موجة جفاف كبيرة تضرب أهوار العراق وخشية من هجرة سكانها

خبير مائي: تراجع المساحات المائية ونسير باتجاه الأسوأ

أرشيفية لمزارع عراقي على مركبه في ذي قار بالأهوار (أ.ف.ب)
أرشيفية لمزارع عراقي على مركبه في ذي قار بالأهوار (أ.ف.ب)
TT

موجة جفاف كبيرة تضرب أهوار العراق وخشية من هجرة سكانها

أرشيفية لمزارع عراقي على مركبه في ذي قار بالأهوار (أ.ف.ب)
أرشيفية لمزارع عراقي على مركبه في ذي قار بالأهوار (أ.ف.ب)

تزداد التحذيرات الرسمية والشعبية من مخاطر جفاف معظم مناطق الأهوار الجنوبية في العراق، وما ينجم عن ذلك من هجرة سكانها واندثار النظام البيئي والأحيائي هناك نتيجة الجفاف وضعف الإطلاقات المائية وانحسارها إلى مستويات غير مسبوقة.

وخلال السنوات الأربع الماضية، شهد العراق حالات جفاف شديد نتيجة قلة هطول الأمطار في فصل الشتاء، إلى جانب تأثير السياسات المائية التي اتبعتها كل من أنقرة وطهران بالنسبة لخفض تدفق حصص العراق المائية إلى أنهاره وأراضيه. وطبقاً للتقارير الأممية، فإن العراق من بين أوائل الدول المتأثرة بالتغيرات المناخية.

وبينما تحذر أوساط رسمية في محافظة ذي قار الجنوبية من دخول مناطق كثيرة في الأهوار دائرة الخطر الحمراء، يشير خبير مائي إلى واقع الجفاف القائم، وأن الأمور تسير باتجاه الأسوأ بالنسبة لحالة معظم مناطق الأهوار بالنظر لحالة الجفاف المتواصلة التي تخيم على البلاد منذ سنوات.

وقال الناطق باسم مجلس محافظة ذي قار ياس الخفاجي في تصريحات لوسائل إعلام محلية، الاثنين، إن «ملف المياه ضمن مناطق جنوب ذي قار مثير للقلق خصوصاً مع انحسار إمدادات المياه بمستويات عالية، لا سيما في مناطق قضاء سيد دخيل وقراها وصولاً إلى الدواية والفهود والإصلاح والجبايش والمنار وسوق الشيوخ».

وأضاف أن «شح المياه تسبب بنفوق الثروة الحيوانية والأسماك وتصاعد نسبة الهجرة من الأرياف بنسبة تصل إلى 25 في المائة»، مؤكداً أن من 8 إلى 10 مناطق دخلت فعلياً الدائرة الحمراء أي مرحلة الخطر الفعلي.

وتحدث الخفاجي عن صعوبة الأوضاع الناجمة عن أزمة المياه وما يترتب عليها من «تبعات قاسية على المناطق الزراعية وأوضاع السكان».

وعزت رئيسة لجنة الأهوار في مجلس محافظة ميسان، سكنة الياسري، قبل يومين، نفوق الأسماك في هور الحويزة إلى النقص الحاد بالأكسجين نتيجة ضحالة المياه الواصلة إلى الهور، واستبعدت الياسري أن تكون «حالات النفوق بسبب الصيد الجائر».

ويحذر الخبير المائي جاسم الأسدي من عدم الجدية في معالجة واقع أن منطقة الأهوار تخوض تحدي مرحلة جفاف حقيقية ناجمة عن انخفاض شديد في مناسيب نهر الفرات المغذي الرئيسي للمنطقة بالمياه.

ويقول الأسدي لـ«الشرق الأوسط»، إن «مناسيب نهر الفرات وصلت إلى نحو متر واحد و10 سنتيمترات تقريباً في أبريل (نيسان) الماضي، وهي مناسيب منخفضة، ومع ذلك لدينا أقصى انخفاض اليوم وبواقع 65 سنتيمتراً فقط، ولنا أن نتخيل حجم المشكلة المائية وتأثيرها الكارثي على منطقة الأهوار».

ويضيف أن «تراجع المناسيب نجم عنه تراجع كبير في النظام الإحيائي والبيئي يهدد بهجرة ونزوح آلاف الأسر من مربي الجاموس والمعتمدين على صيد الأسماك التي نفق كثير منها خلال هذا العام».

وفي حال عدم نزول أمطار مبكرة هذا العام، والحديث للأسدي، فإن «الجفاف سيلقي بظلاله القاتمة على كل منطقة الأهوار، وربما يؤدي إلى خلوها من السكان في المستقبل القريب».

وعن معدل مساحات الأهوار المغمورة في المياه سابقاً وما وصلت إليه هذه الأيام، يقول إن «معدلاتها لا تتجاوز 15 في المائة من مساحتها الكلية، وكانت في تسعينات القرن الماضي، وقبل أن يعمد النظام البعثي على تجفيفها بحدود 9 آلاف و650 كيلومتراً، واليوم لا تتجاوز مساحتها 5 آلاف و600 كيلومتر مربع».

ويضيف أن «هدف وزارة المواد المائية المعلن المحافظة على مساحة الـ15 في المائة، لكنها غير متحققة، والذريعة دائماً عدم وجود مياه كافية لإطلاقها إلى مناطق الأهوار».

ورغم إعلان وزارة الموارد المائية، مطلع يونيو (حزيران) الماضي، عن انخفاض ملوحة مياه الأهوار إلى النصف مقارنة بالأعوام السابقة، فإن الأسدي يحذر من سوء المياه وضحالتها في مناطق الأهوار، مرجعاً مسألة نفوق الأسماك إلى ذلك.

ويؤكد أن «نوعاً من الهجرة الداخلية في الأهوار متواصلة، بمعنى أن السكان ومربي الجاموس يضطرون إلى الانتقال من مكان لآخر داخل الأهوار بحثاً من المياه الصالحة والعذبة».

وخرج خلال الأيام الماضية مئات المواطنين في مناطق متفرقة من محافظتي الناصرية وميسان في مظاهرات احتجاجية على نقص إمدادات المياه في الأهوار، وضمنها المياه الصالحة للشرب.


مقالات ذات صلة

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

يوميات الشرق مهمة القمر الاصطناعي «GRACE-FO» استهدفت الكشف عن تغيرات كتلة المياه على سطح الأرض وتحتها (ناسا)

تراجع حاد في مستويات المياه العذبة عالمياً

كشفت بيانات الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) بالتعاون مع ألمانيا، عن تراجع حاد في إجمالي كميات المياه العذبة على كوكب الأرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم «فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

«فقاعة المياه»... على وشك الانفجار

بسبب البنية التحتية المتقادمة والإهدار

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا سويلم يلتقي سفيرة الإمارات في القاهرة (وزارة الموارد المائية)

مصر تطالب بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي»

طالبت مصر بتكاتف الجهود العربية لمواجهة «الشح المائي» الذي تعاني منه المنطقة عبر إيجاد حلول مبتكرة للتعامل مع تحديات المياه الأمر الذي عدّه خبراء «ضرورة ملحة».

عصام فضل (القاهرة)

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
TT

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)
اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

وافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، برئاسة مصطفى مدبولي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر عام 2015، بهدف تغليظ عقوبات الجرائم الخاصة بالاستيلاء على التيار الكهربائي.

وتشكو الحكومة المصرية منذ سنوات من لجوء مواطنين إلى وصلات غير شرعية للحصول على الكهرباء دون دفع رسوم، أو استهلاك الكهرباء من دون عداد، تُحصّل من خلاله الحكومة مستحقاتها.

وتحمّل الحكومة المصرية عمليات السرقة جزءاً كبيراً من مسؤولية انقطاع التيار الذي شهدته مصر خلال الأعوام الماضية.

وبحسب التعديل الجديد، الذي وضعته الحكومة، الأربعاء، يعاقب بالحبس مُدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه (الدولار يساوي 49.7)، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كُل من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود. أمّا إذا ترتب على هذه الجريمة انقطاع التيار الكهربائي فتكون العقوبة السجن.

وتقضي العقوبة في القانون الحالي، لتلك المخالفة، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، ولا تزيد على سنتين، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه.

ووفق مشروع القانون الجديد، تقضي المحكمة بإلزام المحكوم عليه برد مثلي قيمة استهلاك التيار الكهربائي المستولى عليه، بالإضافة إلى الامتناع عمداً عن تقديم أي من الخدمات المُرخص بها دون عُذر أو سَنَد من القانون، على أن تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة التكرار.

وشملت التعديلات الجديدة، العقاب أيضاً بالحبس مُدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكُل من قام بتوصيل الكهرباء لأي من الأفراد أو الجهات بالمُخالفة لأحكام القانون، أو عَلِمَ بارتكاب أي مخالفة لتوصيل الكهرباء ولم يُبادر بإبلاغ السلطة المختصة.

بينما تقضي العقوبة في القانون الحالي، لذات المخالفة، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تزيد على 50 ألف جنيه.

ووفق مشروع القانون الجديد، سيتم الحبس مُدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تزيد على مليوني جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا وقعت الجريمة عن طريق التدخل العمدي في تشغيل المعدات أو المهمات أو الأجهزة الخاصة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء، وفقاً للضوابط الفنية المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية للقانون، وتُضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى في حالة العود.

وتضمن التعديل إضافة مادة جديدة إلى قانون الكهرباء، تنص على أن يكون للجهة المجني عليها التصالح مع المتهم في الجرائم المنصوص عليها في المادتين 70 و71، إذا دفع قبل رفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المُختصة، مُقابل أداء قيمة استهلاك التيار الكهربائي المُستولى عليه، أو إذا دفع بعد رفع الدعوى الجنائية إلى المحكمة المُختصة وحتى صدور حُكم باتٍ فيها، مقابل أداء مثلي قيمة استهلاك التيار الكهربائي المُستولى عليه، أو إذا دفع بعد صدور الحكم باتاً، مقابل أداء ثلاثة أمثال قيمة استهلاك التيار الكهربائي المستولى عليه.

وفي جميع حالات التصالح، إذا نتج عن الجرائم، إتلاف المعدات أو المُهمات أو الأجهزة الخاصة بإنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء؛ يلتزم طالب التصالح بسداد قيمة ما تم إتلافه. وفي جميع الأحوال تضاعف قيمة مقابل التصالح في حالة العود.

وارتفعت أعداد المحاضر التي حرّرتها الحكومة لسارقي الكهرباء الفترة الماضية، حتى تجاوزت خلال 5 أسابيع فقط أكثر من 600 ألف محضر سرقة، وفق ما صرّح به وزير الكهرباء، خلال اجتماع الحكومة، في سبتمبر (أيلول) الماضي.