كركوك تنفي وصول قوة أميركية لتنفيذ عمليات عسكرية ضد «داعش»

الصراعات السياسية ما زالت تعرقل انتخاب حكومتها المحلية

السوداني خلال لقائه الأخير مع ممثلي الكرد والمسيحيين في مجلس كركوك (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء)
السوداني خلال لقائه الأخير مع ممثلي الكرد والمسيحيين في مجلس كركوك (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء)
TT

كركوك تنفي وصول قوة أميركية لتنفيذ عمليات عسكرية ضد «داعش»

السوداني خلال لقائه الأخير مع ممثلي الكرد والمسيحيين في مجلس كركوك (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء)
السوداني خلال لقائه الأخير مع ممثلي الكرد والمسيحيين في مجلس كركوك (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء)

نفت مصادر مقربة من محافظة كركوك ما تحدثت به أوساط كردية عن وصول قوة أمنية أميركية إلى قاعدة «k 1» العسكرية غرب المحافظة، بهدف تنفيذ عملية عسكرية ضد تنظيم «داعش» بالاشتراك مع جهاز مكافحة الإرهاب المتمركز هناك.

ويأتي النفي في ظل أزمة سياسية خانقة تشهدها المحافظة، ناجمة عن غياب الاتفاق على حسم ملف حكومتها بعد أكثر من 8 أشهر على إجراء الانتخابات المحلية.

وما زال المحافظ سعيد راكان الجبوري، المنتهية ولايته، يشغل المنصب بالوكالة، بالنظر لغياب التوافق بين القوى السياسية الموزعة على مكونات المحافظة (كرد، عرب، تركمان، مسيحيين) داخل مجلسها المحلي لانتخاب محافظ جديد.

وقالت مصادر المحافظة لـ«الشرق الأوسط» إن «المزاعم بوجود قوة عسكرية أميركية غير صحيحة، وتأتي في سياق سعي بعض الأطراف الكردية إلى خلط الأوراق بهدف الاستمرار في عرقلة جهود تشكيل الحكومة».

وتضيف أن «ما يجري في المنطقة والإقليم من تطورات خطيرة يسهم في ترويج هذا النوع من الأخبار، إلى جانب التعقيد المرتبط بانتخاب المحافظ ورئيس المجلس».

وأوضحت المصادر أن «القاعدة العسكرية المذكورة توجد فيها قوة فرنسية صغيرة لا يتجاوز تعدادها 30 عنصراً، يعملون على تقنية اتصالات عالية، تمكنها من تعقب عناصر «داعش» عبر الاتصالات والهواتف النقالة، وهي تقوم بمساعدة قوات جهاز مكافحة الإرهاب بمهامها».

وكانت مصادر كردية تحدثت لوسائل إعلام محلية عن وصول قوة أميركية مكونة من ضباط وجنود إلى مدينة كركوك، متخصصة في المساعدة والتدخل في بعض العمليات العسكرية الطارئة.

وأكدت أنها «قوة خاصة، تعدادها 60 عنصراً، وهم (ضباط وجنود)، وصلت في ساعة متأخرة من يوم السبت إلى قاعدة (K 1) في كركوك، ومهمتها الاشتراك مع قوات مكافحة الإرهاب العراقي، وكذلك قوات مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان في تنفيذ عمليات عسكرية ضد تحركات (داعش) في مناطق الحويجة والجبال والمناطق المحيطة بها».

في مقابل ذلك، نفى مصدر عسكري مطلع وصول قوات أميركية إلى كركوك، وقالت إن «الوجود العسكري الأميركي انحسر بشكل شبه كامل خلال الأشهر الأخيرة، ونادراً ما تشاهد قواته في المدن التي يوجد فيها بقايا (داعش)».

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «معظم العناصر من مستشارين وضباط وجنود للقوات الأميركية موجودون في بعض القواعد العسكرية المشتركة، مثل قاعدتي (عين الأسد) في الأنبار و(حرير) في محافظة أربيل، ويقدم الجانب الأميركي الإسناد الجوي في حال حاجة القوات العراقية إلى ذلك».

وما زالت معظم قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية تطالب بجلاء القوات الأميركية من العراق، وتضع ذلك على رأس أولوياتها السياسية. وكرر رئيس منظمة «بدر» هادي العامري، تلك المطالبة خلال اجتماع عقده مع أعضاء منظمته أول من أمس.

وشدد في بيان صادر عقب الاجتماع على ضرورة «اتخاذ الخطوات اللازمة والسريعة من أجل الرحيل الفوري للوجود العسكري الأميركي غير الشرعي من العراق وفق جدولة زمنية محددة».

سياسياً، ما زالت أزمة الحكومة المحلية تراوح مكانها رغم الاجتماعات والمباحثات الكثيرة التي حدثت خلال الأشهر الأخيرة بين الكتل الفائزة، وكذلك رغم سلسلة الاجتماعات التي أجراها رئيس الوزراء محمد السوداني في بغداد مع ممثلي تلك الكتل.

السوداني مع بعض ممثلي مجلس كركوك (المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء)

وفي هذا السياق، وبعد جولة لقاءات أجراها مع ممثلي الكتلتين العربية والتركمانية، التقى رئيس الوزراء، السبت الماضي، أعضاء مجلس محافظة كركوك من الحزب الديمقراطي الكردستاني، وعضو مجلسها من المكون المسيحي، وأكد السوداني طبقاً لبيان صادر عن مكتبه «أهمية مواصلة الجهود، وتغليب مصلحة كركوك فوق أي اعتبار، لا سيما أنها بحاجة ماسة إلى تشكيل حكومة محلية متناغمة تلبي حاجات المواطنين وتطلعاتهم في الارتقاء بواقعهم الخدمي والاقتصادي، وتطوير عمل الأجهزة الحكومية فيها».

وتحدّث السوداني عن «أهمية العمل في نسق واحد، ونبذ التهميش، من أجل المُضي في تنفيذ الخطط التنموية، وبما يسهم في الحفاظ على نسيج المحافظة المتنوع، وتعزيز التعايش والتآخي بين جميع مكوناتها».

وفيما تتحدث بعض المصادر عن اجتماع يضم الكتلتين العربية والتركمانية مع قيادة الحزب الديمقراطي في أربيل بهدف حسم ملف الحكومة المحلية، يستبعد مصدر مقرب من «حزب الاتحاد الوطني» الكردستاني «إمكانية حسم الملف في القريب العاجل».

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «(حزب الاتحاد الوطني) الفائز بأكبر عدد من المقاعد (5 مقاعد) من أصل 16 في مجلس كركوك لن يتهاون في الحصول على حقه في منصب المحافظ، ولن يسمح للآخرين بتجاوز هذا الحق».

ولا يستبعد المصدر «قيام (حزب الاتحاد) بتحريك الآلاف من أتباعه للتظاهر إذا ما توصل إلى قناعة بأن الآخرين يعتزمون إبعاده عن المشهد الكركوكي».



مصر وتركيا لتعميق المصالحة والتمهيد لقمة «السيسي - إردوغان»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يزور معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يزور معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة (رويترز)
TT

مصر وتركيا لتعميق المصالحة والتمهيد لقمة «السيسي - إردوغان»

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يزور معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة (رويترز)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان يزور معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة (رويترز)

تخطو العلاقات المصرية التركية بثبات نحو «حقبة جديدة» من التعاون والشراكة كللتها الزيارات الرفيعة المتبادلة بين مسؤولي البلدين عقب قطيعة دامت عقداً من الزمن.

ووصل وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الأحد، إلى القاهرة قادماً من أديس أبابا في زيارة تستمر ليومين، شهدت في اليوم الأول جولة بمدينة العريش (شمال شرقي القاهرة) تفقد خلالها المخازن اللوجيستية الخاصة بالهلال الأحمر المصري، قبل أن يتوجه إلى معبر رفح، فيما يرتقب، الاثنين، مباحثات مع نظيره المصري بدر عبد العاطي.

ووفق بيان للخارجية المصرية، تتناول المباحثات بين عبد العاطي وفيدان «تطورات الأوضاع الإقليمية»؛ وفي مقدمتها الحرب في غزة، إضافة للعديد من «المسائل الثنائية والإقليمية والدولية» ذات الاهتمام المشترك.

خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» يرون أن تلك الزيارة «تعزز تعميق المصالحة المصرية التركية»، و«تمهد لقمة في أنقرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره التركي، رجب طيب إردوغان»، وسط تقارب لافت في المواقف بالنسبة للقضية الفلسطينية وأهمية وقف حرب غزة.

وهو ما أكده فيدان خلال زيارته للعريش بأن مواقف مصر وتركيا «متطابقة» في ضرورة إنهاء الحرب على غزة وإقرار السلام بالمنطقة عن طريق حل الدولتين، وفق إعلام محلي مصري.

وزير الخارجية التركي يصافح أعضاء الهلال الأحمر المصري عقب وصوله العريش (رويترز)

وشكلت زيارة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إلى القاهرة في الرابع عشر من فبراير (شباط) بعد قطيعة دامت 12 عاماً «محطة مهمة» في العلاقات بين القاهرة وأنقرة، حيث شهدت توقيع بيان مشترك بشأن اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي الرفيع بين البلدين بقيادة رئيسي البلدين.

وترتكز زيارة وزير الخارجية التركي، وفق الخبير في الشؤون التركية، في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية كرم سعيد، على 4 محاور أساسية أولها الدفع في اتجاه تطور وتعزيز العلاقات الثنائية وتعميق المصالحة ووضع الاتفاقات التي وقعت بين البلدين خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لمصر وتصل لنحو 20 اتفاقية موضع التنفيذ.

ويتمثل المحور الثاني في تعزيز مساحات التفاهم والنقاش ووضع أطر خطط مشتركة فيما يتعلق بإدارة الصراعات بالمنطقة وتحديداً الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة ومناقشة مستقبل المنطقة، وثالثاً بحث إمكانية أن تلعب تركيا دوراً هاماً في مساندة مصر في بعض القضايا، مثل ملف سد النهضة الإثيوبي، الذي يعد محل خلاف بين أديس أبابا والقاهرة، خاصة أن وزير الخارجية التركي كان قبل وصوله في زيارة لإثيوبيا، ويضاف لذلك بحث مزيد من التوافق بين البلدين فيما يخص ليبيا.

كما ستشمل الزيارة، وفق كرم سعيد، وضع اللمسات النهائية لزيارة محتملة للرئيس المصري في شهر أغسطس (آب) الجاري.

وشهدت الاتصالات الدبلوماسية بين القاهرة وأنقرة تنامياً ملحوظاً منذ مارس (آذار) 2021، لبحث عودة العلاقات لطبيعتها إثر تباينات سياسية منذ 2013، قبل أن يتوج مسار المحادثات بتصافح الرئيسين المصري والتركي للمرة الأولى على هامش حضورهما افتتاح كأس العالم لكرة القدم بقطر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وهي المصافحة التي تبعتها زيارة لوزير الخارجية المصري السابق سامح شكري لأنقرة لتقديم الدعم في أعقاب الزلزال المدمر مطلع العام الماضي.

وقبل نحو عام، وتحديداً في يوليو (تموز) 2023، أعلنت القاهرة وأنقرة عودة سفيري البلدين، وتوجت العلاقات في فبراير الماضي بزيارة إردوغان لمصر، وبعد شهرين من زيارة رئيس الأركان المصري السابق أسامة عسكر لأنقرة، في أول زيارة لمسؤول عسكري رفيع لتركيا منذ 2013.

وباعتقاد المحلل السياسي التركي، طه عودة أوغلو، فإن الزيارة تحمل «أهمية بالغة»، وتضع البلدين أمام مرحلة جديدة من الشراكة، خاصة وهي تأتي في توقيت هام تشهده المنطقة في ظل التصعيد الإسرائيلي الإيراني، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، الأربعاء، في طهران، وتطورات غزة ولبنان.

وستشهد الزيارة، وفق توقعات المحلل السياسي التركي، وضع اللمسات الأخيرة لزيارة الرئيس المصري لتركيا التي ستكون قريبة، لافتاً إلى أن مباحثات الوزيرين المصري والتركي ستضع الأطر النهائية لها، لافتاً إلى تقارب كبير بين البلدين منذ المصالحة، وتطابق في الرؤى بشأن عدة قضايا بمنطقة الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية وملف حرب غزة، بحسب عودة أوغلو.

وبخلاف القضايا الإقليمية، سيكون الملف الاقتصادي حاضراً بقوة خلال المباحثات، وفق طه عودة أوغلو، الذي يعتقد أن العلاقات الاقتصادية بحاجة إلى دفعة قوية بين أنقرة والقاهرة، وإلى مزيد من التنسيق لتعزيز العلاقات.