راصدو الانتهاكات في صنعاء تحت أعين الأجهزة القمعية

مخاوف من انتفاضة في إبّ... ومساعٍ لإلغاء صلاة التراويح

يرفض اليمنيون القيود الحوثية على صلاة التراويح (إكس)
يرفض اليمنيون القيود الحوثية على صلاة التراويح (إكس)
TT

راصدو الانتهاكات في صنعاء تحت أعين الأجهزة القمعية

يرفض اليمنيون القيود الحوثية على صلاة التراويح (إكس)
يرفض اليمنيون القيود الحوثية على صلاة التراويح (إكس)

يواجه الناشطون اليمنيون في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية إجراءات ملاحقة وتشديد الرقابة للكشف عن أنشطتهم وعلاقتهم برصد الانتهاكات والتحريض على مناهضة الجماعة، بالتزامن مع تصعيد التعسف الرامي إلى حرمان السكان من صلاة التراويح.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء ومحافظات أخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية لـ«الشرق الأوسط»، أن الأشهر الأخيرة شهدت توسعاً في أعمال الرقابة على كل من يُشتبه بعملهم في رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، والعمل أو التعاون مع منظمات حقوقية محلية أو دولية، ومن ذلك استدعاؤهم إلى أقسام الشرطة ومقرات الجماعة.

شددت الجماعة الحوثية إجراءاتها الأمنية لملاحقة الناشطين الذين يرصدون انتهاكات حقوق الإنسان (رويترز)

ويجري التحقيق مع من يتم استدعاؤهم وسؤالهم حول أنشطتهم وأعمالهم ومصادر دخلهم ومعيشتهم، ويُطلب منهم تقديم إفادات دائمة حول تحركاتهم وعلاقاتهم الشخصية داخل وخارج مناطق سيطرة الجماعة.

وكشف ناشط اجتماعي في مدينة إبّ (192 كيلومتراً جنوب العاصمة صنعاء) عن إيقافه في نقطة تفتيش وسط المدينة، وطُلب منه تسليم هاتفه الجوال وتمكين عناصر النقطة من تفتيشه لوقت طويل.

وجاءت عملية إيقاف الناشط بعد خروجه من قسم شرطة «الشعاب» في المدينة بدقائق، حيث كان يلبي استدعاء للتحقيق معه حول الفوضى الأمنية والغضب الشعبي في المحافظة، وما إن كانت له علاقات بالتحريض ضد الجماعة، خصوصاً مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لمقتل أحد الناشطين المناهضين للجماعة في السجن.

وتوفي الناشط حمدي المكحل في 19 مارس (آذار) من العام الماضي في ظروف غامضة بعد أشهر من احتجازه على خلفية مقاطع فيديو نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي اتهم فيها الجماعة الحوثية بممارسة الفساد والفوضى الأمنية والاستحواذ على الثروات والأراضي والتسبب في إفقار السكان وتجويعهم.

وشهدت مدينة إبّ مظاهرات وأعمال احتجاج مناهضة للجماعة خلال تشييع المكحل والأسابيع التالية، وفي المقابل واجهت الجماعة تلك الاحتجاجات باعتقال عشرات الناشطين الاجتماعيين، ولا يزال عدد منهم قيد الاعتقال.

منع التراويح

يتزامن تشديد الرقابة على الناشطين من قبل سلطات الجماعة مع اتهامات لها بممارسة انتهاكات لحقوق الإنسان في مناطق سيطرتها، تتمثل بمداهمات واختطافات واعتداءات، ومنع السكان من مزاولة حرياتهم الدينية.

وتعرضت امرأة للإجهاض خلال اقتحام عناصر تابعة للقيادي الحوثي أبو مختار المشرقي منزلاً في إحدى مناطق مديرية الصومعة التابعة لمحافظة البيضاء قبل أيام، في حين أصيبت أخريات بجراح متفرقة، على خلفية محاولة الاستيلاء على فناء المنزل.

ووقعت مواجهات بين سكان محليين كانوا يؤدون صلاة التراويح وقوة تابعة للجماعة الحوثية اقتحمت أحد المساجد في العاصمة المختطفة صنعاء لإيقاف الصلاة.

ووفقاً لشهود؛ فإن المصلين فوجئوا باقتحام القوة الحوثية المسجد خلال صلاة التراويح وبدأ أفرادها بدفعهم والصراخ عليهم لإيقاف الصلاة والخروج من المسجد لإغلاقه، ما اضطر المصلين إلى الاشتباك معهم بالأيدي، وهو ما دفع عناصر الجماعة إلى إطلاق النار لإجبارهم على إيقاف الصلاة ومغادرة المسجد.

وطوال السنوات الماضية سعت الجماعة إلى منع أداء صلاة التراويح في مختلف مناطق سيطرتها، وحاولت إغلاق المساجد والجوامع، وعينت مشرفين تابعين لها للسيطرة على عدد كبير منها لإغلاقها يومياً خلال شهر رمضان عقب أداء صلاة العشاء، إلا أن تلك المساعي باءت بالفشل مع إصرار السكان على أداء الصلوات داخل أو خارج المساجد.

واضطرت الجماعة إلى التخفيف من القيود على صلاة التراويح تخوفاً من ردة فعل السكان وانتفاضتهم في مواجهة هذه الممارسات، إلا أنها لم تتوقف عن مساعيها، ولجأت أخيراً إلى توجيه السكان لأداء هذه الصلاة خارج الجوامع بمبررات عدة.

ويوضح متابعون في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة لجأت منذ ما قبل شهر رمضان الحالي إلى تبني خطاب عبر عدد من قادتها وخطبائها حول أفضلية أداء صلاة التراويح في المنازل وليس في الجوامع.

أحكام إعدام باطلة

يحض الخطباء الحوثيون على أداء صلاة التراويح في المنازل مستندين إلى روايات تزعم وجود تعاليم بذلك موجودة بالأثر النبوي وكتب الفقه، وهو ما عدّه مراقبون محاولة لإقناع السكان بالتراجع عن هذه الصلاة تدريجياً، وصولاً إلى تثبيت عُرف عدم أدائها نهائياً.

وكانت الجماعة منعت السكان في مدينة إبّ من أداء صلاة التراويح عشية أول أيام رمضان.

وطبقاً لشهادات السكان في المدينة، فإن عناصر الجماعة اقتحموا عدداً من المساجد في المدينة وريف المحافظة، وأغلقوا مكبرات الصوت، وفرقوا المصلين أثناء أول صلاة للتراويح في رمضان الحالي، قبل أن يغلقوا المساجد، داعين إلى الاستعاضة عن الصلاة بالاستماع إلى خطاب زعيم الجماعة بمناسبة شهر رمضان.

وفي حين تمنع الجماعة الحوثية صلاة التراويح وشعائر دينية أخرى بدوافع طائفية ومذهبية، اتهمتها منظمة محلية بإصدار أحكام قضائية مخالفة للقوانين المحلية والمعاهدات الدولية.

تصف منظمات حقوقية يمنية الأحكام الصادرة عن المحاكم الحوثية بالباطلة (إعلام حوثي)

ووصفت منظمة «إرادة» لمناهضة التعذيب والاختفاء القسري، الأحكام الصادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة التي يديرها قضاة موالون للجماعة الحوثية، بالباطلة، معربة عن قلقها من إمكانية تكرار عمليات إعدام جماعية سبق تنفيذها.

وأعدمت الجماعة في سبتمبر (أيلول) من عام 2021، تسعة أشخاص رمياً بالرصاص في ميدان التحرير وسط العاصمة صنعاء، على خلفية اتهامهم بالتورط في مقتل رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الحوثي) صالح الصماد، والذي قُتل في ضربة جوية في مدينة الحديدة في أبريل (نيسان) 2018.

ودعت منظمة «إرادة» المجتمع الدولي إلى الضغط على الجماعة الحوثية لوقف الإعدامات والمحاكمات السياسية التي تفتقر لمعايير العدالة، مشيرة إلى رصدها أعمال إعدام ميدانية طالت مدنيين في نقاط أمنية بين المحافظات اليمنية التي تسيطر عليها الجماعة.


مقالات ذات صلة

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

العالم العربي امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

بانتهاء موسم حصاد الحبوب الشحيح في اليمن، يواجه المزارعون خيارات صعبة في مواسم الجفاف لتأمين الغذاء وتربية المواشي مع قلة خبرتهم بالتعامل مع تغيرات المناخ

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء (إكس)

توجّه حوثي لإنشاء كيان يتولّى مراقبة صالات الأعراس

تعتزم الجماعة الحوثية في اليمن تأسيس كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس والمناسبات بصنعاء وغيرها من المدن الخاضعة للانقلاب

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)

إحالة مسؤولَين يمنيَين إلى المحكمة بتهمة إهدار 180 مليون دولار

في خطوة أولى وغير مسبوقة للحكومة اليمنية، أحالت النيابة العامة مسؤولَين في مصافي عدن إلى محكمة الأموال العامة بتهمة إهدار 180 مليون دولار.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».