«26 سبتمبر»... مناسبة سنوية تربك الحوثيين

حملة الاعتقالات توسعت من إبّ إلى صنعاء

صورة للمباني التاريخية في صنعاء المدرجة على قائمة «اليونيسكو» (أ.ف.ب)
صورة للمباني التاريخية في صنعاء المدرجة على قائمة «اليونيسكو» (أ.ف.ب)
TT

«26 سبتمبر»... مناسبة سنوية تربك الحوثيين

صورة للمباني التاريخية في صنعاء المدرجة على قائمة «اليونيسكو» (أ.ف.ب)
صورة للمباني التاريخية في صنعاء المدرجة على قائمة «اليونيسكو» (أ.ف.ب)

تحولت الذكرى السنوية لثورة «26 سبتمبر» إلى مناسبة يعلن من خلالها اليمنيون عن رفضهم لحكم جماعة الحوثي التي تسيطر على أجزاء من شمال البلاد، وهي الثورة التي كانت أطاحت حكم أسلاف الجماعة في 1962، وقامت معها الجمهورية.

وقد استبقت الجماعة الحوثية انتفاضة شعبية جديدة متوقعة خلال الأسبوع الجاري وشنت حملة اعتقالات طالت العشرات من النشطاء في محافظة إبّ (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، كما شملت هذه الاعتقالات قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي» الذي أسسه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

مسلحون حوثيون في صنعاء يرددون «الصرخة الخمينية» (أ.ف.ب)

ووفق ما رواه سكان في مدينة إبّ وأريافها لـ«الشرق الأوسط»، فقد نشرت مخابرات الحوثيين الأطقم الأمنية المسلحة في الأحياء، ونشرت المخبرين والمخبرات مع تشديد الرقابة على المنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي.

ونفذت الجماعة في إبّ حملة اعتقالات شملت أكثر من 50 شاباً، وأخضعت هواتف وسيارات العابرين للتفتيش للبحث عن منشورات أو رسائل تدعو للاحتفال بذكرى الثورة التي يرى فيها اليمنيون أنها نقطة التحول التي قادت البلاد إلى الانفتاح على العصر وقيم الحداثة.

تشديد الرقابة

ذكرت المصادر أن الحوثيين نشروا قواتهم في أحياء مدينة إبّ، وبالذات في الحي القديم منها والذي أصبح أهم مراكز المناهضين لحكمهم، وقاموا بإيقاف المارة وتفتيش هواتفهم الشخصية، كما يوقفون السيارات لتفتيشها للتأكد من عدم وجود الأعلام الوطنية أو منشورات تدعو للاحتفال بالذكرى السنوية للثورة.

ووفق هذه المصادر، فقد اعتقل الحوثيون العشرات من النشطاء في المدينة، في مقدمتهم الناشط محمد الكثيري وأمجد مرعي من أبناء حي «أحوال رمضان»، ويحيى الجعشني من أبناء الحي القديم، وطالت الاعتقالات المعلم عبد العزيز الفضلي، والمحامي أكرم الطاهري من حي «جرافة»، وتم اقتيادهم إلى مكان مجهول، كما اعتقل مسلحو الجماعة الشاب يحيى القشب في منطقة «الدليل» بسبب الدعوة للاحتفال بذكرى ثورة «26 سبتمبر».

محمد الكثيري من أول المعتقلين لدى الحوثيين بسبب دعوته للاحتفال بذكرى الثورة (إعلام محلي)

وفي مديرية «السدة» شرق محافظة إبّ، أفاد السكان بأن مخابرات الحوثيين بقيادة مدير الأمن أبو أحمد الوشلي نفذت حملة مداهمات للمنازل، وقامت باختطاف 31 شخصاً من مركز المديرية وعدد من قراها بتهمة الكتابة عن ذكرى ثورة «26 سبتمبر» ونية الاحتفال بها.

ومن بين المختطفين - وفق المصادر - عدد من المعلمين في المديرية عُرف منهم أمين الأشول، وعبد الإله الياجوري، وأحمد المغني نائب مدير إدارة الامتحانات بالمديرية، وغالب شيزر وعبده الدويري.

اعتقالات في صنعاء

سبق حملة القمع الحوثية في إبّ، قيام مخابرات الجماعة في صنعاء باعتقال قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي»، وهم خالد الفقيه رئيس دائرة العلاقات العامة، وأمين راجح وأحمد العشاري وثابت النجار، والأستاذ الجامعي سعيد الغليسي، وهم أعضاء اللجنة الدائمة في الحزب (اللجنة المركزية)، كما اعتقلت الجماعة السياسي فهد أبو راس بتهمة الدعوة للاحتفال بذكرى ثورة «26 سبتمبر».

إلى ذلك، داهم المسلحون الحوثيون مسكن الكاتب محمد المياحي في صنعاء وصادروا كل الأجهزة الإلكترونية في منزله بما فيها الهاتف الشخصي لزوجته وأغلقوا عليها باب المسكن، وأخذوا الرجل إلى جهة غير معلومة بعد يومين من كتابته منشوراً انتقد فيه تحويل الحوثيين مناسبة ميلاد النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى مناسبة طائفية.

قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» في مرمى الاستهداف الحوثي (إعلام محلي)

ويؤكد سياسيون وناشطون يمنيون أن الحوثيين باتوا يخشون انتفاضة شعبية مماثلة لتلك التي وقعت العام الماضي حين تحدى الشبان والشابات قرار حظر الاحتفال بالثورة ونزلوا بالمئات إلى شوارع مدينتي صنعاء وإبّ، وحينها ردت الجماعة الحوثية على ذلك واعتقلت أكثر من 1500 من المحتفلين في المدينتين واتهمت المشاركين بالتورط في مؤامرة خارجية للإطاحة بحكمها في تلك المناطق.

ومنذ الانقلاب على الشرعية تحولت الذكرى السنوية لثورة «26 سبتمبر» إلى مناسبة يعبر من خلالها اليمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين عن رفضهم للانقلاب وحكم الجماعة ومطالباتهم بإسقاطه واستعادة النظام الجمهوري، ويتهمون هذه الجماعة بالعمل على طمس معالم هذه الثورة وحضورها في مناهج التعليم وفي مختلف وسائل الإعلام.

ويعتقد يمنيون أن جماعة الحوثي تعيش رعباً حقيقياً؛ لأنهم يعلمون أن غالبية كبيرة من اليمنيين ينبذون أفكار الجماعة وطريقتها في الحكم؛ ولذا قامت برفع العلم اليمني في «ميدان السبعين» الشهير في صنعاء، إلى جانب اللوحات التي تحمل شعار الثورة الخمينية بغرض امتصاص النقمة الشعبية، لكن الجماعة عادت ومنعت بيع العلم من محلات الخياطة، كما نفذت حملة ملاحقة للنشطاء الذين يدعون للاحتفال بهذه المناسبة.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.