تقديرات بتأزم الإغاثة في اليمن بعد الضربات الإسرائيلية

64 % من الأسر تعاني نقص الغذاء

حريق كبير وعمود من الدخان يظهر في مدينة الحديدة الساحلية باليمن بسبب الضربات الإسرائيلية (أ.ب)
حريق كبير وعمود من الدخان يظهر في مدينة الحديدة الساحلية باليمن بسبب الضربات الإسرائيلية (أ.ب)
TT

تقديرات بتأزم الإغاثة في اليمن بعد الضربات الإسرائيلية

حريق كبير وعمود من الدخان يظهر في مدينة الحديدة الساحلية باليمن بسبب الضربات الإسرائيلية (أ.ب)
حريق كبير وعمود من الدخان يظهر في مدينة الحديدة الساحلية باليمن بسبب الضربات الإسرائيلية (أ.ب)

فيما لا تزال نصف قدرة ميناء الحديدة اليمني معطلة نتيجة الضربات الإسرائيلية الأولى في 20 يوليو (تموز) الماضي قدرت مصادر محلية وإغاثية دولية أن الضربات الجديدة الأحد الماضي سوف تضاعف الخسائر التي تتعرض لها البنية التحتية وتفاقم المعاناة الإنسانية.

واستكملت الضربات الجديدة تدمير خزانات الوقود التي نجت من الضربات الأولى كما طالت أجزاء من ميناء الحديدة وميناء «رأس عيسى» النفطي ودمرت بالكامل محطتين لتوليد الكهرباء في المدينة الواقعة على ساحل البحر الأحمر والتي تعاني أصلاً من عجز في الطاقة والارتفاع الكبير في درجة الحرارة.

صورة تظهر الدمار جراء القصف الإسرائيلي لمحطة كهرباء في الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)

ووفق البيانات الأولية قتل أربعة من العاملين في محطتي الكهرباء المستهدفتين كما جرح 37 آخرون في هذه الغارات التي قوبلت باستنكار واسع من الأوساط اليمنية لأنها تستهدف البنى التحتية في البلاد ولم تكن رداً على إطلاق الحوثيين الصواريخ باتجاه إسرائيل طبقاً لما عبر عنه نشطاء وسياسيون يمنيون.

ووسط تأكيدات بأن الضربات الجديدة ستؤثر على واردات الغذاء والوقود خاصة بعد تدمير معظم خزاناته في الميناءين بينت الأمم المتحدة أن واردات القمح عبر ميناء الحديدة الذي تدخل منه معظم واردات البلاد تراجعت بنسبة 54 في المائة منذ الضربات الإسرائيلية الأولى وأن سفن القمح حولت وجهتها نحو ميناء الصليف المجاور.

من جهتها أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن 80 في المائة من المساعدات إلى اليمن تدخل عبر موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف، وأن غالبية السكان يعانون من الجوع، وقالت إنها وجدت أن الهجوم الإسرائيلي الأول على ميناء الحديدة في يوليو ربما يكون جريمة حرب بسبب الأهمية الإنسانية للميناء.

نقص الغذاء والوقود

الغارات الإسرائيلية الجديدة تزامنت مع تأكيد برنامج الأغذية العالمي ارتفاع نسبة الأسر التي تعاني من نقص في استهلاك الغذاء للشهر الرابع على التوالي، ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة في هذا البلد الذي يعاني من الحرب التي أشعلها الحوثيون منذ العام 2014.

وأكد البرنامج الأممي أن 64 في المائة من الأسر اليمنية أفادت بنقص استهلاك الغذاء وتضاعف الحرمان الشديد من الغذاء تقريباً، وذكر أن معدل نقص الغذاء في مناطق سيطرة الحوثيين ارتفع إلى 37 في المائة خلال الأشهر الـ12 الماضية، فيما أفادت 23 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الحكومة بأن لديها عضواً واحداً على الأقل من دون طعام ليوم كامل.

الضربات الإسرائيلية في ميناء الحديدة من شأنها مفاقمة الأوضاع الإنسانية (رويترز)

وفي مناطق سيطرة الحكومة اليمنية انخفضت قيمة الريال اليمني بنسبة 24 في المائة على أساس سنوي وخسر 68 في المائة من قيمته على مدى السنوات الخمس الماضية، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى انخفاض الاحتياطيات الأجنبية وتعليق صادرات النفط الخام، في حين بلغت أسعار الوقود مستويات قياسية مرتفعة في هذه المناطق؛ حيث ارتفع البنزين بنسبة 20 في المائة والديزل بنسبة 24 في المائة في أغسطس (آب) الماضي.

ووفق هذه البيانات ارتفعت تكلفة سلة الغذاء الدنيا بنسبة 23 في المائة على أساس سنوي، مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسية، وفي المقابل زادت واردات الوقود عبر موانئ البحر الأحمر بنسبة 11 في المائة، بينما شهدت الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحكومة انخفاضاً بنسبة 9 في المائة.

ولم تدخل -بحسب البرنامج الأممي- أي سفينة وقود إلى ميناء الحديدة منذ الغارات الإسرائيلية في يوليو الماضي، حيث تم تحويل جميع الشحنات إلى ميناء رأس عيسى النفطي.

وذكر برنامج الأغذية العالمي أنه أكمل دورتين من المساعدات الغذائية العامة في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية بالإضافة إلى دورتين متبقيتين من عام 2023 مستهدفاً 3.6 ملايين شخص لكل دورة.

إسرائيل استهدفت ميناء الحديدة اليمني الخاضع للحوثيين رداً على هجمات الجماعة الموالية لإيران (أ.ف.ب)

وقال البرنامج إنه بدأ توزيع الدورة الثالثة في سبتمبر (أيلول) في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث أثر توقف المساعدات الغذائية منذ ديسمبر (كانون الأول) 2023 بشكل خطير على الأمن الغذائي؛ وبين أنه من خلال توزيعات الاستجابة السريعة للطوارئ، وصل إلى ما يقرب من 1.4 مليون شخص.

وفي ظل مؤشر أسعار الغذاء العالمي لمنظمة الأغذية والزراعة فقد استقرت الأسعار مقارنة بالعام الماضي، لكن مؤشر أسعار الزيوت النباتية بلغ أعلى مستوى له منذ يناير (كانون الثاني) 2023، مما أثر على الأسواق المحلية بارتفاع الأسعار بنسبة 37 في المائة بمناطق سيطرة الحكومة اليمنية.


مقالات ذات صلة

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

العالم العربي صاروخ باليستي زعم الحوثيون أنهم أطلقوه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

ضمن تصعيد الجماعة الحوثية تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مناصرة «حزب الله» في لبنان، تبنت، الخميس، إطلاق عدد من الطائرات المسيرة باتجاه تل أبيب

علي ربيع (عدن)
العالم العربي عامل يعد نقوداً في محل للصرافة في صنعاء (إ.ب.أ)

منصة يمنية تكشف جانباً من خفايا الكيانات المالية للحوثيين

كشفت منصة يمنية متخصصة في تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال جانباً من أسرار الكيانات المالية للحوثيين مسلطة الضوء على تورط شركات صرافة وأخرى تجارية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون على متن عربة في صنعاء (إ.ب.أ)

عقوبات أميركية على فرد وكيانات تهرّب الأسلحة للحوثيين

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على فرد وكيانات متورطة في تهريب الأسلحة إلى الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، وفق ما أفاد به بيان للخارجية الأميركية.

علي ربيع (عدن) عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي صاروخ أطلقه الحوثيون من مكان غير معروف (إعلام حوثي)

مزاعم حوثية عن قصف تل أبيب بـ3 صواريخ

ادّعت الجماعة الحوثية إطلاق 3 صواريخ مجنحة باتجاه تل أبيب، دون تأكيد إسرائيلي بخصوص هذا الهجوم الذي جاء غداة تبنّي الجماعة قصف سفينتين في البحر الأحمر

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الهجمات الإسرائيلية ضد الحوثيين استهدفت منشآت الوقود والكهرباء في الحديدة (إعلام حوثي)

الحوثيون يتوجسون من اغتيالات إسرائيلية مقبلة

يتخوف قادة الجماعة الحوثية الموالية لإيران في اليمن من اغتيالات إسرائيلية مقبلة في صفوفهم بعد تصفية قادة «حزب الله» اللبناني وتصعيد الجماعة من هجماتها

محمد ناصر (تعز)

إلحاق منتسبي جامعة البيضاء اليمنية بمعسكرات للتعبئة القتالية

قيادي حوثي يلقي محاضرة تعبوية في إحدى قاعات جامعة البيضاء (فيسبوك)
قيادي حوثي يلقي محاضرة تعبوية في إحدى قاعات جامعة البيضاء (فيسبوك)
TT

إلحاق منتسبي جامعة البيضاء اليمنية بمعسكرات للتعبئة القتالية

قيادي حوثي يلقي محاضرة تعبوية في إحدى قاعات جامعة البيضاء (فيسبوك)
قيادي حوثي يلقي محاضرة تعبوية في إحدى قاعات جامعة البيضاء (فيسبوك)

ألحقت الجماعة الحوثية المئات من منتسبي جامعة يمنية بمعسكراتها التي تقيمها للتعبئة القتالية، ضمن حملات استقطاب وتجنيد واسعة تستهدف فئات الشباب والأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وكشفت مصادر أكاديمية في محافظة البيضاء (267 كلم جنوب شرقي صنعاء) لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية دفعت بنحو 1000 طالب وموظف وكادر تعليمي في 6 كليات وأقسام في جامعة البيضاء للمشاركة، دفعةً أولى، في دورات عسكرية مفتوحة في محيط مركز المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، تحت مسمى دورات «طوفان الأقصى».

وأغلقت الجماعة، حسب المصادر، عدداً من الكليات والأقسام في الجامعة، وأوقفت العملية التعليمية فيها؛ لإخضاع منتسبيها للتعبئة، بمزاعم تأهيلهم لما تسميه «الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

وطبقاً للمصادر، فإن الجماعة تعتزم إلحاق دفعات جديدة تضُم طلاباً وأكاديميين وموظفين من الجامعة ذاتها، والذين يقدر عددهم بنحو 4 آلاف و200 فرد، لتلقي دورات ميدانية، في ظل اتهامات لها بالاستهداف الممنهج للجامعات اليمنية وتحويلها إلى مقرات للتعبئة والتحشيد إلى الجبهات.

جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

ويُشرِف على هذا الاستهداف قيادات حوثية أُوكلت إليهم إدارة المناطق الواقعة تحت سيطرتهم في المحافظة، يتصدرهم القيادي عبد الله إدريس، المعيّن من قبل الجماعة محافظاً للمحافظة، وبدر الدين العبال، المشرف العام عليها، وأحمد العرامي، المعين رئيساً للجامعة.

واشتكى طلاب وأكاديميون في الجامعة لـ«الشرق الأوسط»، من إجبار قيادات حوثية لهم، منذ عدة أيام، على الحضور القسري إلى أماكن مُخصصة بضواحي مدينة البيضاء؛ للمشاركة بدورات عسكرية وتلقي برامج تروج لأفكار الجماعة.

وبينت مصادر طلابية أخرى في الجامعة لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة الحوثية مستمرة منذ أيام في إرغام نحو 1000 طالب وأكاديمي وموظف في كليات وأقسام تعليمية عدة بجامعة البيضاء على المشاركة في التعبئة، وسبق ذلك منح منتسبي الكليات والأقسام المستهدفة إجازة مؤقتة، للبدء بتنفيذ الدورات التعبوية.

وتتزامن هذه التعبئة مع ما يعانيه الأكاديميون والعاملون في الجامعة، ومعهم مئات الآلاف من الموظفين اليمنيين في مختلف قطاعات الدولة اليمنية المختطفة بيد الجماعة، من أوضاع معيشية بائسة وحرمان من أبسط الحقوق، وفي مقدمها الراتب.

طلاب في جامعة البيضاء في فعالية أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة فيها (إعلام حوثي)

وقوبل الاستهداف الحوثي بموجة استنكار ورفض واسعة من قبل الطلاب والأكاديميين، حيث أشار عدد منهم إلى أن إجبار الجماعة لما تبقى من منتسبي الجامعات الحكومية، على الخضوع لتدريبات عسكرية وتلقي برامج تعبوية، يندرج في سياق المساعي الرامية لاستكمال مخطط «ملشنة» ما تبقى من الجامعات في عموم المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة.

ولم يستغرب معمر، وهو أكاديمي في جامعة حكومية في صنعاء، من سلوك الجماعة الحوثية تجاه منتسبي جامعة البيضاء وغيرها من الجامعات اليمنية الأخرى.

وأكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن التوجه الجديد يأتي في إطار توسيع الجماعة من استهدافها لمنتسبي الجامعات في مناطق سيطرتها؛ إذ تواصل حالياً إرغام آلاف الطلاب وأعضاء هيئات التدريس والموظفين في مختلف الجامعات اليمنية على المشاركة قسراً؛ إما بدورات قتالية، وإما في مسيرات تجوب شوارع المدن، وتردد الشعارات ذات المنحى الطائفي.

وتُتهم الجماعة الحوثية بممارسة أعمال فساد في الجامعات وتضييق على الطلاب والأكاديميين وحرمانهم من الحقوق، وإجبارهم على المشاركة في مسيرات ووقفات احتجاجية تخدم أجندتها، ومنع التعليم وتغيير مقررات دراسية.