العراق: انخفاض كبير في النزاعات العشائرية وجرائم القتل والسطو المسلح

بينما ازدادت حالات الانتحار بنسبة 2 %

الظروف المعيشية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها العراقيون رفعت نسبة الانتحار 2 % (أ.ف.ب)
الظروف المعيشية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها العراقيون رفعت نسبة الانتحار 2 % (أ.ف.ب)
TT

العراق: انخفاض كبير في النزاعات العشائرية وجرائم القتل والسطو المسلح

الظروف المعيشية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها العراقيون رفعت نسبة الانتحار 2 % (أ.ف.ب)
الظروف المعيشية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها العراقيون رفعت نسبة الانتحار 2 % (أ.ف.ب)

كشفت وزارة الداخلية العراقية عن انخفاض لافت في جرائم القتل والسطو المسلح والنزاعات العشائرية، وما يرتبط بها من هجمات على المنازل، خلال الأشهر القليلة الماضية.

وذكر المتحدث باسم الوزارة وخلية الإعلام الأمني، مقداد ميري، في مؤتمر صحافي، أن «جرائم الدكة العشائرية تراجعت بنسبة 77 في المائة، وازدادت حالات الانتحار بنسبة 2 في المائة، وانخفضت المشاجرات العشائرية التي يتخللها إطلاق نار بنسبة 25 في المائة».

و«الدكة» عبارة عن هجوم بالأسلحة يشنه أحد أطراف النزاع العشائري على منزل المتسبب في النزاع، لإرغامه على قبول الصلح من خلال تعويض الطرف المتضرر بمبلغ مالي يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 500 مليون دينار (أكثر من 300 ألف دولار) ويقل المبلغ عن ذلك بكثير في بعض الأحيان، تبعاً لطبيعة الخصومة أو خطورة الحادث الذي وقع.

وغالباً ما تُستخدم أسلحة متنوعة في النزاعات العشائرية الثقيلة، تتراوح ما بين الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، يذهب ضحيتها عشرات الأشخاص من العشائر المتنازعة.

واشتهرت محافظات (ذي قار، وميسان، والبصرة) الجنوبية في السنوات الأخيرة بكثرة نزاعاتها العشائرية، واضطرت الحكومة مطلع مارس (آذار) الماضي، للتدخل في حل نزاع بين عشيرتَي العمر والرميض، بعد أن أسفر عن مقتل العميد عزيز الشامي، مدير استخبارات المحافظة ومكافحة الإرهاب بها.

ويقول الناطق باسم الداخلية، إن الإحصاءات التي ذكرها تغطي الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، مقارنة بالأشهر ذاتها من العام الماضي، وذكر أن «جرائم القتل العمد بمستوى العراق انخفضت بنسبة 26 في المائة بالأشهر الثلاثة الأولى، وانخفضت جرائم الشروع في القتل إلى 19 في المائة للفترة نفسها».

وأضاف أن «جريمة السطو المسلح انخفضت بنسبة 73 في المائة، وجرائم التسليب بنسبة 9 في المائة، أما مجموع الحوادث بشكل عام فقد انخفض بنسبة 5 في المائة».

وتحدث الناطق الحكومي عن تراجع كبير يقدر بنحو 45 في المائة في نسب وقوع الحوادث المرورية، بعد تطبيق نظام المرور الذكي واكتماله في 7 قواطع، وبعد نصب الرادارات المرورية في الطرق السريعة.

ارتفاع نسب الانتحار

وفي مقابل التراجع في نسب الجرائم المختلفة، تحدث الناطق باسم الداخلية عن ارتفاع نسبته 2 في المائة بقضايا الانتحار، وهي من بين التحديات الكبيرة التي تواجهها الداخلية؛ حيث ترتبط تلك العمليات غالباً بالظروف المعيشية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها المواطنون.

وتعزو وزارة الداخلية أسباب الانتحار إلى «الكثافة السكانية، والوضع الاقتصادي، والبطالة، فضلاً عن العنف والتفكك الأسري والابتزاز الإلكتروني، بجانب إدمان المخدرات».

وتشير بعض الإحصاءات الرسمية إلى تنامي ظاهرة الانتحار خلال السنوات السبع الأخيرة، وارتفاعها بنسبة 17 في المائة، مقارنة بالسنوات التي سبقتها.

وحيال تنامي الظاهرة، أعلنت الحكومة العراقية ووزارة الصحة، نهاية فبراير (شباط) الماضي، عن إطلاق «الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار». وتهدف إلى معالجة أسباب الانتحار، واحتواء الشباب الذين يتعرضون إلى ضغوط نفسية قد تؤدي إلى تلك الحوادث، طبقاً لوزارة الصحة التي تقول إن «الاستراتيجية تعطي دوراً لكل وزارة وكل قطاع، إضافة إلى الجهات غير الحكومية، المتمثلة بالإعلام والجهات الدينية والرموز المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني التي يجب أن تتضافر جهودها».

واعترفت وزارة الصحة في وقت سابق بأن العراق «شهد في الفترة الأخيرة ارتفاعاً طفيفاً في نسب الانتحار، ولكنها لا تزال تحت المعدل العالمي بكثير».


مقالات ذات صلة

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

العالم تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

العصابات الدولية تعيد تشكيل خريطة الجريمة باستخدام التكنولوجيا والمخدرات، في وقت تبدو فيه الحكومات متأخرة عن مواكبة هذا التطور.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة أصدرتها شرطة تشيستر للدرج التي خبأت به الأم طفلتها

حبس أم خبأت طفلتها في درج لمدة ثلاث سنوات

حكم على سيدة بريطانية خبأت ابنتها الرضيعة في درج أسفل سريرها حتى بلغت الثالثة من عمرها تقريباً بالسجن لمدة سبع سنوات ونصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج عَلم الإمارات (رويترز)

الإمارات تعلن هوية الجناة في حادثة مقتل مقيم بجنسية مولدوفية

أعلنت وزارة الداخلية الإماراتية أن السلطات الأمنية المختصة بدأت إجراء التحقيقات الأولية مع ثلاثة جناة أُلقي القبض عليهم لاتهامهم بارتكاب جريمة قتل.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
أوروبا منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

هزَّ العثور على رأس حصان مقطوع، وبقرة حامل ممزقة وعجلها الميت بداخلها ملطخين بالدماء، جزيرة صقلية، إذ تعاملت السلطات مع الحادث باعتباره تهديداً من قبل المافيا.

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق الشرطة ألقت القبض على سارات رانجسيوثابورن في بانكوك عام 2023 (إ.ب.أ)

مدينة لهم بالمال... الإعدام لتايلاندية متهمة بقتل 14 من أصدقائها بـ«السيانيد»

حُكم على امرأة في تايلاند بالإعدام، بعدما اتُّهمت بقتل 14 من أصدقائها بمادة السيانيد.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)

الجيش الإسرائيلي يعترض باليستياً حوثياً

حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يعترض باليستياً حوثياً

حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، اعتراضَ صاروخ أطلقته الجماعة الحوثية، بعد وقت من دوي صفارات الإنذار في عدد من المناطق وسط إسرائيل إثر رصد إطلاق الصاروخ من اليمن.

وقال يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة، في بيان له، إن الجماعة نفذت عملية استهداف لهدف حيوي في منطقة يافا بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين2».

وبينما زعم سريع أن الصاروخ أصاب هدفه بنجاح، أكد بيان الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ خارج المجال الجوي الإسرائيلي.

وتوعد سريع بمضاعفة الجماعة عملياتها العسكرية بالصواريخ والطائرات المسيرة، ضمن ما سماه «نصرة وإسناد المجاهدين في قطاع غزة والضفة الغربية»، وهدد بعدم توقف العمليات العسكرية الموجهة ضد إسرائيل حتى يتوقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

في سياق متصل، كشفت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية عن تعرض سفينة تجارية لهجوم، قبالة سواحل مدينة عدن اليمنية.

وذكرت الهيئة، في بيان لها، أنها تلقت تقريراً عن حادث على بعد 80 ميلاً بحرياً جنوب مدينة عدن الواقعة على سواحل خليج عدن، دون إيضاح حول ما أصاب السفينة من أضرار أو خسائر بشرية أو مادية بسبب الهجوم.

وأكدت الهيئة أن «السلطات تقوم بالتحقيق حول الحادثة»، داعية السفن إلى المرور بحذر، والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه.

تعهدات بالتصعيد

منذ اندلاع الحرب في غزة قبل أكثر من عام، شنت الجماعة المدعومة من إيران هجمات صاروخية وأخرى بطائرات مسيرة على إسرائيل، كما باشرت هجماتها في البحر باختطاف سفينة زعمت تبعيتها لجهات إسرائيلية، لتواصل بعدها تنفيذ هجمات بالطائرات والزوارق المسيرة والصواريخ البالستية مستهدفة السفن وحركة الملاحة في البحر، ضمن ما تقول إنه تضامن مع الفلسطينيين، وانتصار لمظلوميتهم.

وتأتي هاتان الحادثتان بعد أيام من تعهدات أطلقها زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي باستمرار دعم «حزب الله» اللبناني وقطاع غزة، واستمرار العمليات العسكرية «بالصواريخ والمسيّرات» ضد إسرائيل، وتهديده بتصعيد الهجمات، برغم وقف إطلاق النار بين الحزب اللبناني والجيش الإسرائيلي.

مجسم طائرة بدون طيار خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل نظمتها الجماعة الحوثية في صنعاء منذ شهرين (إ.ب.أ)

وساهمت الهجمات الحوثية على إسرائيل، وفي البحر الأحمر، بتصاعد التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط، مثيرة المزيد من المخاوف من تأثيرات الهجمات العابرة للحدود على الاستقرار في المنطقة.

وتعدّ الهجمات الإسرائيلية على مواقع الجماعة الحوثية أحد الردود العسكرية على الجماعة الحوثية، ضمن تحركات دولية عديدة، أهمها تشكيل «تحالف الازدهار» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، الذي أُعلن قبل نهاية العام الفائت بنحو أسبوعين.

ورد الجيش الإسرائيلي على هجمات الجماعة الحوثية بغارات جوية، مرتين؛ الأولى في يوليو (تموز) والثانية في سبتمبر (أيلول) الماضيين، استهدف خلالهما مواقع ومنشآت حيوية في مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية على الساحل الغربي لليمن.

وتسبب الهجومان الإسرائيليان بدمار في منشآت تابعة لميناء الحديدة واحتراق خزانات وقود وتدمير محطتين للكهرباء.

حريق ضخم في خزانات الوقود جوار ميناء الحديدة اليمني بعد ضربات إسرائيلية في يوليو الماضي (أ.ف.ب)

ورد الجيش الإسرائيلي في الهجوم الأول في يوليو على وصول طائرة مسيرة حوثية إلى تل أبيب، وتسببها بمقتل شخص وإصابة آخرين، أما الهجوم الثاني في سبتمبر فكان رداً على وصول صاروخ حوثي إلى مناطق وسط إسرائيل، وتسببه بحرائق في مناطق غير مأهولة حسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي نفسه.

مخاوف من التصعيد

تزامن الهجوم الصاروخي الحوثي في سبتمبر 2024، والرد عليه، مع بداية التصعيد بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» اللبناني، واغتيال عدد كبير من قادة الحزب، بينهم أمينه العام حسن نصر الله، واستهداف مواقع ومنشآت تابعة له في الجنوب اللبناني.

وأثارت الهجمات المتبادلة بين الجماعة الحوثية وإسرائيل مخاوف من احتمال توسع المواجهات والتصعيد غير المحدود، ما يهدد بمزيد من تدهور الأوضاع المعيشية في اليمن.

ويتوقع خبراء وباحثون سياسيون واقتصاديون، استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم في وقت سابق، أن تسعى الجماعة الحوثية إلى الاستفادة من الضربات التي تعرض لها «حزب الله» اللبناني، لتحويل نفسها إلى أهم ذراع لما يُسمى «محور الممانعة» الذي تتزعمه إيران، ويمثل «حزب الله» رأس الحربة فيه.

مخاوف يمنية من نتائج كارثية على البلاد جراء التصعيد الحوثي مع إسرائيل (رويترز)

ويتهم اليمنيون الجماعة الحوثية باستخدام العدوان الإسرائيلي على غزة ذريعةً للتهرب من جهود السلام في البلاد، ومن مطالب تحسين الأوضاع المعيشية، ودفع رواتب الموظفين العموميين التي أوقفتها منذ ما يزيد عن 8 أعوام.

وقُوبلت الهجمات الإسرائيلية على مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بتنديد إقليمي ودولي، خصوصاً وأنها استهدفت منشآت حيوية في البلد الذي يعاني من حرب طويلة أدخلتها في أزمة إنسانية معقدة، ولم يتبين أن تلك الهجمات أثرت على القدرات العسكرية للجماعة الحوثية.

ويعود آخر هجوم بحري حوثي، قبل هجوم الأحد، إلى 21 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، واستهدف سفينة قبالة سواحل عدن اليمنية بـ12 قارباً صغيراً.

وأصدرت الجماعة الحوثية حينها بياناً حول استهداف سفينة تجارية أثناء مرورها في البحر الأحمر، بعدد من الصواريخ الباليستية والصواريخ البحرية.

أكثر من 200 سفينة يقول الحوثيون إنهم استهدفوها خلال عام (أ.ف.ب)

وخلال الشهر ذاته أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية تعرض عدد من السفن التجارية لهجمات عسكرية بالصواريخ والقذائف والطيران المسيّر، قبالة سواحل الحديدة والمخا وعدن بالبحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وذلك بعد أيام من إعلان الجماعة الحوثية مسؤوليتها عن استهداف 3 سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، بالصواريخ والطائرات المسيّرة.

وفي إحصائية خاصة بها، تقول الجماعة إنها استهدفت خلال عام منذ أولى هجماتها أكثر من 200 سفينة.

ويواصل «تحالف الازدهار» توجيه ضرباته على مواقع تابعة للجماعة الحوثية التي تفيد المعلومات بأنها لجأت إلى إخفاء أسلحتها ومعداتها العسكرية في مخابئ جديدة في الجبال والكهوف.