تقرير حكومي يوثق 2500 انتهاك حوثي في صنعاء خلال عامين

تنديد بحملات اعتقال الداعين للاحتفال بـ«ثورة 26 سبتمبر»

الحوثيون يمنعون أي احتفالات يقوم بها السكان باستثناء التي تخص مناسبات الجماعة (رويترز)
الحوثيون يمنعون أي احتفالات يقوم بها السكان باستثناء التي تخص مناسبات الجماعة (رويترز)
TT

تقرير حكومي يوثق 2500 انتهاك حوثي في صنعاء خلال عامين

الحوثيون يمنعون أي احتفالات يقوم بها السكان باستثناء التي تخص مناسبات الجماعة (رويترز)
الحوثيون يمنعون أي احتفالات يقوم بها السكان باستثناء التي تخص مناسبات الجماعة (رويترز)

وسط تنديد يمني واسع بالحملات الحوثية لاعتقال الداعين للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران، أفاد تقرير حقوقي حكومي بتوثيق 2500 انتهاك ارتكبتها الجماعة في العاصمة المختطفة صنعاء خلال عامين.

وكانت الجماعة بدأت منذ أسبوعين حملة اعتقالات ضد الداعين للاحتفال بذكرى الثورة اليمنية بدأت من محافظة إبّ وصولاً إلى صنعاء وذمار والبيضاء وعمران والحديدة، في ظل تقديرات باعتقال نحو 100 شخص على الأقل بينهم سياسيون وناشطون حزبيون وإعلاميون ونساء.

مسلحون حوثيون يحرسون تجمعاً في صنعاء (إ.ب.أ)

وأوضح التقرير الحقوقي الصادر عن مكتب حقوق الإنسان في العاصمة المختطفة صنعاء أنه وثّق 2500 انتهاك حوثي خلال عامي 2022 و2023، توزعت بين قتل وإصابات، واعتداءات بالتعذيب والاختطاف، ونهب الممتلكات العامة والخاصة، وتجنيد الأطفال، وانتهاكات ضد الطفولة والمرأة، والتهجير القسري والتطييف والتعسف الوظيفي، والاعتداء على المؤسسات القضائية.

ووثّق التقرير مقتل 38 مدنياً بينهم 20 حالة قتل تحت التعذيب، و18 حالة قتل بالرصاص المباشر، في حين بلغت الإصابات والاعتداء الجسدي 261 حالة إصابة، و284 حالة اختطاف وإخفاء قسري، و251 حالة تعذيب ومعاملة قاسية ومهينة.

وأشار التقرير إلى منع السكان من الاحتفال بالعيد الوطني لـ«ثورة 26 سبتمبر» في العام الماضي الذين خرجوا إلى الشوارع بشكل عفوي رافعين العلم اليمني، والاعتداء عليهم، واختطاف العشرات منهم.

ووصف ذلك الأمر بأنه «مثّل لحظة فارقة في حياة اليمنيين»، لإدراكهم أن هذا القمع ومنع الاحتفال بالثورة يأتي في إطار مشروع إعادة ما وصفه بـ«الحقبة المظلمة في حياة اليمنيين»، في إشارة إلى حكم أسلاف الحوثيين قبل الثورة في 1962.

مسلحون حوثيون يرددون «الصرخة الخمينية» خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

وأكد التقرير وجود حالة من الغضب المتصاعد في مدينة صنعاء ضد الحوثيين بسبب انتهاجهم سياسة التجويع والقهر والإفقار الممنهج للسكان، واستمرارهم في نهب مرتبات الموظفين وعسكرة الحياة والتضييق على حرية الرأي والتعبير والحريات العامة، واستهداف النظام الجمهوري.

ونقل الإعلام الرسمي عن مدير مكتب حقوق الإنسان في صنعاء فهمي الزبيري قوله: «إن استمرار الحوثيين في ارتكاب الانتهاكات والتفنن بها بحق اليمنيين، دليل على عجزهم عن تطييف المجتمع وإخضاع الشعب اليمني لمشروعهم، القائم على نظرية التمييز العنصري».

33 مختطفاً

مع تصاعد حملات القمع الحوثية أكدت «منظمة مساواة للحقوق والحريات» (منظمة محلية) أنها وثّقت اختطاف الحوثيين 33 مدنياً خلال الأيام الماضية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، على خلفية دعوتهم للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

وأدانت المنظمة في بيان حملات الاختطاف التي شملت صنعاء ومحافظات ذمار وإبّ وعمران مستهدفة السياسيين والصحافيين والناشطين الحقوقيين وكل من يدعو للاحتفال بذكرى الثورة اليمنية.

محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة الانقلابية في اليمن (إ.ب.أ)

وطالب البيان بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطفين، محمّلاً الجماعة الحوثية المسؤولية الكاملة عن سلامتهم، وقالت المنظمة إن هذه الأعمال «تؤكد الطبيعة الاستبدادية لهذه الجماعة التي تسعى بكل الوسائل والممارسات القمعية لثني الشعب اليمني عن الاحتفال بثورته وقمع أي مظاهر احتفالية بها».

ودعت المنظمة الأمين العام للأمم المتحدة والمبعوث الأممي الخاص إلى اليمن والمفوض السامي لحقوق الإنسان، وكافة المنظمات والهيئات الحقوقية، إلى ممارسة ضغط حقيقي ومؤثر على الحوثيين لوقف هذه الانتهاكات الصارخة وضمان احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير في اليمن.

قمع ممنهج

وصف «المركز الأميركي للعدالة»، وهو منظمة حقوقية تعمل من الولايات المتحدة، اعتقالات الحوثيين الأخيرة بأنها تأتي «ضمن سياق التضييق على حرية التعبير والصحافة؛ إذ تمارس الجماعة عمليات قمعية ممنهجة ضد أي أصوات معارضة».

وأكد المركز في بيان أن هذه الممارسات الحوثية تشكل انتهاكاً صارخاً للعديد من النصوص القانونية، وفي مقدمتها الدستور اليمني في «المادة 48» منه التي نصت على حماية الحق في الحرية والأمن الشخصي، والتي تمنع الاعتقال أو الحجز التعسفي إلا بأمر من السلطات المختصة وبعد إجراءات قانونية.

جانب من احتفالات الجماعة الحوثية بذكرى انقلابهم أواخر 2014 (أ.ف.ب)

وأشار المركز إلى أن الجماعة الحوثية تنتهك ما نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ إذ كفلت «المادة 19» من العهد حق كل شخص في حرية التعبير والرأي، كما تحظر «المادة 9» من نفس العهد الاعتقال التعسفي وتؤكد ضرورة احترام الإجراءات القانونية.

وأضاف أن ممارسات الحوثيين تعد أيضاً انتهاكاً لاتفاقيات جنيف، التي تضمن حماية المدنيين من التعرض للاعتقال أو المعاملة القاسية دون سبب قانوني.

وطالب «المركز الأميركي للعدالة» جماعة الحوثي بضرورة التوقف الفوري عن الممارسات غير القانونية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين بشكل فوري، داعياً إلى احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وشدد على أن هذه الانتهاكات «تستوجب مساءلة مرتكبيها أمام الجهات القضائية الجنائية».


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.