​انقلابيو اليمن ينفقون مبالغ ضخمة على احتفالات «المولد النبوي»

ملايين السكان بحاجة إلى مساعدات غذائية

من مظاهر احتفالات الحوثيين بالمولد النبوي في صنعاء (الشرق الأوسط)
من مظاهر احتفالات الحوثيين بالمولد النبوي في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

​انقلابيو اليمن ينفقون مبالغ ضخمة على احتفالات «المولد النبوي»

من مظاهر احتفالات الحوثيين بالمولد النبوي في صنعاء (الشرق الأوسط)
من مظاهر احتفالات الحوثيين بالمولد النبوي في صنعاء (الشرق الأوسط)

خصص قادة الجماعة الحوثية في اليمن مبالغ ضخمة لإنفاقها على احتفالاتهم السنوية بذكرى «المولد النبوي»، متجاهلين اتساع رقعة الفقر والمجاعة، وحاجة ملايين السكان إلى المساعدات الغذائية والخدمات الأخرى في ظل توقف رواتب الموظفين العموميين في مناطق سيطرة الجماعة.

وترافق تخصيص الحوثيين الأموال لإنفاقها على الأتباع والفعاليات ذات الصبغة الطائفية مع موجة من الجبايات ضد التجار، وإرغام ملاك المحال والسيارات على تعليق الأضواء الخضراء والشعارات المختلفة.

الحوثيون ينفقون الأموال على فعالياتهم ذات الصبغة الطائفية رغم اتساع رقعة الجوع (فيسبوك)

وتحدثت مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن تخصيص الجماعة عبر ما تسمى اللجنة الفرعية للاحتفالات والمناسبات في مديريتين من مديريات صنعاء فقط، وهما «الوحدة ومعين» ما يعادل 150 ألف دولار خلال اجتماع لها عُقد مؤخراً، وضم كبار مشرفيها، وتمخض عنه إقرار مشروع خطة شاملة لإحياء ما يسمى «مناسبة المولد النبوي».

وأصدر المشرفون الحوثيون تعميمات للقاطنين في 12 حياً شعبياً بالمديريتين في صنعاء، حضت على البدء في إقامة الأنشطة وإحياء فعاليات المولد النبوي، كما شرعوا بفرض جبايات قسرية عليهم، في إطار ما يسمونه دعم المناسبة.

وأحصت «الشرق الأوسط» خلال أقل من أسبوع تنظيم الجماعة أكثر من 48 احتفالية، أنفقت من أجلها ملايين الريالات اليمنية، كما أهدرت أموالاً ضخمة من إيراد مؤسسات الدولة ومن جيوب اليمنيين في سبيل تزيين الشوارع ومباني المؤسسات الحكومية والمساجد ومنازل السكان وطلائها باللون الأخضر.

استياء ورفض

قوبل تحرك الجماعة الانقلابية بحالة من الاستياء والرفض في أوساط السكان في صنعاء، إذ استنكروا انشغال الجماعة بالترويج لمناسباتها ذات المنحى الطائفي، وإهدار المال العام، مع تناسي ما يكابده اليمنيون من معاناة وأزمات كارثية متعددة.

ويستهجن عماد وهو اسم مستعار لموظف عمومي في صنعاء اهتمام قادة الجماعة بإحياء مناسبة «المولد النبوي» في وقت يتعرض فيه اليمنيون لأزمات وكوارث متعددة جراء استمرار سيول الأمطار، وتوقف الرواتب والمساعدات الإنسانية.

الحوثيون يحشدون السكان بالترغيب والترهيب في كل مناسباتهم (إ.ب.أ)

من جهته، يرى منير وهو موظف إغاثي في منظمة محلية في صنعاء، أن الأولوية القصوى لا تتمثل في الإنفاق على الاحتفالات، ولكن تتمثل في إغاثة المتضررين من السيول الجارفة، والذين أصبح كثير منهم من دون مأوى ولا مصدر عيش، وفي صرف رواتب الموظفين، وتوفير الخدمات الأساسية لملايين السكان.

واعتاد اليمنيون على مدى قرون الاحتفاء بـ«المولد النبوي» عبر إقامة مجالس في المساجد في أجواء روحانية بعيدة عن السياسة، لكن جماعة الحوثي سعت منذ انقلابها إلى استيراد الطقوس والشعائر الإيرانية الدخيلة على ثقافة المجتمع اليمني بالتوازي مع تحويل المناسبات إلى مواسم لجباية الأموال، وحشد المقاتلين الجُدد إلى الجبهات.

حملات ابتزاز

اشتكى خالد، وهو مالك متجر صغير في صنعاء، اكتفى باسمه الأول، من تجدد استهدافه ومتجره الكائن في مديرية معين بحملات ابتزاز جديدة، وذكر أن مسلحين حوثيين ألزموه خلال حملة جباية بدفع مبلغ 50 ألف ريال يمني دعماً للمولد النبوي (الدولار نحو 530 ريالاً يمنياً في مناطق سيطرة الجماعة).

وتعودت الجماعة الحوثية قبيل أي مناسبة احتفالية على فرض جباية الأموال؛ سواء من خلال ممارسات ابتزازية ضد التجار والسكان، أو عبر مؤسسات الدولة التي تخضع لسيطرتها.

السيول في اليمن جرفت المنازل والطرقات والأراضي الزراعية (إعلام محلي)

ويتزامن هذا الإهدار الحوثي المتعمد للأموال مع تأكيد تقارير أممية حديثة تسجيل اليمن أعلى معدلات تدني استهلاك الغذاء.

وقال برنامج الغذاء العالمي، في بيان له، إن نسبة الحرمان الشديد من الغذاء ارتفعت إلى 79 في المائة في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، وإن أربع مناطق دخلت مرحلة حرجة للغاية من سوء التغذية.

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أبلغ 62 في المائة من الأسر عن استهلاك غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى رقم مسجل على الإطلاق بنسبة 64 في المائة بمناطق سيطرة الحكومة الشرعية، و61 في المائة بمناطق سيطرة الحوثيين.


مقالات ذات صلة

اليمن: ارتفاع وفيات الكوليرا في تعز إلى 36 حالة

العالم العربي ارتفاع ضحايا وباء الكوليرا بمحافظة تعز اليمنية إلى 36 وفاة وأكثر من 5 آلاف إصابة (أ.ف.ب)

اليمن: ارتفاع وفيات الكوليرا في تعز إلى 36 حالة

أعلن مسؤول صحي يمني، الأربعاء، ارتفاع ضحايا وباء الكوليرا بمحافظة تعز إلى 36 حالة، وأكثر من 5 آلاف إصابة منذ مطلع العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي أضرار كبيرة لحقت بالبنى التحتية في اليمن جراء الفيضانات (الأمم المتحدة)

الفيضانات تشرد 63 ألف يمني خلال شهر

مع اقتراب نهاية موسم الأمطار في اليمن، أظهرت بيانات أممية أن السيول التي شهدتها البلاد خلال شهر أغسطس (آب) الماضي شردت نحو 63 ألف شخص.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي شاحنة نقل ثقيل تعرضت للانقلاب في خط الحديدة - إب (الشرق الأوسط)

سائقو الشاحنات في اليمن يشكون تهالك الطرق ويهددون بالإضراب

هدد العشرات من العاملين اليمنيين في قطاع النقل الثقيل في المناطق الخاضعة لجماعة الحوثيين بتنفيذ إضراب شامل احتجاجاً على التدهور الحاد في الطرق وغياب الصيانة

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي نازحة يمنية مع أطفالها في رحلة كفاح مريرة من أجل العيش (الأمم المتحدة)

قصص مؤلمة للنازحين إلى الساحل الغربي في اليمن

يحكي النازحون اليمنيون إلى الساحل الغربي هرباً من جحيم الحرب التي فجَّرها الحوثيون قصصاً مؤلمة، وسط تصاعد احتياجاتهم الإنسانية المختلفة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بعد عام من إعلان زعيم الحوثيين التغييرات الجذرية بدأت إجراءات لتغيير الهيكل الإداري للدولة اليمنية (غيتي)

الحوثيون يشكلون هياكل إدارية جديدة لتعزيز قبضتهم الانقلابية

تحت مسمى «التغييرات الجذرية»، تسعى الجماعة الحوثية لاستكمال السيطرة المطلقة على الجهاز الإداري للدولة اليمنية في مناطق سيطرتها وإحلال عناصرها والموالين لها.

وضاح الجليل (عدن)

عام على زلزال المغرب ولا يزال المتضررون ينتظرون بناء منازلهم

جانب من الدمار الذي سببه زلزال المغرب في إحدى القرى وسط الجبال (أ.ف.ب)
جانب من الدمار الذي سببه زلزال المغرب في إحدى القرى وسط الجبال (أ.ف.ب)
TT

عام على زلزال المغرب ولا يزال المتضررون ينتظرون بناء منازلهم

جانب من الدمار الذي سببه زلزال المغرب في إحدى القرى وسط الجبال (أ.ف.ب)
جانب من الدمار الذي سببه زلزال المغرب في إحدى القرى وسط الجبال (أ.ف.ب)

كشفت بيانات حكومية عن أن المغرب أكمل بناء نحو ألف منزل فقط من أصل 55 ألف منزل لا تزال قيد الإنشاء، في وقت يعيش فيه الألوف في خيام حتى الآن، وسط حرّ قائظ صيفاً وبرد قارس شتاءً، وذلك بعد مرور عام على زلزال مدمر، وفقاً لـ«رويترز».

وضرب زلزال بقوة 6.8 درجة المغرب في الثامن من سبتمبر (أيلول) 2023؛ مما أسفر عن مقتل أكثر من 2900 شخص، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية الحيوية. كما دمّر الزلزال، الذي خلّف أكبر عدد من القتلى منذ الستينات، عديداً من المنازل القروية التقليدية المبنية من الطوب اللبن أو الحجر أو الخشب التي يتميز بها سكان جبال الأطلس الناطقون بالأمازيغية.

واحتج سكان منطقة تلات نيعقوب، مركز الزلزال، الأسبوع الماضي، على بطء وتيرة إعادة الإعمار، وطالبوا بمزيد من الشفافية في توزيع المساعدات، وزيادة الاستثمار في البنية التحتية والخدمات الاجتماعية في المنطقة الفقيرة.

وقال مكتب رئيس الوزراء، في بيان، إن 97 في المائة من الأسر حتى الآن تتلقى تدريجياً مساعدات حكومية لإعادة الإعمار. وأضاف أن 63800 أسرة متضررة من الزلزال تتلقى مساعدات شهرية من الدولة، قدرها 2500 درهم (255 دولاراً).

ويعتزم المغرب إنفاق 120 مليار درهم، إجمالاً، على خطة إعادة الإعمار بعد الزلزال، تشمل تطوير البنية التحتية على مدى السنوات الخمس المقبلة، لتكون أفضل مما كانت عليه قبل الزلزال.

وأظهرت دراسة، أجراها «مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد»، أن خسائر الزلزال الاقتصادية تقدّر بنحو 0.24 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب في عام 2023، أي ما يعادل 3 مليارات درهم.