شكري في اليونان... انتقادات لإسرائيل وعلاقات «متوازنة» مع الشركاء

وزير الخارجية المصري حذر من تداعيات توسيع العمليات العسكرية في «رفح»

شكري وجيرابيتريتيس (الخارجية المصرية)
شكري وجيرابيتريتيس (الخارجية المصرية)
TT

شكري في اليونان... انتقادات لإسرائيل وعلاقات «متوازنة» مع الشركاء

شكري وجيرابيتريتيس (الخارجية المصرية)
شكري وجيرابيتريتيس (الخارجية المصرية)

أثار وزير الخارجية المصري سامح شكري 3 ملفات رئيسية خلال زيارته، الاثنين، لليونان، شملت الأزمة في غزة، وتعزيز التعاون الثنائي، وتعدد نوافذ التحرك المصري دولياً.

وتحت عنوان غزة، هدفت الزيارة، وفق دبلوماسيين مصريين سابقين، إلى دفع الاتحاد الأوروبي عبر بوابة أثينا لدعم الشعب الفلسطيني مع استمرار الحرب في القطاع منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023. كما أكدت التوجه الأساسي للسياسة المصرية، والمتمثل في تنويع دوائر التحرك، والحفاظ على «التوازن الدقيق» في العلاقات مع جميع الأطراف، وفق ما ذكره الدبلوماسيون المصريون لـ«الشرق الأوسط».

وحسب بيان الخارجية المصرية، الاثنين، فإن مباحثات شكري ونظيره اليوناني جورجيوس جيرابيتريسيس شملت «تجديد الالتزام بالعمل المشترك لتعزيز تلك العلاقات في كافة المجالات استناداً للإعلان المشترك لتأسيس مجلس التعاون رفيع المستوى الذي تم التوقيع عليه خلال زيارة رئيس وزراء اليونان إلى القاهرة في مارس (آذار) الماضي».

كما استحوذت الأوضاع في غزة على المحادثات، خصوصاً «تهديدات إسرائيل بشن هجوم بري على مدينة رفح الفلسطينية»، وسط تعويل شكري على «الدور المأمول لليونان للدفع داخل الاتحاد الأوروبي باتجاه التوصل لوقف دائم لإطلاق النار، والعمل بالتوازي على مُعالجة تداعيات الأزمة الإنسانية في قطاع غزة»، على حد تعبير الخارجية المصرية.

وفي مؤتمر صحافي، عقب المباحثات، تطرق شكري للتوتر المصري الإسرائيلي المتصاعد منذ 7 مايو (أيار) الحالي عقب سيطرة تل أبيب على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، محذراً من «التداعيات السلبية لتوسيع رقعة العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح الفلسطينية»، وأكد أن تلك الأعمال «تُعرّض قوافل المساعدات للخطر وتضع قيوداً أمام دخولها للقطاع».

وشدد الوزير المصري على أن الإجراءات القائمة للعمليات العسكرية الإسرائيلية تؤثر على تشغيل معبر رفح، متسائلاً عن «سبب إغلاق المعابر الإسرائيلية، ولماذا لا تستخدم إذا كان هناك اهتمام حقيقي بالوضع الإنساني في غزة».

وتأكيداً على مبدأ التوازن في العلاقات بين جميع الأطراف، قال شكري إن «العلاقات مع أثينا تقوم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل، بما يفتح مجالات التعاون فيما بين كل دول المنطقة، ولكن لا تأتي على علاقات الشركاء».

مباحثات موسعة بين وزيري خارجية مصر واليونان في أثينا (الخارجية المصرية)

«رسائل ثابتة»

تعليقاً على زيارة وزير الخارجية المصري لأثينا، قال وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن الزيارة «حملت رسائل وتأكيداً على سياسة ثابتة للقاهرة نحو أثينا وشركائها بالمنطقة، بخلاف كونها تأكيداً لأهمية اليونان لمصر واستمرار العلاقات المتميزة بينهما».

أبرز هذه الرسائل خلال الزيارة كانت لإسرائيل، وفق العرابي، الذي يرى أنها «تأتي ضمن تحرك مصري واضح تجاه تل أبيب سيزداد الفترة المقبلة، للتعبير عن قدر كبير من الغضب المصري تجاه سياسات إسرائيل التي تهدد السلم والأمن الإقليميين».

وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين أثينا والقاهرة، برزت رسالة «تفعيل مجلس التعاون»، ما يعد «فرصة لدعم آفاق أكبر من التعاون بين القاهرة وأثينا المرحلة المقبلة»، وفق العرابي.

أما «السياسة الثابتة» التي أعادت الزيارة تأكيدها، فتتمثل في «الالتزام بتعزيز التعاون مع أثينا، دون أن يؤثر ذلك على التقدم الكبير في العلاقات مع تركيا»، على حد قول العرابي، قبل أن يشير إلى أن «هناك قناعة يونانية تركية بأهمية استمرار علاقة مصر بهما، وأهمية أن تقرب القاهرة بينهما».

«بوابة أوروبا»

من جهته، يرى حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن زيارة شكري «تعكس الاستمرار في تعزيز آليات التعاون الثنائي، وتنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين في مجالات عديدة». ويربط هريدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» بين توقيت الزيارة وتصاعد الأحداث في غزة، ويقول: «في ظل تداعيات العدوان الإسرائيلي على فلسطين، والجهود المبذولة، تنظر مصر لدور الاتحاد الأوروبي في تعزيز إيصال المساعدات لمواجهة تفاقم الأوضاع الإنسانية بالقطاع».

اليونان، العضو في الاتحاد الأوروبي، «لها صوت مسموع، وسيكون لصوتها انعكاسٌ على القرار الأوروبي والموقف من غزة»، وفق حسين هريدي.

وعن الجدل المعتاد في احتمال تأثير العلاقات المصرية اليونانية على الروابط مع تركيا، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: «مصر دائماً علاقاتها متوازنة مع تركيا واليونان، وتقف على مسافة واحدة من خلافاتهما، سواء في ظل الأزمة مع أنقرة التي بدأت في 2013، وحتى التقارب العام الماضي عبر تبادل السفراء».

ويمضي موضحاً: «مصر لا تتدخل في الخلافات التركية اليونانية، وتحافظ على علاقاتها معهما ولا تتأثر علاقاتها بصعود وهبوط تلك الخلافات، أو زيارة هنا أو هناك».


مقالات ذات صلة

«الأونروا»: طفل يُقتل كل ساعة في غزة

المشرق العربي أطفال مصابون ينظرون من منزل مدمر تعرض لغارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«الأونروا»: طفل يُقتل كل ساعة في غزة

أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن هناك طفلاً واحداً يُقتل كل ساعة في غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي سيارة إسعاف تمر عبر أنقاض بيت لاهيا بعد غارة جوية إسرائيلية (د.ب.أ)

القوات الإسرائيلية تجبر المرضى والجرحى على إخلاء مستشفى بشمال غزة

أجبرت القوات الإسرائيلية، فجر اليوم (الثلاثاء)، المرضى والجرحى على إخلاء المستشفى الإندونيسي في بلدة بيت لاهيا، بشمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية صور محتجزات إسرائيليات في غزة خلال تجمع للمطالبة بإطلاق سراحهن في تل أبيب يوم 14 نوفمبر (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعترف بتسليم عائلات مجندات أسيرات تسجيلات صوتية معدلة لهن

اعترف الجيش الإسرائيلي بأنه سلَّم عائلات جنديات مراقبة إسرائيليات تم أسرهن من قبل حركة «حماس» في 7 أكتوبر 2023، تسجيلات صوتية معدلة لبناتهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (إ.ب.أ)

إسرائيل تقر لأول مرة بمسؤوليتها عن اغتيال إسماعيل هنية في طهران

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن بلاده اغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في الصيف الماضي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون حول بقايا حافلة أصيبت بقصف إسرائيلي في خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)

«هدنة غزة»... الخلافات تتواصل والتفاؤل يتراجع

تحدثت تقديرات إسرائيلية جديدة عن «تصاعد الخلافات وتراجع التفاؤل» في أروقة مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، بموازاة محادثات شهدتها القاهرة، وأخرى لا تزال تستضيفها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة - تل أبيب)

مصر ترفض وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر ترفض وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)

تزامناً مع تأكيد دعمها وحدة الصومال وسيادته، أعلنت القاهرة رفضها وجود أي طرف «غير مشاطئ» في البحر الأحمر. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي مشترك، الاثنين، مع نظيره الصومالي أحمد معلم فقي: «البحر الأحمر للدول المشاطئة له، ولا يمكن القبول بتواجد أي طرف غير مشاطئ له».

وأضاف عبد العاطي، في المؤتمر الذي عقد بالقاهرة عقب جلسة مباحثات ثنائية مع معلم فقي، إن «المباحثات تطرقت إلى القمة الثلاثية لتركيا والصومال وإثيوبيا في أنقرة»، مشيراً إلى «توافق الرؤى على عدم المساس بأرض الصومال وسيادته ووحدة أراضيه وسلامتها».

وأعلنت تركيا، أخيراً، نجاح جهود الوساطة التي أطلقتها في يوليو (تموز) الماضي، في عقد اتفاق بين الصومال وإثيوبيا، وصفه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأنه «تاريخي»، ينهي، بشكل مبدئي، عاماً من التوتر بين مقديشو وأديس أبابا، بدأ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي عقب «مذكرة تفاهم» وقَّعتها إثيوبيا مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي يمنح إثيوبيا منفذاً بحرياً. وهو الاتفاق الذي رفضته الصومال والجامعة العربية.

جلسة مباحثات موسعة بين مصر والصومال برئاسة وزيرَي خارجية البلدين (الخارجية المصرية)

بدوره، قال وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، في المؤتمر الصحافي، إن «إعلان أنقرة لبَّى مطالب بلاده وأكد أن الحكومة الفيدرالية الصومالية الجهة الوحيدة التي تمتلك الحق في إبرام الاتفاقيات مع الجهات الخارجية».

وأضاف أن «إعلان أنقرة أنقذ المنطقة كلها من انفجار خطير كاد أن يحرق مصالح الجميع»، مستطرداً: «لم يكن من مصلحة أحد انفجار صراع آخر في منطقة القرن الأفريقي، في وقت تعجّ المنطقة بصراعات وأزمات كبيرة».

ووجّه فقي الشكر لمصر، وقال: «نحن هنا لننسب الفضل لأهله، حيث كان لموقف مصر الشجاع أثره البالغ في صناعة الأرضية التي مهَّدت للإعلان، ودعم ثبات الموقف الصومالي». وأضاف: «لقد حققنا مطالبنا المشروعة بالتدافع الدبلوماسي، وسنحفظ لمصر فضلها في هذا النضال المثمر».

وأبدت مصر رفضاً حاسماً للاتفاق الإثيوبي مع «أرض الصومال». وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عقب لقائه نظيره الصومالي يناير الماضي، أن الصومال دولة عربية، ولها حقوق طبقاً لميثاق الجامعة العربية، في الدفاع المشترك ضد أي تهديد له. وأضاف أن القاهرة لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو المساس بأمنه، قائلاً: «محدش (لا أحد) يجرّب مصر ويحاول (أن) يهدّد أشقاءها، خصوصاً لو أشقاؤها طلبوا منها الوقوف معهم».

وأشار عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، إلى أن «دعم مصر للصومال ساهم في تحسين موقفه في مواجهة الأزمة الناجمة عن مذكرة التفاهم، كما أرسل رسالة لإثيوبيا مفادها أن القاهرة لن تقبل بانتهاك سيادة الصومال».

وقال الحفني لـ«الشرق الأوسط»: «إن مصر حريصة على الأمن والاستقرار في القرن الأفريقي وكان هذا الهدف من القمة الثلاثية التي عُقدت أخيراً في أسمرة بمشاركة رؤساء مصر والصومال وإريتريا».

واتفق معه نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية ومساعد وزير الخارجية الأسبق السفير صلاح حليمة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر لديها علاقات تاريخيّة مع الصومال تطورت أخيراً في مجالات عدة، وكان لهذه العلاقات دور مهم في دعم موقف الصومال ودفع إثيوبيا للقبول بجهود الوساطة التركية التي أبطلت نتائجها (مذكرة التفاهم)».

وتوافقت القاهرة ومقديشو، بحسب بيان مشترك عقب الاجتماع، على «ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية»، مشيرين إلى أنه «سيتم عقد دورات مباحثات مُتعاقبة تُخصَّص لمحاور استراتيجية مُحددة تشمل المحور السياسي، والاقتصادي والتجاري، والأمني والعسكري، والثقافي والتعليمي، وبناء القدرات».

وبحسب البيان المشترك بين القاهرة والصومال، أكد الجانبان «أهمية الإسراع في تشكيل البعثة الأفريقية الجديدة للدعم والاستقرار في الصومال (AUSSOM)»، ناشد الوزيران شركاء الاتحاد الأفريقي من أجل «توفير التمويل اللازم والمستدام للبعثة الجديدة أخذاً في الاعتبار تأثير الاضطرابات في القرن الأفريقي والبحر الأحمر على حركة التجارة والملاحة الدوليتين، ولمساندة جهود الجيش الوطني الصومالي في مكافحة الإرهاب وصيانة مقدرات الدولة».

كما أعاد وزير الخارجية الصومالي التأكيد على «تطلع بلاده نحو تحقيق مشاركة مصرية نوعية وفعالة بالبعثة الجديدة بما يساعد على تحقيق أهدافها بالنظر إلى القدرات العسكرية المصرية المتطورة وخبراتها الممتدة في مكافحة الإرهاب، وكذلك خبراتها في دعم بناء مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى التعاون العسكري الثنائي بين البلدين وفقاً لبروتوكول التعاون العسكري الموقّع بين البلدين في أغسطس (آب) الماضي، بحسب البيان.

في هذا السياق، أكد وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، خلال المؤتمر الصحافي، التزام بلاده بكل الاتفاقيات التي أبرتهما مع مصر، وأوضح أنه ونظيره المصري أكَّدا خلال المباحثات، «ضرورة وضع حد للأزمات في المنطقة، التي باتت تتزايد وتستفحل بشكل مرعب». ولفت إلى «تعزيز التعاون بين البلدين في مجال الدفاع والأمن، خصوصاً مشاركة مصر بقوات حفظ السلام الأفريقية».

وأكد عبد العاطي، خلال المؤتمر الصحافي، أن «مصر ستشارك في البعثة الأمنية التابعة لمجلس السلم والأمن الأفريقي في الصومال بناءً على طلب الحكومة الصومالية، وترحيب من مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي».

من جانبه، أوضح الحفني أن «قوة حفظ السلام هدفها الحفاظ على الأمن والسلم في الصومال، ومشاركة مصر فيها تتماشى مع سياستها الرامية لحفظ الاستقرار في القرن الأفريقي تزامناً مع تأهيل الكوادر الصومالية».