تبكير غلق المحال التجارية يثير انتقادات في مصر

ضمن إجراءات حكومية لترشيد استهلاك الكهرباء

أحد أحياء القاهرة يغرق في الظلام أثناء فترة انقطاع التيار الكهربائي (أ.ف.ب)
أحد أحياء القاهرة يغرق في الظلام أثناء فترة انقطاع التيار الكهربائي (أ.ف.ب)
TT

تبكير غلق المحال التجارية يثير انتقادات في مصر

أحد أحياء القاهرة يغرق في الظلام أثناء فترة انقطاع التيار الكهربائي (أ.ف.ب)
أحد أحياء القاهرة يغرق في الظلام أثناء فترة انقطاع التيار الكهربائي (أ.ف.ب)

أثار قرار الحكومة المصرية بتبكير موعد غلق «المحال التجارية»، ضمن إجراءات حكومية لترشيد استهلاك الكهرباء، موجة انتقادات واسعة، خاصة لتزامن القرار مع تطبيق «التوقيت الصيفي»، الذي يقلص فترة الليل.

وناشد برلمانيون وإعلاميون وناشطون الحكومة بضرورة مراجعة قرار غلق المحال التجارية الساعة الـ10 ليلاً، بدءاً من يوليو (تموز) المقبل، مع إجراء «حوار مجتمعي» بشأن قرار تبكير غلق المحال، ودراسة جدوى تأثيره على ترشيد استهلاك الكهرباء.

ويشمل القرار، الذي أعلنه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الثلاثاء، ضمن حزمة إجراءات لترشيد استهلاك الكهرباء، غلق جميع المحال التجارية (المنفردة بالطرق والشوارع والمولات) الساعة الـ10 مساء، وغلق «الصيدليات والسوبر ماركت والمطاعم»، في تمام الساعة 1 صباحاً، وذلك اعتباراً من بداية يوليو المقبل.

ومنذ العام الماضي لجأت الحكومة المصرية لخطة تسمى «تخفيف الأحمال»، تقضي بقطع التيار عن مناطق عدة يومياً، إثر أزمة في إمدادات الطاقة.

ومع شكاوى المواطنين من طول فترات انقطاع التيار الكهربائي الأيام الماضية، ضمن خطة تخفيف الأحمال، أعلنت الحكومة المصرية، عن إجراءات تدريجية لحل الأزمة، تشمل استمرار تخفيف الأحمال لمدة 3 ساعات يومياً حتى نهاية الأسبوع الحالي، على أن تنخفض إلى ساعتين يومياً بداية من الأسبوع المقبل وحتى الأسبوع الثالث من يوليو، لحين تسلم شحنات الوقود اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء، بعدها سيتم العمل على إيقاف انقطاع الكهربائي خلال أغسطس (آب).

غير أن قرار مجلس الوزراء المصري بتبكير موعد غلق المحال التجارية، لاقى تفاعلاً واسعاً وانتقاداً، خاصة بين مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، الذين حذروا من تأثير القرار على دخل كثير من العمال.

وشن عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري، هجوماً ضد مدبولي، مشيراً إلى أن إدارة ملف أزمة الكهرباء «جاءت بنتائج سلبية في الشارع»، موضحاً في منشور على صفحته بمنصة «إكس»، أن قرار إغلاق المحال في العاشرة مساء «سبب المزيد من الاحتقان»، وأن الأزمة «سببت عدم ثقة من الشارع في أداء الحكومة ومصداقيتها». وانتقد بكري تأخر مدبولي في إعلان التشكيل الوزاري الجديد وحركة المحافظين.

وطالب الإعلامي المصري أحمد موسى، عبر حسابه على منصة «إكس»، بـ«إلغاء التوقيت الصيفي»، مشيراً إلى أن قرار غلق المحال التجارية «يشمل قرابة 180 ألف محل ومطعم شعبي».

ومن المنتظر أن تصدر وزارة التنمية المحلية المصرية، منشوراً بضوابط تنفيذ القرار ومواعيد غلق المحال التجارية الجديدة، بـ«ما لا يؤثر على الخدمات الأساسية للمواطنين، وبما لا يؤثر على قطاع السياحة»، حسبما أعلن المتحدث باسم مجلس الوزراء محمد الحمصاني في تصريحات تلفزيونية مساء الثلاثاء.

وكشفت مصادر مصرية مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك تقييماً ودراسة لقرار الغلق المبكر للمحال التجارية»، وأشارت إلى «اجتماعات مرتقبة على المستوى الحكومي يشارك فيها مختلف الجهات لدراسة القرار وآليات تطبيقه».

وتُطبق حالياً المواعيد الصيفية لغلق المحال بمصر، طبقاً لقرار اللجنة العليا لترخيص المحال العامة، حيث تفتح المحال والمولات التجارية من السابعة صباحاً حتى الحادية عشر مساء، عدا يومي الخميس والجمعة والإجازات الرسمية تغلق في الثانية عشرة منتصف الليل، في حين تغلق المطاعم والكافيهات في الواحدة صباحاً.

وناشد رئيس جهاز تنظيم مرفق الكهرباء الأسبق حافظ سلماوي، بـ«ضرورة إجراء حوار مجتمعي قبل تنفيذ مواعيد غلق المحال التجارية الجديدة»، وأشار إلى أنه «رغم عوائد الترشيد التي قد تنتج عن القرار، لكن المترددين على المحال سيذهبون لاستهلاك الكهرباء في أماكن أخرى»، معتبراً أن «تقديم الغلق يسبب خسائر اقتصادية، خصوصاً أن حركة التجارة الداخلية تظل قائمة حتى الثانية عشرة منتصف الليل صيفاً».

وطالب سلماوي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بـ«تطبيق القرار بشكل مؤقت، خلال أسبوعين أو ثلاثة، لحين انتهاء فترة قطع الكهرباء المعلنة»، مشيراً إلى أن «تعميم تطبيقه طوال فترة الصيف، يحتاج لدراسة آثاره، وجدواه من ناحية ترشيد استهلاك الكهرباء».

ودعا المسؤول الأسبق، إلى طرح بدائل أخرى لترشيد استهلاك المحال التجارية، منها «رؤية لتخفيض المحال الإضاءة الخارجية، مع مد فترات عملها ليلاً».

في المقابل، أبدى البعض تقبله لقرار الحكومة المصرية، على أمل مساهمته في توفير استهلاك الكهرباء، في ظل أزمة الطاقة التي تواجهها البلاد.

يقول رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، متى بشاي، إن قرار تبكير غلق المحال التجارية، سيسهم في تخفيف أحمال الكهرباء بشكل كبير في فترة الصيف.

وعدّ بشاي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، القرار «تنظيمياً وليس بهدف التضييق على أصحاب المحال التجارية»، مشيراً إلى أن «الحكومة راعت مواعيد الإغلاق لبعض المحال مثل الكافيهات والمطاعم، في ظل اعتماد أنشطة الأماكن السياحية على فترات المساء صيفاً»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «غالبية الدول الأوروبية تطبق مثل تلك الإجراءات للحفاظ على الاستهلاك».


مقالات ذات صلة

مصر تنوع دعمها للصومال بقافلة طبية وسلع غذائية

شمال افريقيا القافلة الطبية المصرية للصومال (وزارة الصحة المصرية)

مصر تنوع دعمها للصومال بقافلة طبية وسلع غذائية

عززت مصر من دعمها للصومال بإرسال قافلة طبية موسعة والإعلان عن تعاون مع مقديشو في مجال الأمن الغذائي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا واجه المرضى نقصاً في الأدوية خلال الشهور الماضية (وزارة الصحة المصرية)

مصر: تعهدات حكومية بإنهاء أزمة نقص الأدوية خلال أسابيع

تواصلت التعهدات الحكومية في مصر من جديد بإنهاء أزمة نقص الأدوية خلال أسابيع.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره الصيني في نيويورك (الخارجية المصرية)

مصر لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» بتحركات مكثفة بنيويورك

كثّفت مصر من تحركاتها الدبلوماسية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لدعم موقفها في نزاع «سد النهضة» الإثيوبي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا أسعار الطماطم سجلت مستويات قياسية في مصر (المصدر: موقع سوق العبور)

«الطماطم» تعاند موائد المصريين وتواصل الارتفاع

سجلت أسعار الطماطم، التي تُعد غذاء أساسياً للمصريين يدخل في الوجبات والأكلات كافة، مستويات غير مسبوقة.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا مقر وزارة الداخلية المصرية (صفحة الوزارة على «فيسبوك»)

انتقادات متصاعدة بشأن مقطع صوتي لـ«اعترافات طبيبين بالتحرش» في مصر

تصاعدت في مصر الانتقادات بشأن مقطع صوتي متداول لحديث جرى نسبه إلى «طبيبين»، قالا إنهما «قاما بالتحرش بالمترددات على المستشفيات للعلاج».

أحمد عدلي (القاهرة )

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.