دعوة يمنية إلى تحويل أموال الإغاثة عبر «المركزي» في عدن

تقارير أممية: نصف العائلات لا تحصل على طعام كافٍ

مستفيدون من مساعدات «برنامج الأغذية العالمي» أمام مركز لتوزيع المواد الغذائية في صنعاء قبل توقف أنشطة البرنامج (رويترز)
مستفيدون من مساعدات «برنامج الأغذية العالمي» أمام مركز لتوزيع المواد الغذائية في صنعاء قبل توقف أنشطة البرنامج (رويترز)
TT

دعوة يمنية إلى تحويل أموال الإغاثة عبر «المركزي» في عدن

مستفيدون من مساعدات «برنامج الأغذية العالمي» أمام مركز لتوزيع المواد الغذائية في صنعاء قبل توقف أنشطة البرنامج (رويترز)
مستفيدون من مساعدات «برنامج الأغذية العالمي» أمام مركز لتوزيع المواد الغذائية في صنعاء قبل توقف أنشطة البرنامج (رويترز)

أفادت تقارير أممية بأن الأشهر الماضية شهدت تزايداً في انعدام الأمن الغذائي في اليمن، إذ باتت نصف العائلات لا تحصل على الطعام الكافي، وسط دعوات حكومية إلى إعادة النظر في نهج المساعدات، وانتقادات لعمل المنظمات الإغاثية ومطالب بتحويل أموالها عبر البنك المركزي في عدن.

وبينما يُتوقع أن عودة توزيع المساعدات تحتاج إلى نحو أربعة أشهر، بسبب انقطاع سلسلة إمداد المساعدات الغذائية الإنسانية؛ تدفع التطورات العسكرية والمواجهات الاقتصادية بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية بمزيد من التعقيدات في الوضع المعيشي للسكان.

طفل ينظر من خلال ثقب في مسكن عائلته بمخيم للنازحين في محافظة لحج اليمنية (الأمم المتحدة)

في هذا السياق يدعو جمال بلفقيه، رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية، إلى تحويل الأموال التي تخصّ المنظمات إلى البنك المركزي في عدن ما دامت المنظمات الدولية والبنك الفيدرالي الأميركي أيّدا التعامل معه، وعدم اعتماد أي تحويلات مالية من وإلى صنعاء إلا بموافقة البنك بصفته البنك الشرعي الوحيد في البلاد.

ووفقاً لحديث بلفقيه مع «الشرق الأوسط»، فإن نقل عمل المنظمات الدولية إلى المناطق المحررة وتغيّر مسار العمل الإنساني ورفع الاحتياجات الحقيقية من أرض الواقع، سيُسهم في عودة الثقة بهذه المنظمات وستتمكّن من تحصيل الدعم والتمويل لبرامجها، والحصول على التسهيلات من الحكومة وتحالف دعم الشرعية، وتكوين شراكة حقيقية بينها وبين الحكومة والقطاع الخاص، وفق مبدأ لا مركزية العمل الإنساني.

ويحضّ المسؤول اليمني، الذي يشغل أيضاً منصب مستشار وزير الإدارة المحلية، على استفادة المنظمات الدولية من الممرات البحرية والجوية والبرية، ومنها ميناء جازان السعودي بوصفه نافذة واحدة ترفع مصفوفة احتياجات إلى كل محافظة حسب أولوياتها، وتجمعها بمركز معلومات وتنتقل إلى الربط بين العمل الإنساني والتنمية والحماية وتمكين النساء عبر منظمات المجتمع المدني لقدرتها على الوصول للمحتاجين.

قلق وتحذيرات

كشفت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) عن أن انعدام الأمن الغذائي في اليمن ظل مرتفعاً حتى نهاية مايو (أيار) الماضي، وفق تفاوت شهدته مناطق الأزمة الاقتصادية، وأن معدل انعدام الأمن الغذائي ارتفع بنسبة 54 في المائة في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، مقابل 41 في المائة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.

وطبقاً لتقرير صادر حديثاً عن المنظمة؛ فإن انعدام الأمن الغذائي استمر في التدهور حتى مايو الماضي، وظل عند مستوى مماثل مقارنة بالشهر السابق، مرتفعاً بنسبة 11 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

يمنية مع أطفالها في مخيم للنازحين في محافظة تعز (الأمم المتحدة)

وعانت 54 في المائة من الأسر المشمولة باستطلاع «الفاو» في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، صدمات، تمثّلت في انهيار العملة وارتفاع الأسعار، أثرت في قدرتها على كسب الدخل أو إنتاج الغذاء للاستهلاك الذاتي، مقابل استقرارٍ في أسعار المواد الغذائية شهدته مناطق سيطرة الجماعة.

وواجهت نسبة أكبر من العائلات في مناطق سيطرة الحكومة، بلغت 64 في المائة، انخفاضاً في دخلها الرئيسي مقارنة بالعام الماضي، وبارتفاع شهري في مايو الماضي بنسبة 6 في المائة، وهي نسبة أعلى بشكل غير متناسب مما هو قائم في مناطق حكومة صنعاء.

وحذّر التقرير من تسارع انخفاض قيمة العملة المحلية، في مناطق الحكومة الشرعية، خلال الأشهر المقبلة، ما يشكّل خطراً متزايداً لارتفاع أسعار الديزل، وبالتبعية أسعار المواد الغذائية بسبب تكاليف النقل.

ويرى مصدر إغاثي في الحكومة اليمنية أن هذا التدهور طبيعي جداً، بسبب استمرار الأزمة السياسية والحرب في البلاد وعدم التوصل إلى اتفاق لإنهائها، وأن الأحداث الأخيرة في البحر الأحمر أسهمت في مفاقمة الحالة الإنسانية المعقدة، إلى جانب تدهور العملة المحلية والحرب الاقتصادية التي تشنها الجماعة الحوثية.

عائلة صغيرة في مخيم للنازحين على مشارف مدينة تعز (أ.ف.ب)

ونوه المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن هذه المنظمات فشلت خلال الأعوام الماضية في إنهاء الأزمة الإنسانية في اليمن رغم الأموال الكبيرة التي تلقتها واستفادت منها؛ إذ استمرّ الوضع المعيشي في التدهور، خصوصاً في مخيمات النزوح، معرباً عن قلقه من زيادة الاحتياجات الإنسانية في الفترة المقبلة مع تراجع المساعدات الموجهة إلى اليمن، واستمرار المواجهات العسكرية.

وتوقع المصدر أن تؤدي قرارات البنك المركزي إلى تعديل شوكة الميزان، وتحسين الأوضاع المعيشية في المناطق المحررة، مستغرباً من توقعات «الفاو» أن هذه المناطق ستشهد انهياراً أكبر من تلك التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية، لأن الأزمة لن تستثني جهة أو منطقة ما، بل إن ممارسات الجماعة الحوثية تزيد من وقعها على السكان.

حرمان حاد

ذكر تقرير حديث لبرنامج الأغذية العالمي، أن الحرمان الحاد من الغذاء بلغ ذروته في عدد من مناطق شمال اليمن، من بينها محافظات الجوف وحجة وعمران والحديدة، في حين شهدت المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية مستويات تاريخية من استهلاك غير كافٍ للغذاء، بعد أن أعلن في وقت سابق استمرار توزيع المساعدات في تلك المناطق.

وأوضح البرنامج الأممي أنّ المواد الغذائية الأساسية كانت متوفّرة في الأسواق خلال مايو الماضي، لولا أن المجتمعات الأكثر فقراً لم تكن قادرة على تحمّل تكاليفها، بعد ارتفاع أسعار السكر والزيت النباتي ودقيق القمح والفاصولياء الحمراء، في حين بدأ مخزون الغذاء النفاد في المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية بصورة كاملة تقريباً.

مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد توقف موارد تمويل المساعدات وتردي الأوضاع الاقتصادية (رويترز)

وكان البرنامج أعلن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنّ عمليات توزيع المساعدات الغذائية العامة في مناطق سيطرة الحكومة سوف تستمر، مع التركيز بشكل أكبر على العائلات الأكثر ضعفاً واحتياجاً، بما يتماشى مع تغيّرات الموارد، بعد أن أوقف مساعداته الغذائية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، لبعض الوقت، منذ أوائل الشهر ذاته.

وتسبّب تراجع الموارد وعدم التوصل إلى اتفاق مع الجماعة الحوثية على تنفيذ برنامج أصغر يتناسب مع الموارد المتاحة للعائلات الأكثر ضعفاً واحتياجاً؛ في توقف نشاط برنامج الأغذية العالمي في مناطق سيطرة الجماعة، بعد ما يقارب عاماً من المفاوضات، لتخفيض عدد اليمنيين المستفيدين من المساعدات الغذائية المباشرة من 9.5 مليون شخص إلى 6.5 مليون.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

قدرت مصادر أمنية وسياسية يمنية بتجاوز عدد المعتقلين على ذمة الاحتفال بالذكرى السنوية لثورة «26 سبتمبر» 5 آلاف شخص، معظمهم في محافظة إب، وأفادت بأن جهاز الاستخبارات الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، يقف وراء هذه الحملة المستمرة حتى الآن.

وطبقاً للمصادر المقيمة في مناطق سيطرة الحوثيين، يقف جهاز استخبارات الشرطة الذي استحدثه وزير داخلية حكومة الانقلاب عبد الكريم الحوثي (عم زعيم الجماعة) خلف حملة الاعتقالات التي شملت الآلاف من المحتفلين أو الداعين للاحتفال بالذكرى السنوية لثورة «26 سبتمبر»، التي أطاحت بنظام حكم الإمامة في شمال اليمن، وهو الجهاز الذي يقوده نجل حسين الحوثي، مؤسس الجماعة، وقائد أول تمرد على السلطة المركزية في منتصف 2004.

الجماعة الحوثية متهمة باعتقال آلاف اليمنيين في الأسابيع الأخيرة على خلفية مخاوفها من انتفاضة شعبية (إ.ب.أ)

وأوكلت الجماعة إلى الجهاز الجديد -بحسب المصادر- مهمة قمع أي تحركات شعبية مناهضة لحكم الجماعة ممن تصفهم بالطابور الخامس في صفوفها، على أن يتولى ما يُسمى «جهاز الأمن والمخابرات» ملاحقة المعارضين السياسيين والمؤيدين للحكومة الشرعية والصحافيين والناشطات النسويات، في حين يتولى الأمن الخاص المعروف باسم «الأمن الوقائي» مهمة تجنيد العملاء وحماية البنية التنظيمية للجماعة.

وتقول المصادر إن حملة الاعتقالات التي بدأت منذ 20 سبتمبر (أيلول) الماضي من مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، وامتدت إلى صنعاء، ومحافظات ذمار وحجة وعمران والحديدة طالت الآلاف، إذ تجاوز عدد المعتقلين في محافظة إب وحدها 3 آلاف شخص على الأقل، في حين يقدر عدد المعتقلين في صنعاء بنحو 1500 شخص إلى جانب العشرات في حجة وذمار وعمران ومناطق ريفية في محافظة تعز، ومن بين المعتقلين أطفال ومراهقون.

حزبيون ومستقلون

في حين استهدفت الاعتقالات الحوثية 21 شخصاً من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي»، الذي أسسه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، ومعهم نشطاء من أحزاب اليسار، قالت المصادر إن غالبية المعتقلين من الشبان المستقلين ومن المراهقين المعارضين لنظام حكم الحوثيين والمتمسكين بعودة النظام الجمهوري، والذين اتهمتهم الجماعة برفع العلم اليمني أو سماع الأناشيد أو النشر في مواقع التواصل الاجتماعي.

وأفادت عائلات المعتقلين في إب وصنعاء بأن الحوثيين اشترطوا على المعتقلين التوقيع على تعهد بعدم رفع العلم الوطني أو الاحتفال بذكرى الثورة اليمنية، وهو ما انتقده عبده بشر، الوزير السابق في حكومة الانقلاب وعضو البرلمان الخاضع للجماعة في صنعاء.

نجل مؤسس الجماعة الحوثية مُنِح رتبة لواء ويقود جهاز استخبارات خاص (إعلام حوثي)

ووصف بشر شرط الجماعة بأنه «طلب غير منطقي ولا عقلاني»، وقال: «بدلاً من إطلاق سراح مَن لم يثبت عليهم أي شيء استمرت الاعتقالات والإخفاء دون مسوغ قانوني»، وأيده في ذلك سلطان السامعي، عضو مجلس حكم الحوثيين، الذي وصف منفذي الاعتقالات بـ«المدسوسين».

إلى ذلك، ناشد نشطاء ومثقفون يمنيون سلطة الحوثيين للإفراج الفوري عن ستة من المحامين من أصل ثمانية تم اعتقالهم من قِبَل ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات»، على ذمة مطالبتهم بالإفراج عن أحد زملائهم، الذي اعتقل في مدينة الحديدة قبل ما يزيد على أسبوعين.

ومع اكتفاء نقابة المحامين بمخاطبة رئيس مجلس حكم الحوثيين بالإفراج عن أعضاء النقابة، أكد الناشطون أن الجماعة الحوثية اعتقلت المحامين منصور البدجى وعبد الرقيب السدار وماهر الشيباني ونجيب السحلي وأكرم المسني وماهر فضل وعلي الذيفاني وأحمد الشاحذي، وجميعهم أعضاء في فرع النقابة بالحديدة؛ بسبب مطالبتهم بالإفراج عن أحد زملائهم الذي اعتقله الحوثيون من دون أي تهمة.