مصر لمشاركة أوسع في «إعمار العراق» بمشروعات بنية تحتية

كامل الوزير أكد حرص بلاده على التعاون مع حكومة بغداد

كامل الوزير خلال تفقده عدداً من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق (النقل المصرية)
كامل الوزير خلال تفقده عدداً من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق (النقل المصرية)
TT

مصر لمشاركة أوسع في «إعمار العراق» بمشروعات بنية تحتية

كامل الوزير خلال تفقده عدداً من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق (النقل المصرية)
كامل الوزير خلال تفقده عدداً من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق (النقل المصرية)

تسعى مصر إلى تعزيز مشاركتها في إعادة إعمار العراق، عبر تدشين مشروعات ضخمة في مجالات البنية التحتية التي تشمل مشاريع سكنية وطرقاً وكباري ومحطات تحلية مياه وكهرباء.

ويزور وفد حكومي مصري رفيع، برئاسة نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل المصري كامل الوزير، بغداد.

ويضم الوفد رؤساء 13 شركة مصرية متخصصة في مجال البنية التحتية، والطرق والكباري، والسكك الحديدية، والموانئ والإسكان؛ لبحث «المشاركة في تنفيذ مشروعات البنية التحتية والطرق والكباري والمدن السكنية ومحطات تحلية المياه ومحطات الكهرباء وغيرها»، حسب إفادة لوزارة النقل المصرية.

جولة كامل الوزير للمشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق (النقل المصرية)

وخلال لقاءاته مع وزراء النقل والإعمار والإسكان والأشغال العامة العراقيين، الاثنين، قال كامل الوزير إن «بلاده لديها حرص للتعاون والمشاركة في مخططات التنمية بالعراق»، مشيراً إلى أن مصر «تمتلك خبرات في جميع القطاعات التنموية مثل الطرق والأنفاق والسكك الحديدية والموانئ، ونفذت مشروعات كبرى في عدد من الدول العربية والأفريقية».

وتعمل شركات مصرية في السوق العراقية بمجالات مختلفة، في ضوء اتفاقيات تعاون تم توقيعها بين البلدين خلال الأعوام الماضية.

وفي نهاية أغسطس (آب) الماضي، ناقش الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في القاهرة، «زيادة الاستثمارات المتبادلة، والتعاون في مجالات البنية التحتية والتنمية العمرانية، والسياحة، والطاقة، والنقل والصناعة؛ بهدف الاستغلال الأمثل لموارد البلدين لما يحقق صالح شعبي البلدين».

وضمن جولته تفقد وزير النقل المصري، ووزير الإعمار والإسكان العراقي، بنكين ريكاني، عدداً من مشروعات الكباري والأنفاق التي تنفذها الشركات المصرية بالعاصمة بغداد، وقال ريكاني إن «عدداً من الشركات المصرية أثبت نجاحات كبيرة وبجودة عالية في أزمنة قياسية في تنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية في بلاده».

وسبق أن وقع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في زيارته للقاهرة في يونيو (حزيران) 2023، اتفاقيات تعاون شملت مجالات «التدريب الدبلوماسي وتبادل الخبرات، والسياحة والثقافة، وتعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وتطوير الإدارة الحكومية، والشباب والرياضة والإسكان، وإعادة الإعمار، وتعزيز العمل والشؤون الاجتماعية».

جانب من المحادثات المصرية - العراقية في بغداد (النقل المصرية)

ويرى الخبير الاقتصادي المصري، مدحت نافع، أن «مشاركة القطاع الخاص المصري في مشروعات التنمية بالعراق، تحقق منفعة اقتصادية مشتركة للبلدين»، واصفاً السوق العراقية بأنها «ساحة جاذبة للاستثمار».

وعَدّد نافع لـ«الشرق الأوسط» بعض المجالات التي تحتاج إلى طفرة تنموية هناك، مثل الطرق والكباري والتصنيع، مؤكداً أنها «أهملت في السنوات الأخيرة، بسبب الأوضاع في العراق»، وقال إن «الطفرة التنموية التي تستهدفها الحكومة العراقية، تسمح بدخول الشركات والخبرات المصرية في تلك المجالات للاستثمار فيها».

وتقدر الاستثمارات المصرية في العراق، بنحو 200 مليون دولار، في مقابل 500 مليون دولار استثمارات عراقية في مصر، حسب وزارة التجارة والصناعة المصرية.

وحول العوائد المصرية من المشاركة في مشروعات التنموية بالعراق، قال الخبير المصري إنها «تفتح مجالات لفرص عمل شركات وخبرات مصرية في مجالات مختلفة»، بالإضافة إلى «زيادة عوائد النقد الأجنبي في مصر، من تحويلات الشركات والأفراد العاملين»، فضلاً عن «التعاون في مجال الطاقة وإنتاج الغاز، في ضوء احتياطيات الطاقة التي يمتلكها العراق».

ويرى المحلل السياسي العراقي، عبد الكريم الوزان، أن «المساهمة المصرية في المشروعات الاقتصادية التنموية في العراق، تعود لخبراتها الطويلة في العمل في السوق العراقية»، مشيراً إلى أن «العمالة المصرية لها تاريخ طويل من العمل هناك»، مؤكداً أن الخبرات المصرية «لها أولوية؛ وذلك لسابق معرفتها بطبيعة العمل في السوق العراقية».

ويربط الوزان بين الحرص المصري على المشاركة وتطورات المنطقة، وقال إن «مشاركة الشركات المصرية، لها بعد سياسي وإقليمي، وليس اقتصادياً فقط، بهدف تعزيز التعاون العربي في ضوء ما تشهده المنطقة من توترات».

وتطرقت مباحثات وزير النقل المصري، مع المسؤولين العراقيين، لنتائج أعمال «شركة الجسر العربي للملاحة المملوكة لمصر والعراق والأردن، خلال النصف الأول من العام الحالي»، كما تم التأكيد على زيادة عدد «البواخر» المملوكة للشركة لزيادة عوائدها المالية، وقدرتها على العمل في أسواق خارجية.



انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
TT

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)

أعادت وكالة أممية حديثها عن تسرب ملايين الأطفال من التعليم، وتدمير آلاف المدارس في اليمن، بينما تتعسف الجماعة الحوثية مع موظفي قطاع التعليم، وحرمتهم من صرف نصف راتب شهري تعهدت به سابقاً، بالتزامن مع إجبار طلاب المدارس على المشاركة في دورات قتالية، وسط اتهامات داخلية للجماعة بالتآمر على قطاع التعليم.

ورفض نادي المعلمين اليمنيين ما سماه «سياسة التجويع» التي اتهم الجماعة الحوثية بممارستها ضد التربويين، مطالباً بعدم الانخداع بـ«أنصاف الحلول وفتاتها»، مع دعوته إلى صرف رواتب المعلمين كاملة، ومعها كامل المستحقات الأخرى، وذلك إثر استثناء الجماعة الحوثية قطاع التعليم من نصف الراتب الشهري الذي تعهدت به للموظفين العموميين.

ودعا الكيان النقابي المعلمين والأكاديميين والموظفين العموميين وعموم قطاعات المجتمع إلى الثورة في مواجهة ممارسات الجماعة الحوثية ورفض «حياة العبودية».

من داخل مدرسة في تعز تعمل «اليونيسيف» على إعادة إلحاق الطالبات المتسربات للدراسة فيها (الأمم المتحدة)

وعدّ النادي المطالبة بالراتب الكامل حقّاً أصيلاً، وليس ترفاً، مشدداً على أن كرامة المعلم لا ينبغي أن تكون رهينة لسياسات عمياء تُغلق الأبواب في وجه العدالة، في حين أعلنت مكاتب التربية الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية رفضها القاطع لاستثناء الإداريين في مكاتب التربية من صرف نصف الراتب الشهري.

وتعرضت الإجراءات الحوثية بشأن صرف رواتب الموظفين العموميين، التي أعلنت عنها منذ أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي لانتقادات حادة، كونها تعتمد على التمييز وتصنيف الموظفين إلى فئات، ما يؤدي إلى اختلالات عميقة، وتمييز حاد بين هذه الفئات.

وحذّر الناشط الحوثي طه الرزامي من تقسيم الموظفين إلى فئات (أ) و(ب) و(ج)، لصرف الرواتب لهم بحسب هذا التصنيف الذي قال إنه «سيولد الحقد والكراهية بين من يعملون من الفئة (ج) ولا تُصرف لهم أنصاف رواتب إلا كل ثلاثة أشهر، وبين من يستلمون رواتب شهرية كاملة من الفئة (أ) دون أن يعملوا».

ووصف إسقاط أسماء عشرات الآلاف من الموظفين القدامى ذوي الخبرة والكفاءة من قوائم صرف الرواتب بالجريمة التي ترتكب بحقهم بعد معاناتهم وعائلاتهم لتسع سنوات.

إيقاف الدراسة للتجنيد

اتهم القيادي الحوثي علي عبد العظيم، وكنيته أبو زنجبيل الحوثي الجماعة التي ينتمي لها، باستهداف قطاع التربية والتعليم وإهماله، إثر استثناء موظفيه من كشوفات صرف نصف الراتب الشهري الذي كانت تعهدت به لجميع موظفي الدولة في مناطق سيطرتها، واصفاً ذلك بالمؤامرة على التعليم، خصوصاً مع عدم إبداء الأسباب، وتجاهل مطالب المعلمين.

ويقود نادي المعلمين اليمنيين إضراباً منذ بداية العام الدراسي للمطالبة بصرف رواتب المعلمين، واعترض على تعرض قادته وعدد من المنتمين إليه خلال هذه الفترة لإجراءات عقابية حوثية، مثل الاختطاف والإخفاء القسري، واتهامهم بالخيانة والعمالة والتآمر، وقد توفي عدد من الخبراء التربويين في السجون.

في غضون ذلك أجبرت الجماعة الحوثية عشرات المدارس في مناطق سيطرتها على التوقف عن الدراسة لإلزام مئات الطلاب والمدرسين على المشاركة في دورات قتالية للتدرب على استخدام الأسلحة في أفنية المدارس.

ونقلت مصادر محلية في مدينة الحديدة الساحلية الغربية عن مدرسين وأولياء أمور الطلاب أن المدارس تحولت إلى مراكز حوثية لاستقطاب الأطفال وإغرائهم أو ترهيبهم للانضمام للجماعة والمشاركة في فعالياتها التدريبية والدعوية، تحت مزاعم مواجهة الغرب وإسرائيل.

منذ بداية العام الدراسي الماضي يواصل المعلمون اليمنيون إضرابهم للمطالبة برواتبهم (إكس)

وتنوعت وسائل الترهيب والإغراء للطلاب وأولياء أمورهم، حيث يجري استغلال الضربات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة وخزانات النفط لإقناعهم بأن هدف هذه العمليات هو إخضاع اليمنيين، إلى جانب عرض إعفائهم من الرسوم الدراسية، وزيادة درجات تحصيلهم الدراسي في حال المشاركة في تلك الأنشطة، والتهديد بزيادة الأعباء المالية والحرمان من الدرجات عقاباً على التغيب أو التهرب منها.

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة مشابهة وموازية يتعرض لها طلاب الجامعات العمومية، وخصوصاً جامعة صنعاء وكادرها التدريسي والوظيفي، ضمن مساع لاستقطاب وتجنيد الآلاف من الشباب والأطفال.

تأهيل أممي للمدارس

أعلنت «اليونيسيف» أن تداعيات الصراع المسلح في اليمن منذ أكثر من عقد من السنوات تسببت بتسرب أكثر من 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، حيث خلّفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمين والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

وأوضحت المنظمة الأممية أنها وشركاءها من أجل التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين من الأطفال، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، نظراً لأن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

أطفال نازحون يدرسون في مبنى مهجور بمحافظة الحديدة الغربية (أ.ف.ب)

ونبهت «اليونيسيف» من تأثير النزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء اليمن، وتجزئة نظام التعليم الذي وصفته بأنه شبه منهار، وقالت إن ذلك كان له أثر بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية لكل الأطفال في سن الدراسة، البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

وأحصت المنظمة تدمير 2,916 مدرسة، بواقع مدرسة واحدة على الأقل، من بين كل 4 مدارس، أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية بسبب النزاع الذي تشهده البلاد.

ويواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين، ما يقارب 172 ألف معلم ومعلمة، على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ 2016، أو أنهم انقطعوا عن التدريس؛ بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.

وأشارت المنظمة إلى اضطرار المدارس لإغلاق أبوابها أمام الطلاب بسبب تفشي جائحة «كورونا» منذ خمسة أعوام، ما تسبب في تعطيل العملية التعليمية لحوالي 5.8 مليون طالب، بمن فيهم 2.5 مليون فتاة.