أمين عام الأمم المتحدة يحذر من خطر «صراع مجتمعي شامل» في دارفور

غوتيريش: أي هجوم على الفاشر سيكون مدمراً بالنسبة للمدنيين وقد يؤدي إلى صراع مجتمعي شامل (أ.ف.ب)
غوتيريش: أي هجوم على الفاشر سيكون مدمراً بالنسبة للمدنيين وقد يؤدي إلى صراع مجتمعي شامل (أ.ف.ب)
TT

أمين عام الأمم المتحدة يحذر من خطر «صراع مجتمعي شامل» في دارفور

غوتيريش: أي هجوم على الفاشر سيكون مدمراً بالنسبة للمدنيين وقد يؤدي إلى صراع مجتمعي شامل (أ.ف.ب)
غوتيريش: أي هجوم على الفاشر سيكون مدمراً بالنسبة للمدنيين وقد يؤدي إلى صراع مجتمعي شامل (أ.ف.ب)

صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الاثنين، بأن الهجمات العشوائية التي «تقتل وتصيب وتروع المدنيين» في السودان يمكن أن تعد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ودق ناقوس الخطر بشأن تصاعد القتال في ولاية شمال دارفور.

ووفق «رويترز»، قال للصحافيين بمناسبة مرور عام على الصراع في البلاد: «التقارير الأخيرة عن تصاعد الأعمال القتالية في الفاشر، عاصمة الولاية، هي سبب جديد للقلق البالغ».

وأضاف: «دعوني أكن واضحاً: أي هجوم على الفاشر سيكون مدمراً بالنسبة للمدنيين، وقد يؤدي إلى صراع مجتمعي شامل في جميع أنحاء دارفور».

واندلعت الحرب في السودان قبل عام بين الجيش و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية.

وقال غوتيريش للصحافيين: «المشكلة الأساسية واضحة... هناك جنرالان اختارا الحل العسكري ويعرقلان حتى الآن جميع جهود الوساطة الجادة».

وقالت الأمم المتحدة إن زهاء 25 مليون شخص؛ أي نصف سكان السودان، في حاجة لمساعدات، وإن نحو ثمانية ملايين فروا من منازلهم. واجتمع مانحون في باريس (الاثنين) للتعهد بتقديم مساعدات إنسانية.

وأوضح غوتيريش أن ميليشيات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» هاجمت مطلع الأسبوع وأحرقت قرى غرب الفاشر، عاصمة شمال دارفور.

ومضى قائلاً إن أي هجوم على الفاشر «من شأنه أيضاً الإضرار بعمليات الإغاثة في منطقة على شفا المجاعة بالفعل؛ لأن الفاشر كانت دائماً مركزاً إنسانياً مهماً للأمم المتحدة».

ونبهت هيئة عالمية معنية بالأمن الغذائي تدعمها الأمم المتحدة الشهر الماضي إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فورية «لمنع انتشار الموت على نطاق واسع، والانهيار الكامل لسبل العيش، وتجنب أزمة جوع كارثية في السودان».


مقالات ذات صلة

تقديرات بوفاة 990 سودانياً جوعاً ومرضاً في دارفور

شمال افريقيا سودانيون نازحون يصلون يوم الأحد مدينة القضارف شرق البلاد هرباً من ولاية سنار جنوباً (أ.ف.ب)

تقديرات بوفاة 990 سودانياً جوعاً ومرضاً في دارفور

تجددت موجات النزوح في إقليم دارفور؛ إذ فر أكثر من 50 ألف شخص من المعارك المحتدمة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في مدينة الفاشر سيراً على الأقدام.

وجدان طلحة (بورتسودان (السودان))
شمال افريقيا طفل سوداني نازح من دارفور يتلقى العلاج في مستشفى للاجئين شرق تشاد (إ.ب.أ)

«أطباء السودان»: أكثر من 40 ألف قتيل بالحرب

قدّر المتحدث باسم نقابة الأطباء في السودان أن أكثر من 40 ألف شخص قتلوا في الحرب الدائرة بين الجيش وقوات «الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) الماضي.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا سيدة في مخيم «زمزم» للنازحين في إقليم دارفور تحمل طفلاً (رويترز)

مقابر دارفور تتضاعف... والموت يتربص بالجوعى

أظهر تحليل لصور الأقمار الاصطناعية أن مقابر في دارفور بالسودان توسعت وتضاعفت مساحتها بمعدلات مختلفة بينما حذرت تقارير من ارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة بالجوع.

«الشرق الأوسط» (دارفور)
شمال افريقيا صورة أرشيفية لقائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو مع قواته في جنوب دارفور (أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تسيطر على «الفولة» عاصمة غرب كردفان

قالت قوات «الدعم السريع»، الخميس، إنها سيطرت بالكامل على مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان ذات الأهمية الحيوية التي تضم حقلاً نفطياً كبيراً.

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
شؤون إقليمية صورة تظهر امرأة وطفلاً في مخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر في شمال دارفور بالسودان... يناير 2024 (رويترز)

«أطباء بلا حدود»: السودان يشهد «إحدى أسوأ أزمات العالم» في العقود الأخيرة

قالت منظمة «أطباء بلا حدود» إن السودان يشهد «إحدى أسوأ أزمات العالم» في العقود الأخيرة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
TT

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

بعيداً عن تعثر مسار التسوية في اليمن بسبب هجمات الحوثيين البحرية، أشاع الإعلان الأممي اتفاقاً بين الحكومة والحوثيين حول المصارف والطيران أجواءً من الأمل لدى قطاع عريض من اليمنيين، مثلما زرع حالة من الإحباط لدى مناهضي الجماعة المدعومة من إيران.

ومع إعلان غروندبرغ اتفاق خفض التصعيد بين الحكومة والحوثيين بشأن التعامل مع البنوك التجارية وشركة «الخطوط الجوية اليمنية»، فإن المبعوث لم يحدد موعداً لبدء هذه المحادثات ولا مكان انعقادها، واكتفى بالقول إن الطرفين اتفقا على البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خريطة الطريق.

غروندبرغ يسعى إلى تحقيق أي اختراق في مسار السلام اليمني بعد إعاقة الحوثيين خريطة الطريق (الأمم المتحدة)

بدت آراء يمنيين في الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي متباينة في كل مضامين اتفاق التهدئة، باستثناء تمنياتهم بنجاح محادثات الملف الاقتصادي لأن من شأنها أن تعالج وفق تقديرهم جذور الأزمة الاقتصادية والانقسام المالي وانقطاع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين منذ ثمانية أعوام.

في المقابل، ناقضت تقارير يمنية نفسها، مثل ما ورد في تقرير لمركز صنعاء للدراسات كتبه نيد والي، ففي حين حاول توجيه السبب الأساسي للاتفاق نحو ضغوطات من دول في التحالف على الحكومة لصالح الحوثيين، عاد واقتبس من المبعوث الأممي قوله في رسالة لمجلس القيادة: «الانقسام الاقتصادي والمالي الذي تشهده البلاد ستترتب عليه تبعات خطيرة وربما مدمرة، وعزل البنوك وشركات الصرافة عن النظام المالي العالمي سيؤثر سلباً على الأعمال التجارية وعلى تدفق التحويلات المالية».

وكتب الباحث في التقرير نفسه: «عانى الاقتصاد اليمني من الشلل نتيجة عقد من الصراع، وأي ضغوط إضافية لن تجلب سوى أوضاع إنسانية وخيمة، ليس أقلها تعطيل القدرة على تقديم المساعدات. يتم تداول عملتين في الأسواق المالية اليمنية بسعري صرف متباينين، ورغم أن الانقسام الدائم في النظام المصرفي ومؤسسات الدولة قد يصبح أمراً لا مفر منه في نهاية المطاف، لا ينبغي التشكيك بأن تداعيات ذلك على الاقتصاد ستكون وخيمة وأليمة بصورة استثنائية».

وقالت مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط»: «إن السعودية دعمت خريطة الطريق ومشروع إنهاء الأزمة اليمنية، والخلافات والعراقيل ليست طريقة للوصول إلى السلام في كل الأحوال».

ومن خلال تعليقات حصلت عليها «الشرق الأوسط» عبر استمزاج يمنيين في قطاعات تجارية وتربوية، تتجنب المعلمة نجاة التي اكتفت بذكر اسمها الأول الخوض في الجدال المتواصل بين المؤيدين والمعارضين لاتفاق التهدئة وتعتقد أن الذهاب للمحادثات الاقتصادية بنيات صادقة ونجاحها هو البشرى الحقيقية لمئات الآلاف من الموظفين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون الذين حرموا من رواتبهم منذ نهاية العام 2016، ولكل سكان البلاد الذين يدفعون ثمن الانقسام المالي والمواجهة الاقتصادية.

وتتمنى المعلمة على ممثلي الجانبين الحكومي والحوثيين استشعار المعاناة الكبيرة للملايين من اليمنيين الذين يقاسون نتيجة الظروف الاقتصادية وتوقف المرتبات ووجود عملتين محليتين، والحرص على التوافق والخروج باتفاق على استئناف تصدير النفط والغاز ووضع آلية مرضية لصرف المرتبات، وإنهاء الانقسام المالي لأن ذلك في تقديرها سيكون المنفذ الحقيقي للسلام.

الرواتب وتوحيد العملة

يقول الموظف الحكومي رضوان عبد الله إن الأهم لديه، ومعه كثيرون، هو صرف الرواتب وإنهاء انقسام العملة، لأنهم فقدوا مصدر دخلهم الوحيد ويعيشون على المساعدات والتي توقفت منذ ستة أشهر وأصبحوا يواجهون المجاعة وغير قادرين على إلحاق بناتهم وأبنائهم في المدارس لأنهم لا يمتلكون الرسوم التي فرضها الحوثيون ولا قيمة الكتب الدراسية ومستلزمات المدارس ولا المصروف اليومي.

تعنّت الحوثيين أفشل جولات متعددة من أجل السلام في اليمن (إعلام محلي)

ويؤيده في ذلك الموظف المتقاعد عبد الحميد أحمد، إذ يقول إن الناس تريد السلام ولم يعد أحد يريد الحرب وإن السكان في مناطق سيطرة الحوثيين يواجهون مجاعة فعلية. ويزيد بالقول إن صرف المرتبات وتوحيد العملة أهم من أي اتفاق سياسي ويطلب من الحكومة والحوثيين ترحيل خلافاتهم السياسية إلى ما بعد الاتفاق الاقتصادي.

ولا يختلف الأمر لدى السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية والذين يعبر أغلبيتهم عن سخطهم من الموافقة على إلغاء الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في حق البنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين، إذ يرى عادل محمد أن إنهاء انقسام العملة واستئناف تصدير النفط سيؤدي إلى وقف تراجع سعر الريال مقابل الدولار الأميركي وسيوقف الارتفاع الكبير في أسعار السلع لأن ذلك أضر بالكثير من السكان لأن المرتبات بسبب التضخم لم تعد تكفي لشيء.

ويتفق مع هذه الرؤية الموظف في القطاع التجاري سامي محمود ويقول إن توحيد العملة واستئناف تصدير النفط سيكون له مردود إيجابي على الناس وموازنة الدولة، لأنه سيحد من انهيار الريال اليمني (حالياً الدولار بنحو 1990 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة) كما أن الموظفين والعمال الذين تعيش أسرهم في مناطق سيطرة الحوثيين سيكونون قادرين على إرسال مساعدات شهرية، لكن في ظل الانقسام وفرض الحوثيين سعراً مختلفاً فإن ما يرسلونه يساوي نصف رواتبهم.

مصلحة مشتركة

يرى الصحافي رشيد الحداد المقيم في مناطق سيطرة الحوثيين أن التوصل إلى اتفاق في هذا الملف فيه مصلحة مشتركة وإعادة تصدير النفط والغاز سيسهم في عودة أحد مصادر الدخل الوطني من العملات الصعبة، كما أن استئناف صرف مرتبات الموظفين سوف يسهم في الحد من معاناة مئات الآلاف من الموظفين.

ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين تتهددهم المجاعة (الأمم المتحدة)

ويشدد الحداد على ضرورة أن يتوجه ممثلو الجانبين إلى هذه المحادثات بصدق ومسؤولية لمفاوضات تحسم هذا الملف، ورأى أن أي اختراق يحدث في هذا الجانب سيعزز بناء الثقة وسيقود نحو تفاهمات أخرى، و سيكون له انعكاسات إيجابية على حياة كل اليمنيين.

لكن الجانب الحكومي لا يظهر الكثير من التفاؤل ويعتقد اثنان من المسؤولين سألتهم «الشرق الأوسط» أن الحوثيين غير جادين ويريدون تحقيق مكاسب اقتصادية فقط من خلال هذه الجولة، لأنهم يريدون الحصول على رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم لامتصاص النقمة الشعبية الواسعة، ويرغبون في الحصول على حصة من عائدات تصدير النفط، دون أن يكون هناك مقابل أو تقديم تنازلات فعليه تخدم مسار السلام، فيما يتعلق بتوحيد العملة والبنك المركزي.

ووفق ما أكده المسؤولان فإن الجانب الحكومي الذي قدم الكثير من التنازلات من أجل السكان في مناطق سيطرة الحوثيين بحكم مسؤوليته عن الجميع، سيشارك بإيجابية في المحادثات الاقتصادية وسيكون حريصاً على إنجاحها والتوصل إلى اتفاقات بشأنها استناداً إلى مضامين خريطة طريق السلام التي كانت حصيلة جهود وساطة قادتها السعودية وعُمان طوال العام الماضي وحتى الآن.