حملات حوثية في صنعاء لإقناع السكان بمقاطعة اللقاحات

تسجيل 10 إصابات بشلل الأطفال خلال أسبوع

الحوثيون منعوا حملات التطعيم ما تسبب في عودة ظهور مرض شلل الأطفال (فيسبوك)
الحوثيون منعوا حملات التطعيم ما تسبب في عودة ظهور مرض شلل الأطفال (فيسبوك)
TT

حملات حوثية في صنعاء لإقناع السكان بمقاطعة اللقاحات

الحوثيون منعوا حملات التطعيم ما تسبب في عودة ظهور مرض شلل الأطفال (فيسبوك)
الحوثيون منعوا حملات التطعيم ما تسبب في عودة ظهور مرض شلل الأطفال (فيسبوك)

شنت الجماعة الحوثية حملات تحريض جديدة ضد اللقاحات في العاصمة المختطفة صنعاء بالتزامن مع كشف تقرير دولي حديث عن تسجيل نحو 10 حالات إصابة جديدة بشلل الأطفال في اليمن خلال أسبوع، إلى جانب تسجيل نحو 32 حالة إصابة أخرى بذات المرض منذ مطلع العام الحالي، مُعظمها في مناطق سيطرة الجماعة.

وأفادت مصادر طبية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن قادة الجماعة الحوثية يتصدرهم طه المتوكل المعين وزيراً للصحة في الحكومة غير المعترف بها، كثفوا في الآونة الأخيرة، عقد اللقاءات والاجتماعات مع ممثلي منظمات ووسائل إعلام موالية لهم في سياق الحض على تنظيم ندوات وورش عمل وحملات دعاية ميدانية وإعلامية مضادة للقاحات.

طفل يمني يتلقى تطعيم ضد مرض الكوليرا (أ.ف.ب)

وبموجب التوصيات التي توصلت إليها هذه الاجتماعات، أقامت المنظمات الحوثية المستحدثة ومنها ما تسمى: «بنيان، إنسان، انتصاف، رائدات، صحتنا، يَمن، مناصرة) وغيرها، أنشطة وفعاليات وبرامج ميدانية تستهدف السكان (ذكور، وإناث) بينهم طلاب المدارس في صنعاء وريفها لإقناعهم بمقاطعة اللقاحات التي تقيهم من الأوبئة والأمراض.

وسبق ذلك أن أقامت ما تسمى مؤسسة «بنيان» بالتعاون مع مؤسسة «صحتنا» الحوثيتين، ندوة بزعم «التوعية» في صنعاء، حملت عنوان «خطورة اللقاحات على البشرية» وتحت شعار «اللقاحات ليست آمنة ولا فعَّالة»، وهدفت إلى مهاجمة اللقاحات والمنظمات الدولية التي تتبناها.

وهاجم كبار قادة الانقلاب المشاركون في الندوة اللقاحات الطبية والمنظمات الدولية التي تتبناها، زاعمين وجود مخاطر صحية لها وأنها مؤامرة عالمية تستهدف البشرية، بينما تشير تقارير محلية وأخرى دولية إلى وجود انتشار ملحوظ للأمراض والأوبئة في مناطق سيطرة الجماعة، جراء محاربتها المستمرة لحملات التطعيم.

ووفق مصادر صحية وسكان في صنعاء، خصصت الجماعة الحوثية برامج يومية تقوم خلالها بالتحريض ضد اللقاحات عبر إذاعات محلية، إلى جانب إلزام مشرفيها في الأحياء ومعمميها في مساجد عدة بانتهاج خطاب يروع السكان، ويحذرهم من مخاطر التحصين.

تصاعد الإصابات

في حين أطلقت الحكومة اليمنية في منتصف يوليو (تموز) الماضي، الجولة الثانية من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال، مستهدفة نحو 1.3 مليون طفل دون سن الخامسة في 12 محافظة، اتهمت مصادر يمنية عاملة في القطاع الصحي جماعة الحوثي بمواصلة الإهمال والفساد اللذين أديا إلى عودة تفشي كثير من الأمراض في أوساط اليمنيين.

وأدى الانخفاض الكبير في معدلات التحصين، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثيين، إلى عودة عديد من الأوبئة يتصدرها شلل الأطفال والحصبة والكوليرا والدفتيريا، التي كان من الممكن الوقاية منها باللقاحات. وإذ تستمر جماعة الحوثي غير آبهة بصحة وحياة الناس بشن مزيد من الحملات الإعلامية المكثفة لمقاطعة اللقاحات وبرامج التحصين بزعم أنها صناعة «أميركية»، وتهدف إلى قتل اليمنيين.

وتؤكد تقارير أممية تسجيل أزيد من 113 ألف حالة إصابة بـ«الكوليرا» في اليمن منذ مطلع العام الحالي أغلبها بمناطق سيطرة الجماعة الانقلابية.

طفل يمني يتلقى جرعة لقاح مقدم من قبل «الصحة العالمية» (الأمم المتحدة)

وفي تقرير حديث، كشفت مبادرة عالمية للقضاء على شلل الأطفال عن تسجيل 10 إصابات بشلل الأطفال بمناطق سيطرة جماعة الحوثي خلال أسبوع، مؤكدة أن إجمالي عدد الحالات المُبلغ عنها باليمن منذ مطلع العام الحالي بلغت 32 حالة، معظمها في مناطق سيطرة الانقلابيين.

ووفق التقرير، جرى الإبلاغ عن 11 حالة إصابة بفيروس شلل الأطفال في اليمن، بين يومي 18 و 24 يوليو الماضي، حيث سجلت هذه الحالات في المحافظات تحت سيطرة جماعة الحوثي، وجرى الإبلاغ عن 4 حالات في الحديدة، ومثلها في عمران، وحالة واحدة في كل من البيضاء وتعز وذمار.

وفي إحصائية أخرى، أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» تسجيل 257 إصابة بشلل الأطفال، بسبب منع الحوثيين حملات التطعيم منذ 4 سنوات، لافتة إلى أن التطعيم يُعد الطريقة الوحيدة لمنع الأطفال من الإصابة بشلل الأطفال، لأنه ليس مجرد استثمار في رفاهية الأطفال الضعفاء، بل أيضاً في اقتصاد اليمن ومستقبله.


مقالات ذات صلة

انتهاكات وترحيل قسري للاجئين الأفارقة بمناطق سيطرة الحوثيين

العالم العربي الطريق من القرن الأفريقي إلى اليمن أكثر طرق الهجرة ازدحاماً وخطورة في العالم (الأمم المتحدة)

انتهاكات وترحيل قسري للاجئين الأفارقة بمناطق سيطرة الحوثيين

اتهمت الأمم المتحدة الجماعة الحوثية في اليمن بتعريض اللاجئين الأفارقة لشتى صنوف الانتهاكات قبل إجبارهم على الرحيل القسري إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي تراجع تسرب الطلبة وزادت دوافعهم للتعلم بعد تحسين البيئة التعليمية (الأمم المتحدة)

صعوبة التضاريس تحرم ثلثي أطفال اليمن من التعليم

أكثر من ثلثي الأطفال في اليمن يعيشون في مناطق نائية يصعب الوصول إليها، وهو ما يحد من قدرتهم على الوصول إلى المؤسسات التعليمية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أحد شوارع حي الصافية وسط صنعاء بعد هطول الأمطار (إكس)

المستنقعات تحاصر سكان صنعاء وتهددهم بالأوبئة

يتحول كثير من شوارع صنعاء في موسم الأمطار إلى مستنقعات وتغرق غالبية الأحياء بالأوحال لأيام طويلة ما يسبب خسائر مادية وإعاقة للحركة وتفشي الأوبئة

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مع العقوبات المفروضة على تدفق الأسلحة للحوثيين تُتهم إيران بأنها تقوم بتهريب الأسلحة لهم (أ.ف.ب)

عقوبات أميركية على كيانات وشخصين لتسهيل شراء أسلحة للحوثيين

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على فردين يمنيين و4 شركات مقارها في اليمن والصين على خلفية تسهيل شراء أسلحة للحوثيين المدعومين من إيران

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي رفع العقوبات الأممية عن أحمد علي صالح ووالده

اليمن: رفع العقوبات الأممية عن صالح ونجله أحمد

إثر جهود رئاسية يمنية ودعم سعودي وإماراتي، أزالت لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، اسمَي الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح ونجله أحمد من قائمة العقوبات.

علي ربيع (عدن)

المجاعة تتفشى في إقليم دارفور بالسودان

الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور (رويترز)
الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور (رويترز)
TT

المجاعة تتفشى في إقليم دارفور بالسودان

الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور (رويترز)
الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور (رويترز)

قالت لجنة من خبراء الأمن الغذائي في تقرير صدر، الخميس: «إن الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة بموقع واحد على الأقل في شمال دارفور، ومن المرجح أنهما أدتا إلى ظروف مجاعة في أجزاء أخرى من منطقة الصراع».

وهذه النتيجة المرتبطة بمعيار معترف به دولياً يُعرف باسم «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي» هي المرة الثالثة فقط التي يتم فيها الإقرار بحدوث مجاعة منذ وضع المعيار قبل 20 عاماً.

وتظهر النتيجة مدى ما تسبب فيه الجوع والمرض من خسائر فادحة في السودان، حيث تسببت الحرب المستمرة منذ أكثر من 15 شهراً بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في أكبر أزمة نزوح في العالم، وتركت 25 مليون شخص، أي نحو نصف السكان، في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.

ويقول خبراء ومسؤولون في الأمم المتحدة إن تصنيف المجاعة قد يؤدي إلى صدور قرار من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة يمكّن الوكالات من توصيل الإغاثة عبر الحدود إلى المحتاجين.

ووجدت لجنة مراجعة المجاعة في تقريرها أن المجاعة، التي تتأكد عند استيفاء معايير تتعلق بسوء التغذية الحاد والوفيات، تتفشى في مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور، وستستمر على الأرجح هناك حتى أكتوبر (تشرين الأول) على الأقل.

ويبلغ عدد سكان مخيم زمزم 500 ألف نسمة. ويقع المخيم بالقرب من مدينة الفاشر التي يقطنها 1.8 مليون نسمة، وهي آخر منطقة مهمة لم تخضع لـ«قوات الدعم السريع» على امتداد دارفور. وتحاصر «قوات الدعم السريع» المنطقة ولم تصل أي مساعدات إلى المخيم المترامي الأطراف منذ أشهر.

وقالت اللجنة إن الأسباب الأساسية للمجاعة في مخيم زمزم هي الصراع والعراقيل الشديدة أمام المساعدات الإنسانية.

وأضافت أن ظروفاً مماثلة ربما تؤثر على مناطق أخرى في دارفور تتضمن مخيمي أبو شوك والسلام للنازحين.

وفي أواخر يونيو (حزيران)، توصلت عملية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي قادتها الحكومة السودانية إلى أن 14 منطقة في البلاد، من بينها أجزاء من ولايات الجزيرة وكردفان والخرطوم، معرّضة لخطر المجاعة.

وقال تقرير لـ«رويترز» إن بعض السودانيين اضطروا إلى أكل أوراق الشجر والتربة، وأظهرت صور للأقمار الاصطناعية توسعاً سريعاً لمساحات المقابر مع انتشار الجوع والمرض.

وكشف تحليل أجرته وكالة «رويترز» لصور أقمار اصطناعية غطت 14 جبّانة في دارفور أن الجبّانات توسعت سريعاً في الأشهر القليلة الماضية. وتوسعت جبّانة في زمزم في الفترة بين 28 مارس (آذار) والثالث من مايو (أيار) بسرعة تزيد 50 في المائة على الفترة التي سبقتها بثلاثة أشهر ونصف الشهر. واستخدمت لجنة مراجعة المجاعة هذا التحليل دليلاً غير مباشر على زيادة معدلات الوفيات.

تأتي نتائج لجنة مراجعة المجاعة في موسم الجفاف في السودان الذي يصل فيه توفر الغذاء إلى أدنى مستوى. ويخشى خبراء من أنه حتى بحلول موسم الحصاد في أكتوبر ستصبح المحاصيل نادرة؛ لأن الحرب منعت المزارعين من غرس بذورهم.

واندلعت الحرب في السودان في منتصف أبريل (نيسان) من العام الماضي نتيجة صراع على السلطة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» قبل انتقال سياسي مدعوم دولياً إلى الحكم المدني.

وحدث تقاسم مضطرب للسلطة بين الفصائل بعد انقلاب في عام 2021 عصف بعملية انتقال سابقة بعد الإطاحة بعمر البشير قبل عامين.

ويقول عمال إغاثة إنه منذ نشوب الحرب، منع الجيش وصول المساعدات الإنسانية الدولية التي تعرّضت أيضاً لسطو من «قوات الدعم السريع». وينفي الجانبان عرقلة المساعدات.

وحتى في الأسواق التي تتوفر فيها الإمدادات الغذائية لا يستطيع كثير من السودانيين شراء الغذاء بسبب ارتفاع الأسعار وضيق ذات اليد.

وفي فبراير (شباط)، منعت الحكومة المدعومة من الجيش وصول المساعدات القادمة من معبر أدري الحدودي بين تشاد ودارفور، وهو أحد أقصر الطرق المؤدية إلى المنطقة التي تعاني الجوع. وقال مسؤولون حكوميون إن «قوات الدعم السريع» تستخدم المعبر لنقل الأسلحة.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) إن معبر الطينة البديل أصبح لا يمكن الوصول إليه في الوقت الحالي بسبب الأمطار الغزيرة.

وطالبت لجنة مراجعة المجاعة بوقف إطلاق النار و«الوصول بلا عوائق» إلى دارفور.

وأعربت الحكومة السودانية، المتحالفة مع الجيش، عن معارضتها أي إعلان عن المجاعة.

وقال الحارث إدريس، مبعوث السودان لدى الأمم المتحدة، في أواخر يونيو‭ ‬الماضي، إن المجاعة «المفروضة من أعلى» قد تدفع «أصحاب النوايا السيئة إلى التدخل في السودان».

وقال نيكولاس هان، العضو في لجنة مراجعة المجاعة والمشارك في وضع نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، إنه يأمل أن تؤدي النتائج إلى «استفزاز الناس وأصحاب السلطة حتى يستجيبوا كما يتعين».

وأضاف: «وهذا يعني الوصول للمساعدات الإنسانية، ويعني توفير التمويل بالمستوى المطلوب... ويعني ممارسة كل الضغوط السياسية اللازمة لإنهاء الصراع».

والتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو مبادرة من أكثر من 10 وكالات تابعة للأمم المتحدة وهيئات إقليمية وجماعات إغاثة، وهو النظام العالمي الرئيسي لقياس الأزمات الغذائية. وأقصى تحذيراته هو المرحلة الخامسة التي تتألف من مستويين: الكارثة والمجاعة.

والشروط اللازمة لتصنيف منطقة ما بأنها في حالة مجاعة تتمثل في أن يكون 20 في المائة على الأقل من السكان يعانون نقصاً حاداً في الغذاء، وأن يعاني 30 في المائة من الأطفال سوء التغذية الحاد، وأن يؤدي الجوع أو سوء التغذية والمرض إلى وفاة شخصين من كل عشرة آلاف شخص يومياً.

وفيما يتعلق بمخيم زمزم للاجئين، قالت لجنة مراجعة المجاعة إن بيانات «منظمة أطباء بلا حدود» حول سوء التغذية الحاد منذ يناير (كانون الثاني) 2024 كشفت عن معدلات تتجاوز عتبة المجاعة بحسب التصنيف، بينما وصل معدل الوفيات إلى 1.9 حالة لكل 10 آلاف شخص يومياً.

ومنذ بدء العمل بنظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أُعلن عن المجاعة في أجزاء من الصومال في عام 2011 وفي مناطق من جنوب السودان في عام 2017.