اليمن: حملات انقلابية تستهدف صغار التجار في صعدة

بذريعة مكافحة العشوائية وعدم دفع الإتاوات

جرافة حوثية تدمر محلاً تجارياً في إحدى مديريات صعدة اليمنية (فيسبوك)
جرافة حوثية تدمر محلاً تجارياً في إحدى مديريات صعدة اليمنية (فيسبوك)
TT

اليمن: حملات انقلابية تستهدف صغار التجار في صعدة

جرافة حوثية تدمر محلاً تجارياً في إحدى مديريات صعدة اليمنية (فيسبوك)
جرافة حوثية تدمر محلاً تجارياً في إحدى مديريات صعدة اليمنية (فيسبوك)

شنّت الجماعة الحوثية حملات تعسف جديدة بحق صغار التجار وبائعي الأرصفة والباعة المتجولين في شوارع وأسواق محافظة صعدة اليمنية (المعقل الرئيسي للجماعة) بهدف الابتزاز، وفرض الإتاوات تحت أسماء مختلفة.

وذكرت مصادر محلية في صعدة لـ«الشرق الأوسط»، أن عناصر حوثيين مدعومين بعربات مسلحة وجرافات وشاحنات نفذوا حملات ميدانية بغية التنكيل بالمئات من مُلاك المتاجر وصغار الباعة في مدينة صعدة عاصمة المحافظة وضواحيها، حيث تركزت الحملة في أسواق العند، والطلح، وسوق المدينة وعلى طول الشارع العام في المدينة وصولاً إلى المناطق المحاذية لمستشفى السلام.

جرافة جوار مبنى مكتب الأشغال الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية في صعدة (فيسبوك)

وأسفرت الحملة الاستهدافية منذ أول يومين من انطلاقها عن تجريف 7 محال تجارية، ومصادرة ما يزيد على 19 عربة لبائعين متجولين، بما فيها من بضائع مختلفة.

وأفاد شهود بأن مسلحي الجماعة المرافقين للحملة التي نفذها ما يسمى مكتب الأشغال وإدارة فرع المرور بصعدة، اعتقلوا العشرات من صغار الباعة بعد رفض بعضهم الانصياع لأوامرهم، مع عجزهم على دفع مبالغ «تأديبية» فُرِضت عليهم.

واتهم الشهود قادة في الجماعة يديرون ما يسمى مكتب الأشغال بالعمل بطرق عشوائية دون أي خطط أو برامج واضحة ومدروسة. متوقعين أن هذه التعسفات ضد صغار الباعة، قد تكون مقدمة لحملة استهداف أخرى مقبلة تطال البقية في 15 مديرية تتبع المحافظة.

وبرّر الحوثيون استهدافهم الحالي لمصادر عيش السكان في معقلهم الرئيسي، بأنه يأتي للحفاظ على ما يسمونه المنظر العام للشوارع، وإزالة العشوائيات والازدحامات، مع زعمهم بوجود مخالفات.

جباية الأموال

شكا مُلاك متاجر وباعة في صعدة، نالهم التعسف الحوثي لـ«الشرق الأوسط»، من حملات ابتزاز غير مسبوقة تستهدفهم ومصادر عيشهم على أيدي مشرفين ومسلحين يجمعون إتاوات وجبايات نقدية بالقوة تحت أسماء كثيرة، أبرزها تمويل المجهود الحربي.

ووفقاً لعدد من الباعة، فإن الانقلابيين لم يتركوا المجال لأي بائع أرصفة أو متجول دون أن تلاحقه بالجبايات، وفرض الرسوم عليه، تحت أسماء مختلفة. مؤكدين أنهم طالبوا في أوقات سابقة سلطة الانقلاب بتوفير أسواق بديلة لهم، بدلاً من الحملات التي تُشن عند كل مناسبة بغية جمع أكبر قدر من المال.

الحوثيون صادروا عربات باعة متجولين بحجة التهرب من دفع إتاوات (فيسبوك)

ويأتي ذلك، بينما لا يزال مئات الآلاف من المدنيين بمحافظة صعدة يقبعون في دائرة القمع وأعمال التعسف والانتهاك غير المسبوقة، في ظل غياب تام لعمليات التوثيق والرصد لتلك الجرائم من قبل المنظمات المعنية بحقوق الإنسان.

وشكا خالد (28 عاماً)، وهو مالك عربة صادرها الحوثيون أخيراً، لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار مضايقات الجماعة له ولآخرين عبر مزيد من شن حملات التعسف والابتزاز لمنعهم من طلب الرزق وتوفير لقمة العيش لأسرهم.

ولم يمض على ذلك الشاب، الذي اكتفى باسمه الأول، سوى أسبوع منذ هروبه من حملة ابتزاز نفذتها الجماعة في سوق العند في خارج مدينة صعدة، متجهاً إلى أحد الشوارع الواقع على مقربة من مستشفى السلام في وسط المدينة، حتى فاجأته الجماعة بتنفيذ حملة أخرى مماثلة ومباغتة أسفرت عن مصادرة عربته بما فيها من فاكهة المانجو بتهمة التهرُّب من دفع الجبايات.

إرهاب يومي

على وقْع استمرار التعسفات الحوثية، يتحدث عبد الله نعمان، وهو اسم مستعار لمالك محل تجاري، استهدفته جرافة بمديرية صعدة، لـ«الشرق الأوسط»، عما وصفه بـ«الإرهاب اليومي» الممارس على أيدي مسؤولين يديرون مكاتب حكومية خاضعة لسيطرة الجماعة في صعدة.

الجماعة الحوثية تعتمد سياسة البطش بالسكان في صعدة اليمنية لإخضاعهم (إكس)

وأفاد عبد الله، بأن المشرفين القائمين على تلك الحملة لم ينذروه ولو حتى برسالة بأنهم سينفذون حملتهم حتى يتسنى له القيام بأي شيء يحافظ على مصدر عيشه وأطفاله، مشبهاً ما حدث له من التعدي بأفعال الإسرائيليين ضد الفلسطينيين.

وكان تقرير صادر عن مسؤولي الجماعة المعينين بمكتب الصناعة والتجارة في صعدة، كشف في وقت سابق عن تنفيذ الجماعة حملة استهداف وتعسف وإغلاق طالت أكثر من 293 منشأة ومحلاً تجارياً متنوعاً في مناطق متفرقة بمحافظة صعدة.

وزعم التقرير أن إجمالي ما سماها بالمخالفات المسجلة ضد مُلاك المتاجر توزعت بين 46 مخالفة عدم إشهار الأسعار، و108 مخالفات رفع الأسعار، و69 مخالفة مواد منتهية و3 مخالفات عدم وجود ميزان، و53 مخالفة نقص وزن الرغيف، و3 مخالفات نقص عبوات و6 مخالفات مواصفات ومقاييس، ومخالفة اشتراطات صحية و4 مخالفات رفض تفتيش.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.