«هدنة غزة»: المفاوضات «تتعقد» وسط اتهامات متبادلة بعرقلة الاتفاق

مصر تشدد على ضرورة وقف «إطلاق النار»

صبي فلسطيني ينظر إلى آثار غارات إسرائيلية على مخيم يؤوي النازحين في منطقة المواصي بخان يونس (رويترز)
صبي فلسطيني ينظر إلى آثار غارات إسرائيلية على مخيم يؤوي النازحين في منطقة المواصي بخان يونس (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: المفاوضات «تتعقد» وسط اتهامات متبادلة بعرقلة الاتفاق

صبي فلسطيني ينظر إلى آثار غارات إسرائيلية على مخيم يؤوي النازحين في منطقة المواصي بخان يونس (رويترز)
صبي فلسطيني ينظر إلى آثار غارات إسرائيلية على مخيم يؤوي النازحين في منطقة المواصي بخان يونس (رويترز)

حالة تشاؤم تسيطر على مصير مسار مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، مع تبادل واشنطن و«حماس» الاتهامات بشأن عرقلة التوصل لاتفاق، مقابل تمسك أطراف بالمنطقة -لا سيما الوسيط المصري- بضرورة وقف إطلاق النار بالقطاع، وتفادي أي تصعيد بالمنطقة.

تبادل الاتهامات بين واشنطن و«حماس» -يؤشر حسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»- إلى أن المفاوضات «تتعقد»، وأنها خرجت من ساحة النقاشات إلى محاولات لتحميل أطراف المسؤولية أي تعثر محتمل، مشددين على أن نداءات التهدئة مهمة، وتدعم جهود الوسطاء لتفادي أي فشل يطرأ ويقود المنطقة لخطر، غير أنها بحاجة لضغط المجتمع الدولي على رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو؛ لخروج الاتفاق للنور.

ورفض القيادي في «حماس»، عزت الرشق، في تصريحات، الثلاثاء، اتهام منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، للحركة، بأنها غيّرت بعض شروطها، أو أنها العقبة أمام التوصل لاتفاق، مؤكداً أن ذلك «لا أساس له من الصحة، وتماهٍ أميركي فاضح مع الموقف الإسرائيلي».

وبرأي الرشق، فإن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن «العاجزة» عن الضغط على نتنياهو، تعد إلقاء اللوم على «حماس» أقل تكلفة، في ظل الانتخابات الأميركية (في نوفمبر «تشرين الثاني» المقبل)، مؤكداً أن «العالم يعرف أن نتنياهو هو من أضاف شروطاً ومطالب جديدة، وليست (حماس)».

وكان كيربي قد أكد في مؤتمر صحافي الاثنين، أن «(حماس) العقبة الرئيسية أمام التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة»، مضيفاً أن «واشنطن ستواصل المحادثات، وبذل كل الجهود للإفراج عن المحتجزين».

وبالتزامن، نقل موقع «واللا» الإسرائيلي الثلاثاء، عن مسؤول أميركي قوله: «هذا وقت صعب، ويشعر الناس في البيت الأبيض بالحزن والانزعاج والإحباط، وما زلنا نعمل؛ لكن لا يبدو أننا سنقدم أي شيء في الوقت القريب، نحن في مرحلة معقدة»، لافتاً إلى أن إدارة بايدن «تعيد تقييم استراتيجيته تجاه المفاوضات في ظل اتساع الفجوة بين (حماس) وإسرائيل».

ووسط ذلك التعقيد الذي تشير له واشنطن، جدد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في تصريحات الثلاثاء «دعم» اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مؤكداً أن «(حماس) بوصفها تشكيلاً عسكرياً لم تعد موجودة في غزة»، وعدم الوجود لطالما كان شرطاً لنتنياهو المتمسك باستمرار الحرب والقضاء على الحركة، والبقاء في محور فيلادلفيا الذي احتلته قواته في مايو (أيار) الماضي، رغم الرفض المصري.

ووسط التباين بين المسؤولين الإسرائيليين، قالت القناة «12» الإسرائيلية إن «قلقاً في إسرائيل من توقف مصر وقطر عن ممارسة ضغوط على (حماس)»، متحدثة عن أن «القاهرة والدوحة تدرسان إصدار إعلان يحمِّل إسرائيل مسؤولية فشل المفاوضات».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، يرى أن «هناك جهوداً تبذل لتقريب وجهات النظر من الوسطاء، وحسبما هو متداول تم الاتفاق على 90 في المائة من خريطة طريق بايدن التي طرحها نهاية مايو، ويتبقى 10 في المائة منها».

ويستدرك: «لكن في ضوء التقديرات المتشائمة ليس هناك إرادة سياسية؛ سواء من (حماس) أو إسرائيل للتوصل لاتفاق، ولا مؤشر لعقد صفقة»، مستبعداً أن يخرج الوسطاء لتحميل طرف من طرفي الحرب مسؤولية فشل الجهود، باعتبار أن عملهم في ظروف تلك الحرب قائم على مسألة الوساطة واستمرارية الجهود.

أحد أقارب رضيع فلسطيني قُتل في غارة إسرائيلية مع أفراد آخرين من العائلة في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، والقيادي بحركة «فتح»، الدكتور جهاد الحرازين، أن «نتنياهو هو المسؤول عن تفجير مفاوضات غزة وتعقيدها حالياً» وكلما نصل لحل يضع عقبات وتعقيدات، سواء في فيلادلفيا أو غيرها.

وبرأيه، فإنه لا أثر لتصريحات واشنطن عن استمرار جهود الوساطة، في ظل عدم ضغط حقيقي منها وسط انشغال البيت الأبيض بالانتخابات الأميركية المقررة في نوفمبر المقبل، وعدم تأثير الضغوط الداخلية على نتنياهو، مؤكداً أن «(حماس) بالمقابل تعود لتتمسك بتوافقات قديمة، وكل طرف يناور على الآخر».

ولا يزال الوسيط المصري يتمسك بوقف الحرب في غزة. وقال وزير خارجية مصر، الدكتور بدر عبد العاطي، الثلاثاء: «إن هناك اتفاقاً مصرياً أوروبياً على ضرورة وقف إطلاق النار والتوصل لصفقة تبادل، وتوافقاً على ضرورة وقف التصعيد في المنطقة، من خلال إنهاء الحرب في غزة، وخطوات إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة». وذلك في مؤتمر صحافي، مع جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي، وفق إعلام مصري.

ومن المرجح أن تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع المقبل، على مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بإنهاء «وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة» خلال 6 أشهر، وطلبت المجموعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وحركة عدم الانحياز، الاثنين، من الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 عضواً، التصويت يوم 18 الشهر الحالي.

وأمام نداءات التهدئة، شنت إسرائيل «أعنف هجمات» ضد مواقع إيرانية في سوريا، ليل الأحد- الاثنين، عقب تهديدات إيرانية أطلقها قائد «الحرس الثوري» الإيراني، اللواء حسين سلامي، بالرد على إسرائيل انتقاماً لمقتل رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» السابق، إسماعيل هنية، في إيران، في يوليو (تموز) السابق، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا».

وبرأي السفير هريدي، فإن مطالب التهدئة بالمنطقة مهمة، ويجب أخذها في الاعتبار، مؤكداً أن «أحاديث طهران مجرد مناورات كلامية، وردها له سقف وحسابات، ولن يؤثر على وقف العدوان على غزة». ولهذا تتلاشى الضغوط تدريجياً على إسرائيل، وفق المحلل الحرازين الذي توقع «عدم حدوث صفقة في المدى القريب، انتظاراً لنتائج الانتخابات الأميركية».


مقالات ذات صلة

غزة: نفاد الأكسجين والمياه من مستشفى كمال عدوان

المشرق العربي دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

غزة: نفاد الأكسجين والمياه من مستشفى كمال عدوان

قالت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الجمعة)، إن مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع صار دون أكسجين أو ماء؛ نتيجة القصف الذي شنّته إسرائيل في الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

جرائم غزة تكرّس نتنياهو «مطلوباً دولياً»

في سابقة تاريخية، كرست مذكرة اعتقال أصدرتها «المحكمة الجنائية الدولية»، أمس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «مطلوباً دولياً» جراء اتهامه مع آخرين

«الشرق الأوسط» (عواصم)
المشرق العربي هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)

إسرائيل تستقبل هوكستين بغارات على ضاحية بيروت

استقبلت إسرائيل، المبعوث الأميركي آموس هوكستين، بغارات مكثفة على الضاحية الجنوبية لبيروت ومدينة صور في الجنوب، بعد ساعات على وصوله إلى تل أبيب قادماً من بيروت،

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي كتائب «حزب الله» العراقية رهنت مصير «وحدة الساحات» بما يقرره «حزب الله» اللبناني (إكس)

العراق يحمّل أميركا مسؤولية أي هجمات إسرائيلية عليه

أفادت الحكومة العراقية بأن الولايات المتحدة، تتحمّل، وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية، مسؤولية «الردع والرد على أي هجمات خارجية تمس الأمن

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في معارك بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل أحد جنوده في معارك في شمال قطاع غزة. وأضاف أن الجندي القتيل يدعى رون إبشتاين (19 عاماً) وكان ينتمي إلى لواء غيفعاتي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.