«هدنة غزة»: ما تأثير «مجزرة الفجر» على جهود الوسطاء؟

قبل أيام من جولة مرتقبة... وتأكيد مصري على غياب «الإرادة الإسرائيلية»

رد فعل امرأة مصابة بعد التعرف على أحد أفراد أسرتها من بين القتلى في أعقاب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين (أ.ف.ب)
رد فعل امرأة مصابة بعد التعرف على أحد أفراد أسرتها من بين القتلى في أعقاب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: ما تأثير «مجزرة الفجر» على جهود الوسطاء؟

رد فعل امرأة مصابة بعد التعرف على أحد أفراد أسرتها من بين القتلى في أعقاب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين (أ.ف.ب)
رد فعل امرأة مصابة بعد التعرف على أحد أفراد أسرتها من بين القتلى في أعقاب غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين (أ.ف.ب)

قبيل أيام من انطلاق جولة مفاوضات جديدة بشأن هدنة في قطاع غزة، أثار قصف إسرائيلي جديد على مدرسة تؤوي نازحين وتسبب في سقوط عشرات الضحايا، مخاوف على مسار المحادثات، وسط استنكار مصري لتعمد الجانب الإسرائيلي القيام بتلك العمليات مع كل «جهد مكثف» للوسطاء، بالإضافة لإدانات عربية للقصف ومطالبات بـ«ضغوط دولية» على حكومة بنيامين نتنياهو.

القصف الإسرائيلي الجديد الذي وقع فجر السبت، وأدانته أيضاً حركة «حماس»، تصدر منصات التواصل الاجتماعي تحت وسم #مجزرة_الفجر، وعدَّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بمثابة «تعمد إسرائيلي لاستفزاز (حماس) ومن ثم إفشال أو تعطيل المفاوضات».

إلا أن الخبراء توقعوا أن تنعقد الجولة الجديدة بموعدها، خصوصاً أن الدعوة إليها جاءت لأول مرة من رؤساء دول الوساطة، مصر وأميركا وقطر، وسط رغبة من واشنطن في خفض التصعيد وتجنيب المنطقة تداعيات ضربة إيرانية لإسرائيل إثر اتهامها باغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، نهاية يوليو (تموز) الماضي، بطهران.

وهو ما أشار إليه موقع «أكسيوس» الإخباري بأن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، يفكر في السفر إلى المنطقة للانضمام إلى الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة خشية أي عراقيل تمنع إبرام الصفقة.

وقصفت إسرائيل مدرسة «التابعين» التي تؤوي نازحين بغزة، ما أدى إلى مقتل أكثر من 100 مواطن فلسطيني وإصابة العشرات، وفق تقارير إعلامية فلسطينية، بينما تحدث الجيش الإسرائيلي عن مقتل 20 من مسلحي «حماس» و«الجهاد» في تلك الغارة، وذلك بعد يومين من إعلان قادة مصر وقطر والولايات المتحدة، استئناف مفاوضات هدنة غزة، الأسبوع الحالي، وتحديد يوم الخميس المقبل موعداً لانطلاقها.

أشخاص ينقلون جثة شخص قُتل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)

وأدانت مصر القصف الإسرائيلي الجديد، وطالبت بموقف دولي موحد ونافذ يوفر الحماية للشعب الفلسطيني في غزة، وفق إفادة لوزارة الخارجية والهجرة المصرية. وعدّت أن «إسقاط تلك الأعداد الهائلة من المدنيين العُزّل، كلما تكثفت جهود الوسطاء لمحاولة التوصل إلى صيغة لوقف لإطلاق النار في القطاع، دليلاً قاطعاً على غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإسرائيلي لإنهاء تلك الحرب الضروس».

وتمسكت مصر بأنها «سوف تستمر في مساعيها وجهودها الدبلوماسية، وفي اتصالاتها المكثفة مع جميع الأطراف المؤثرة دولياً، لضمان نفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشتى الطرق والوسائل، والعمل على التوصل إلى وقف لإطلاق النار، مهما تكبدت من مشاقٍ أو واجهته من معوقات».

ولاقى القصف الإسرائيلي الجديد إدانات عربية، لاسيما من المملكة العربية السعودية التي طالبت بـ«ضرورة وقف المجازر الجماعية في قطاع غزة»، وكذلك طالبت قطر بتحقيق دولي، وعدّ العراق ذلك القصف «تجاهلاً للمبادرات الدولية الهادفة إلى وقف العدوان»، وحذر الأردن من أنه «مؤشر على سعي الحكومة الإسرائيلية لعرقلة جهود الوسطاء»، وفق إفادات لوزارات خارجية البلدان الأربعة.

«المجازر الإسرائيلية ستستمر طالما لا يوجد اتفاق على وقف إطلاق النار»، وفق مساعد وزير الخارجية الأسبق المصري، السفير رخا أحمد حسن، الذي أكد أن حكومة نتنياهو رغم أنها ستحضر المفاوضات المرتقبة ستعمل بكل السبل على تعطيل المفاوضات واستفزاز «حماس».

فيما عدّ السفير الفلسطيني السابق، بركات الفرا، «المجزرة» الجديدة رداً إسرائيلياً على البيان المشترك لقادة الوساطة، كعادة نتنياهو لتعطيل المفاوضات عبر افتعال أي جريمة كلما اقتربت محاولة جادة من اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة.

ورغم اعتقاد السفير الفلسطيني السابق أن أي مفاوضات تقام تحت تداعيات تلك المجازر مهددة بعدم النجاح، فإنه يرى أن الوسطاء والاتحاد الأوروبي الذي دعم البيان المشترك لقادة الوساطة، سيدعم استمرار المفاوضات وتخطي عراقيل نتنياهو.

ورغم ربط البعض بين التهدئة في غزة ومنع التصعيد بين إيران وإسرائيل، فإن بعثة إيران بالأمم المتحدة قالت، في بيان السبت، إن طهران «لديها الحق في الدفاع عن النفس، وهذا لا علاقة له بوقف إطلاق النار في غزة»، معربة عن «أملها أن يأتي الرد في الوقت المناسب وبطريقة لا تضر بوقف إطلاق النار المحتمل في القطاع».

يأتي ذلك وسط تأكيدات أميركية بأهمية الذهاب لاتفاق، حيث قال بلينكن، هاتفياً، لوزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الجمعة، إن «التصعيد ليس في مصلحة أي طرف»، كما حث بايدن على «عدم إضاعة الوقت وضرورة إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة فوراً»، فضلاً عن تأكيد نائبته ومرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، كامالا هاريس، أنه «حان الوقت لوقف الحرب في قطاع غزة».

وكان الاتحاد الأوروبي، أعلن الجمعة، «انضمامه إلى مصر وقطر والولايات المتحدة في دعوتهم إلى التوصل دون تأخير إلى اتفاق وقف إطلاق النار (في غزة)، وإطلاق سراح المحتجزين»، وفق ما ذكر مسؤول السياسة الخارجية، جوزيب بوريل، عبر حسابه على منصة «إكس»، مؤكداً أن «الاتفاق من شأنه أيضاً أن يفتح الطريق أمام خفض التصعيد الإقليمي».

ووفق السفير رخا فإن مثل هذا التضامن والجهود من أطراف عديدة لاسيما الاتحاد الأوروبي، لدعم حراك الوسطاء، مهمة لخفض التصعيد بالمنطقة وتخفيف تداعيات الضربة الإيرانية المحتملة، ولإنقاذ الشعب الفلسطيني من «الإبادة الجماعية»، غير أنه أكد أهمية وجود ضغوط أميركية جادة على نتنياهو للوصول لاتفاق.

وهو ما يتفق معه بركات الفرا، متوقعاً استمرار ضغوط إدارة بايدن للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، بهدف عدم توسيع الحرب بالمنطقة وتهدئة إيران، خصوصاً أن إيران و«حزب الله» بالعراق ولبنان والحوثيين في اليمن سيتوقفون حال توصل الوسطاء لإبرام صفقة هدنة، لافتاً إلى أن تريث طهران في توجه ضربة لإسرائيل، يشي بأنه «ربما هناك شيء يرتب للتهدئة بالمنطقة».


مقالات ذات صلة

«مجزرة الفجر» في غزة... الصور المرعبة تُغضب العالم

المشرق العربي تشييع ضحايا مدرسة التابعين في غزة السبت (د.ب.أ)

«مجزرة الفجر» في غزة... الصور المرعبة تُغضب العالم

قالت مصادر طبية إن ما لا يقل عن 100 شخص قُتلوا في هجوم جوي استهدف مدرسة للنازحين في مدينة غزة. وأثارت الصور المرعبة لضحايا المجزرة غضباً واسعاً حول العالم.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون في باحة المدرسة التي تأوي نازحين بعد استهدافها بقصف إسرائيلي في مدينة غزة السبت (أ.ف.ب)

مدارس غزة... ملاذ النازحين الأخير حولتها قنابل إسرائيل إلى مقابر مؤقتة

استهدفت إسرائيل بشكل ممنهج كثيراً من المدارس التي تأوي نازحين في غزة خلال الأسابيع القليلة الماضية مخلفة كثيراً من الدمار والضحايا.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي رفعت واشنطن من ضغوطها على نتنياهو لاستئناف محادثات وقف النار (أ.ف.ب)

محادثات وقف النار «الغزاوية» ترتبط باستجابة نتنياهو لضغط واشنطن

يعلّق اللبنانيون آمالاً كبيرة على الدعوة الأميركية - المصرية - القطرية لاستئناف محادثات وقف النار في غزة، ويأملون انسحابها على جنوب لبنان.

محمد شقير (بيروت)
شؤون إقليمية إيرانيون يمرون أمام ملصق للمرشد خامنئي وإسماعيل هنية في طهران (أ.ف.ب)

إيران تعزل «الانتقام» عن «الهدنة»... ولا خلاف بين الرئيس و«الحرس»

أطلقت إيران، السبت، رسائل تصعيد جديدة، بعدما عزلت ردها على إسرائيل عن اتفاق محتمل لوقف النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون لـ«حزب الله» يرفعون صورة لمسيرات مع شعار «نحن القادرون» خلال إحياء عاشوراء بالشهر الماضي (أ.ب)

المنطقة مهددة بموجة «ردود متقابلة» تعمّم الاستنزاف وإطالة أمد التوتر

تنشط الاتصالات الدبلوماسية الغربية مع لبنان بهدف فرض ميزان جديد للتصعيد يجنب المنطقة الانزلاق إلى حرب موسعة، من غير أن تلغي الهواجس من موجة من الردود المتقابلة

نذير رضا (بيروت)

محادثات وقف النار «الغزاوية» ترتبط باستجابة نتنياهو لضغط واشنطن

رفعت واشنطن من ضغوطها على نتنياهو لاستئناف محادثات وقف النار (أ.ف.ب)
رفعت واشنطن من ضغوطها على نتنياهو لاستئناف محادثات وقف النار (أ.ف.ب)
TT

محادثات وقف النار «الغزاوية» ترتبط باستجابة نتنياهو لضغط واشنطن

رفعت واشنطن من ضغوطها على نتنياهو لاستئناف محادثات وقف النار (أ.ف.ب)
رفعت واشنطن من ضغوطها على نتنياهو لاستئناف محادثات وقف النار (أ.ف.ب)

ينظر اللبنانيون، بغالبيتهم الساحقة، بارتياح لا لبس فيه إلى دعوة الرئيسين الأميركي جو بايدن والمصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حركة «حماس» وإسرائيل؛ إلى استئناف المحادثات الخميس المقبل، في اجتماع يُعقد في الدوحة أو القاهرة، لسد الثغرات المتبقية في اتفاق مقترح لوقف النار في قطاع غزة، على قاعدة الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي «2735»، الذي يستمد روحيته من المبادرة التي كان أطلقها بايدن وقُوبلت بترحيب دولي وعربي.

ولم يتوانَ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن الترحيب بالدعوة وتأييدها، كونها تجسّد رؤية لبنان لخفض التصعيد في المنطقة، ونزع فتيل اشتعال حرب إقليمية شاملة، في حين حدّد وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، بالتوافق مع ميقاتي، الخطوط العريضة التي تشكّل الركيزة لخريطة الطريق اللبنانية لتحقيق الاستقرار في الجنوب، فور التوصل إلى وقف النار في غزة، التزاماً من الحكومة بالقرار «1701» وتطبيقه بكل مندرجاته.

لماذا الخميس لبدء المباحثات؟

لكنّ الترحيب اللبناني بهذه الدعوة لم يمنع من طرح مجموعة من الأسئلة حول الأسباب الكامنة وراء ترحيل المباحثات بين «حماس» وإسرائيل إلى الخامس عشر من الشهر الحالي، مع أن اشتعال المواجهة، على نحو يُنذر بوجود استحالة للسيطرة عليها لمنعها من توسعة الحرب في الإقليم، تستدعي استئنافها اليوم قبل الغد في ضوء توعّد «حزب الله» إسرائيل برد مدروس وجدي ودقيق لاغتيالها أحد أبرز قيادييه العسكريين فؤاد شكر، وتهديد طهران لها برد غير مسبوق لاغتيالها رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية في عقر دارها.

وعلمت «الشرق الأوسط» بأن ميقاتي وبوحبيب استعرضا في اجتماعهما مجموعة من الدوافع والظروف التي أملت على القادة الثلاثة تحديد الخميس المقبل لاستئناف المحادثات بين «حماس» وإسرائيل، ليكون في وسعهم تشغيل محركاتهم لتوفير المناخ السياسي والشروط لمنع دوران المحادثات في حلقة مفرغة، وتذليل ما يمكن أن يعترضها من عقبات في أكثر من اتجاه، على غرار ما كان يحصل في المحادثات السابقة، وصولاً إلى وقف النار، رغم أن الدعوة قُوبلت بتأييد دولي وعربي.

فالحشد الدولي والعربي المؤيّد للدعوة بدأ يتحقق، كما تقول مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط»، ما يوفّر للوسطاء قوة الدفع المطلوبة لتحقيق وقف النار، خصوصاً أن موافقة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو على استئناف المباحثات لا يعني حكماً أن الطريق سالك للتوصل إليه، في ضوء الشروط التي يتذرّع بها فريق حربه والتي تلقى اعتراضاً من «حماس» التي تتريّث في تحديد موقفها النهائي من الدعوة، ليكون في وسعها أن تصوغ ما تريده من استئنافها مع انتخاب يحيى السنوار رئيساً لها خلفاً لهنية، وهذا ما يجدّد المساعي المصرية - القطرية لديها لدعوتها إلى الانخراط في الجهود الدولية لوقف الحرب في القطاع.

زيادة الضغط على نتنياهو

وتؤكد المصادر السياسية أن منسوب الضغط الأميركي على نتنياهو سيرتفع تدريجياً خلال المهلة الزمنية التي تفصلنا عن موعد استئناف المحادثات، وتلفت إلى أن ميقاتي، ومعه بوحبيب، يواكبان من كثب الاتصالات الجارية على المستويين الدولي والعربي لاستئنافها في موعدها المحدد بلا تأخير، وتقول إن ميقاتي يتواصل يومياً مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وينسّق معه في كل شاردة وواردة، كون الأخير يحظى بتفويض من «حزب الله» في كل ما يتعلّق بعودة التهدئة إلى جنوب لبنان.

وتلفت المصادر أيضاً إلى أن تأييد نتنياهو استئناف المحادثات لا يعني أنه سيقول نعم، وهو يعد العدة لرفع سقوفه من خلال الشروط التي يتمسّك بها للتوصل إلى وقف النار، خصوصاً أنه لم يتوقف عن ملاحقة النازحين في غزة أينما حلّوا، بذريعة استهدافه للمقاتلين الفلسطينيين، وتؤكد أن واشنطن تسعى لإنزاله من أعلى الشجرة، وأن إبحار قطعها البحرية إلى المتوسط يأتي في سياق الدفاع عن إسرائيل حال تعرضها لهجوم.

تواصل أميركي - إيراني

وتنقل المصادر نفسها عن دبلوماسيين غربيين قولهم إن واشنطن مستمرة في مفاوضاتها غير المباشرة مع طهران، ولم تنقطع تحت ضغط ردود الفعل الإيرانية المطالبة بالرد على اغتيال هنية، وبالتالي لن تسمح واشنطن ومعها الدول الأوروبية بأن يستدرجها نتنياهو للدخول في صدام مع طهران التي انتخبت الإصلاحي مسعود بزشكيان رئيساً للجمهورية خلفاً لإبراهيم رئيسي، الذي يطلب توفير الفرصة له، لعله يعيدها إلى الانتظام في النظام العالمي.

وتأمل المصادر، حال توصلت المحادثات بين «حماس» وإسرائيل لاتفاق يقضي بوقف النار برعاية عربية - دولية، أن تفتح الباب أمام الانتقال السلمي في المنطقة إلى مرحلة جديدة تقود إلى إعادة ترتيبها، وترى أن خريطة الطريق التي رسمتها الحكومة لنفسها تسمح للبنان بالاستعداد لليوم التالي، باعتبار أن الاتفاق سينسحب تلقائياً على الجبهة الجنوبية.

وبالنسبة إلى ما إذا كان توعّد «حزب الله» بالرد على اغتيال شكر واستعداد طهران للقيام برد مماثل على إسرائيل لاغتيالها هنية يسبق استئناف المحادثات، تقول المصادر نفسها إن القرار يبقى حصراً على أصحاب الرد، وإن كانت تفضّل، من وجهة نظرها، ضرورة تريثهما على نحو يعطي فرصة لاستئناف المحادثات؛ لعلها تؤدي إلى وقف النار الذي يصرّ عليه الحزب ويربط مصير مساندته لـ«حماس» بالتوصل إليه، والموقف نفسه ينطبق على إيران.

وتؤكد أن أحداً لا يطلب من الحزب وإيران أن يصرفا النظر عن ردهما على إسرائيل، وإنما التريّث إلى ما بعد التأكد مما سيؤول إليه استئناف المحادثات، في حال توافرت الشروط السياسية المؤيدة لوقف النار، وتقول إنه لا مشكلة في تمهلهما لقطع الطريق على من يحاول اتهامهما بتعطيل المحادثات، ما يوفّر الذرائع لنتنياهو بالرد على الرد، بصرف النظر عن تلازمهما أو العكس.

«حزب الله» وضرورة التريّث

لذلك، تدعو المصادر «حزب الله» إلى الوقوف، على الأقل راهناً، خلف الدولة التي تقدّمت بخريطة طريق متكاملة لإعادة الاستقرار إلى الجنوب، ما يتيح لأهله خصوصاً، وللبنانيين عموماً، التقاط الأنفاس لترتيب أوضاعهم تحسباً للتعايش مع مساندة الحزب لـ«حماس» في حال كانت مديدة. وتكشف أن الدعوة إلى استئناف المباحثات أعادت تكثيف التواصل بين الحزب وجهات عربية وأوروبية، وتحديداً فرنسية، طلباً لتسهيل انعقادها للتوصل إلى وقف النار في غزة.

وترى أن هذه الجهات لا تحبّذ استعجال الحزب في الرد؛ لأنه ليس مضطراً إلى حرق المراحل ما دام أنه يحتفظ لنفسه بحق الرد مع وقف التنفيذ، وإن كان مصيره يرتبط بالتوصل لوقف النار على الجبهة الغزاوية. فبوقف النار يكون الحزب قد حقّق ما أراده من مساندته لـ«حماس»، وبالتالي فإن ما قدّمه من تضحيات كانت وراء الضغط على إسرائيل للرضوخ للإجماع الدولي بوقف الحرب.

فهل يمكن لنتنياهو التفلّت من الطوق الدولي الذي لُفّ حول رقبته، بالمفهوم السياسي للكلمة، ما يضطره إلى التسليم بوقف النار، إلا إذا ارتأى وفريق حربه الخروج عن الإرادة الدولية، وأوجد الذرائع بطرح لائحة من الشروط غير القابلة للتنفيذ؛ للإطاحة بالمباحثات قبل أن ترى النور، في حين يكون «حزب الله» بتريثه قد برّأ ساحته من التعطيل ورمى الكرة في ملعب تل أبيب.