انقلابيو اليمن يمهدون لفرض الجبايات على العقارات في إب

استقدام عناصر من صنعاء لحصر الممتلكات

إب العاصمة السياحية لليمن حوَّلها الحوثيون إلى ساحة للجرائم (إكس)
إب العاصمة السياحية لليمن حوَّلها الحوثيون إلى ساحة للجرائم (إكس)
TT

انقلابيو اليمن يمهدون لفرض الجبايات على العقارات في إب

إب العاصمة السياحية لليمن حوَّلها الحوثيون إلى ساحة للجرائم (إكس)
إب العاصمة السياحية لليمن حوَّلها الحوثيون إلى ساحة للجرائم (إكس)

تمهّد الجماعة الحوثية لفرض جبايات غير قانونية على العقارات وممتلكات السكان في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد أن أطلقت عبر عناصر استقدمتهم من صنعاء عملية حصر شاملة للمنازل والمتاجر.

وتتزامن الخطوة الحوثية مع اعتزام رجال أعمال وملاك متاجر في مدينة إب عاصمة مركز المحافظة تنفيذ وقفات احتجاجية وإضرابات للضغط من أجل وقف التعسفات وحملات الجباية.

انقلابيون يشرفون على أعمال سطو على الأراضي في إب (إعلام حوثي)

وتحدثت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط» عن وصول لجان حوثية إلى المدينة قادمة من العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء تتبع ما تسمى وزارة المالية في الحكومة غير المعترف بها، من أجل التحضير لبدء عملية الحصر لممتلكات السكان.

ويبرّر الانقلابيون هذه الخطوة بأنها تهدف إلى ضبط أسعار إيجارات المساكن والعقارات والمحال التجارية، لكن المصادر ذاتها أكدت أن عملية الحصر المرتقبة هدفها الابتزاز ونهب الأموال وجمع بيانات شخصية عن السكان للتجسس عليهم، على غرار ما قامت به الجماعة في أوقات سابقة بحق سكان صنعاء.

وبحسب المصادر، تشمل عملية الحصر الحوثية أسماء الأشخاص وأرقام الهواتف والمنطقة المنحدرين منها وطبيعة السكن في إب بالملك أم بالإيجار، مضافاً إليها رصد دقيق لممتلكات السكان بمن فيهم التجار من العمارات والعقارات والمحال التجارية والمقتنيات الخاصة.

وأبلغت لجان الجماعة التي يترأسها قادة ينحدر أغلبهم من عمران وصعدة، حيث المعقل الرئيسي للحوثيين، جميع المسؤولين والمشرفين في إب في لقاءات منفصلة، أنها قدمت لغرض تنفيذ عملية حصر تشمل المساكن والعقارات والمحال التجارية، داعية إلى التعاون معها وتذليل الصعاب أمامها.

تجسس وإتاوات

وصف السكان في إب التوجه الحوثي بـ«الجبائي» و«التجسسي»؛ ويؤكد «مراد. م» الساكن في شارع العدين وسط المدينة (إب) أنه قلق بعد تلقيه خبراً يفيد بقدوم لجان حوثية لحصر الممتلكات والتجسس وفرض الإتاوات.

وهاجم مراد قادة الجماعة وأعمال الجباية المستمرة، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة لا تتوقف إطلاقاً عن ابتكار الأساليب التي تبرر لها في كل مرة شن حملات ابتزاز ونهب.

وأضاف: «لو وزّعنا كل المبالغ التي ندفعها وقيمة الممتلكات بما فيها العقارات والأراضي الخاصة بالسكان والمملوكة للدولة التي نهبتها الجماعة منذ الانقلاب واجتياح المحافظة على الفقراء والمحتاجين بعموم مناطق اليمن، فلن يبقى أحد يشكو من الفقر».

سوق خاوية بعد إضراب الباعة اعتراضاً على حملة جبايات حوثية (إكس)

وأبدى مالك محل تجاري في إب، رمز لاسمه بـ«خ.ن»، هو الآخر تخوفه مما تسعى الجماعة إلى تحقيقه من وراء عملية الحصر المرتقبة، متوقعاً أن يعقبها تنفيذ حملات ابتزاز ونهب أشد ضراوة من سابقاتها.

وشكا التاجر من ازدياد وتيرة الحملات الحوثية في الآونة الأخيرة لجمع الجبايات وفرض الضرائب، ويؤكد أن التجار لا يكادون يتنفسون الصعداء من حملة إتاوة إلا ويصدمون بحملة جباية جديدة.

ويأتي هذا التوجه الحوثي متوازياً مع تصاعد أعمال القمع والانتهاك ضد السكان في محافظة إب ذات الكثافة السكانية العالية التي تشهد منذ سنوات أعقبت الحرب والانقلاب حالة انفلات أمني وفوضى غير مسبوقة يرافقها ارتفاع معدلات الجريمة بمختلف أشكالها.

وأدى الاستهداف الحوثي الأخير للتجار وصغار الباعة والسكان إلى قيام عدد من التجار بالتهديد بتنفيذ وقفات احتجاجية وإغلاق محالهم بالأيام المقبلة، في حال استمرار الممارسات التي تنتهجها الجماعة بحقهم بين كل فينة وأخرى.

وكانت الجماعة الانقلابية شنت على مدى السنوات الماضية حملات بطش وابتزاز ممنهجة أسفر بعضها عن اعتقال الكثير من كبار التجار وملاك المحال التجارية في إب بشكل تعسفي.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.