نقص مياه الشرب والإتاوات يفاقمان معاناة اليمنيين في إبّ

الحوثيون أغلقوا 5 آبار وأوقفوا مشروعات تجارية

يمنيون يقفون أمام صهريج خيري للحصول على مياه الشرب (فيسبوك)
يمنيون يقفون أمام صهريج خيري للحصول على مياه الشرب (فيسبوك)
TT

نقص مياه الشرب والإتاوات يفاقمان معاناة اليمنيين في إبّ

يمنيون يقفون أمام صهريج خيري للحصول على مياه الشرب (فيسبوك)
يمنيون يقفون أمام صهريج خيري للحصول على مياه الشرب (فيسبوك)

بالتوازي مع تأكيد الأمم المتحدة أن اليمن يعد من أكثر بلدان المنطقة شحة في المياه والأول من حيث عدم الحصول على مياه الشرب النظيفة لعدم توفرها، استهدفت الجماعة الحوثية بالتعسف والإغلاق آباراً ومشروعات مياه تجارية في محافظة إبّ اليمنية ضمن حملة تهدف إلى فرض إتاوات جديدة.

وذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة قامت بإغلاق نحو 5 آبار مياه خاصة في عدة مناطق متفرقة بمدينة إبّ عاصمة مركز المحافظة بناء على مبررات ابتزازية.

بئر مياه خاصة في إحدى المناطق في صنعاء (الشرق الأوسط)

وأفادت المصادر بأن الحملة الجديدة ضد ملاك الآبار رافقها تصاعد شكاوى آلاف السكان في المدينة التي تعاني من كثافة عالية ومن وجود أزمة حادة في مياه الشرب، بسبب الإتاوات المفروضة بحق مُلاك الآبار وصهاريج المياه وتعسفات أخرى ترتكبها الجماعة بحق قطاع المياه ومنتسبيه.

وأغلقت الجماعة الحوثية - بحسب المصادر - بئرين في منطقة السبل، وبئراً في منطقة حراثة، وبئراً في جوبلة، وبئراً في منطقة الجبانة بذات المدينة.

وشكا اثنان من مُلاك الآبار المغلقة لـ«الشرق الأوسط»، من قيام مسلحي الجماعة بالتعدي عليهم وإغلاق الآبار بعد رفضهم الاستجابة لدفع إتاوات، وأكدوا أن تلك الإجراءات التعسفية من شأنها أن تضاعف إلى حد كبير من معاناتهم وتلقي بتبعاتها السلبية على حياة ومعيشة السكان في المحافظة.

ويشير فيصل، وهو أحد السكان في إبّ، لـ«الشرق الأوسط»، إلى وجود صعوبات خلال رحلة البحث لغرض جلب مياه الشرب في ظل حملات الحوثيين غير المبررة على آبار المياه بالمدينة، يرافقها استمرار انعدام المياه سواء من المشروع الرسمي أو من المياه الخيرية أو من خلال الصهاريج التي ارتفعت تكلفتها بصورة غير مبررة.

فساد وعبث

أكد عاملون في مؤسسة المياه الخاضعة للحوثيين في إبّ عن وجود أزمة حادة في مياه الشرب يعانيها سكان مركز المحافظة ومديريات عدة تابعة لها، وأرجعوا الأسباب إلى استمرار العشوائية والفساد، إضافة إلى تمكين الجماعة لعناصرها من الحفر العشوائي للآبار الارتوازية، مع غياب الاستراتيجيات المعنية بالحفاظ على الموارد المائية والأحواض الجوفية.

وتحدثت مصادر محلية في إبّ لـ«الشرق الأوسط»، عن إيقاف مشرفين حوثيين في سياق حملتهم الابتزازية عدداً من المشروعات الأهلية التي كانت تغذي أهالي عشرات القرى الريفية في مديريات العدين، ومذيخرة، والسياني بمياه الشرب.

وأوقفت الجماعة - وفق المصادر - مشاريع المياه التجارية بقرى الصرفة والجماجم والسبلة وبني ظافر واحجم بمديرية العدين غرب إبّ، كما أوقفت في مديرية مذيخرة مشروع مياه خاصاً يتبع قرى الضاهية والعدوف وذيحافظ وجشمان.

ويتحدث «أحمد.ع»، وهو اسم مستعار لأحد سكان القرى المتضررة، عن استمراره منذ أيام في جلب مياه الشرب إلى منزله بالقرية على متن سيارته من مركز مديرية العدين التي تبعد نحو 15 كيلومتراً.

تفريغ صهريج مياه لمحل تجاري في صنعاء (الشرق الأوسط)

وينفق أحمد كل يوم مبلغاً يصل إلى 3 آلاف ريال يمني (نحو 5 دولارات) على تعبئة القنينات بالمياه من إحدى الآبار التابعة لقيادي حوثي تقع في طرف المدينة.

وسبق ذلك قيام الجماعة بإيقاف مشروع مياه أهلي كان يزود سكان 15 قرية في مديرية السياني جنوب إبّ بمياه الشرب، بعد رفض مالك المشروع دفع إتاوات؛ إذ ظل لعدة سنوات يُقدم خدماته لسكان تلك القرى بأسعار منخفضة تتناسب مع أوضاعهم المتدهورة.

ويأتي التعسف الحوثي بحق قطاع المياه والسكان على حد سواء، في وقت لا تزال فيه خدمة المياه الحكومية شبه متوقفة في أغلب مدن وقرى محافظة إبّ وغيرها من المحافظات منذ عدة سنوات أعقبت الانقلاب والحرب.

وكانت تقارير دولية أكدت في أوقات سابقة أن نحو 4.5 مليون طفل يمني يعيشون في منازل لا يتوفر فيها مصدر مياه محسن، وصنّفت بعض التقارير اليمن كإحدى أربع دول هي الأشدّ فقراً في الموارد المائية، مؤكدة أن الحصول على مياه الشرب الآمنة يشكل تحدياً يومياً لملايين اليمنيين.

وفي تقرير سابق له، قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن اليمن يعد من أكثر بلدان المنطقة شحة بالمياه، وقد يكون الأول من حيث عدم الحصول على مياه الشرب وعدم توفرها، وأضاف أنه وشركاءه يسهمون في الحل عبر توفير المياه، وتعليم المزارعين الطرق السليمة للاستفادة منها، وبناء خزانات، وإعادة تأهيل وبناء شبكات المياه.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

العالم العربي جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية توقف صرف المساعدات النقدية للحالات الأشد فقراً في مناطق سيطرتها، وتستقطع منها لصالح جبهاتها، متسببة بمزيد من المعاناة الإنسانية للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

حذر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي دُشنت المشروعات التنموية برعاية عدد من الوزراء والمسؤولين (الشرق الأوسط)

«البرنامج السعودي» يضع حجر الأساس لمشروعات تنموية في مأرب

وضع «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» حجر الأساس لحزمة مشروعات تنموية في محافظة مأرب.

«الشرق الأوسط» (مأرب)
العالم العربي آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

وسط احتفالات واسعة بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أكد رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي أنه لا خيار في بلاده إلا الانتصار على المشروع الإيراني المتمثل في الحوثيين

علي ربيع (عدن)

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
TT

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)

أوقفت الجماعة الحوثية، خلال الأيام القليلة الماضية، صرف المساعدات النقدية المخصصة للحالات الأشد فقراً في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، في ظل اتهامات لها باستقطاع مبالغ مالية من المساعدات التي تُخصصها المنظمات الأممية والدولية لمصلحة الفقراء في اليمن.

وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تعمدت وضع صعوبات وعراقيل عدة، لمنع صرف المساعدات النقدية للمستحقين في نحو 35 مركزاً خاصاً في 6 محافظات يمنية تحت سيطرتها، وهي صنعاء، وإب، والمحويت، وذمار، وريمة، وعمران، من خلال ما سمته «المرحلة الـ18 لمشروع الحوالات النقدية للمستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية».

إشراف عناصر حوثية على عملية صرف مساعدات نقدية طارئة في محافظة إب (إعلام حوثي)

ويستهدف مشروع الحوالات النقدية المموَّل من البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف)، في هذه المرحلة، ما يزيد على مليون ونصف المليون أسرة، تضم نحو 10 ملايين شخص في صنعاء وبقية المحافظات، بينما يبلغ إجمالي المبلغ المخصص بوصفه معونات نقدية في هذه المرحلة أكثر من 63 مليون دولار.

واشتكى مستفيدون من تلك الحوالات في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من عراقيل وصعوبات مستمرة تتعمد الجماعة وضعها، وتؤدي لإيقاف عملية صرف المساعدات النقدية ساعات وأحياناً أياماً، في مراكز عدة؛ الأمر الذي يزيد من معاناتهم ومتاعبهم نتيجة الوقوف ساعات طويلة أمام تلك المراكز.

وتتم عملية الصرف التي يُشرِف عليها عناصر يتبعون ما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية»، وهو هيئة مخابراتية شكَّلتها الجماعة للرقابة على أنشطة الإغاثة والمنظمات الدولية والمحلية، إضافة إلى موظفين في بنك الأمل وصندوق التنمية الاجتماعي، عبر أكثر من 2500 مركز صرف تنتشر في نحو 40 ألف قرية.

جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

ويبرر هؤلاء المشرفون إيقاف عمليات الصرف في تلك المراكز وحرمان المستفيدين من الحصول على مستحقاتهم المالية الزهيدة، بزعم عدم انتظام المستفيدين في طوابير خاصة بعملية التسلُّم، وعدم تجهيز كشوفات أسماء بعض المستفيدين، إضافة إلى التحجج بوجود أعطال فنية في المراكز.

استقطاع متكرر

كشف مستفيدون آخرون من تلك الحوالات في قرى عدة في مديريات العدين وحبيش ومذيخرة في محافظة إب، ومديريات الجبين والجعفرية في محافظة ريمة، والرجم وحفاش في المحويت، وعتمة في ذمار، والعشة في عمران، ومناطق أخرى في صنعاء، عن وجود استقطاعات حوثية حالية من مستحقاتهم الزهيدة لدعم جبهات القتال.

ولفت المستفيدون إلى أن تلك الاستقطاعات يسبقها في كل مرة عمليات إيقاف متعمدة للصرف ساعات طويلة، دون إبداء الأسباب.

الجوع والفقر يدفعان يمنيين في صنعاء للتسول (الشرق الأوسط)

وبيَّن (أمين ع.)، وهو أحد المقربين من أحد المستفيدين من الضمان الاجتماعي في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن قريبه لم يتسلم هذه المرة سوى مبلغ يساوي 15 دولاراً أميركياً تقريباً (8 آلاف ريال يمني)، وتفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي (536 ريالاً) كمساعدة نقدية مخصصة له، وذلك بعد عناء وجهد من أحد مراكز الصرف في ضواحي مدينة العدين.

وأوضح أن قريبه سبق له أن تَسَلَّمَ في المرحلة السابقة مبلغ 22 دولاراً (12 ألف ريال)، أي أنه تم استقطاع ثلث مستحقاته هذه المرة.

واتُّهم أمين الجماعة باستهداف الفقراء بشكل متكرر، ونهب كل مدخرات وموارد برامج الحماية الاجتماعية (شبكات الضمان الاجتماعي)، ما أدى إلى تعميق الفقر وارتفاع نسبته، وفقدان اليمنيين في عموم مناطق سيطرتها للحماية.

تدمير شبكة الضمان

ليست المرة الأولى التي تعرقل فيها الجماعة الحوثية صرف المساعدات العينية أو النقدية لصالح الفقراء والنازحين؛ إذ سبق أن اشتكى مستفيدون في مدن تحت سيطرتها مرات عدة من عمليات نهب واستقطاع مستحقاتهم.

وكشفت مصادر حقوقية في يونيو (حزيران) من العام قبل الماضي عن استقطاع قيادات انقلابية تدير مكاتب الشؤون الاجتماعية في المحافظات التي تحت سيطرتها، مبالغ من مستحقات الفقراء المستفيدين من مشروع الضمان الاجتماعي، تراوحت في حينها بين 6 و12 دولاراً (3 آلاف و7 آلاف ريال) عن كل حالة.

أسر يمنية في صنعاء تلجأ للحصول على وجبات طعام من مخلفات القمامة (الشرق الأوسط)

كما اتهمت المصادر الجماعة حينها بعدم مراعاة معاناة آلاف الأسر المعوزة المستفيدة من تلك المبالغ، وقد باتت مُعظمها لا تملك أي مصادر دخل غير تلك المستحقات الزهيدة التي تُصْرف لها كل 3 أشهر بعد انقطاع دام أعواماً، بفعل سطو قادة الجماعة على أرصدة صندوق الضمان الاجتماعي.

وأظهرت تقارير محلية وأخرى دولية تعرُّض عدد من الصناديق الإيرادية بما فيها «صناديق التقاعد» في مناطق سيطرة الجماعة لعمليات سطو منظمة، من بينها صندوق الضمان الاجتماعي، وصندوق النشء والشباب، وصندوق مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

وعمدت الجماعة عقب انقلابها، وفق التقارير، إلى نهب أموال صناديق التقاعد، وأوقفت في المقابل مشاريع البنية التحتية، كما أحجمت عن تسديد ديونها للبنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، ما قاد هذه المكونات التي تقدم العون والمساعدة لشريحة كبيرة من اليمنيين، إلى التوقف عن العمل.