اليمن يندد باعتقال الحوثيين موظفين «أمميين»

الإرياني: التراخي الدولي شجع الميليشيات على مزيد من الاختطافات

الحوثيون شددوا قبضتهم على عمل المنظمات الإغاثية لخدمة أجندتهم (د.ب.أ)
الحوثيون شددوا قبضتهم على عمل المنظمات الإغاثية لخدمة أجندتهم (د.ب.أ)
TT

اليمن يندد باعتقال الحوثيين موظفين «أمميين»

الحوثيون شددوا قبضتهم على عمل المنظمات الإغاثية لخدمة أجندتهم (د.ب.أ)
الحوثيون شددوا قبضتهم على عمل المنظمات الإغاثية لخدمة أجندتهم (د.ب.أ)

نددت الحكومة اليمنية باعتقالات حوثية جديدة طاولت اثنين من العاملين المحليين في المنظمات الإغاثية، استكمالاً لحملة واسعة تستهدف موظفي الوكالات الأممية والمنظمات الدولية والمحلية، كان أوسعها في يونيو (حزيران) الماضي إذ شملت نحو 50 شخصاً.

واتهم معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، المجتمع الدولي بـ«التراخي» مع سلوك الحوثيين القمعي، وقال إن استمرار اختطاف موظفي المنظمات الأممية والدولية من قبل الحوثيين «نتيجة طبيعية لهذا التراخي».

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وأوضح الوزير اليمني أن الجماعة الحوثية اختطفت موظفاً في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة يدعى عبد الله البيضاني، كما اختطفت في محافظة صعدة موظفاً آخر يعمل في منظمة «أوكسفام».

وأشار إلى أن الهدف من هذه الاعتقالات هو «التضييق على المنظمات الدولية والضغط عليها لتسخير أنشطتها لخدمة أهداف الجماعة»، ووصف الأمر بأنه «نتيجة طبيعية لموقف المجتمع الدولي المتراخي» تجاه حملات الاعتقال لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

وقال الإرياني «إن واقعتي الاختطاف الجديدتين جاءتا بعد أيام من الإحاطة التي قدمها هانس غروندبرغ المبعوث الخاص لليمن أمام مجلس الأمن، والتي أشار فيها إلى مرور أكثر من 100 يوم منذ بدأت الجماعة الحوثية حملة اعتقالات استهدفت اليمنيين المنخرطين في تقديم المساعدات الإنسانية، والتنمية، وحقوق الإنسان، وبناء السلام، والتعليم».

وكان المبعوث الأممي جدد في إحاطته أمام مجلس الأمن دعوات الأمين العام والمفوض السامي لحقوق الإنسان ومطالبتهما الحوثيين بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الموظفين الإنسانيين المعتقلين.

تهاون دولي

و‏أعاد وزير الإعلام اليمني التذكير بأن الجماعة الحوثية كانت شنت منذ مطلع يونيو المنصرم موجة اختطافات شملت أكثر من 50 من موظفي الأمم المتحدة والوكالات الأممية التابعة لها، ومكتب المبعوث الأممي، وعدد من المنظمات الدولية والمحلية، والعاملين في العاصمة المختطفة صنعاء، بينهم ثلاث نساء، وقامت إخفائهم قسرياً في ظروف غامضة، ودون أن توجه لهم أي تهم، أو السماح لهم بمقابلة أسرهم.

متظاهرون حوثيون أمام مكتب الأمم المتحدة في صنعاء (إعلام محلي)

ورأى الإرياني أن الجماعة الحوثية وجدت في «المواقف الدولية المترددة»، ضوءاً أخضر لتصعيد إجراءاتها القمعية تجاه المنظمات الدولية والإنسانية العاملة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، والموظفين المحليين العاملين فيها، دون أي اكتراث بالآثار الكارثية لتلك الممارسات على الأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

واتهم الوزير اليمني المجتمع الدولي بالتراخي في التعامل مع الحوثيين طيلة السنوات الماضية وغض الطرف عن ممارساتهم التي وصفها بـ«الإجرامية».

وقال إن ذلك «ساهم في الوصول لهذه المرحلة الخطيرة التي تقتحم فيها الميليشيا مقار المنظمات الدولية، وتقتاد موظفيها، وتوجه لهم تهماً بالجاسوسية، وتتخذهم على طريقة الجماعات الإرهابية أدوات للدعاية والضغط والابتزاز والمساومة».

نقل المقرات

وجدد الإرياني دعوة الحكومة اليمنية لبعثة الأمم المتحدة، وكافة الوكالات الأممية، والمنظمات الدولية العاملة في اليمن، وبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة «أونمها»، لنقل مقراتها الرئيسية فوراً إلى العاصمة المؤقتة عدن، والمناطق المحررة، لضمان المناخ الملائم لأداء مهامها الإنسانية بأمان وبشكل أكثر فاعلية لخدمة المحتاجين، وحفاظاً على أرواح العاملين فيها.

سلوك الحوثيين القمعي أدى إلى تعقيد العمليات الإنسانية في مناطق سيطرتهم (الأمم المتحدة)

وطالب الوزير اليمني بموقف دولي حازم واتخاذ إجراءات قوية ورادعة تتناسب مع الجرائم التي يرتكبها الحوثيون، والتي قال إنها «تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».

كما شدد على ممارسة ضغوط حقيقية على الجماعة الحوثية لإطلاق كافة المحتجزين قسراً في معتقلاتها من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية، والشروع الفوري في تصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وأكد الإرياني على أنه بات من الملح تكثيف الضغط الدولي عبر الأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، لفرض عقوبات إضافية على قادة الجماعة الحوثية، وتصعيد القضية في وسائل الإعلام الدولية لكشف حجم الانتهاكات الحوثية وزيادة الوعي العالمي بمخاطر الجماعة، وتحريك المسار القانوني عبر رفع دعوات قضائية في مختلف المحاكم الدولية لمحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم، وضمان حقوق المختطفين وسلامتهم.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة تنفي عرض الاعتراف بحكومة الحوثيين مقابل وقف الهجمات

المشرق العربي حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر قصف إسرائيلي سابق استهدف مستودعات الوقود (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تنفي عرض الاعتراف بحكومة الحوثيين مقابل وقف الهجمات

مسؤولون أميركيون تصريحات القيادي الحوثي محمد البخيتي بشأن عرض واشنطن الاعتراف بحكومة الحوثيين في صنعاء مقابل وقف الهجمات الحوثية، بأنها بعيدة عن الحقيقة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي سفينة حربية تشارك في عملية «حارس الازدهار» بالبحر الأحمر (رويترز)

«أسبيدس» تعلن نجاح سحب «سونيون» إلى منطقة آمنة

قالت مصادر يمنية وغربية لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية قامت بعملية التنسيق مع كل الأطراف قبيل قطر السفينة «سونيون» التي استهدفها الحوثيون.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الحكومة اليمنية شرعت في تنفيذ إصلاحات مالية وإدارية ومكافحة الفساد (إعلام حكومي)

الحكومة اليمنية تمهل المزدوجين وظيفياً 30 يوماً للاستقالة

أمهلت الحكومة اليمنية المزدوجين وظيفياً مهلة شهر لتقديم استقالتهم من إحدى الوظيفتين قبل اتخاذ أي إجراءات عقابية، في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة للإصلاحات.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي حطام زعم الحوثيون أنه لطائرة أميركية من دون طيار أسقطوها في صعدة حيث معقلهم الرئيسي (إ.ب.أ)

الحوثيون يتبنون إسقاط عاشر «درون» أميركية خلال 10 أشهر

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الاثنين، إسقاط طائرة أميركية من دون طيار، وادعت أنها الطائرة العاشرة التي يجري إسقاطها من النوع نفسه خلال 10 أشهر.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون أجبروا موظفي هيئة الأدوية على المشاركة في دورات عسكرية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يخضعون موظفي هيئة الأدوية بصنعاء لدورات قتالية

أخضعت الجماعة الحوثية منتسبي الهيئة العليا للأدوية في العاصمة المختطفة صنعاء للتعبئة، حيث أجبرت أكاديميين وأطباء وموظفين على الالتحاق بدورات عسكرية مكثفة

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مصادر يمنية: ميناء الحديدة لا يتحمل أي ضربات إسرائيلية جديدة

رافعة في ميناء الحديدة تضررت من القصف الإسرائيلي (رويترز)
رافعة في ميناء الحديدة تضررت من القصف الإسرائيلي (رويترز)
TT

مصادر يمنية: ميناء الحديدة لا يتحمل أي ضربات إسرائيلية جديدة

رافعة في ميناء الحديدة تضررت من القصف الإسرائيلي (رويترز)
رافعة في ميناء الحديدة تضررت من القصف الإسرائيلي (رويترز)

تتعاظم المخاوف في الأوساط اليمنية من رد إسرائيلي بالغ القسوة، بعد الهجوم بصاروخ تبنّاه الحوثيون على تل أبيب، الأحد، إذ تُوحي التهديدات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن الرد، هذه المرة، سيكون أشدَّ من ضربات يوليو (تموز) الماضي، والتي أدت إلى تدمير خزانات النفط، ومنشآت في ميناء الحديدة، وهو ما دفع مصادر يمنية إلى التحذير بأن الميناء لا يحتمل ضربة أخرى.
وفي حين لا يزال أكثر من نصف مليون يمني، معظمهم في غرب البلاد، يعانون آثار الفيضانات التي جرفت المزارع والمساكن والطرقات، يخشى منصور عارف وهو موظف يمني في مناطق سيطرة الحوثيين، من أن يكون الرد الإسرائيلي، هذه المرة، أشد قسوة، ويعتقد أنه سيطول مناطق أبعد من الحديدة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، ويجزم بأن الملايين يدفعون ثمن معركة لا تعنيهم.

صاروخ أطلقه الحوثيون من مكان غير معروف (إعلام حوثي)

وكانت الغارات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة قد أدت إلى مقتل ستة أشخاص، وإصابة 80 آخرين، وتدمير العشرات من خزانات وقود النفط والغاز، في حين يعتقد السكان أن الرد، هذه المرة واستناداً إلى تهديدات نتنياهو، سيكون مختلفاً، وربما يطول مواقع أو مراكز قيادية للحوثيين في مناطق مختلفة من البلاد.

ويؤكد عبد الرحمن، وهو عامل في ميناء الحديدة، أن أية ضربة جديدة للميناء ستؤدي إلى إخراجه عن الخدمة؛ لأنه يعمل حالياً بإمكانات بسيطة.

وتقول منظمات إغاثية إن أي هجوم على الميناء سيشكل كارثة على السكان في مناطق سيطرة الحوثيين؛ إذ تدخل عبره 70 في المائة من احتياجات السكان في مناطق سيطرة الجماعة من المواد الغذائية والوقود.

خدمة لإيران

يجزم الموظف الحكومي عامر سعيد بأن الحوثيين يقدمون اليمن «ثمناً للرغبة الإيرانية» في استهداف تل أبيب، حيث تجنبت طهران الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في أراضيها، وتسعى لإبرام صفقة سياسية مع الغرب، في حين تدفع أدواتها في المنطقة لتنفيذ مثل هذه الهجمات، وهي خطوة ستدفع البلدانُ والشعوب العربية أثماناً باهظة بسببها لخدمة المشروع الإيراني في المنطقة.

ويتوقع سعيد أن يكون الرد الإسرائيلي عنيفاً، ويترك آثاراً كبيرة في الجوانب الاقتصادية والسياسية، خلافاً للرد السابق الذي اقتصر على تدمير مخازن الوقود وبعض آليات ميناء الحديدة.

حريق ضخم على أثر ضربات إسرائيلية استهدفت مخازن الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)

ومع أن الحوثيين يسعون، من خلال هذه العملية، إلى التغطية على الوضع المُزري الذي يعيشه السكان في مناطق سيطرتهم جراء الفقر وتوقف المساعدات، إلا أن المخاوف من الرد الإسرائيلي، والنتائج التي ستترتب عليه، من شأنها أن تعرقل الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى إحلال السلام باليمن، وفق ما أفاد به مصدر حكومي يمني.

ويرى المصدر أن الهجوم الإسرائيلي المتوقع، والذي لا يعرف مداه ولا أهدافه، قد يضاعف الأزمة الإنسانية التي يواجهها أغلبية سكان اليمن المحتاجين إلى المساعدة.

وكان برنامج الأغذية العالمي الذي أوقف توزيع المساعدات على المحتاجين في مناطق سيطرة الحوثيين، قبل نحو 11 شهراً، قد استأنف توزيع هذه المساعدات أخيراً، لكن التطورات الأخيرة ربما تُعقّد هذه الجهود.

ويزيد من هذه التعقيدات أن هناك توجهاً دولياً لوقف تمويل المساعدات التي تُوجَّه إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، رداً على اعتقالهم العشرات من العاملين لدى مكاتب الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية دولية ومحلية منذ نحو ثلاثة أشهر، وتجاهل الجماعة الدعوات الدولية المتكررة لإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط.

إعادة النظر

جدَّدت الحكومة اليمنية، المعترَف بها دولياً، مطالبة المجتمع الدولي بإعادة النظر في طريقة التعامل المتبَعة مع تهديدات الحوثيين لممرات الشحن التجاري الدولي، وخصوصاً في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

وقال سفير اليمن لدى النمسا، هيثم شجاع الدين، في كلمة بلاده أمام اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن من بين الخيارات، التي يمكن اتباعها في التعامل مع هجمات الحوثيين مواصلة دعم المجتمع الدولي للمجلس الرئاسي والحكومة المعترَف بها، من أجل تمكينها من القيام بمهامّ حماية الملاحة الدولية في المنطقة.

سفينة تجارية بميناء الحديدة حيث لم تتأثر الحركة فيه بالقصف الإسرائيلي (رويترز)

وأعاد المسؤول اليمني تأكيد أن الهجمات البحرية للحوثيين تسببت بتفاقم حِدة الأزمة الإنسانية في اليمن، وضاعفت الأعباء الاقتصادية عليها وعلى كثير من دول العالم، من خلال الزيادة الملحوظة والكبيرة في تكاليف الشحن والتأمين.

وإذ جدَّد المسؤول اليمني رفض حكومة بلاده الكامل والمطلق للهجمات التي تنفذها جماعة الحوثي «بدعم كامل من إيران»، أكد أنها تشكل تهديداً خطيراً للملاحة الدولية والسلم والأمن الدوليين.