بيانات دولية: طفل يمني يتوفى كل 10 دقائق

20 مليون شخص في مهمة البحث عن الغذاء

أطفال في مخيم للنازحين في مأرب يحصلون على مساعدات إنسانية من منظمة كويتية (أ.ف.ب)
أطفال في مخيم للنازحين في مأرب يحصلون على مساعدات إنسانية من منظمة كويتية (أ.ف.ب)
TT

بيانات دولية: طفل يمني يتوفى كل 10 دقائق

أطفال في مخيم للنازحين في مأرب يحصلون على مساعدات إنسانية من منظمة كويتية (أ.ف.ب)
أطفال في مخيم للنازحين في مأرب يحصلون على مساعدات إنسانية من منظمة كويتية (أ.ف.ب)

بينما دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي الأمم المتحدة لتوظيف تدخلاتها في تحسين الوضع المعيشي، كشف تقريران دوليان عن وفاة طفل كل 10 دقائق بسبب الجوع، وأكدا أن ما يقارب 89 في المائة من النازحين، غير قادرين على تلبية احتياجاتهم اليومية من الغذاء، وأن أكثر من 20 مليون شخص يبحثون عن قوت يومهم.

وذكرت منظمة الإغاثة الإسلامية أن معدلات سوء التغذية في اليمن تعدُّ من أعلى المعدلات على الإطلاق، وفيها أكبر أزمة للأمن الغذائي على مستوى العالم بعد مرور 9 سنوات من الصراع، إذ يبحث أكثر من 20.7 مليون شخص عن قوت يومهم، وفي كل 10 دقائق يموت طفل بسبب الجوع.

طفل يعاني من سوء التغذية في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الجماعة الحوثية (رويترز)

ووصفت المنظمة ما يجري في اليمن بالمزيج القاتل من الصراع المسلح والنزوح وانتشار الأمراض والانهيار الاقتصادي، إضافة إلى التخفيضات الأخيرة في المساعدات الإنسانية، ما يؤدي إلى زيادة الجوع، وترك الكثير من الأسر من دون أدنى مقومات الحياة الأساسية، موضحة أن سوء التغذية يتصاعد في البلاد، مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي.

وقالت المنظمة التي تعمل من مدينة برمنغهام البريطانية إنه «من المحزن أن نترك هذه البلاد التي نهشها الصراع على حافة المجاعة»، منوهة إلى أن ما يقرب من 80 في المائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، كما أن أسعار المواد الغذائية الأساسية في السوق ترتفع بسرعة، ما يجعل الكثير من الأسر غير قادرة على تحمل تكاليفها.

وأكدت المنظمة أن فرقها العاملة في اليمن والمنتشرة في 159 مركزاً للتغذية لاحظت ارتفاعاً حاداً في عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية خلال الأشهر القليلة الماضية، وأن هناك ما يقرب من 11 مليون طفل بحاجة ماسّة جداً للمساعدات الإنسانية، منهم 3.2 مليون طفل يواجهون سوء التغذية الحاد والجوع، وهو الرقم الأعلى عالمياً حتى الآن.

ووفقاً لبيان المنظمة فمن المتوقع أن تتفاقم معدلات سوء التغذية خلال العام الحالي في ظل المستويات المروعة للجوع بين السكان، خاصة الأطفال والنساء، إذ تشير التقديرات إلى أن نحو 2.7 مليون امرأة و5 ملايين طفل دون سن الخامسة، سيحتاجون إلى علاج من سوء التغذية الحاد خلال العام الحالي.

أطفال يمنيون في أحد مخيمات النزوح قرب مدينة مأرب (أ.ف.ب)

وناشدت المجتمع الدولي عدم تجاهل الأزمة في اليمن، وضمان تمويل الاستجابة الإنسانية بشكل عاجل، وهي المساعدات التي لعبت دوراً حيوياً في منع وقوع البلاد في المجاعة في السنوات الأخيرة، وأنقذت أرواحاً لا حصر لها، محذرة من أن التغاضي عن الوضع الإنساني في اليمني، سيؤدي إلى تدهور الظروف بشدة.

تعاون رسمي وأممي

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني؛ رشاد العليمي، الأمم المتحدة لتوظيف تدخلاتها في تحسين الوضع المعيشي وتعزيز صمود المجتمعات المحلية، والتركيز على أولويات العمل الإنمائي والإنساني.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن العليمي، وخلال استقباله مساعد الأمين العام والمدير الإقليمي للبرنامج الإنمائي في الدول العربية؛ عبد الله الدردري، ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن؛ جوليان هارنيس، شدّد على ضرورة أن تقوم الأمم المتحدة بتوظيف تدخلاتها في البرامج والمشاريع الهادفة لتحسين الظروف المعيشية، وتعزيز قدرات المجتمعات المحلية على الصمود، والتركيز على أولويات العمل الإنمائي والإغاثي في اليمن.

وأشاد العليمي بالدور الحيوي الذي تلعبه الأمم المتحدة في المجالات الإنمائية والإنسانية، وجهودها في تخفيف المعاناة عن الشعب اليمني بفعل الحرب المستمرة منذ أكثر من تسع سنوات، مطالباً بالبناء على جهود الأشقاء في السعودية والإمارات ومجلس التعاون الخليجي من أجل مواجهة التحديات الاقتصادية والإنمائية والإنسانية في البلاد.

العليمي خلال استقباله مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومدير البرنامج الإنمائي في الدول العربية عبد الله الدردري (سبأ)

من جهته، أوضح مساعد الأمين العام للأمم المتحدة أن هناك تحضيرات لإرسال خبرات دولية للمساعدة في إعداد إطار لخطة التعافي الاقتصادي في اليمن، في سياق البرامج الأممية الهادفة لتحسين استيعاب الحكومة المعترف بها للمشروعات الإنمائية والإنسانية.

في غضون ذلك أظهر تقرير أممي حديث أن ما يقارب 90 في المائة من النازحين داخلياً في اليمن، غير قادرين على تلبية احتياجاتهم اليومية من الغذاء، بفعل تفاقم نقاط الضعف وتآكل القدرة على الصمود والتكيف بعد تسع سنوات من الصراع.

وجاء في تقرير حديث لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن التقييمات التي أجرتها خلال العام الماضي، تشير إلى مستويات عالية من نقاط الضعف الاجتماعية والاقتصادية بين الأسر النازحة، إذ إن 11 في المائة فقط من النازحين داخلياً يستطيعون تلبية احتياجاتهم من الغذاء يومياً، بينما 89 في المائة غير قادرين على ذلك.

مستويات ضعف عالية

أجرت المفوضية الأممية تقييمات شملت 136.913 عائلة يمنية نازحة، وغطت 820.440 شخصاً، وبينت أن 70 في المائة من النازحين يشترون أطعمة أقل تفضيلاً أو أرخص أو ذات جودة أقل، و52.7 في المائة يقللون من أحجام الوجبات، بينما 48.2 في المائة يقللون عدد الوجبات يومياً.

وبحسب المفوضية؛ فإنه ومع مرور تسع سنوات من الصراع وتفاقم نقاط الضعف وتآكل القدرة على الصمود والتكيف في أوساطهم؛ تصبح المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المساعدات الغذائية العينية والتحويلات النقدية، مصدراً بالغ الأهمية للدعم المنقذ للحياة لغالبية النازحين.

وبينت نتائج تقييمات تقرير المفوضية ارتفاع نقاط الضعف الاجتماعية والاقتصادية بين الأسر النازحة إلى مستويات عالية، ومحدودية فرص كسب الدخل التي تتكون إلى حد كبير من وظائف غير رسمية وخطيرة.

فهناك 48.6 في المائة ليس لديهم أي مصدر للدخل، و41.5 في المائة لديهم دخل شهري أقل من 50 دولاراً، وهو ما يضع العائلات النازحة تحت ضغط الكفاح المستمر لتلبية احتياجاتها الأساسية، ولجوء الكثير منها إلى آليات التكيف الضارة من أجل تدبر أمورها.

تقول تقارير أممية إن ما يقارب 90 في المائة من النازحين اليمنيين غير قادرين على تلبية احتياجاتهم اليومية من الغذاء (إ.ب.أ)

كما أظهرت تقييمات المفوضية أن 69.6 في المائة يعتمدون على الديون لتلبية احتياجاتهم الأساسية، و46.4 في المائة يخفضون الإنفاق على المواد غير الغذائية الأساسية، و41.1 في يقللون الإنفاق على الرعاية الصحية والأدوية، و10.8 في المائة يبيعون الأصول الإنتاجية، و11.9 في المائة من الأطفال يتسربون من المدارس.

وإلى جانب كل هذا؛ هناك آليات تكيف ضارة مثل عمالة الأطفال، واللجوء إلى القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر، خصوصاً للفتيات.

وطبقاً للمفوضية فإن اليمن لا يزال من بين الأزمات الإنسانية الأكثر خطورة على مستوى العالم، وتلعب المساعدات الإنسانية دوراً حاسماً في الاستجابة الفورية للاحتياجات المتفاقمة، إلا أن «هناك حاجة ماسة إلى الجمع بين هذه المساعدات المنقذة للحياة وخلق مشاريع تؤدي إلى حلول دائمة من أجل تعزيز سبل العيش والاعتماد على الذات».


مقالات ذات صلة

خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

العالم العربي صورة وزّعها الحوثيون للطائرة المسيّرة التي استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

خفتت هجمات الجماعة الحوثية ضد السفن، خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، فيما واصل الجيش الأميركي عملياته الاستباقية الدفاعية ضد الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي منشأة نفطية يمنية حيث يعد إنتاج وتصدير النفط أحد أهم موارد الاقتصاد الهش (أرشيفية - غيتي)

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

يرجح غالبية المراقبين أن استمرار الصراع في اليمن سيظل عائقاً أمام إمكانية السماح بالتعافي واستعادة نمو الأنشطة الاقتصادية واستقرار الأسعار وثبات سعر صرف العملة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

يأمل اليمنيون أن تفضي المشاورات بين الحكومة اليمنية والحوثيين إلى إنهاء الانقسام المصرفي ودفع الرواتب واستئناف تصدير النفط، وسط مخاوف من تعنت الجماعة الانقلابية

محمد ناصر (تعز) علي ربيع (عدن)
العالم العربي للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال، من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سوق سوداء لبيع غاز الطهي في صنعاء (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يخصصون أسطوانات غاز الطهي لأتباعهم

خصصت الجماعة الحوثية ملايين الريالات اليمنية لتوزيع أسطوانات الغاز على أتباعها دون غيرهم من السكان الذين يواجهون الصعوبات في توفير الحد الأدنى من القوت الضروري.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

حملة في صنعاء لابتزاز مُصنِّعي الأكياس البلاستيكية

عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)
عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)
TT

حملة في صنعاء لابتزاز مُصنِّعي الأكياس البلاستيكية

عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)
عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)

لم تكد الجماعة الحوثية تنتهي من استهداف مصانع الدواء، والمياه المعدنية، والعصائر والمشروبات الغازية، حتى بدأت في صنعاء تنفيذ حملة ميدانية لاستهداف مصانع ومعامل الأكياس البلاستيكية، ضمن مساعيها المستمرة للتضييق على اليمنيين، وجباية مزيد من الأموال تحت مسميات غير قانونية.

أفصحت مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إطلاق جماعة الحوثي حملة واسعة طالت بالتعسف والابتزاز والإغلاق عدداً من مصانع ومعامل الأكياس البلاستيكية في صنعاء، بذريعة تسجيل مخالفات وعدم الالتزام بالتعليمات.

عنصر حوثي أثناء إغلاقه مصنع أكياس بلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)

وأغلقت الحملة، التي أشرفت عليها ما تسمى «الهيئة العامة لحماية البيئة» الخاضعة للجماعة، أكثر من 5 مصانع أكياس بلاستيكية في مديرية معين بصنعاء، مع الاستمرار في استهداف ما تبقى من المصانع ببقية المناطق والتي يزيد عددها على 48 مصنعاً ومعملاً.

وكانت حملات الجباية الحوثية دفعت الكثير من مُلاك الشركات والمصانع والتجار وأصحاب المهن المتوسطة والأصغر إلى التهديد بإغلاق متاجرهم ووقف أنشطتهم التجارية، احتجاجاً على السلوك الانقلابي الذي يطالهم في كل مرة لنهب أموالهم تحت ذرائع واهية.

وتحدث شهود في صنعاء عن مداهمة مشرفين حوثيين مسنودين بدوريات أمنية عدة منشآت تعمل بصناعة الأكياس البلاستيكية بصنعاء، حيث مارسوا أساليب استفزازية وابتزازية ضد مُلاك المصانع والعاملين فيها، بحجة وجود مخالفات.

وأقر الانقلابيون عبر وسائل إعلامهم بإغلاق 5 مصانع أكياس بلاستيكية، قبل أن يقوموا بأخذ ما أسموها عينات من الأكياس للتأكد من مدى مطابقتها للاشتراطات.

دفع إتاوات

في حين تَزْعُم الجماعة الحوثية بأن حملتها الاستهدافية لمصانع البلاستيك تأتي للحفاظ على البيئة من التلوث، يتحدث عدنان، اسم مستعار لمالك مصنع استهدفته الجماعة، عن أن عناصرها وافقوا بعد ساعات من إغلاق مصنعه على السماح بإعادة فتحه مقابل دفع مبلغ مالي.

ويؤكد عدنان أن الاستهداف الحوثي لمصنعه ليس له أي علاقة بالبيئة والتلوث، ويقول إن ذلك يندرج ضمن الأساليب والطرق التي اعتادت الجماعة على ابتكارها لتبرير جرائم الاقتحام والإغلاق.

معمل لتصنيع الأكياس البلاستيكية استهدفه الحوثيون بحملات الجباية (فيسبوك)

ويشير إلى أن الجماعة لا تتحدث عن إيجاد حلول لأي مخالفات أو اختلالات تزعم اكتشافها في المصانع، بل تركز بالدرجة الأولى على دفع الإتاوات مقابل إعادة فتح ما قامت بإغلاقه من تلك المصانع.

وعلى وقع تلك الانتهاكات وحملات التنكيل الحوثية المتواصلة، ندد ناشطون اقتصاديون في صنعاء بالتعسف الجديد ضد مُلاك المنشآت الصناعية الرامي إلى استكمال إحلال الجماعة طبقة تجار جديدة من عناصرها.

وحذر الناشطون من التضييق المستمر للجماعة ضد من تبقى من العاملين بمختلف القطاعات التجارية والصناعية والحرفية في صنعاء وبقية المناطق المختطفة، وهو ما سيفاقم معاناة اليمنيين ويزيد أسعار مختلف السلع والمنتجات بما فيها الأساسية.

وسبق لجماعة الحوثي أن ضاعفت خلال السنوات الماضية حجم الإتاوات والجبايات المفروضة على مُلاك المصانع والشركات، وسنَّت تشريعات غير قانونية رفعت بموجبها الرسوم الضريبية والجمركية والزكوية؛ بغية تغطية نفقات حروبها من جانب، بالإضافة إلى تكوين ثروات لقادتها ومشرفيها.