اعتقال مدير مكتب يحيى الحوثي بتهمة التجسس لأميركا

اتهامات لـ«الحرس الثوري» بالإشراف على ملاحقة المشكوك في ولائهم

الجماعة الحوثية كثّفت ملاحقة غير الموالين لها بتهمة التجسس لمصلحة أميركا (إ.ب.أ)
الجماعة الحوثية كثّفت ملاحقة غير الموالين لها بتهمة التجسس لمصلحة أميركا (إ.ب.أ)
TT

اعتقال مدير مكتب يحيى الحوثي بتهمة التجسس لأميركا

الجماعة الحوثية كثّفت ملاحقة غير الموالين لها بتهمة التجسس لمصلحة أميركا (إ.ب.أ)
الجماعة الحوثية كثّفت ملاحقة غير الموالين لها بتهمة التجسس لمصلحة أميركا (إ.ب.أ)

امتدت حملة الاعتقالات التي ينفذها الحوثيون، بإشراف من خبراء في الحرس الثوري الإيراني، إلى أعلى سلم قيادة الجماعة، حيث اعتُقل مدير مكتب يحيى الحوثي، شقيق زعيم الجماعة، والمعين وزيراً للتربية والتعليم في حكومة الانقلاب.

وذكرت مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن جهاز الاستخبارات التابع للحوثيين (جهاز الأمن والمخابرات)، الذي يعمل تحت إشراف مباشر من عناصر الحرس الثوري الإيراني اعتقل علي عباس مدير مكتب وزير التربية في حكومة الانقلاب، وهو صهر الوزير أيضاً، كما اعتقل وكيل الوزارة لقطاع الاختبارات أحمد النونو، بعد اتهامهما بالارتباط بخلية تجسس مزعومة تعمل لمصلحة أميركا.

مدير مكتب يحيى الحوثي بجوار التربوي أحمد النونو قبل اعتقالهما في صنعاء (إعلام حوثي)

وذكرت المصادر أن عملية الاعتقال نُفذت استناداً إلى التحقيقات التي تجريها مخابرات الجماعة مع عشرات من المعتقلين يعملون لدى مكاتب الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى، ومع موظفين سابقين لدى سفارة الولايات المتحدة في اليمن وهولندا.

من جهتها، استنكرت الحكومة اليمنية اختطاف الحوثيين وكيل وزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلاب أحمد النونو، وإخفاء اثنين من كبار التربويين منذ 9 أشهر، ورأت أن هذه الحادثة تسلط الضوء على حالة القمع المستمرة في مناطق سيطرة الحوثيين.

‏وأدانت الحكومة اليمنية، وعلى لسان وزير الإعلام والثقافة معمر الإرياني، بشدة، قيام الحوثيين باقتحام منزل التربوي الكبير أحمد حسين النونو، الرئيس السابق لكنترول وزارة التربية والتعليم، واختطافه من قبل ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» الحوثي.

وأكد الإرياني أن هذه الحادثة تسلط الضوء على حالة القمع المستمرة في المناطق التي تسيطر عليها «ميليشيا الحوثي»، حيث لا يأمن أحدٌ من ممارساتها العنيفة، حتى أولئك الذين عملوا معها منذ انقلابها.

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني (سبأ)

وذكر الوزير اليمني أن الحوثيين اختطفوا قبل ذلك اثنين من كبار الخبراء التربويين في اليمن، وهما الأستاذ الجامعي محمد المخلافي، والخبير مجيب المخلافي، وأخفيا قسراً منذ تسعة أشهر، ونبه إلى قيام الحوثيين في وقت سابق بتصفية الخبير التربوي صبري الحكيمي في المعتقل بسبب رفضه الانخراط في تحريف المناهج الدراسية لخدمة أهداف الجماعة. ‏

ودعا الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إلى الخروج عن صمتهم وإدانة هذه «الجرائم النكراء»، مطالباً بتصنيف «ميليشيا الحوثي منظمة إرهابية وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، وتقديم دعم حقيقي وفاعل للحكومة اليمنية لاستعادة الدولة وفرض سيطرتها على كامل الأراضي اليمنية، ووضع حد للانتهاكات التي ترتكب بحق اليمنيين».

حملات مستمرة

وفق ما ذكره ناشطون حقوقيون، اعتقل الحوثيون في 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، محمد المخلافي، وهو خبير في أنظمة التعليم العام ومحو الأمية في اليمن، وعضو هيئة التدريس وعميد عدة كليات في جامعة صنعاء، حيث اقتحم منزله ونهبت محتوياته، ومنع من التواصل مع أسرته حتى الآن.

كما اعتقل الحوثيون قبل 8 أشهر مجيب المخلافي، وهو كبير المدربين التربويين، وتم إخفاؤه قسراً في ظروف اعتقال قاسية ودون رعاية صحية، مما يشكل تهديداً جدياً لحياته.

وكان الحوثيون اعتقلوا صبري الحكيمي، مدير عام التدريب في وزارة التربية والتعليم، وأخفوه قسراً لمدة 6 أشهر قبل أن يبلغوا أسرته بالحضور إلى السجن لاستلام جثته.

مسلحان حوثيان خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة (أ.ف.ب)

وأكدت منظمة العفو الدولية، في أحد تقاريرها، أن للحوثيين سجلاً حافلاً في استخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات، مما يثير مخاوف من أن يكون المحتجزون قد أدلوا بالاعترافات بالإكراه.

ورأت المنظمة الدولية أن بث الاعترافات القسرية يقوض حقوق المحتجزين في افتراض البراءة والحق في عدم تجريم الذات. وبينت أن الحوثيين سبق واستهدفوا العاملين في المجالَيْن الحقوقي والإنساني، حيث لا يزال أربعة من الموظفين اليمنيين العاملين في مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان واليونسكو محتجزين تعسفياً، وبمعزل عن العالم الخارجي منذ اعتقالهم في عامي 2021 و2023.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.