انقلابيو اليمن يشوِّهون معالم وأسوار مدينة صعدة القديمة

اتهامات للجماعة بالإهمال وتدمير المواقع التاريخية

انقلابيون حوثيون يشرفون على تشويه مدينة صعدة القديمة (إعلام حوثي)
انقلابيون حوثيون يشرفون على تشويه مدينة صعدة القديمة (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يشوِّهون معالم وأسوار مدينة صعدة القديمة

انقلابيون حوثيون يشرفون على تشويه مدينة صعدة القديمة (إعلام حوثي)
انقلابيون حوثيون يشرفون على تشويه مدينة صعدة القديمة (إعلام حوثي)

مع ​تعرض مبانٍ ومدن تاريخية يمنية لأضرار بالغة، بفعل سيول الأمطار وتجاهل الجماعة الحوثية المتعمد لحجم الكارثة، أقدمت الجماعة على تشويه معالم وأسوار مدينة صعدة التاريخية (شمال) عبر طلائها باللون الأخضر، وتلطيخها بشعاراتها ذات النزعة الطائفية.

واستهدفت الجماعة بالتشويه معالم مدينة صعدة التاريخية، وخصوصاً أبوابها القديمة، ومنها باب اليمن، وهو الباب الرئيسي للمدينة القديمة، وباب نجران، وباب همدان، وباب السلام.

الحوثيون متهمون بتدمير المواقع والمعالم الأثرية في اليمن (إعلام محلي)

وأوضحت مصادر محلية أن أعمال التشويه التي أشرف عليها قادة الانقلاب -ويتصدرهم محمد جابر الرازحي المعين من قبل الجماعة في منصب محافظ صعدة، ومحمد الرزامي المعين في منصب وكيل أول المحافظة- شملت إزالة معالم وكتابات تاريخية قديمة، واستبدال شعارات بها تحوي عبارات لمؤسس الجماعة وزعيمها الحالي عبد الملك الحوثي و«الصرخة الخمينية».

وجاء التشويه لواحدة من أهم المدن التاريخية في اليمن بناء على مخرجات اجتماع عُقِد في معقل الجماعة، وضم قيادات انقلابية بارزة، وتضمن مناقشة ما سمَّته الجماعة تنفيذ مشاريع تأهيل وأخرى جمالية للمدينة، بالتزامن مع إحياء الجماعة ما تسميه مناسبة «المولد النبوي».

وبدلاً من قيام الجماعة بحماية مدينة صعدة القديمة من مخاطر سيول الأمطار التي اجتاحت في الأيام الأخيرة مناطق عدة، تحدثت المصادر عن خروج الاجتماع بآلية تنص على إجراء تغييرات في معالم المدينة، على ارتباط بفكر الجماعة ومشروعها الانقلابي.

وحذَّر ناشطون وعاملون في مجال التراث اليمني من مساعي الجماعة الرامية إلى تجريف ما تبقى من معالم ورمزية مدينة صعدة القديمة، واستبدال أخرى بها مستوردة من حوزات إيران.

وينتقد إبراهيم -وهو اسم مستعار لأحد العاملين في مجال الآثار- في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، التجاهل الحوثي لما تعانيه أغلب المواقع والمعالم والمدن الأثرية -ومنها مدينة صعدة القديمة- من أضرار بالغة ناجمة عن استمرار سيول الأمطار.

وأثار الطلاء الأخضر وشعار «الصرخة الخمينية» المنتشر على جدران ومباني مدينة صعدة القديمة، موجة غضب واسعة لدى السكان في المدينة القديمة، ورأوا أن ذلك يندرج في إطار أعمال التشويه الحوثية التي تستهدف كافة المعالم الأثرية والتراث اليمني القديم.

مطالب بالحماية

وأفاد عدد من السكان في مدينة صعدة القديمة لـ«الشرق الأوسط»، بتهدُّم كثير من المنازل والمباني الأثرية بسبب سيول الأمطار، وسط الإهمال الحوثي، ومنها منازل تقع في وسط المدينة، بالإضافة إلى انهيار أجزاء من «باب نجران» التاريخي الواقع شمالي المدينة.

منظر لإحدى بوابات مدينة صعدة التاريخية (إكس)

وفي حين أطلقت ما تسمى «هيئة الحفاظ على المدن التاريخية» الخاضعة لجماعة الحوثي، تحذيرات عاجلة تفيد بتلقيها بلاغات عن أن مباني تاريخية باتت معرضة للسقوط في صنعاء القديمة ومناطق أخرى، حمَّل عاملون في مجال التراث الجماعة الحوثية مسؤولية العبث بالآثار والمدن التاريخية.

وطالب العاملون في مجال التراث «منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم» (يونيسكو)، بالتحرك لوقف تشويه الحوثيين معالم مدينة صعدة التاريخية، وحماية بقية المعالم الأثرية في اليمن من الأضرار الناجمة عن استمرار هطول الأمطار.

وسبق أن قام قادة الجماعة الحوثية باستحداثات وبنايات على طول سور صعدة القديم، البالغ طوله 4 آلاف متر، والذي يعد المعلم التاريخي الذي يحيط بالمدينة القديمة.

وتتهم تقارير محلية وأخرى دولية جماعة الحوثيين باستهداف 150 ألف مَعْلَم وموقع أثري وتاريخي، بالتدمير والنهب والقصف، والتحويل لثكنات عسكرية، منذ انقلابها وحتى منتصف عام 2019.


مقالات ذات صلة

هجمات حوثية تصيب سفينتين في البحر الأحمر دون خسائر بشرية

العالم العربي ناقلة النفط «بلو لاجون 1» تعرضت لهجوم حوثي في البحر الأحمر (رويترز)

هجمات حوثية تصيب سفينتين في البحر الأحمر دون خسائر بشرية

تعرضت ناقلة نفط وسفينة تجارية في جنوب البحر الأحمر لهجمات يعتقد مسؤولية الحوثيين عنها دون تسجيل خسائر بشرية، فيما انتقد وزير يمني التساهل الدولي مع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي فاقمت السيول والأمطار معاناة آلاف الأسر اليمنية (أ.ف.ب)

تقرير أممي: عائلات يمنية بأكملها تواجه الجوع يومياً

كشفت بيانات حديثة وزعتها مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن أسراً بأكملها باليمن تواجه الجوع يومياً، وأن ملايين النازحين داخلياً يواجهون ظروفاً متدهورة

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقاتلة من طراز «إف 22 في منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

ضربات أميركية ضد الحوثيين خلال 3 أيام متتابعة

نفذ الجيش الأميركي ضربات ضد الجماعة الحوثية المدعومة من إيران خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر أغسطس (آب) في سياق السعي للحد من قدرتها على مهاجمة السفن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

​اليمن يسجل أعلى المعدلات في تدني استهلاك الغذاء

سجل اليمن أعلى معدلات تدني استهلاك الغذاء إذ ارتفعت نسبة الحرمان الشديد إلى 79 ‎% في مناطق سيطرة الحوثيين وفق بيانات أممية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)

اعتداءات على الأكاديميين اليمنيين في ذمار ونهب للأراضي

استقال أعضاء عمادة وهيئة التدريس في كلية العلوم التطبيقية بجامعة ذمار اليمنية بشكل جماعي بعد اعتداء نجل قيادي حوثي في الجامعة على أحد المدرسين.

وضاح الجليل (عدن)

تقرير أممي: عائلات يمنية بأكملها تواجه الجوع يومياً

اليمن من أكثر الدول تأثراً بالتغير المناخي (أ.ف.ب)
اليمن من أكثر الدول تأثراً بالتغير المناخي (أ.ف.ب)
TT

تقرير أممي: عائلات يمنية بأكملها تواجه الجوع يومياً

اليمن من أكثر الدول تأثراً بالتغير المناخي (أ.ف.ب)
اليمن من أكثر الدول تأثراً بالتغير المناخي (أ.ف.ب)

كشفت بيانات حديثة وزعتها مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن أسراً بأكملها في اليمن تواجه الجوع كل يوم، وأن ملايين النازحين داخلياً يواجهون ظروفاً متدهورة مع تفاقم الأزمة التي تعيشها البلاد منذ عشرة أعوام وتأثير التغير المناخي.

ويرسم التحديث الأممي الخاص بمراقبة حماية النازحين اليمنيين داخلياً، صورة قاتمة للظروف التي تؤثر على النازحين والمجتمعات المضيفة في البلاد، كما تقدم البيانات، التي تم جمعها من أكثر من 47 ألف أسرة في النصف الأول من العام الحالي، تفاصيل عن معاناة النازحين داخلياً والعائدين وأفراد المجتمع المضيف.

فاقمت السيول والأمطار معاناة آلاف الأسر اليمنية (أ.ف.ب)

ومن بين الأسر التي شملها المسح ويقيم عدد كبير منها في مواقع النازحين الرسمية وغير الرسمية، ظهر أن 85 في المائة من هذه الأسر غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية اليومية، وقد لجأ العديد منها إلى «آليات قاسية» للتأقلم مع الظروف الصعبة، مثل تقليل أحجام الوجبات أو تخطي تناول الوجبات تماماً.

ووصفت المفوضية نتائج الإحصاءات بأنها تصور الواقع القاسي؛ «إذ تواجه أسر بأكملها الجوع كل يوم»، ونبهت إلى قضية أخرى بالغة الأهمية، ولكنها لا تحظى بالاهتمام، وهي الافتقار الواسع النطاق إلى الوثائق المدنية بين الأسر النازحة؛ إذ إن أكثر من 51 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع لديها طفل واحد على الأقل من دون شهادة ميلاد، و70 في المائة لديها أفراد من الأسرة من دون بطاقات هوية وطنية.

وبينت أنه من دون هذه الوثائق الحاسمة، تصبح الأسر معزولة عن الوصول إلى الخدمات الأساسية والتعليم وحقوقها الأساسية، مما يؤدي إلى تفاقم ضعفها وإعاقة قدرتها على إعادة بناء حياتها.

أكثر من 51% من الأسر اليمنية لديها طفل واحد على الأقل من دون شهادة ميلاد (الأمم المتحدة)

وأكدت المفوضية الأممية أنه على الرغم من الجهود المبذولة لتحسين الظروف المعيشية، فإن غالبية الأسر النازحة لا تشعر بالأمان عند العودة إلى ديارها بسبب عدم الاستقرار المستمر، ونقص فرص كسب العيش والمخاطر مثل الألغام الأرضية، مما يغرقها في دوامة من النزوح المطول.

تحديات شديدة

تقول البيانات الأممية إن اليمن - الذي لا يزال إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم - يواجه تحديات شديدة حتى مع تحول الاهتمام إلى حالات طوارئ عالمية أخرى؛ إذ يحتاج في الوقت الحالي 18.2 مليون شخص في البلاد، بمن فيهم 4.5 مليون نازح، إلى مساعدات إنسانية عاجلة. ويشمل ذلك أكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا.

وأكدت مفوضية اللاجئين الحاجة إلى دعم عالمي أكثر منهجية واستدامة لدول مثل اليمن، وهو أحد أكثر بلدان العالم تأثراً بالتغير المناخي، كما أنه من بين أقل البلدان استعداداً للتخفيف من آثار الظروف الجوية القاسية والكوارث الناجمة عن تغير المناخ أو التكيّف معها، حيث أصبحت هذه الكوارث أكثر تواتراً.

كارثة الفيضانات فاقمت من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وأعادت المفوضية التذكير بأن الفيضانات الكارثية الأخيرة في مديرية ملحان بمحافظة المحويت، والتي نجمت عن الأمطار الغزيرة، أدت إلى انهيار ثلاثة سدود ودمرت مجتمعات بأكملها. وعلى مدار الشهر الماضي، أودت الفيضانات بحياة 97 شخصاً وأصابت العديد من الأشخاص الآخرين، وأثرت على أكثر من 56 ألف منزل في 20 محافظة وشردت أكثر من ألف أسرة.

وتشمل أكثر المناطق تضرراً الحديدة وحجة والطويلة ومأرب، ويتسبب تضرر الطرق في عزل المناطق المتضررة وإعاقة جهود الإنقاذ.

وتشير المفوضية إلى أن هذه الكارثة فاقمت معاناة الملايين، فقد تم تدمير البنية الأساسية الحيوية، وجرفت المياه الملاجئ، وغمرت الأراضي الزراعية، كما تشكل الذخائر غير المنفجرة التي تم اكتشافها بسبب الفيضانات تهديدات إضافية للمدنيين والعاملين في المجال الإنساني.