هل تضع إجراءات النيابة المصرية حداً لـ«فوضى السوشيال ميديا»؟

بعد حبس «يوتيوبر» في واقعة «طالبة العريش» بتهمة نشر «أخبار كاذبة»

شعار منصة «يوتيوب» (رويترز)
شعار منصة «يوتيوب» (رويترز)
TT

هل تضع إجراءات النيابة المصرية حداً لـ«فوضى السوشيال ميديا»؟

شعار منصة «يوتيوب» (رويترز)
شعار منصة «يوتيوب» (رويترز)

أعاد قرار النيابة العامة المصرية بحبس «يوتيوبر» بتهمة «نشر معلومات خاطئة» بشأن واقعة وفاة «طالبة العريش»، الحديث عن وضع حد لـ«فوضى السوشيال ميديا»، خصوصاً في قضايا الرأي العام.

وأثارت قضية نيرة الزغبي، الطالبة بالفرقة الأولى في كلية الطب البيطري بجامعة العريش بشمال سيناء المصرية، الجدل على مدار الأسابيع الماضية، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي روايات متضاربة حول سبب وفاتها، ما بين «مسمومة ومنتحرة». في حين قررت النيابة حبس اثنين من زملائها، وتوجيه اتهامات لهما بـ«تهديدها قبل الوفاة».

ومساء السبت، أمرت النيابة العامة بحبس «يوتيوبر» يدعى «موسيلفا»، بتهمة «ترويج شائعات وأخبار كاذبة» تضمّنت «التقاط المتهمَين صوراً مخلة للمتوفاة، وقيامهما بتهديدها بنشرها، وقتلاها سمّاً بعد أن استغاثت بالقائمين على إدارة الكلية محل دراستها، الذين أحجموا عن تقديم العون لها لنفوذ أهلية المتهمَين».

وطلبت النيابة من وزارة الداخلية استمرار تتبع «الحسابات الناشرة للأخبار الكاذبة»، التي رصدتها النيابة في الواقعة.

وقد تصل عقوبة نشر وإذاعة أخبار كاذبة للحبس 3 سنوات، بجانب غرامات مالية، وفق المحامي المصري هشام رمضان، الذي يشير لـ«الشرق الأوسط» إلى تعدد المواد القانونية التي يمكن محاسبة المتهم على أساسها، استناداً لرؤية النيابة في قرار إحالته للمحاكمة، مع مواجهته اتهامات أيضاً بـ«هدم القيم الأسرية»، لافتاً إلى أن المحكمة حال تعدد الجرائم وارتباطها فإنها تقوم بالحكم بالعقوبة الأشد.

وينص القانون على «المعاقبة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على 300 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مَن أنشأ أو أدار أو استخدم موقعاً أو حساباً خاصاً على شبكة معلوماتية بهدف ارتكاب، أو تسهيل ارتكاب، جريمة معاقب عليها قانوناً».

ووفق تحقيقات النيابة، فإن المتهم، الحاصل على تعليم متوسط ويعمل (يوتيوبر) وتاجر ملابس، «نشر المقطع المتضمن أخباراً كاذبة، من دون التحقق من صحة المعلومات التي أذاعها؛ لحصد مشاهدات ومتابعين، مستنداً في معلوماته لما نُشر عبر مواقع أخرى»، وفق بيان النيابة.

ورغم التحفظ الذي يبديه خبير الإعلام الرقمي، خالد البرماوي على «الحبس في قضايا النشر»، فإن الأمر أسهم في «تجرؤ كثير من الأفراد لبثّ معلومات مغلوطة وتحليلها، والظهور عبر منصات مواقع التواصل تجعل ما يقولونه ليست له علاقة بحرية الرأي والتعبير، مع تحويل منصاتهم لوسائل إخبارية من دون الالتزام بالضوابط والمعايير القانونية والإعلامية».

يقول البرماوي لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نهج من بعض المؤثرين، بالتعامل مع القضايا المثيرة للجدل دون أي نوع من الوعي، عبر ترديد الحديث الذي يمكن أن يجذب الجمهور، لدرجة أن بعضهم يقوم بالاتصال بالأفراد المرتبطين بالقضية للحديث معهم، وهو أمر مخالف للضوابط كافة، المنظمة للعمل الإعلامي».

ويلفت المحامي هشام رمضان إلى أن قانون «جرائم تقنية المعلومات» وضع عقوبات على مَن يقوم بالظهور في «السوشيال ميديا» ومَن يدير الحساب سواء كان شخصاً واحداً أو أكثر من شخص، من خلال الفصل الثالث، المرتبط بالجرائم المتعلقة بالاعتداء على حُرمة الحياة الخاصة، والمحتوى المعلوماتي غير المشروع، حال نشرهم معلومات مغلوطة.

الرقابة القانونية وحدها ليست كافية من وجهة نظر البرماوي، ما يتطلب «مزيداً من الجهود المرتبطة بالتتبع القانوني للجرائم الإلكترونية، وخلق وعي مجتمعي حول الشبكات الاجتماعية»، وهو الرأي الذي يدعمه رمضان بالتأكيد على أن «تحركات النيابة العامة في التعامل مع الأخبار المضللة بقضايا الرأي سيكون لها دور مهم في الحد بشكل واضح من هذه الجرائم».



الحوثيون يستنفرون لمواجهة الاحتقان الشعبي في محافظة إب

القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 
القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 
TT

الحوثيون يستنفرون لمواجهة الاحتقان الشعبي في محافظة إب

القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 
القائد العسكري الحوثي في إب تحدث عن مواجهة مع إسرائيل رغم بعد المحافظة عن الساحل الغربي (إعلام حوثي) 

بدعوى مواجهة هجوم إسرائيلي متوقع، استنفر الحوثيون قوتهم في ثلاث محافظات يمنية، ودفعوا بها نحو محافظة إب التي تشهد احتقاناً شعبياً غير مسبوق نتيجة ممارسات الجماعة وتغاضيها عن الانتهاكات التي طالت السكان هناك، والتي كان آخرها مقتل الزعيم القبلي صادق أبو شعر.

وبالتزامن مع تهديد وجهاء المحافظة الواقعة على بُعد 193 كيلومتراً جنوب صنعاء، أعلنت الجماعة الانقلابية عقد اجتماع موسع في المنطقة العسكرية الرابعة، برئاسة نائب رئيس الوزراء - وزير الإدارة والتنمية المحلية والريفية في الحكومة غير المعترف بها، محمد المداني، وضم قائد المنطقة عبد اللطيف المهدي، ومحافظي ذمار وإب، والأجزاء الواقعة تحت السيطرة في محافظتي تعز والضالع، وقيادات أمنية وعسكرية.

وغداة منع خروج مظاهرة منددة بتواطؤ الحوثيين مع أحد قادتهم ومرافقيه المتهمين بقتل أبو شعر، ذكرت وسائل إعلامهم أن الاجتماع، الذي لم يسبق أن شهدت المحافظة مثله، ناقش الأوضاع الخدمية والتنموية في محافظات تعز، والضالع، وإب، وذمار، وجوانب التنسيق والترتيبات العسكرية والأمنية لمواجهة أي تحركات عدوانية لمن وصفت بأنها «قوى الهيمنة والاستكبار بقيادة أميركا وبريطانيا والكيان الصهيوني».

الحوثيون يخشون انتفاضة جديدة في إب مع زيادة الاحتقان الشعبي (إعلام محلي)

ومع أن محافظة إب يفصلها عن الساحل الغربي لليمن محافظتا الحديدة وتعز، إلا أن وسائل إعلام الحوثيين واصلت التضليل بشأن هدف الاجتماع وقالت إنه كُرِّس لتدارس الأوضاع في هذه المحافظات، والاستعداد لإفشال «أي تحركات عدوانية».

ونقلت هذه الوسائل عن القيادي الحوثي المداني قوله إن الجانب العسكري تطور بشكل لافت، وإن الجماعة أصبحت تمتلك صواريخ وطائرات تستهدف إسرائيل في العمق، وفي البحار والمحيط الهندي، ووعد بالتحرك في إحداث التنمية، وتوفير الخدمات في مختلف المحافظات.

تهديد السكان

بدوره، عدّ قائد المنطقة العسكرية الحوثية الرابعة عبد اللطيف المهدي انعقاد الاجتماع والنزول الميداني فرصة للاطلاع على الأوضاع، لا سيما ما يخص الجانب الرسمي، والتعبئة العامة، والوضع الأمني، وكل ما يخص هذه المحافظات.

وطالب المسؤول الحوثي بأن يتحمل الجميع المسؤولية، ابتداءً من محافظ المحافظة الذي يُعد المسؤول الأول، ومدير أمن المحافظة، والتعبئة العامة والأمن والمخابرات والشرطة العسكرية والاستخبارات، وغيرها من الجهات المعنية وذات العلاقة، للعمل على تعزيز مستوى الأداء ومضاعفة الجهود.

الحوثيون دفعوا بكبار قادتهم ومخابراتهم في مسعى لإخماد أي تحرك شعبي في إب (إعلام حوثي)

وزعم المهدي أن التحركات الشعبية ضد جماعته «تخدم الأجندة الصهيونية والأميركية والبريطانية»، وذكر أن عناصر جماعته يرصدون تحركات من سماهم «العدو»، وأن لديهم معرفة كاملة بما يُخطط له، وأنهم مستعدون «للتصدي لأي عدوان مهما كلفهم من تضحيات».

وفي رسالة تهديد لسكان المحافظة، التي باتت مركزاً لمعارضة حكمهم، قال المهدي إن الاستعدادات العسكرية والأمنية في جاهزية عالية، «وهناك تنسيقيات عسكرية وأمنية كبيرة جداً، وكل جانب مكمل للآخر».

أما عبد الواحد صلاح، محافظ إب المعين من قبل الحوثيين، فقد أكد أن المحافظة من أكثر المحافظات التي يركز «العدو» عليها ويستهدفها بصورة مستمرة. وأشاد بالقيادي المهدي ووقوفه إلى جانب السلطة المحلية في المحافظة، وقال إنهم يعملون مع الأجهزة الأمنية والعسكرية والتعبئة العامة كأنهم فريق واحد لتجاوز أي تحديات.

ورغم تماهيه مع خطاب الحوثيين، فإن محافظ إب طالب بالتعاون بين السلطة المحلية والأجهزة الأمنية لحلحلة ما سماها «القضايا المجتمعية»، في إشارة إلى قضايا القتل التي استهدفت عدداً من سكان المحافظة والعبث بالممتلكات، والتي كانت سبباً في حالة الغليان الشعبي ضد سلطة الجماعة الانقلابية. وتعهد بالعمل على كل ما من شأنه استقرار الوضع في المحافظة، وتعزيز السكينة العامة، والمساهمة في تعزيز جهود التنمية المحلية، وتفعيل المبادرات المجتمعية.

ورأى القيادي الحوثي شمسان أبو نشطان، الذي يرأس ما تسمى «الهيئة العامة للزكاة»، وهي الجهة التي تمول النفقات العسكرية والشخصية للقيادات الحوثية، في اللقاء «فرصة لتدارس ما يحيكه العدو» من مؤامرات ضد الجماعة وجبهتها الداخلية. وقال إن الهيئة ومكاتبها ستكون جزءاً من الخطة التي يتم رسمها لمواجهة أي تحديات.

طلب المساندة

أما وكيل وزارة داخلية الانقلاب الحوثي لقطاع الأمن والاستخبارات علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، فأكد حرصه على تنفيذ الخطط العملية وفق إجراءات تنفيذية لمسار الواقع الميداني، مشدداً على أهمية الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية انطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع.

نجل مؤسس جماعة الحوثيين يتولى مهمة قمع أي تحرك شعبي مناهض (إعلام حوثي)

وبعد شهور من استحداث جهاز مخابرات خاص يتبعه شخصياً، يُعتقد أنه وراء حملة الاعتقالات التي طالت المئات من سكان إب، وأمل خلال اللقاء بتعزيز الشراكة بين الأجهزة الأمنية والجهات ذات العلاقة، وطالب الجهات المشاركة في الاجتماع من سلطات محلية وشخصيات اجتماعية بمساندة الأجهزة الأمنية وتعزيز السكينة العامة.

ولم يكتف نجل مؤسس الجماعة بطلب أن يكون لقطاع الاستخبارات والأمن الذي يديره السلطة الفعلية في المحافظة، بل طالب وسائل الإعلام بأن تلعب دورها «التوعوي» بما يُحاك ضد الجماعة من مؤامرات تستهدف جبهتها الداخلية. وقال إن على هذه الوسائل مضاعفة جهودها لكشف مخططات ما وصفه بـ«العدوان».

بدوره، طالب مسؤول التعبئة العامة بوزارة الدفاع في حكومة الانقلاب الحوثية، ناصر اللكومي، بضرورة العمل كأنهم فريق واحد في مواجهة «العدوان» ورفع الجاهزية، والعمل وفق الخطة الأمنية والتعبوية، والحفاظ على الجبهة الداخلية والتماسك المجتمعي.

إلى ذلك اقترح أحمد الشامي، عضو المكتب التنفيذي لجماعة الحوثي، أن تواجه وسائل إعلام الجماعة ما وصفها بـ«أباطيل ودعايات العدو» على مستوى كل محافظة، بما يعزز انتصارات الجماعة.