لبنان على حافة الهاوية والأخطار تتهدده بغياب الضمانات

قلق من تعثر وقف النار في غزة وتداعياته جنوباً

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس (السفارة الأميركية)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس (السفارة الأميركية)
TT

لبنان على حافة الهاوية والأخطار تتهدده بغياب الضمانات

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس (السفارة الأميركية)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في القدس (السفارة الأميركية)

وصل الوضع المشتعل جنوباً إلى حافة الهاوية ما ينذر بما هو أشد خطورة بتدحرجه نحو توسعة الحرب، منذ أن قرر «حزب الله» مساندة حركة «حماس»، ما لم تبادر واشنطن إلى الضغط على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لإنقاذ المباحثات، من أجل التوصل إلى وقف النار في غزة، التي توقفت بسبب إصرار نتنياهو على شروطه، ما أدى إلى تعطيل المهمة الموكلة إلى المشاركين فيها.

فالمراوحة التي تصطدم بها المباحثات تدعو للقلق بغياب التطمينات والضمانات لنزع فتيل التفجير في جنوب لبنان، بتراجع التصعيد الذي يتقدم على الحل الدبلوماسي، بدءاً من غزة، ليشمل الجبهة الجنوبية، خصوصاً أن «حزب الله»، كما يقول مصدر في الثنائي الشيعي («حزب الله» و«حركة أمل») لـ«الشرق الأوسط»، ليس في وارد الانجرار لتوسعة الحرب؛ كونه لا يريدها ويمارس ضبط النفس إلى أقصى الحدود لمنع حصولها بعدم توفير الذرائع لإسرائيل، ويُفترض بواشنطن أن ترفع منسوب الضغط على نتنياهو لما لديها من أوراق، وليس هناك من يصدّق بأن لا قدرة لها لإلحاقه بالمباحثات للتوصل لوقف النار في غزة، طالما أنه في حاجة ماسة إلى دعمها للدفاع، كما يدّعي، عن إسرائيل.

قلق بري

ولم يكن أمام رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في مقاربته لما آلت إليه المباحثات لوقف النار، في ضوء ما لديه من معلومات دقيقة تتعلق بالأجواء التي سادت لقاءاتها حتى الساعة، سوى التحسُّب للتداعيات المترتبة على تمرّد نتنياهو على الإدارة الأميركية، ما لم تنزل بكل ثقلها للانخراط في الجهود الرامية للتوصل لوقف النار في غزة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن بري لم يكن مرتاحاً للتمهل الأميركي بمراعاة نتنياهو، بدلاً من الضغط عليه، وهذا ما عكسه بترؤسه، في الساعات الماضية، اجتماع هيئة الرئاسة في حركة «أمل»، مبدياً قلقه حيال تمادي إسرائيل في تصعيدها الذي لم يقتصر على الجنوب، وطاول بلدات بقاعية في العمق اللبناني.

ونقل مصدر في «أمل» عن بري تشديده على ضرورة تحصين الجبهة الداخلية، ليكون في وسع اللبنانيين استيعاب التصعيد الإسرائيلي الذي لا مبرر له سوى استدراج الحزب لتوسعة الحرب، وحذّر المصدر، بحسب قوله لـ«الشرق الأوسط»، من رضوخ واشنطن للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو على الرئيس الأميركي جو بايدن، لجهة أنه يتصرف وكأنه أحد أبرز الناخبين في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

فنتنياهو يريد أن يبيع موقفه لواشنطن بأثمان سياسية باهظة، اعتقاداً منه، كما يقول مصدر سياسي بارز، بأن استجابته لطلب بايدن بإزالة العقبات التي تمنع التوصل لوقف النار في غزة، ستسمح لمرشحة الحزب «الديمقراطي» للرئاسة الأميركية كامالا هاريس بأن تسجل تقدماً على منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب، بخلاف عدم تجاوبه الذي يبقي على حظوظ الأخير قائمة.

مصر وقطر تتحفظان

بدورها، تلفت المصادر السياسية إلى أن نتنياهو يريد أن يأخذ من مبادرة بايدن لوقف النار في غزة ما يريحه ويخدمه في مواجهة معارضيه في الداخل، ولا يترك لـ«حماس» ما يدعوها للاطمئنان بتوفير الضمانات بدلاً من الوعود، وهذا ما يلقى معارضة من مصر وقطر؛ اللتين كانتا أعلمتا بلينكن بتحفظهما على التعديلات التي أُدخلت على المبادرة لاسترضاء نتنياهو، بدلاً من الضغط عليه لتحقيق التوازن المطلوب للتوصل لوقف النار. وتؤكد (المصادر) أن القلق من لجوء تل أبيب لتوسعة الحرب يكاد يكون جامعاً بين بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب.

وتقول المصادر نفسها إن عدم توافر التطمينات لكل هؤلاء يدعوهم للتحرك دولياً وعربياً لكبح جماح نتنياهو نحو توسعة الحرب، وإن كان المفتاح للجمه، وصولاً لنزع فتيل التفجير، يبقى بيد واشنطن، لقطع الطريق على تمددها إلى دول الإقليم، مع أن الحزب وطهران يتمهلان في ردهما على الاغتيالات؛ رغبة منهما بإنجاح المباحثات الخاصة بغزة، وأن مصلحة واشنطن تكمن في إعادة الاستقرار إلى الجنوب كمدخل للبحث في المخارج لتطبيق القرار 1701 على مراحل، وهذا ما طرحه الوسيط الأميركي أموس هوكستين في زيارته الأخيرة لبيروت، التي جاءت تحت عنوان ضرورة خفض التصعيد جنوباً، إفساحاً في المجال لوقف النار في غزة.

دعوة لـ«هدنة» بين الموالاة والمعارضة

أما على الصعيد الداخلي، فترى المصادر نفسها أن هناك ضرورة لتحصين الجبهة الداخلية لمواجهة كل الاحتمالات، وتقول إن لا شيء يمنع من التوصل إلى مهادنة تحت سقف الحاجة الوطنية لربط النزاع، ولو مؤقتاً، بين الموالاة والمعارضة، من موقع الاختلاف في مقاربتهما للوضع المتفجر جنوباً وتمدده إلى العمق اللبناني بغياب الضمانات، لضبط إيقاع إسرائيل ومنع الوضع من الخروج عن السيطرة، خصوصاً أن عدم تبلغ لبنان الرسمي حتى الساعة تحذيرات دولية من لجوئها لتوسعة الحرب لا يعني أن المخاطر غير موجودة، لأن قوى محلية على اختلافها تلقت تحذيرات من جهات أوروبية لا تدعو للارتياح، ولا يمكن إدراجها في خانة التهويل الإسرائيلي؛ لأنه ليس في مقدور أي جهة التكهن بما يخطط له نتنياهو.

ميقاتي والتجديد لـ«اليونيفيل»

وتؤكد المصادر أن الهم الأول لميقاتي وحكومته يكمن في التمديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «يونيفيل» لعامٍ جديد، من دون أي تعديل في المهام الموكلة إليها، وتقول إنه وبو حبيب يواصلان تحركهما لمنع تل أبيب من إدخال أي تعديل يؤدي إلى تجويف قرار التجديد من مضامينه، مع استعداد مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قراره بالتجديد لها قبل نهاية الشهر الحالي، وهذا ما يدعو للارتياح بأن الاتصالات تُوّجت بتفهم دولي لموقف لبنان.

والسؤال المطروح الآن: هل تنجح واشنطن بإقناع نتنياهو بالانخراط بالمباحثات للتوصل لوقف النار في غزة ليشمل لاحقاً لبنان؟ أم أن المواجهة جنوباً ستشتعل بشكل غير مسبوق، ما يضطرها للتدخل على عجل تحت ضغط النار لإعادة الهدوء إلى الجبهة الشمالية تمهيداً لتثبيته بتطبيق القرار 1701؟


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.