مليونا نازح عادوا إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة اليمنية

«الكوليرا» ضاعف من معاناة سكان المخيمات

مخيم الجفينة أكبر مخيمات النزوح في محافظة مأرب اليمنية (إعلام محلي)
مخيم الجفينة أكبر مخيمات النزوح في محافظة مأرب اليمنية (إعلام محلي)
TT

مليونا نازح عادوا إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة اليمنية

مخيم الجفينة أكبر مخيمات النزوح في محافظة مأرب اليمنية (إعلام محلي)
مخيم الجفينة أكبر مخيمات النزوح في محافظة مأرب اليمنية (إعلام محلي)

كشفت الحكومة اليمنية، وللمرة الأولى، أن أكثر من مليوني نازح جراء الحرب التي أشعلها الحوثيون قد عادوا إلى مناطق تسيطر عليها، وأن هذا العدد يمثّل نصف إجمالي النازحين داخلياً، الذين تجاوز عددهم 4 ملايين نازح، وذلك بالتوازي مع تأكيد الحكومة أن وباء «الكوليرا» ضاعف من معاناة سكان المخيمات بعد تسجيل 55 ألف حالة إصابة مشتبه بها.

هذه البيانات الجديدة تضمّنتها دراسة مسحية أُعدت لصالح الوحدة الحكومية لإدارة مخيمات النازحين؛ إذ بيّنت أن 2.2 مليون نازح عادوا إلى 1400 من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في 12 محافظة، وأن أكثر من نصف العائدين هم من الإناث.

133 ألف منزل دُمّرت بشكل كلي أو جزئي في مناطق عودة النازحين اليمنيين (إعلام محلي)

ويشكّل النازحون العائدون أكثر من 410 آلاف أسرة، ويواجهون تحديات مرتبطة بفقدان المأوى والمياه والرعاية الصحية؛ إذ تظهر البيانات أن هناك 133 ألف منزل متضررة من الحرب، من بينها 93 ألف منزل دُمّرت بشكل جزئي، وأكثر من 40 ألف منزل دُمّرت بشكل كلي.

وهدفت الدراسة المسحية إلى حصر عدد العائدين من النازحين جراء الحرب التي فجّرها الحوثيون إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً، ومعرفة الاحتياجات في مناطق العودة مثل المأوى والمياه والتعليم والصحة، وتأسيس قاعدة بيانات حتى يتمكّن صانع القرار من وضع السياسات اللازمة؛ لوضع الحلول الدائمة لمعالجة النزوح الداخلي.

نقص الخدمات

وبموجب تلك البيانات فإن 43 في المائة من مناطق العودة، لا تتوفر فيها مشروعات لمياه الشرب، و10 في المائة من تلك المناطق تعتمد على الأمطار في توفير احتياجاتها من المياه، كما تعتمد 73 في المائة من المناطق على تصريف عشوائي لمياه الصرف الصحي؛ لأن 78 في المائة منها لا تتوفر فيها شبكة للصرف الصحي.

وحول ما يتعلق بالرعاية الصحية، كشفت البيانات الحكومية اليمنية أن 58 في المائة من المناطق التي عاد إليها النازحون داخلياً لا تتوافر فيها مرافق صحية، وأن المرافق الطبية الحكومية تشكّل 70 في المائة من المنشآت الموجودة في هذه المناطق، لكن 67 في المائة من المرافق الصحية الموجودة بحاجة إلى الأدوية والمستلزمات الطبية والأجهزة والمعدات.

وخلافاً لهذا العجز الذي سُجّل في قطاعات الصحة والمياه وفي كثير من الجوانب الخدمية أكدت البيانات أن 79 في المائة من المناطق التي عاد إليها النازحون توجد بها أقسام للشرطة بشكل كامل، و20 في المائة من المديريات توجد فيها أقسام الشرطة بشكل جزئي.

تفشّي الأوبئة

وفي اتجاه آخر كشفت الوحدة الحكومية اليمنية لإدارة مخيمات النازحين عن تفشٍ واسع للأمراض والأوبئة داخل مخيمات النازحين في محافظة مأرب، التي تحتضن أكثر من 60 في المائة من النازحين داخلياً.

وبيّنت الوحدة الحكومية أنه تم تسجيل أكثر من 55 ألف حالة اشتباه بـ«الكوليرا» و«الحصبة» و«حمى الضنك» و«الدفتيريا» منذ مطلع العام الحالي، وحتى نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، في مخيمات النازحين، وأن من بين إجمالي الحالات المُبلغ عنها تم تسجيل 19 حالة وفاة مرتبطة بهذه الأمراض.

«الكوليرا» الأكثر شيوعاً في أوساط سكان مخيمات النزوح في اليمن (إعلام محلي)

وأكدت أن وباء «الكوليرا» هو الأكثر شيوعاً وسط سكان المخيمات في محافظة مأرب، إذ تم التحقق من إصابة 58، و8 وفيات.

وحسب البيانات الحكومية اليمنية كان مركز محافظة مأرب في الصدارة من حيث عدد حالات الاشتباه بـ«الكوليرا» المسجلة، تليها مديرية الوادي، ثم مديريتا رغوان وحريب، في حين بلغ عدد الإصابات بـ«حمى الضنك» 451 حالة، بينها 32 مؤكدة، في حين تم تسجيل 434 حالة اشتباه بمرض «الحصبة»، منها 6 وفيات، أما «الدفتيريا» فبلغ عدد حالات الاشتباه 151 حالة، و5 حالات وفاة.

وأعادت الوحدة التنفيذية أسباب تفشي الأمراض والأوبئة إلى التدهور الملحوظ للأوضاع الصحية في المخيمات، بسبب الاكتظاظ ونقص خدمات المياه والصرف الصحي، وحذّرت من أنه مع الضغط الشديد على المرافق الصحية وعدم توافر الأدوية والمستلزمات الطبية، ستتفاقم المخاطر الصحية وتصبح استجابة الطوارئ الصحية أمراً حتمياً للحفاظ على أرواح سكان المخيمات.


مقالات ذات صلة

انقلابيو اليمن يعترفون بتلقي ضربة أميركية في الحديدة

العالم العربي مقاتلة من طراز «إف 22» في منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

انقلابيو اليمن يعترفون بتلقي ضربة أميركية في الحديدة

تلقت الجماعة الحوثية في اليمن ضربة أميركية استهدفت موقعاً في الحديدة، الاثنين، وذلك غداة 3 ضربات دمرت 3 مسيّرات ومنظومتي صواريخ شرق مدينة إب.

علي ربيع (عدن)
الخليج رئيس الوزراء القطري يستقبل نظيره اليمني في الدوحة (سبأ)

مباحثات قطرية - يمنية في الدوحة لتعزيز الشراكة في جميع المجالات

أجرى رئيس الوزراء اليمني مع نظيره القطري مباحثات في الدوحة ركزت على إيجاد شراكات تنموية واستثمارية في كل المجالات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبيدات الزراعية تغرق الأسواق اليمنية ومنها ما هو محظور دولياً (إعلام محلي)

استعدادات حوثية لإغلاق قضية المبيدات المحظورة والتستر على المتهمين

تستعد محكمة حوثية لإنهاء محاكمة 38 متهماً في قضية الاتجار بالمبيدات المهربة والمحظورة والمنتهية الصلاحية، وسط اتهامات للجماعة بالتستر على كبار التجار من قادتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مقاتلات أميركية تحلق فوق البحر الأحمر (أ.ف.ب)

اليمن: ضربات غربية تستهدف مواقع حوثية في إبّ

غداة زعم الجماعة الحوثية المدعومة من إيران إسقاط طائرة أميركية من دون طيار فوق مأرب، اعترفت بتلقيها 3 ضربات استهدفت مواقع تابعة لها في محافظة إبّ.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أحد المقار الأمنية التابع لما يُسمى جهاز «الأمن الوقائي» الحوثي في صنعاء (إكس)

حملات اعتقال في صنعاء لرفض التبرع لاحتفالات الانقلابيين

اعتقلت الجماعة الحوثية في صنعاء، خلال اليومين الماضيين، العشرات من التجار وملاك الأسواق وأودعتهم السجون، وذلك على خلفية رفضهم التبرع لاحتفالاتها بالمولد النبوي.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مصر لمشاركة أوسع في «إعمار العراق» بمشروعات بنية تحتية

كامل الوزير خلال تفقده عدداً من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق (النقل المصرية)
كامل الوزير خلال تفقده عدداً من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق (النقل المصرية)
TT

مصر لمشاركة أوسع في «إعمار العراق» بمشروعات بنية تحتية

كامل الوزير خلال تفقده عدداً من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق (النقل المصرية)
كامل الوزير خلال تفقده عدداً من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق (النقل المصرية)

تسعى مصر إلى تعزيز مشاركتها في إعادة إعمار العراق، عبر تدشين مشروعات ضخمة في مجالات البنية التحتية التي تشمل مشاريع سكنية وطرقاً وكباري ومحطات تحلية مياه وكهرباء.

ويزور وفد حكومي مصري رفيع، برئاسة نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل المصري كامل الوزير، بغداد.

ويضم الوفد رؤساء 13 شركة مصرية متخصصة في مجال البنية التحتية، والطرق والكباري، والسكك الحديدية، والموانئ والإسكان؛ لبحث «المشاركة في تنفيذ مشروعات البنية التحتية والطرق والكباري والمدن السكنية ومحطات تحلية المياه ومحطات الكهرباء وغيرها»، حسب إفادة لوزارة النقل المصرية.

جولة كامل الوزير للمشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق (النقل المصرية)

وخلال لقاءاته مع وزراء النقل والإعمار والإسكان والأشغال العامة العراقيين، الاثنين، قال كامل الوزير إن «بلاده لديها حرص للتعاون والمشاركة في مخططات التنمية بالعراق»، مشيراً إلى أن مصر «تمتلك خبرات في جميع القطاعات التنموية مثل الطرق والأنفاق والسكك الحديدية والموانئ، ونفذت مشروعات كبرى في عدد من الدول العربية والأفريقية».

وتعمل شركات مصرية في السوق العراقية بمجالات مختلفة، في ضوء اتفاقيات تعاون تم توقيعها بين البلدين خلال الأعوام الماضية.

وفي نهاية أغسطس (آب) الماضي، ناقش الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في القاهرة، «زيادة الاستثمارات المتبادلة، والتعاون في مجالات البنية التحتية والتنمية العمرانية، والسياحة، والطاقة، والنقل والصناعة؛ بهدف الاستغلال الأمثل لموارد البلدين لما يحقق صالح شعبي البلدين».

وضمن جولته تفقد وزير النقل المصري، ووزير الإعمار والإسكان العراقي، بنكين ريكاني، عدداً من مشروعات الكباري والأنفاق التي تنفذها الشركات المصرية بالعاصمة بغداد، وقال ريكاني إن «عدداً من الشركات المصرية أثبت نجاحات كبيرة وبجودة عالية في أزمنة قياسية في تنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية في بلاده».

وسبق أن وقع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في زيارته للقاهرة في يونيو (حزيران) 2023، اتفاقيات تعاون شملت مجالات «التدريب الدبلوماسي وتبادل الخبرات، والسياحة والثقافة، وتعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وتطوير الإدارة الحكومية، والشباب والرياضة والإسكان، وإعادة الإعمار، وتعزيز العمل والشؤون الاجتماعية».

جانب من المحادثات المصرية - العراقية في بغداد (النقل المصرية)

ويرى الخبير الاقتصادي المصري، مدحت نافع، أن «مشاركة القطاع الخاص المصري في مشروعات التنمية بالعراق، تحقق منفعة اقتصادية مشتركة للبلدين»، واصفاً السوق العراقية بأنها «ساحة جاذبة للاستثمار».

وعَدّد نافع لـ«الشرق الأوسط» بعض المجالات التي تحتاج إلى طفرة تنموية هناك، مثل الطرق والكباري والتصنيع، مؤكداً أنها «أهملت في السنوات الأخيرة، بسبب الأوضاع في العراق»، وقال إن «الطفرة التنموية التي تستهدفها الحكومة العراقية، تسمح بدخول الشركات والخبرات المصرية في تلك المجالات للاستثمار فيها».

وتقدر الاستثمارات المصرية في العراق، بنحو 200 مليون دولار، في مقابل 500 مليون دولار استثمارات عراقية في مصر، حسب وزارة التجارة والصناعة المصرية.

وحول العوائد المصرية من المشاركة في مشروعات التنموية بالعراق، قال الخبير المصري إنها «تفتح مجالات لفرص عمل شركات وخبرات مصرية في مجالات مختلفة»، بالإضافة إلى «زيادة عوائد النقد الأجنبي في مصر، من تحويلات الشركات والأفراد العاملين»، فضلاً عن «التعاون في مجال الطاقة وإنتاج الغاز، في ضوء احتياطيات الطاقة التي يمتلكها العراق».

ويرى المحلل السياسي العراقي، عبد الكريم الوزان، أن «المساهمة المصرية في المشروعات الاقتصادية التنموية في العراق، تعود لخبراتها الطويلة في العمل في السوق العراقية»، مشيراً إلى أن «العمالة المصرية لها تاريخ طويل من العمل هناك»، مؤكداً أن الخبرات المصرية «لها أولوية؛ وذلك لسابق معرفتها بطبيعة العمل في السوق العراقية».

ويربط الوزان بين الحرص المصري على المشاركة وتطورات المنطقة، وقال إن «مشاركة الشركات المصرية، لها بعد سياسي وإقليمي، وليس اقتصادياً فقط، بهدف تعزيز التعاون العربي في ضوء ما تشهده المنطقة من توترات».

وتطرقت مباحثات وزير النقل المصري، مع المسؤولين العراقيين، لنتائج أعمال «شركة الجسر العربي للملاحة المملوكة لمصر والعراق والأردن، خلال النصف الأول من العام الحالي»، كما تم التأكيد على زيادة عدد «البواخر» المملوكة للشركة لزيادة عوائدها المالية، وقدرتها على العمل في أسواق خارجية.