اعتقالات في صنعاء وضواحيها لرفض الاحتفال بـ«يوم الولاية»

اتهامات للحوثيين بإنفاق 70 مليون دولار

الحوثيون يجبرون الأطفال والنساء على المشاركة قسرياً في فعاليات تمجد زعيمهم (إعلام حوثي)
الحوثيون يجبرون الأطفال والنساء على المشاركة قسرياً في فعاليات تمجد زعيمهم (إعلام حوثي)
TT

اعتقالات في صنعاء وضواحيها لرفض الاحتفال بـ«يوم الولاية»

الحوثيون يجبرون الأطفال والنساء على المشاركة قسرياً في فعاليات تمجد زعيمهم (إعلام حوثي)
الحوثيون يجبرون الأطفال والنساء على المشاركة قسرياً في فعاليات تمجد زعيمهم (إعلام حوثي)

شنت الجماعة الحوثية حملة اعتقالات واسعة طالت عشرات السكان بمن فيهم الموظفون الحكوميون في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وريفها، وذلك على خلفية رفضهم المشاركة في احتفالات ما يسمى «يوم الولاية»، وهي مناسبة سنوية تكرّسها الجماعة لتأكيد الأحقية المزعومة لعائلة عبد الملك الحوثي في حكم اليمنيين. وفق ما ذكرته مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط».

وأفادت المصادر بأن الجماعة الانقلابية أعلنت قبل الاحتفال حالة استنفار، وأصدرت عبر ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات تعميمات إلى أتباعها في عموم المديريات والأحياء في صنعاء وضواحيها تحضهم على تحشيد السكان من مختلف الفئات والأعمار بمختلف الوسائل إلى ميادين الاحتفال.

الانقلابيون في اليمن يتجاهلون معاناة السكان ويخصصون الأموال لأتباعهم (رويترز)

وأكدت المصادر أن الجماعة الحوثية شنت بعد انتهاء فعالياتها حملات خطف واعتقال طاولت عشرات السكان، بينهم موظفون وعناصر ومشرفون تابعون لها في أحياء متفرقة تتبع مديريات معين والوحدة والسبعين والثورة وبني الحارث في صنعاء، على خلفية تغيبهم عن المشاركة وحضور الفعالية، حيث تم الإبلاغ عنهم عبر مسؤولي الأحياء.

وأقامت الجماعة خلال 9 أيام سبقت الاحتفال الرئيسي أكثر من 112 احتفالية بمناطق سيطرتها، وسط تقديرات بأنها أنفقت عليها 70 مليون دولار، بالتزامن مع شن عناصرها المسلحين سلسلة حملات لإجبار اليمنيين على تقديم التبرعات المالية لتمويل الفعالية.

ويؤكد رمزي، وهو اسم مستعار لأحد السكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، قيام عناصر الجماعة باستخدام مكبرات الصوت والتجول مراراً في الشوارع وبين الأحياء والحارات؛ للحضّ على حضور الاحتفالات، وسماع خطبة زعيم الجماعة بالمناسبة.

استياء ورفض

قوبل سلوك الجماعة بحالة من الاستياء والرفض في أوساط السكان، حيث تروج الجماعة لمناسباتها الطائفية، وتهدر عشرات الملايين من الدولارات لإقامة الفعاليات، يصاحبها إلصاق الصور والشعارات على جدران المنازل وفي الشوارع، بينما يعاني ملايين اليمنيين من توقف رواتبهم واتساع رقعة الفقر وتقطع سبل الحياة وتدهور الخدمات، وتفشي الأوبئة.

انقلابيو اليمن يحرمون الموظفين من الرواتب ويغدقون الأموال لإحياء مناسبة طائفية (الشرق الأوسط)

ويتزامن تبديد الأموال من قبل الحوثيين مع التحذيرات الأممية من تصاعد معاناة اليمنيين بمناطق سيطرة الجماعة الحوثية نتيجة الحرب المستمرة والتصعيد في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو ما يهدد بارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي.

وتستمر الجماعة منذ انقلابها وإشعالها فتيل الحرب في استغلال المناسبات ذات الصبغة الطائفية من أجل الجباية وجمع التبرعات العينية والنقدية والاستقطاب للتجنيد.

وفي حين شكا التجار من تعرضهم للابتزاز والتهديد والإجبار على دفع الجبايات قبيل وخلال الاحتفالات بمناسبات الجماعة التي لا تتوقف طوال العام، كانت مصادر مطلعة في صنعاء قدّرت في وقت سابق أن الجماعة خصصت ما يعادل 50 مليون دولار لإقامة فعاليات ما تسمى «يوم الولاية» في العام الماضي.


مقالات ذات صلة

تدمير 4 طائرات حوثية من دون طيار بنيران أميركية وأوروبية

العالم العربي مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

تدمير 4 طائرات حوثية من دون طيار بنيران أميركية وأوروبية

أعلن الجيش الأميركي تدمير أربع طائرات مسيّرة حوثية مع شركائه الأوروبيين، في سياق عمليات التصدي الدفاعية لهجمات الجماعة المستمرة ضد السفن للشهر الثامن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يستخدمون التعليم منصة للتعبئة الطائفية والقتالية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يمنعون مبادرات خيرية لعون طلبة المدارس

أوقفت جماعة الحوثيين مبادرات خيرية لدعم طلبة المدارس بصنعاء وريفها وصادرت لوازم مدرسية كانت مخصصة لمئات الطلبة وذلك في سياق إعاقة الأعمال الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

زعيم الحوثيين يتوعد بالمزيد من الاعتقالات بتهم «التجسس»

توعد زعيم الحوثيين بالمزيد من الاعتقالات في مناطق سيطرته في اليمن بتهم التجسس لمصلحة الولايات المتحدة، في حين دعت منظمات دولية إلى سرعة إطلاق المعتقلين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المهمة الأوروبية البحرية أسهمت في مرافقة 17 سفينة تجارية بالبحر الأحمر (إكس)

خطورة هجمات الحوثيين تتراجع و«أسبيدس» الأوروبية تدمر مسيرتين

وسط تراجع في خطورة هجمات الحوثيين خلال الأسبوع الأخير أعلنت مهمة الاتحاد الأوروبي العسكرية لحماية السفن (أسبيدس) تدمير طائرتين من دون طيار فوق خليج عدن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي النساء اللائي يعانين من سوء التغذية في اليمن معرضات بشكل كبير لمخاطر الحمل والولادة (الأمم المتحدة)

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

كشفت مصادر صحية يمنية عن ارتفاع مستوى سوء التغذية الحاد بمختلف أشكاله في أوساط الأمهات والأطفال دون الخامسة في مناطق عدة واقعة تحت سيطرة الحوثيين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

انقلابيو اليمن يمنعون مبادرات خيرية لعون طلبة المدارس

توزيع مستلزمات مدرسية على أبناء القتلى الحوثيين دون غيرهم من الأسر المحتاجة في صنعاء (فيسبوك)
توزيع مستلزمات مدرسية على أبناء القتلى الحوثيين دون غيرهم من الأسر المحتاجة في صنعاء (فيسبوك)
TT

انقلابيو اليمن يمنعون مبادرات خيرية لعون طلبة المدارس

توزيع مستلزمات مدرسية على أبناء القتلى الحوثيين دون غيرهم من الأسر المحتاجة في صنعاء (فيسبوك)
توزيع مستلزمات مدرسية على أبناء القتلى الحوثيين دون غيرهم من الأسر المحتاجة في صنعاء (فيسبوك)

أوقفت جماعة الحوثيين مبادرات خيرية لدعم طلبة المدارس في صنعاء وريفها، وصادرت لوازم مدرسية كانت مخصصة لمئات الطلبة، وذلك في سياق إعاقة الجماعة لمساعي الأعمال الإنسانية الرامية للتخفيف من حدة الأعباء التي تكابدها آلاف الأسر اليمنية.

وكشفت مصادر مقربة من دائرة حكم الجماعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن تلقي ما يسمى «المجلس الأعلى لتنسيق الأعمال الإنسانية» خلال أسبوعين بلاغات من أتباعها بوجود متطوعين في صنعاء وريفها يقومون بتنفيذ مبادرات لمساعدة الطلبة الأشد احتياجاً.

الحوثيون يستخدمون التعليم منصة للتعبئة الطائفية والقتالية (فيسبوك)

وبموجب تلك البلاغات سارعت الجماعة الحوثية إلى شن حملات مباغتة استهدفت نحو 27 مبادرة كانت تقوم بعملها الإنساني، وتوزيع احتياجات مدرسية لمئات الطلبة الفقراء في أحياء عصر، والسنينة، ومذبح، ومسيك، ونقم، وفي معين وآزال داخل مدينة صنعاء، كما استهدفت مبادرات ومتطوعين آخرين في قرى شعبان والحائط وجوزة وبيت نعامة وجيرف بمديريتي بني مطر وسنحان في ريف المدينة.

وإلى جانب اعتقال الحملات التعسفية عشرات العاملين في المبادرات التطوعية وإيداعهم السجون، عمدت الجماعة أيضاً، وفق المصادر، إلى مصادرة كميات كبيرة من اللوازم المدرسية، يشمل بعضها حقائب ودفاتر وأقلاماً وأزياء مدرسية، وخصصت كميات منها لمصلحة ذوي القتلى والجرحى من عناصرها، وقامت ببيع البقية في السوق لغرض التكسب غير المشروع.

واشتكى عاملون في فريق تطوعي طاوله الاستهداف الحوثي بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف الجماعة حملات البطش والنهب بغية سرقة كل ما يتم جمعه من لوازم ومتطلبات مدرسية لمصلحة الطلبة الفقراء، وضمن مساعي الجماعة لإعاقة العملية التعليمية بهدف إبعاد أكبر عدد من الطلبة عن المدارس لهذا العام من أجل استغلالهم للتعبئة والتجنيد.

ولجأ العاملون في الفريق التطوعي إلى تخصيص أوقات عملهم خلال الفترات المسائية ومن بعد الفجر وحتى طلوع الشمس، وذلك حتى لا يراهم المخبرون والجواسيس الحوثيون، حيث يباشرون بالإبلاغ عنهم.

مستلزمات مدرسية تخصصها الجماعة الحوثية لمصلحة أبناء عناصرها (فيسبوك)

وتحدث رئيس الفريق التطوعي، الذي فضّل عدم نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، عن أنه قد تفاجأ، قبل عدة أيام، بمجموعة مسلحين على متن عربات حوثية تباغتهم أثناء عملية توزيع اللوازم المدرسية على بعض الطلبة في حي فقير بصنعاء، ومصادرة كمية المستلزمات، واعتقال عدد من المتطوعين لساعات، ثم الإفراج عنهم بعد الالتزام بعدم العودة إلى العمل في هذا المجال.

وأوضح المتطوع أن مبادرة فريقه تأسست قبل نحو شهرين، وهي شبابية طوعية هدفها مساعدة طلبة المدارس في صنعاء وضواحيها عبر توفير بعض المتطلبات الدراسية لهم، حتى لا يؤثر وضع أُسرهم المتدني على عدم التحاقهم بالتعليم في العام الدراسي الجديد.

إعاقة العمل الطوعي

نظراً للاحتياجات المجتمعية الكبيرة مقارنة بالازدياد المستمر في أعداد الأسر اليمنية التي تعاني وضعاً مأساوياً نتيجة الانقلاب والحرب، أفاد رئيس الفريق التطوعي بأن زملاءه العاملين في المبادرة، جُلهم من الشباب، كانوا يطمحون إلى توسيع ذلك العمل الإنساني في صنعاء وريفها فور الانتهاء من تقديم العون لطلبة المدارس الفقراء، إلى تقديم الدعم لطلبة المعاهد والجامعات والكليات التعليمية المختلفة الذين يعانون بشدة حتى يواصلوا مسيرتهم الدراسية.

ويُعد العمل الطوعي في اليمن وتحديداً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فرصة كبيرة لكثير من اليمنيين بما فيهم فئة الشباب الذين يعتبرونه متنفساً لهم من شأنه أن يبعدهم عن أجواء الحرب وعن المشاركة فيها، كما يوضح أحد الناشطين في صنعاء.

الحوثيون يضعون صور زعيمهم وأقاربه على أغلفة الكتب الدراسية لتكريس أحقيته المزعومة في حكم اليمن (إكس)

ولجأت الجماعة الحوثية منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، إلى استخدام مختلف الطرق والأساليب لتضييق الخناق على المؤسسات والجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، وعمدت في المقابل إلى إغلاق المئات منها بمناطق سيطرتها، واستحدثت أخرى تابعة لها لتحكم قبضتها على الفعاليات والأنشطة الخيرية والإنسانية كافة.

وسبق أن اشتكت مؤسسات ومبادرات كثيرة في أوقات سابقة من تدخلات الجماعة الحوثية في أنشطتها، ومحاولة فرض أجندة خاصة بها أثناء عملية توزيع مختلف المساعدات مع ممارسة الابتزاز المالي، الأمر الذي دفع كثيراً من هذه الجمعيات إلى التوقف عن العمل في ظل الأوضاع المأساوية التي لا يزال يعيشها اليمنيون بمناطق السيطرة الحوثية.