انقلابيو اليمن يزيدون الجبايات 20 ضعفاً على المياه المعدنية والعصائر

احتجاز عشرات الشاحنات على مداخل مناطق سيطرة الجماعة

عشرات الشاحنات تتزاحم في المنافذ الجمركية التي استحدثتها الجماعة الحوثية (إعلام محلي)
عشرات الشاحنات تتزاحم في المنافذ الجمركية التي استحدثتها الجماعة الحوثية (إعلام محلي)
TT

انقلابيو اليمن يزيدون الجبايات 20 ضعفاً على المياه المعدنية والعصائر

عشرات الشاحنات تتزاحم في المنافذ الجمركية التي استحدثتها الجماعة الحوثية (إعلام محلي)
عشرات الشاحنات تتزاحم في المنافذ الجمركية التي استحدثتها الجماعة الحوثية (إعلام محلي)

تحتجز الجماعة الحوثية، منذ أيام، عشرات الشاحنات التابعة لمصانع المياه المعدنية والعصائر والمشروبات الغازية في المنافذ الجمركية التي استحدثتها على مداخل المناطق الخاضعة لسيطرتها، بالتزامن مع إيقاف الأرقام الضريبية والجمركية لهذه المصانع عبر مصلحتَي الضرائب والجمارك اللتين تديرهما الجماعة.

وذكرت مصادر في «رابطة مصانع المياه المعدنية والعصائر والمشروبات الغازية» لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية فرضت جبايات جديدة على جميع المصانع تتمثل بدفع ريال واحد عن كل قارورة من المياه أو المشروبات لصالح ما يُعرف بـ«صندوق المعلم»، وذلك تعديلاً على القانون الذي أصدرته الجماعة منذ 5 سنوات بفرض هذه الجبايات بواقع ريال واحد عن كل صندوق.

صورة حصلت عليها «الشرق الأوسط» من قرار الحوثيين بمنع دخول السلع والمواد الخام الخاصة بالمصانع التي رفضت الرضوخ للجبايات الجديدة باسم «صندوق المعلم»

وبهذا القرار ترتفع الجبايات المفروضة على مُلاك المصانع من دولار واحد عن كل 530 صندوقاً، إلى دولار واحد عن كل 26.5 صندوق من صناديق المياه والمشروبات المتنوعة، حيث تفرض الجماعة الحوثية في مناطق سيطرتها سعراً ثابتاً للدولار يساوي 530 ريالاً يمنياً.

ووفقاً للمصادر، فإن هذه الجبايات الجديدة تمثل 20 ضعفاً، كون غالبية عبوات صناديق هذه المصانع تحتوي على 20 قارورة، كما هو متعارف عليه، وهو ما يعود على هذه المصانع بخسائر كبيرة، إذ تضاف هذه الجبايات الجديدة إلى الجبايات الأخرى المفروضة على المصانع والشركات التجارية بمختلف المسميات.

وبحسب المصادر، فإن الجماعة طالبت مُلاك المصانع بسداد الجبايات الجديدة عن جميع منتجاتها منذ صدور القرار منتصف العام الماضي.

وأكدت المصادر النقابية أن الجماعة الحوثية أصدرت تعميماً إلى المنافذ الجمركية بإيقاف الأرقام الضريبية لأكثر من 100 مصنع؛ نتيجة رفض مُلاكها الجبايات الجديدة، وهو ما يترتب عليه منع دخول الشاحنات التابعة لهذه المصانع، التي تحمل غالبيتها المواد الخام لصناعة المشروبات والمياه المعدنية، ما يهدد بإيقافها عن العمل وإفلاسها.

المصادر بيّنت أن رفض مُلاك المصانع جاء بعد مشاورات بينهم، نظراً لأنهم يُجبرون على دفع مبالغ كبيرة للجماعة الحوثية تحت مختلف المسميات، وموافقتهم على مضاعفة هذه الجبايات، تعني استسلامهم للأمر الواقع، وإقرارهم بتمكين الجماعة من اتخاذ جميع الإجراءات التي تؤدي إلى إفلاسهم.

إلى جانب الإيرادات التي تحققها الجماعة الحوثية من المنافذ الجمركية تستخدمها لإخضاع الشركات التجارية (فيسبوك)

ومنذ أعوام أنشأت الجماعة الحوثية ما يعرف بـ«صندوق المعلم»؛ لفرض الجبايات على مختلف القطاعات التجارية بمبرر دعم العملية التعليمية ودفع مستحقات المعلمين الذين توقفت رواتبهم منذ نحو 8 أعوام؛ بسبب الممارسات الحوثية والعبث بالمال العام ومؤسسات الدولة.

تنديد نقابي

استنكرت «رابطة مصانع المياه المعدنية والعصائر والمشروبات الغازية»، ما تتعرض له المصانع من قرارات وممارسات تعسفية من قبل الجماعة الحوثية عبر قياداتها التي تسيطر على مصلحتَي الضرائب والجمارك، والمتجسّدة في إيقاف الأرقام الضريبية وحجز الشاحنات المحملة بالمواد الخام اللازمة والضرورية لتشغيل المصانع في المنافذ الجمركية، دون أي مسوغ قانوني، حسب بيانٍ صادر عنها.

وقال البيان، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن الإجراءات المتخذة صدرت بحجة عدم توريد المصانع المبالغ الطائلة التي تم فرضها تحت مبرر دعم صندوق المعلم والتعليم، وهي رسوم جديدة تم تعديلها وفُرضت على المصانع بزيادة بلغت 20 ضعفاً عن نسبة الرسوم التي نصَّ عليها القانون.

وجاء في البيان إنه، «على رغم من أن البلاد تعيش حالة كساد اقتصادي، وغالبية المصانع لم تستطع صرف مرتبات موظفيها، تأتي محاولة فرض رسوم دون أي مسوغ قانوني، ومخالفة للمبدأ الدستوري القائل إنه لا غرامة ولا رسوم إلا بنص قانوني صريح».

وحذّرت الرابطة من أن نتائج ممارسات الجماعة الحوثية ستكون كارثية، وستلحق ضرراً بالغاً بالصناعات الوطنية وبالاقتصاد الوطني كله، وسيؤدي استمرارها إلى تراجع الاستثمارات، وهروب رؤوس الأموال إلى الخارج، وإجهاض أي ممارسات لتشجيع الصناعات الوطنية.

ودعت الرابطة إلى إطلاق الأرقام الضريبية للمصانع، والسماح بمرور الشاحنات المحملة بالمواد الخام للمصانع، وإلغاء تنفيذ تلك القرارات، قبل أن تضطر المصانع إلى إيقاف العمل.

قادة حوثيون في أحد المنافذ الجمركية المستحدثة في محافظة البيضاء (إعلام حوثي)

في غضون ذلك، بدأت الجماعة الحوثية إنشاء ميزان محوري جديد للجبايات في منطقة الأزرقين، عند المدخل الشمالي للعاصمة المختطفة، صنعاء.

ويضاف الميزان الجديد إلى عشرات الموازين التي أنشأتها الجماعة عند مداخل المدن، وعلى الطرقات في مناطق سيطرتها.

وفي مدينة ذمار، الواقعة على بعد 100 كيلومتر جنوب صنعاء، أغلقت الجماعة الحوثية الأسبوع الماضي عدداً من المحال التجارية، بحجة مخالفتها اللوائح المنظمة للتجارة والزراعة.

ونقلت مصادر محلية عن مُلاك المحلات التجارية أن هذه الحملة، التي نفذها قادة حوثيون يديرون مكتبَي التجارة والزراعة في المدينة، تأتي سعياً لابتزاز التجار وإلزامهم بدفع إتاوات وغرامات جديدة.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.