هل تجاوزت السياحة المصرية تداعيات «حرب غزة»؟

الحكومة أعلنت تحقيق معدلات نمو «غير مسبوقة» منذ عام 2010

العاصمة المصرية القاهرة (هيئة تنشيط السياحة)
العاصمة المصرية القاهرة (هيئة تنشيط السياحة)
TT

هل تجاوزت السياحة المصرية تداعيات «حرب غزة»؟

العاصمة المصرية القاهرة (هيئة تنشيط السياحة)
العاصمة المصرية القاهرة (هيئة تنشيط السياحة)

استقبلت مصر نحو 5 ملايين سائح، خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الحالي، رغم تداعيات حرب غزة، على حدودها الشرقية، منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقال وزير السياحة والآثار المصري، أحمد عيسى، الأحد، إن بلاده «تحقق معدلات نمو غير مسبوقة في قطاع السياحة، والدولة تضعها على رأس أولوياتها»، مؤكداً استقبال بلاده نحو 5 ملايين سائح؛ وهو الرقم الأعلى منذ عام 2010.

وقال الوزير، في تصريحات نشرتها «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية، إن «الخطة المتوقعة لزيادة عدد السائحين، خلال عام 2024، كانت تتراوح بين 17 و18 مليون سائح، للوصول إلى الخطة المستهدفة لعام 2028، لكن نتيجة الأحداث الجيوسياسية في المنطقة فإن الرقم المتوقع لعدد السائحين حالياً يتراوح بين 15.5 و16.5 مليون سائح، هذا العام».

ولفت إلى أن النتائج الفعلية توضح أن صناعة السياحة في مصر بها مؤشرات إيجابية، مقارنة بالفترات السابقة، مؤكداً أن الطلب على السياحة المصرية لا يزال قوياً.

وعن أهم نقطة بمحاور الاستراتيجية الوطنية لتنمية السياحة بمصر، قال إنها تبرز في زيادة عدد الغرف الفندقية وكراسي الطيران، متابعاً: «يوجد حالياً نحو 25 ألف غرفة فندقية تحت الإنشاء، ومن المتوقع أن تعمل، خلال الـ12 شهراً المقبلة»، مشدداً على ضرورة مضاعفة عدد الـ220 ألف غرفة الحالية إلى 420 ألفاً في عام 2028؛ لرفع قدرة مصر على استيعاب الطلب المتزايد على المنتج السياحي.

ووفق بيان مجلس الوزراء المصري، مطلع العام الحالي، استقبلت مصر نحو 14.9 مليون سائح، خلال العام الماضي، بزيادة سنوية أكثر من 27 في المائة، مسجلة أعلى مستوى في تاريخ السياحة المصرية، رغم الاضطرابات التي تشهدها المنطقة.

الخبير السياحي محمد عثمان، رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية، المنوط بها الترويج للسياحة بالأقصر وأسوان، أوضح، لـ«الشرق الأوسط»، أن الطفرة في مجال السياحة، عام 2023، يعود إلى عدة أسباب؛ أبرزها اهتمام الدولة بالبنية التحتية، خصوصاً جودة الطرق، علاوة على قرار رئيس الجمهورية تحويل الأقصر وأسوان إلى محافظات خضراء صديقة للبيئة، كما أن الاكتشافات الأثرية الكثيرة، خلال العام الماضي، كان لها دور كبير في إنعاش السياحة.

وأشار إلى أن ما شهدته مصر، قبل 2023، من إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء مصر لعب دوراً كبيراً في تأكيد أمان مصر، بالإضافة إلى استضافة الأقصر، خلال الفترة الماضية، 48 مؤتمراً عالمياً ودولياً.

ولفت إلى أن «رحلات طَرق الأبواب» للجنة تسويق السياحة الثقافية، والتي شملت زيارة 36 دولة، تحت عنوان «مصر آمنة»، من العوامل التي ساعدت مصر في مواجهة تداعيات الحرب، حيث جرى توضيح أن مصر بعيدة عن الأحداث، وأن المسافة بين مصر وغزة طويلة، وبالتالي السائح في أمان، مؤكداً أن الحرب منعت مصر من تحقيق رقم قياسي يخص أعداد السياح والليالي السياحية والإيرادات.

شرم الشيخ من أبرز المقاصد المصرية جذباً للسائحين (وزارة السياحة والآثار)

من ناحية أخرى، لفتت غادة شلبي، نائب الوزير لشؤون السياحة، خلال أعمال الدورة الـ12 لمؤتمر وزراء السياحة للدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، بجمهورية أوزبكستان، إلى التطورات التي تشهدها صناعة السياحة في مصر، والمعدلات السياحية غير مسبوقة التي جرى تحقيقها عام 2023.

وأشارت إلى المنتجات السياحية المتنوعة التي يتميز بها المقصد السياحي المصري، ولا سيما تلك التي تتمتع بميزة تنافسية كبيرة بها وتركز عليها الوزارة حالياً للترويج لها؛ وهى السياحة الثقافية، والسياحة الشاطئية، والترفيهية، وسياحة المغامرات، وسياحة العائلات، بجانب السائحين الذين يبحثون عن التجربة السياحية المتكاملة متعددة التجارب والأنماط السياحية.

وسلّطت الضوء على اهتمام الوزارة بتقديم منتجات سياحية واعدة، والتي يجري العمل على تطويرها، بما يسهم في استقطاب السائحين والمهتمين بهذه المنتجات؛ ومنها سياحة الحوافز والمؤتمرات، ومنتج سياحة الزفاف والفعاليات الكبرى بالمقاصد السياحية والمواقع الأثرية، ومنتج السياحة الاستشفائية؛ والجاري العمل عليه بالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للسياحة؛ لتقديم المنتج بشكل استراتيجي مناسب يحقق الفائدة الاقتصادية المرجوّة منه.

بشار أبو طالب، نقيب المرشدين السياحيين بمحافظة البحر الأحمر، أوضح، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الأرقام المُحققة تأتي في وقت كانت فيه السوق السياحية المصرية متعطشة للغاية لانتعاشة سياحية، بعد تأثيرات عدة، خلال السنوات السابقة جعلت السوق مترنحة تماماً؛ وأبرزها تأثير جائحة كورونا، وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية، وسقوط الطائرة الروسية في سيناء عام 2015، لافتاً إلى أنه لولا تأثيرات حرب غزة لكانت المقاصد السياحية المصرية جذبت أرقاماً أعلى بكثير، خلال العام الماضي، وهو ما يمتد إلى الربع الأول من السنة الحالية.

وأشار إلى أن السياحة المصرية تجاوزت تداعيات حرب غزة بفضل نجاحها في الترويج السياحي الجيد، وهو الترويج الذي ينعكس حالياً في نسبة الإشغال السياحي بفنادق الغردقة وشرم الشيخ، والتي تتخطى الـ80 في المائة، موضحاً أن الغردقة بها طاقة استيعابية كبيرة للغاية، وبإمكانها استيعاب 13 مليون سائح سنوياً، وبالتالي لولا ظروف الحرب لزاد جذبها للسائحين عن 4 ملايين سائح الذين استقبلتهم خلال عام 2023.


مقالات ذات صلة

سفر وسياحة أماكن غريبة لإقامة حفلات الزفاف (رويترز)

أماكن غريبة ولكن رائعة يمكنك إقامة حفل زفافك فيها

يسلط موقع «BBC Bitesize» الضوء على 5 أماكن غريبة ورائعة يمكن أن تستضيف حفل زفافك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أمير المنطقة الشرقية يرعى توقيع وإطلاق مجموعة من العقود والمشاريع الاستثمارية (واس)

توقيع عقود استثمارية بـ160 مليون دولار لتنمية المنطقة الشرقية في السعودية

وُقّعت مجموعة من العقود والمشاريع الاستثمارية بين أمانة المنطقة الشرقية السعودية وعددٍ من المستثمرين من داخل المملكة وخارجها بإجمالي تكلفة تزيد على 600 مليون

«الشرق الأوسط» (الدمام)
يوميات الشرق بعض السياح يقومون بسلوكيات بغيضة في اليابان (رويترز)

مدينة يابانية تنشر رجال أمن لـ«السيطرة على سلوكيات السياح البغيضة»

نشر مسؤولو السياحة في مدينة أوتارو اليابانية رجال أمن للتصدي لـ«السلوكيات البغيضة للزوّار الأجانب»، ومنعهم من المخاطرة أو مضايقة الغير أثناء التقاط الصور.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد جانب من معرض الدوحة للمجوهرات والساعات 2024 (قطر للسياحة)

قطر تستضيف النسخة الـ21 من معرض الدوحة للمجوهرات بمشاركة 30 دولة

تحت رعاية الشيخ محمد آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية، تستعد «قطر للسياحة» لاستضافة النسخة الحادية والعشرين من معرض الدوحة للمجوهرات والساعات.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)

«أرض الصومال»... هل يقبل «تهجير» الفلسطينيين مقابل «الاعتراف»؟

منظر عام لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدينة في «أرض الصومال» (أ.ف.ب)
منظر عام لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدينة في «أرض الصومال» (أ.ف.ب)
TT

«أرض الصومال»... هل يقبل «تهجير» الفلسطينيين مقابل «الاعتراف»؟

منظر عام لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدينة في «أرض الصومال» (أ.ف.ب)
منظر عام لمدينة هرجيسا عاصمة وأكبر مدينة في «أرض الصومال» (أ.ف.ب)

ربط حديث إسرائيلي للمرة الأولى، بين احتمال اعتراف أميركي بإقليم أرض الصومال الانفصالي، الذي يحتل موقعاً استراتيجياً مهماً على البحر الأحمر، وقبوله بـ«تهجير» الفلسطينيين إليه، مع تحذير رسمي من مقديشو من تداعيات ذلك الاعتراف واستبعاد حدوثه.

وكان «الإقليم» بطل أزمة اشتعلت مطلع 2024، بعد أن وقّع مذكرة تفاهم مع إثيوبيا لمنحها ممراً بحرياً مقابل الاعتراف به، وهو ما قوبل برفض مقديشو، ودعم مصري وعربي للصومال.

ويستبعد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» حدوث مثل هذه «الصفقة، رغم ضبابية موقف مسؤولي الإقليم، وعدم نفي الأمر»، مشددين على أن إدارة أرض الصومال لن تتوقف عن مساعي الاعتراف بها، لكن المسألة شائكة هذه المرة، وهي مرتبطة بقضية فلسطين.

وأعلن إقليم أرض الصومال انفصاله عن الحكومة الفيدرالية الصومالية في 1991، لكنه لم يحصل حتى الآن، على اعتراف المجتمع الدولي الذي يعامله بصفته جزءاً من الصومال.

وزعمت القناة «12 الإسرائيلية»، الأربعاء، أن حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بشأن تهجير سكان غزة «ليس مجرد تصريحات، بل خطط مسبقة، حيث يخطط البيت الأبيض لتهجير سكان غزة إلى مناطق، منها أرض الصومال وبونتلاند».

ووفق القناة فإن «أرض الصومال وبونتلاند هما إقليمان داخل دولة الصومال غير معترف بهما دولياً بصفتهما دولتين مستقلتين»، لافتة إلى «احتياجهما السياسي المُلحّ إلى الاعتراف من جانب الولايات المتحدة»، في حين لم يُعقب أي من حكومتي الإقليمين على ما أوردته القناة رسمياً.

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً يلغي اتفاق إقليم «أرض الصومال» مع أديس أبابا (الرئاسة الصومالية)

الأكاديمي الصومالي المُتخصص في شؤون القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، يرى أن ما يثيره الإعلام الإسرائيلي مجرد «مبادرة متهورة وحلم يقظة، وتظهر أن ترمب لا يعرف كثيراً عن ثقافة الشعب الصومالي ومنطقة أرض الصومال التي لا تتسع إلى هذا الحد من الكثافة السكانية».

وأكد أن تلك الخطوة «تعد انتهاكاً لسيادة دولة أخرى واستقلاليتها، وليست أمراً يمكن لشخص أو دولة معينة أن يقرره أو يفعل ما يريد به»، لافتاً إلى أن «الصوماليين شعب قوي لا يقبل مطلقاً عدواناً واستفزازاً، وسوف يعارضون هذه المبادرة بكل وحزم».

وفي رأي المُحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، فإنه «لا توجد معلومات موثوقة تؤكد قبول أرض الصومال، حتى الآن، بأن يكون وجهة مقترحة لنقل سكان غزة، مقابل الحصول على اعتراف أميركي بالإقليم، كما يتداول الإعلام الإسرائيلي».

ووفق بري، فإنه «لا توجد مؤشرات أميركية على تغيير في موقفها من عدم الاعتراف بالإقليم»، لافتاً إلى أن «فكرة نقل سكان غزة إلى أرض الصومال مقابل الاعتراف الدولي تواجه تحديات كبيرة ومعارضة من عدة أطراف، بما في ذلك الحكومة الصومالية».

رئيس «أرض الصومال» المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

ونفى سفير الصومال لدى الولايات المتحدة، طاهر حسن عرب، التقارير التي تحدثت عن احتمال اعتراف الولايات المتحدة بأرض الصومال كياناً مستقلاً، قائلاً: «لا توجد أي خطة لدى الولايات المتحدة للاعتراف بأي منطقة في الصومال، بما في ذلك إقليم أرض الصومال الانفصالي»، وفق ما أورده موقع «الصومال الجديد الإخباري» المحلي، الخميس.

وذلك ثاني موقف رافض من مقديشو لتلك الخطوة، مع إعراب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عن معارضته الشديدة لأي محاولة للاعتراف الأميركي بإدارة «أرض الصومال الانفصالية»، محذراً في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، قبل أيام، من أن بعض المقربين من ترمب يسعون لدفعه للاعتراف رسمياً بـ«أرض الصومال»، مؤكداً أن هذا قد يشكل تهديداً لتغيير حدود القارة الأفريقية.

شاب يحمل علم «أرض الصومال» أمام النصب التذكاري لـ«حرب هرجيسا» (أ.ف.ب)

وكان وزير الدفاع البريطاني الأسبق، غافين ويليامسون، قال في مقابلة مع صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إنه أجرى محادثات مع فريق ترمب بشأن الاعتراف بـ«أرض الصومال»، وأن الأخير يعتزم الاعتراف بالإقليم، مرجحاً أن تحذو الحكومة البريطانية حذوه.

وهنا يرى بري أن الحكومة الصومالية ستعارض بشدة أي محاولات للاعتراف بإقليم أرض الصومال دولةً مستقلةً، كما قامت سابقاً برفض مذكرة تفاهم وقعتها إثيوبيا مع الإقليم، لافتاً إلى أن مثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى توترات وصراعات إقليمية.

وبالمثل، يعتقد كلني أن الولايات المتحدة «لن تقدم على إجراءات خاطئة من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الوضع في منطقة القرن الأفريقي، التي تعاني بالفعل من اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية».