«الديمقراطي» الكردستاني يقدم أوراق اعتماد مشاركته في انتخابات الإقليم

بعد أن علّقها احتجاجاً على إلغاء «كوتة» الأقليات

وسط أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق (رويترز)
وسط أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق (رويترز)
TT

«الديمقراطي» الكردستاني يقدم أوراق اعتماد مشاركته في انتخابات الإقليم

وسط أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق (رويترز)
وسط أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق (رويترز)

قدم الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني، الأحد، أوراق اعتماد مشاركته في انتخابات برلمان الإقليم التي يتوقع أن تُجرى في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.

وأعلنت مفوضية الانتخابات الاتحادية التي ستضطلع بمهمة إجراء الانتخابات في الإقليم بعد انتهاء ولاية مفوضية الإقليم التي كانت تتولى عملية إدارة الانتخابات في الدورات السابقة، أن «الحزب الديمقراطي الكردستاني قدّم إلى مفوضية الانتخابات، دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية، كتاب إبداء الرغبة بالمشاركة في انتخابات برلمان إقليم كوردستان 2024»، طبقاً للمتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي.

وعلّق الحزب الديمقراطي في مارس (آذار) الماضي، مشاركته في الانتخابات المحلية احتجاجاً على قرار المحكمة الاتحادية إلغاء «كوتة» الأقليات البالغة 11 مقعداً في قانون انتخابات الإقليم، لكنه تراجع عن قراره بعد أن كسب رئيس وزراء الإقليم حكماً من المحكمة الاتحادية يخصص 5 مقاعد للأقليات؛ مسيحيين وتركمان، في برلمان كردستان.

وأعلن المدير الإقليمي لمكتب انتخابات أربيل مروان محمد، أول من أمس، فتح باب الترشيح أمام التحالفات والكيانات والأحزاب والأفراد ومرشحي المكونات الراغبين بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية بإقليم كردستان، استناداً إلى قرار مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات الاتحادية.

وحول موعد إجراء الانتخابات، ذكر محمد أن «المفوضية قدمت طلباً إلى رئاسة الإقليم لتحديد موعد جديد اقترحت أن يكون في الخامس من شهر سبتمبر المقبل، ‏وهي الآن بانتظار الرد من رئاسة الإقليم والمفوضية ليست لديها مشكلة في تحديد موعد بعد شهر سبتمبر».

كان رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني قد حدد، في مارس (آذار) الماضي، تاريخ (10 يونيو/حزيران) لإجراء الانتخابات، لكن التعقيدات والمشكلات التي ارتبطت بقرار المحكمة الاتحادية وتعليق مشاركة الديمقراطي في الانتخابات دعت إلى تأجيلها إلى موعد جديد.

وسبق أن صدّق مجلس الموظفين في مفوضية الانتخابات الاتحادية على قرار للمحكمة الاتحادية يقضي بتوزيع مقاعد برلمان الإقليم على 4 مناطق انتخابية (أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة)، عندما كانت تُجرى الانتخابات في الدورات السابقة ضمن نظام الدائرة الواحدة.

ويتألف برلمان كردستان، وفق القانون الجديد من 100 مقعد (كانت 110 مقاعد سابقاً) موزعة على المناطق الانتخابية، بواقع 34 مقعداً لأربيل، منها مقعد واحد للمكون المسيحي ومثله للتركمان و38 مقعداً كلياً للسليمانية منها مقعد للمكون المسيحي ومثله للتركمان، و25 مقعداً لدهوك وضمنها مقعد واحد للمكون المسيحي، و3 مقاعد لحلبجة.

ويتنافس تقليدياً الحزبان الرئيسان في كردستان؛ الحزب الديمقراطي وحزب الاتحاد، للفوز بأكبر نسبة من مقاعد برلمان الإقليم، ودخلت في السنوات الأخيرة قوى أحزاب جديدة على خط المنافسة، وضمنها حراك «الجيل الجديد» الذي ينافس بقوة في محافظة السليمانية معقل حزب الاتحاد الوطني، وتنافس أيضاً حركة «التغيير» في المحافظة ذاتها، الأمر الذي قد يقلل من حظوظ حزب الاتحاد الوطني في الحصول على مقاعد وازنة في البرلمان المحلي، الأمر الذي يعزز فرض غريمه الحزب الديمقراطي في إبقاء هيمنته على البرلمان والحكومة.

في الإقليم أيضاً، قال قوباد طالباني، نائب رئيس حكومة إقليم كردستان، إن مشكلة رواتب الموظفين تتجه نحو الحل بالاتفاق بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية.

وتحدث طالباني، في مؤتمر صحافي عقده الأحد، عن أن وفد حكومة الإقليم الموجود في بغداد هذه الأيام «ذهب لمناقشة موضوع نفط كردستان مع الحكومة الاتحادية، ونتمنى أن يتم التوصل إلى اتفاق ليتم استئناف صادرات نفط الإقليم وفقاً للتعليمات والضوابط التي يتم الاتفاق عليها، لكي تزيد واردات إقليم كردستان والعراق».

وأضاف طلباني أنه «سيتم إرسال قوائم أسماء القوات الأمنية إلى الحكومة الاتحادية وبعد تدقيق قصير لها سيتم صرفها، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تأخير الرواتب، وخلال الأشهر المقبلة لن يتم ذلك».

وعبّر عن تفاؤله بأن موضوع مرتبات الموظفين التي شكلت هاجساً مقلقاً لسلطات الإقليم خلال السنوات الأخيرة «يتجه نحو الحل النهائي وخلال الأشهر المقبلة لن تبقى هناك مشكلة اسمها الرواتب، والآن نحن نتجه مع الحكومة الاتحادية نحو حل هذه المشكلة بشكل نهائي».‏‏



تطورات المنطقة وأوضاع الداخل تعزز خلافات الأجنحة الحوثية

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

تطورات المنطقة وأوضاع الداخل تعزز خلافات الأجنحة الحوثية

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

تسببت مخاوف الجماعة الحوثية من ملاقاة مصير «حزب الله» اللبناني أو نظام بشار الأسد في سوريا، في تصاعد حدة الخلافات والتنافس داخلها، وبروز انقسامات جديدة حول مستقبلها، في ظل تقليص النفوذ الإيراني، وبروز رغبة غربية في إخراج طهران من المنطقة.

وتسببت تطورات الأحداث التي تشهدها المنطقة، مع ممارسات الجماعة داخلياً، وتنافس أجنحتها على النفوذ والثروات، إلى جانب تصعيدها في البحر الأحمر وهجماتها على إسرائيل، والردود العسكرية الأميركية البريطانية والإسرائيلية؛ في إثارة مخاوفها من احتمالية نشوء توجه دولي يتوافق مع رغبة محلية وإقليمية لإنهاء انقلابها في اليمن.

وذكرت مصادر محلية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن انقسامات كبيرة ظهرت في أوساط الجماعة الحوثية خلال الأشهر الماضية، مع صعود مطالب بإحداث تغييرات فعلية في هيكلها القيادي، والاستجابة لدعوات وجهود السلام، والتصالح مع مختلف الأطراف داخلياً وخارجياً، لتجنيبها مصير «حزب الله» اللبناني، أو نظام بشار الأسد في سوريا.

منذ أكثر من عام بدأت الجماعة الحوثية هجماتها في البحر الأحمر وتصعيدها ضد إسرائيل (أ.ف.ب)

وبيَّنت المصادر أن ما زاد الانقسام في أوساط الجماعة لجوء قادتها إلى التوقف عن استخدام أجهزة الاتصالات والأجهزة الإلكترونية، بسبب مخاوفهم من أن تُستخدم في التجسس عليهم أو اغتيالهم، كما جرى لآلاف من عناصر «حزب الله» اللبناني في سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى جانب نزوح غالبيتهم من منازلهم إلى منازل مستأجرة، واتباع وسائل تخفٍّ متعددة.

وبالإضافة إلى ذلك، توقفت غالبية القيادات الحوثية عن حضور الاجتماعات واللقاءات الاعتيادية، ولجأت إلى وسائل معقدة للتواصل فيما بينها.

وتسببت هذه الإجراءات الاحترازية في انقطاع التواصل بين مختلف القيادات، وعدم معرفة غالبيتها بما يجري التخطيط له للتعاطي مع مختلف التطورات الداخلية والخارجية، واتخاذ قرارات وتنفيذ إجراءات دون تنسيق.

جداريات في صنعاء للقيادي الحوثي مهدي المشاط وحسن نصر الله وقاسم سليماني (إ.ب.أ)

وحسب المصادر، فإن الانقسامات الأخيرة التي تشهدها الجماعة، مردُّها إلى خلافات كبيرة بشأن التعاطي مع التطورات الأخيرة في المنطقة؛ حيث ترى بعض القيادات ضرورة تقديم تنازلات للأطراف المحلية والإقليمية والدولية، لتجنب مصير «حزب الله» ونظام بشار الأسد، بينما فريق آخر يصر على استمرار التصعيد، وعدم الرضوخ لأي ضغوط عسكرية كانت أو سياسية.

مخاوف وإصرار

وضعت الشخصيات التي تطالب بتقديم التنازلات كثيراً من المعطيات الميدانية والسياسية التي تعدُّها مؤشرات إلى احتمالية خسارة المواجهات التي تخوضها الجماعة، ومن ذلك الخسائر الكبيرة في العتاد والمعدات التقنية الحديثة والنوعية، مثل مواقع الصواريخ والطائرات المُسيَّرة والرادارات، نتيجة الضربات الأميركية البريطانية، وفق توضيح المصادر.

وإضافة إلى ذلك، فإن الضربات الإسرائيلية تسببت في خسائر اقتصادية كبيرة؛ خصوصاً في قطاع الطاقة الذي استهدفه الطيران الإسرائيلي، خلال هجماته الثلاث على المنشآت التي تسيطر عليها الجماعة.

الأوضاع الإنسانية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تزداد سوءاً بسبب تصعيدها العسكري خارج البلاد (إ.ب.أ)

وترى هذه الشخصيات أن المواجهة مع الغرب وإسرائيل لم يعد لها داعٍ، وأنها تأتي بالضرر أكثر مما تحقق من مكاسب؛ خصوصاً بعد اضطرار «حزب الله» إلى الدخول في اتفاقية تهدئة مع إسرائيل، وسقوط نظام الأسد في سوريا، ما يجعل الجماعة شبه وحيدة في المعركة، ويسهل هزيمتها مع تراجع الغطاء الإيراني.

وحذَّر هذا الجناح من أن الضربات الغربية والإسرائيلية، إلى جانب العقوبات الاقتصادية المفروضة على عدد من الشخصيات، تسببت خلال الأشهر الأخيرة في أزمات معيشية بدأت معالمها أخيراً بحدوث نقص في الوقود والسلع الغذائية، ولم يجرِ التركيز عليها إعلامياً؛ لأنها لم تشكِّل فرقاً كبيراً عن الوضع السائد قبلها.

وفي مقابل هذا الرأي، يصرُّ جناح آخر على استمرار المواجهة مع الغرب وإسرائيل، باعتبار ذلك أحد أسباب قوة الجماعة وحصولها على التأييد الشعبي محلياً وإقليمياً، وحتى على مستوى العالم، لكون هذه المواجهة تأتي رداً على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

قادة حوثيون في محافظة الحديدة يتحدثون عن تأثير الضربات الإسرائيلية الأخيرة على المنشآت (إعلام حوثي)

ويذهب هذا الجناح -الذي وصفته المصادر بالعقائدي- إلى أن الضربات الجوية لن تضرَّ الجماعة ما دامت تُحكم سيطرتها ونفوذها على الأرض، وأن الخسائر في العتاد والمنشآت لا تكفي لهزيمتها، وهي خسائر يمكن تعويضها من خلال الموارد المحلية والدعم الخارجي.

كما يتوقع هذا الجناح أن الضربات الغربية والإسرائيلية ستخفف الأعباء، في مواجهة المطالب الشعبية بتحسين الأوضاع المعيشية، وصرف رواتب الموظفين العموميين وتوفير الخدمات، وسيسهل استغلالها في مواجهة الحكومة الشرعية التي دأبت الجماعة على وصفها بالعميلة للغرب وإسرائيل.

العودة إلى العقائديين

وفي منظور الجناح العقائدي؛ فإن الحكومة الشرعية ليست مستعدة في الوقت الحالي للعودة إلى المواجهات العسكرية، ولن تحصل على ضوء أخضر للعودة إلى المعارك ما دام المجتمع الدولي يأمل في إمكانية نجاح جهود السلام، إلى جانب أن الغرب يخشى من حدوث فوضى تتسبب في مزيد من المخاطر على طرق الملاحة الدولية.

القيادي الحوثي قاسم الحمران في زيارة معرض قتلى الجماعة الحوثية في صنعاء (إعلام حوثي)

ووصلت الصراعات بين أجنحة الجماعة الحوثية إلى المطالبة بالإطاحة بالقيادي مهدي المشاط، رئيس ما يُعرف بـ«المجلس السياسي الأعلى» (مجلس الحكم الانقلابي) حسب مصادر صحافية يمنية، وتعيين القيادي المقرب من زعيم الجماعة قاسم الحمران بدلاً عنه.

وتشير المعلومات التي جرى الكشف عنها إلى أن قيادة الجماعة تسعى إلى إعادة تماسك هيئاتها القيادية، بما فيها «المجلس السياسي» الذي أدى صراع الأجنحة إلى إضعافه، بتولي شخصيات فضَّلت مصالحها الشخصية ومساعيها للإثراء على مصالح الجماعة، وتسببت في غضب شعبي عليها.

وكانت الجماعة الحوثية قد شكَّلت في أغسطس (آب) الماضي حكومة جديدة، غير معترف بها، أطلقت عليها اسم «حكومة التغيير والبناء»، وكشفت «الشرق الأوسط» حينها عن تعيين قيادات عقائدية لتسيير أعمال هذه الحكومة، من خلال مناصب ثانوية فيها، في حين يمارس رئيسها وغالبية أعضائها مهام شكلية.