حملة في صنعاء لابتزاز مُصنِّعي الأكياس البلاستيكية

فرض جبايات مقابل السماح باستئناف العمل

عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)
عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)
TT

حملة في صنعاء لابتزاز مُصنِّعي الأكياس البلاستيكية

عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)
عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)

لم تكد الجماعة الحوثية تنتهي من استهداف مصانع الدواء، والمياه المعدنية، والعصائر والمشروبات الغازية، حتى بدأت في صنعاء تنفيذ حملة ميدانية لاستهداف مصانع ومعامل الأكياس البلاستيكية، ضمن مساعيها المستمرة للتضييق على اليمنيين، وجباية مزيد من الأموال تحت مسميات غير قانونية.

أفصحت مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إطلاق جماعة الحوثي حملة واسعة طالت بالتعسف والابتزاز والإغلاق عدداً من مصانع ومعامل الأكياس البلاستيكية في صنعاء، بذريعة تسجيل مخالفات وعدم الالتزام بالتعليمات.

عنصر حوثي أثناء إغلاقه مصنع أكياس بلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)

وأغلقت الحملة، التي أشرفت عليها ما تسمى «الهيئة العامة لحماية البيئة» الخاضعة للجماعة، أكثر من 5 مصانع أكياس بلاستيكية في مديرية معين بصنعاء، مع الاستمرار في استهداف ما تبقى من المصانع ببقية المناطق والتي يزيد عددها على 48 مصنعاً ومعملاً.

وكانت حملات الجباية الحوثية دفعت الكثير من مُلاك الشركات والمصانع والتجار وأصحاب المهن المتوسطة والأصغر إلى التهديد بإغلاق متاجرهم ووقف أنشطتهم التجارية، احتجاجاً على السلوك الانقلابي الذي يطالهم في كل مرة لنهب أموالهم تحت ذرائع واهية.

وتحدث شهود في صنعاء عن مداهمة مشرفين حوثيين مسنودين بدوريات أمنية عدة منشآت تعمل بصناعة الأكياس البلاستيكية بصنعاء، حيث مارسوا أساليب استفزازية وابتزازية ضد مُلاك المصانع والعاملين فيها، بحجة وجود مخالفات.

وأقر الانقلابيون عبر وسائل إعلامهم بإغلاق 5 مصانع أكياس بلاستيكية، قبل أن يقوموا بأخذ ما أسموها عينات من الأكياس للتأكد من مدى مطابقتها للاشتراطات.

دفع إتاوات

في حين تَزْعُم الجماعة الحوثية بأن حملتها الاستهدافية لمصانع البلاستيك تأتي للحفاظ على البيئة من التلوث، يتحدث عدنان، اسم مستعار لمالك مصنع استهدفته الجماعة، عن أن عناصرها وافقوا بعد ساعات من إغلاق مصنعه على السماح بإعادة فتحه مقابل دفع مبلغ مالي.

ويؤكد عدنان أن الاستهداف الحوثي لمصنعه ليس له أي علاقة بالبيئة والتلوث، ويقول إن ذلك يندرج ضمن الأساليب والطرق التي اعتادت الجماعة على ابتكارها لتبرير جرائم الاقتحام والإغلاق.

معمل لتصنيع الأكياس البلاستيكية استهدفه الحوثيون بحملات الجباية (فيسبوك)

ويشير إلى أن الجماعة لا تتحدث عن إيجاد حلول لأي مخالفات أو اختلالات تزعم اكتشافها في المصانع، بل تركز بالدرجة الأولى على دفع الإتاوات مقابل إعادة فتح ما قامت بإغلاقه من تلك المصانع.

وعلى وقع تلك الانتهاكات وحملات التنكيل الحوثية المتواصلة، ندد ناشطون اقتصاديون في صنعاء بالتعسف الجديد ضد مُلاك المنشآت الصناعية الرامي إلى استكمال إحلال الجماعة طبقة تجار جديدة من عناصرها.

وحذر الناشطون من التضييق المستمر للجماعة ضد من تبقى من العاملين بمختلف القطاعات التجارية والصناعية والحرفية في صنعاء وبقية المناطق المختطفة، وهو ما سيفاقم معاناة اليمنيين ويزيد أسعار مختلف السلع والمنتجات بما فيها الأساسية.

وسبق لجماعة الحوثي أن ضاعفت خلال السنوات الماضية حجم الإتاوات والجبايات المفروضة على مُلاك المصانع والشركات، وسنَّت تشريعات غير قانونية رفعت بموجبها الرسوم الضريبية والجمركية والزكوية؛ بغية تغطية نفقات حروبها من جانب، بالإضافة إلى تكوين ثروات لقادتها ومشرفيها.


مقالات ذات صلة

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

العالم العربي الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

قالت الإمارات إنها ترحب ببيان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بشأن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية حول الخطوط الجوية والقطاع المصرفي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
العالم العربي دخان يتصاعد من موقع الغارات الجوية الإسرائيلية بمدينة الحديدة الساحلية باليمن في هذه الصورة المنشورة 20 يوليو 2024 (رويترز)

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

قال عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، الخميس، إن هجمات الجماعة على إسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي طائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية في طريقها من صنعاء إلى عمان (أرشيفية - أ.ب)

اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي في اليمن يدخل مسار التنفيذ

دخل اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي بين الحكومة اليمنية والحوثيين حيّز التنفيذ مع عودة «السويفت» الدولي إلى البنوك المعاقبة، واستئناف الرحلات من صنعاء إلى عمان.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا بعد تسجيل أكثر من 100 ألف إصابة (الأمم المتحدة)

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تكافح الحكومة اليمنية لمواجهة تفشي الكوليرا في مقابل تكتم حوثي على الإصابات التي تقدر الأمم المتحدة أنها بلغت 93 ألف حالة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صورة أرشيفية لمهاجرين على متن زورق بعد محاولة فاشلة للعبور إلى جزيرة ليسبوس اليونانية عندما اقترب منهم قارب لخفر السواحل التركي في مياه شمال بحر إيجه قبالة شواطئ كاناكالي بتركيا في 6 مارس 2020 (رويترز)

فقدان 45 مهاجراً في انقلاب قارب قبالة ساحل اليمن

أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن، اليوم (الخميس)، انقلاب قارب يقل 45 لاجئاً ومهاجراً قبالة ساحل اليمن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

يمنيون يتوقعون إفشال الحوثيين اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي

إلغاء تدابير البنك المركزي اليمني أثار انتقادات شديدة للحكومة اليمنية (إعلام حكومي)
إلغاء تدابير البنك المركزي اليمني أثار انتقادات شديدة للحكومة اليمنية (إعلام حكومي)
TT

يمنيون يتوقعون إفشال الحوثيين اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي

إلغاء تدابير البنك المركزي اليمني أثار انتقادات شديدة للحكومة اليمنية (إعلام حكومي)
إلغاء تدابير البنك المركزي اليمني أثار انتقادات شديدة للحكومة اليمنية (إعلام حكومي)

على الرغم من الغضب الذي ساد الشارع اليمني بسبب موافقة الحكومة اليمنية على اتفاق لخفض التصعيد الاقتصادي مع الحوثيين، الذي أعلنه، الثلاثاء مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ، فإن مؤيدي الحكومة يراهنون على تعنّت الحوثيين وعدم التزامهم بتنفيذ هذا الاتفاق الذي رأوا فيه تراجعاً عن الإجراءات العقابية التي اتخذت ضد الجماعة التي كانت سبباً في الانقسام المالي وبدء الحرب الاقتصادية.

ولا يخفي اليمنيون في المقاهي والتجمعات الشعبية سخطهم من الموافقة الحكومية على الاتفاق، ويؤكدون أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في عدن كانت الأقوى والأكثر تأثيراً على الحوثيين بعد سنوات من الإجراءات التي اتخذتها الجماعة المسيطرة على صنعاء، وفي طليعتها مصادرة أموال المودعين والبنوك التجارية وفرض الانقسام المالي.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ حذر من خطر التصعيد الاقتصادي في اليمن (د.ب.أ)

ويؤكد عبد الحكيم سالم وهو موظف حكومي لـ«الشرق الأوسط» أن الخطوة التي كان اتخذها البنك المركزي في عدن أعادت ثقة الناس بالحكومة، وكانت الأكثر إيلاماً للحوثيين، وينتقد الموافقة على إلغائها دون الحصول على تنازل حقيقي من الحوثيين، ويرى أن أبسط المواضيع التي كان ينبغي مقايضتها مع الحوثيين هو قرار منع تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية.

أما أحمد عبد الله، وهو موظف في القطاع التجاري، فيشعر بخيبة أمل من الاتفاق، لأن البنك المركزي استطاع أن يهز الحوثيين الذين ظلوا يتخذون إجراءات تصعيدية من جانب واحد، ابتداء بمنع تداول العملة إلى منع المعاملات البنكية ومنع تصدير النفط وفرض جمارك إضافية على البضائع القادمة من موانئ الحكومة.

خطوط عريضة

يرى نادر محمد، وهو أحد الناشطين اليمنيين أن ما ورد في بيان المبعوث الأممي هو مجرد خطوط عريضة لاتفاق أولي سيحتاج بعده إلى مشاورات ونقاشات طويلة لتنفيذه، ووضع ضمانات فعلية للالتزام بكل بنوده إلى جانب أن الاتفاق يتطلب ترتيبات أمنية ودولية مع مصر والهند من أجل تسيير رحلات تجارية من صنعاء إلى هذين البلدين، مؤكداً أن هناك تجارب عديدة ثبت خلالها أن الحوثيين يمتلكون القدرة على إفشال أي اتفاق.

هذه الرؤية يشاركه فيها رضوان وهو معلم يعيش في مناطق سيطرة الحوثيين، إذ يقول إن الحديث عن اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها شركة الخطوط الجوية اليمنية تعني أن أزمة الطائرات المختطفة لم تحل وأن مشكلة تجميد أرصدة الشركة ما تزال قائمة.

الحوثيون سكوا عملة معدنية غير قانونية وهو ما فجر المواجهة مع الحكومة اليمنية (رويترز)

ويبدي رضوان شكوكاً كبيرة في جدية الحوثيين بمعالجة كل القضايا الاقتصادية، لأن الاشتراطات التي يعلنون عنها من قبل تعني أن التوصل إلى اتفاق سيكون بعيد المنال، لأنهم يريدون الحصول على امتيازات اقتصادية دون تقديم أي تنازلات.

ويتفق مسؤول يمني تحدث لـ«الشرق الأوسط» مع ما ذهب إليه المتحدثون، ويؤكد أنه منذ سريان التهدئة التي رعتها الأمم المتحدة لم ينفذ الحوثيون أي التزام رغم تنفيذ الحكومة كل التزاماتها.

ويقول المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه؛ لأنه غير مخول بالتصريحات الصحافية، إن المحادثات الاقتصادية هي المحك الفعلي، حيث اشترط مجلس القيادة الرئاسي الذهاب إلى محادثات اقتصادية تؤدي في النهاية إلى استئناف تصدير النفط الذي توقف بسبب استهداف الحوثيين موانئ تصديره، وكذلك الأمر فيما يتعلق بانقسام العملة، حيث بدأ الحوثيون الحرب الاقتصادية منذ 2019 من خلال منع تداول الطبعة الجديدة من العملة اليمنية في مناطق سيطرتهم.

مكسب للجميع

على خلاف ذلك، يرى المحامي اليمني والوسيط المحلي عبد الله شداد أن الاتفاق بين الحكومة الشرعية والحوثيين بشأن إعادة رحلات طيران الخطوط الجوية اليمنية من مطار صنعاء، وزيادة الرحلات وإلغاء جميع القرارات الصادرة عن البنك المركزي اليمني في عدن وصنعاء واستمرار الحوار، سيزعج المنتفعين كثيراً، وقال إنه ‏تبقى الاتفاق على إعادة تصدير النفط والغاز وتوحيد العملة.

وبخلاف اللهجة التي تحدث بها رئيس فريق المفاوضين الحوثيين محمد عبد السلام، أكد عبد الملك العجري، عضو الفريق الحوثي المفاوض، أن اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي ضد البنوك مكسب لعموم الشعب اليمني في شماله وجنوبه شرقه وغربه وأن «الخاسر الحقيقي هو أميركا وإسرائيل»، وفق قوله.

وفي حين يرى قطاع عريض من اليمنيين أن التوصل إلى اتفاق اقتصادي سيكون مؤشراً فعلياً على الجدية في المضي على مسار السلام، يؤمّل القيادي الحوثي العجري أن يشكل الاتفاق الجديد حافزاً نحو البدء في خطوات تنفيذ الشق الإنساني والاقتصادي من خريطة الطريق - بحسب الاتفاق - وعلى رأسها المرتبات.

وبالاستناد إلى الاتفاقات التي أبرمت برعاية الأمم المتحدة منذ بداية الصراع في اليمن، فإن الحوثيين عادة ما يذهبون نحو عرقلة أي التزامات تخصهم، ولعل أبرز ذلك عرقلة اتفاق «استوكهولم» بشأن انسحاب كل القوات من مدينة وميناء الحديدة، واتفاق استئناف الرحلات التجارية من صنعاء وتخفيف القيود على السفن الواصلة إلى ميناء الحديدة في مقابل فتح الطرقات بين المدن وإنهاء حصارهم لمدينة تعز ودفع رواتب الموظفين من إيرادات موانئ الحديدة.