنوب شرقي صنعاء) لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية دفعت بنحو 1000 طالب وموظف وكادر تعليمي في 6 كليات وأقسام في جامعة البيضاء للمشاركة، دفعةً أولى، في دورات عسكرية مفتوحة في محيط مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، تحت مسمى دورات «طوفان الأقصى».

وأغلقت الجماعة، حسب المصادر، عدداً من الكليات والأقسام في الجامعة، وأوقفت العملية التعليمية فيها؛ لإخضاع منتسبيها للتعبئة، بمزاعم تأهيلهم لما تسميه «الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

وطبقاً للمصادر، فإن الجماعة تعتزم إلحاق دفعات جديدة تضُم طلاباً وأكاديميين وموظفين من الجامعة ذاتها، والذين يقدر عددهم بنحو 4 آلاف و200 فرد، لتلقي دورات ميدانية، في ظل اتهامات لها بالاستهداف الممنهج للجامعات اليمنية وتحويلها إلى مقرات للتعبئة والتحشيد إلى الجبهات.

جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

ويُشرِف على هذا الاستهداف قيادات حوثية أُوكلت إليهم إدارة المناطق الواقعة تحت سيطرتهم في المحافظة، يتصدرهم القيادي عبد الله إدريس، المعيّن من قبل الجماعة محافظاً للمحافظة، وبدر الدين العبال، المشرف العام عليها، وأحمد العرامي، المعين رئيساً للجامعة.

واشتكى طلاب وأكاديميون في الجامعة لـ«الشرق الأوسط»، من إجبار قيادات حوثية لهم، منذ عدة أيام، على الحضور القسري إلى أماكن مُخصصة بضواحي مدينة البيضاء؛ للمشاركة بدورات عسكرية وتلقي برامج تروج لأفكار الجماعة.

وبينت مصادر طلابية أخرى في الجامعة لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة الحوثية مستمرة منذ أيام في إرغام نحو 1000 طالب وأكاديمي وموظف في كليات وأقسام تعليمية عدة بجامعة البيضاء على المشاركة في التعبئة، وسبق ذلك منح منتسبي الكليات والأقسام المستهدفة إجازة مؤقتة، للبدء بتنفيذ الدورات التعبوية.

وتتزامن هذه التعبئة مع ما يعانيه الأكاديميون والعاملون في الجامعة، ومعهم مئات الآلاف من الموظفين اليمنيين في مختلف قطاعات الدولة اليمنية المختطفة بيد الجماعة، من أوضاع معيشية بائسة وحرمان من أبسط الحقوق، وفي مقدمها الراتب.

طلاب في جامعة البيضاء في فعالية أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة فيها (إعلام حوثي)

وقوبل الاستهداف الحوثي بموجة استنكار ورفض واسعة من قبل الطلاب والأكاديميين، حيث أشار عدد منهم إلى أن إجبار الجماعة لما تبقى من منتسبي الجامعات الحكومية، على الخضوع لتدريبات عسكرية وتلقي برامج تعبوية، يندرج في سياق المساعي الرامية لاستكمال مخطط «ملشنة» ما تبقى من الجامعات في عموم المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة.

ولم يستغرب معمر، وهو أكاديمي في جامعة حكومية في صنعاء، من سلوك الجماعة الحوثية تجاه منتسبي جامعة البيضاء وغيرها من الجامعات اليمنية الأخرى.

وأكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن التوجه الجديد يأتي في إطار توسيع الجماعة من استهدافها لمنتسبي الجامعات في مناطق سيطرتها؛ إذ تواصل حالياً إرغام آلاف الطلاب وأعضاء هيئات التدريس والموظفين في مختلف الجامعات اليمنية على المشاركة قسراً؛ إما بدورات قتالية، وإما في مسيرات تجوب شوارع المدن، وتردد الشعارات ذات المنحى الطائفي.

وتُتهم الجماعة الحوثية بممارسة أعمال فساد في الجامعات وتضييق على الطلاب والأكاديميين وحرمانهم من الحقوق، وإجبارهم على المشاركة في مسيرات ووقفات احتجاجية تخدم أجندتها، ومنع التعليم وتغيير مقررات دراسية.