تقرير أممي: تغير المناخ وجّه ضربة مزدوجة للزراعة في اليمن

اجتاحت الفيضانات الأراضي وأحرقت موجات الحر المحاصيل

يزيد تغير المناخ في اليمن من سوء أزمة الغذاء الحالية ويترك الملايين جوعى (الأمم المتحدة)
يزيد تغير المناخ في اليمن من سوء أزمة الغذاء الحالية ويترك الملايين جوعى (الأمم المتحدة)
TT

تقرير أممي: تغير المناخ وجّه ضربة مزدوجة للزراعة في اليمن

يزيد تغير المناخ في اليمن من سوء أزمة الغذاء الحالية ويترك الملايين جوعى (الأمم المتحدة)
يزيد تغير المناخ في اليمن من سوء أزمة الغذاء الحالية ويترك الملايين جوعى (الأمم المتحدة)

بسبب تدهور الأراضي وتآكل التربة نتيجة التغيرات المناخية التي عصفت باليمن خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لم تكن سلامة يوسف قادرة على زراعة أي شيء على الإطلاق، واضطرت إلى العمل في جمع الحطب وبيعه مقابل مبلغ زهيد يكفي بالكاد لتوفير وجبة واحدة في اليوم لأولادها.

حالياً، عادت سلامة المقيمة في قرية صنيف المناصرة بمديرية المنصورية في محافظة الحديدة البالغة من العمر 35 عاماً، ولديها 5 أبناء للعمل في مزرعتها، بعد أن تمَّت حمايتها من الفيضانات الشديدة وموجات الحر التي أتلفت المحاصيل.

اليمنية سلامة يوسف تعمل في مزرعتها بعد إصلاحها (الأمم المتحدة)

وتقول: «لقد تغيرت حياتي للأفضل. لقد وسّعت مزرعتي بشكل كبير، بسبب زيادة إنتاج المحاصيل وتوفر ما نحتاج إليه من الغذاء بشكل مستمر. في المنزل، نأكل مما نزرع بالإضافة إلى استخدامه علفاً للماشية».

التغير الذي حدث مع سلامة، كان بسبب مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي التابع لـ«برنامج الأمم المتحدة الإنمائي»، المموَّل والمدعوم من «البنك الدولي»، حيث يساهم في حماية وإعادة تأهيل الأراضي الزراعية لتحسين الأمن الغذائي.

وينفذ المشروع بالشراكة مع «الصندوق الاجتماعي للتنمية» و«مشروع الأشغال العامة»، من أجل تعزيز القدرة على مواجهة تغير المناخ الزراعي وتحسين الأمن الغذائي الأسري وتحقيق التعافي الاقتصادي.

ويؤكد «البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة»، أن تغير المناخ يضرب اليمن بشدة، ويؤثر على قطاع الزراعة الحيوي من خلال الطقس غير المنتظم وارتفاع درجات الحرارة والجفاف، وهذا يزيد من سوء أزمة الغذاء الحالية، تاركاً الملايين جوعى، حيث وجهت الفيضانات وارتفاع درجات الحرارة في محافظة الحديدة، ضربة مزدوجة للزراعة، عندما اجتاحت الفيضانات والسيول الشديدة الأراضي الزراعية، وأحرقت موجات الحر المحاصيل، خصوصاً في مديريتي السخنة والمنصورية.

ويجزم البرنامج الأممي بأن «هذا المزيج المدمر» أدى إلى تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي السيئة بالفعل في هذه المنطقة. ولهذا ينفذ «الصندوق الاجتماعي للتنمية» عدة تدخلات في المحافظة كجزء من مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي، وتشمل هذه التدخلات بناء خزانات لحصاد مياه الأمطار لتسهيل الري التكميلي وتوفير المياه للماشية، بالإضافة إلى إنشاء «مناسح» الري لتنظيم وتحسين الري بمياه الأمطار، مما يساهم في نهاية المطاف في تحسين سبل العيش والأمن الغذائي.

وبحسب القائمين على المشروع، فإنه يعمل من أجل استعادة الأصول العامة التي تضررت بسبب الفيضانات، بغرض التخفيف من تأثير تغيرات المناخ وتحسين الأمن الغذائي والظروف المعيشية للسكان المحليين، ولهذا تم بناء العديد من «مناسح» الري في قرية صنيف المناصرة لتنظيم تدفق المياه بين المزارع، والتخفيف من تأثير الفيضانات والقضاء على خطر التعرية خلال موسم الأمطار.

مكافحة الجفاف

طبقاً لبيانات «الأمم المتحدة»، فإن التغيُّرات المناخية المفاجئة والبارزة في اليمن تعيق جهود تعزيز الأمن الغذائي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الفيضانات والأمطار الغزيرة التي أتلفت مساحات شاسعة من الأراضي، بالإضافة إلى التصحُّر الناجم عن الجفاف. ولهذا يعالج مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي ندرة المياه الناجمة عن تغير المناخ في المنطقة، من خلال بناء 5 خزانات لحصاد مياه الأمطار للري وسقي الماشية في قرى بليلة والمسبار بمديرية السخنة التابعة لمحافظة الحديدة.

يذكر القائمون على مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي أنه قام ببناء خزانات لحصاد مياه الأمطار لدعم المزارعين بالري وتخفيف معاناتهم مع ندرة المياه ونضوب الآبار، وفق ما جاء في حديث محمد راجح، مسؤول المشروع في «الصندوق الاجتماعي للتنمية» بمديرية السخنة.

ويبيّن راجح أن المشروع يمنح المزارعين إمكانية الوصول إلى المياه التي يحتاجون إليها بشدة للري، مما سيؤدي في النهاية إلى استصلاح أراضيهم واستدامة سبل عيشهم، ويؤكد قائلاً: «هذه المشاريع بمثابة تغيير جذري بالنسبة للمزارعين من حيث توسيع أراضيهم الزراعية وتعزيز إنتاجهم من المحاصيل وتحسين ظروف معيشتهم».

خزانات حصاد مياه الأمطار لدعم المزارعين اليمنيين وتخفيف معاناتهم مع ندرة المياه ونضوب الآبار (الأمم المتحدة)

ولأن الأصول الزراعية التي ساهم المزارعون المحليون في بنائها توفر فرص عمل قصيرة الأجل مقابل المال، فقد كان لها تأثير بعيد المدى على الأسر المحلية التي تشهد زيادة في مصدر دخلها أثناء عملها ضمن تدخلات مشروع الأمن الغذائي على المدى الطويل.

ويقول راجح: «بالإضافة إلى حماية الأراضي الزراعية وتسهيل إمكانية الوصول إلى مصادر مياه ري مستدامة، فإن هذه المشاريع تخلق فرص عمل مؤقتة للسكان المحليين من خلال برامج متكاملة للعمل مقابل المال».

تعزيز الأمن الغذائي

دمر الجفاف الشديد والفيضانات المدمرة سبل عيش المزارعين في اليمن، وفق ما تؤكده إلهام العطاس، مسؤولة مشاريع الزراعة في «الصندوق الاجتماعي للتنمية»، التي تبين أنهم استهدفوا عدة قرى نائية ومتضررة في مديريتي السخنة والمنصورية بتدخلات مشروع الاستجابة لتعزيز الأمن الغذائي.

ووفق العطاس، تضمن المشروع بناء 379 منسحاً لتنظيم الري بمياه السيول في كل من المنصورية والسخنة، واستفاد من مشروع خزان الري نحو 100 هكتار من الأراضي الزراعية، بينما ساعدت مناسح الري في حماية 299 هكتاراً من الأراضي.

وتذكر مسؤولة المشروع أن المنطقة واجهت تحديات مرتبطة بتغير المناخ وهطول الأمطار الغزيرة التي أدت إلى جرف المزارع الصغيرة، وتوضح أن العديد من سكان المنطقة تخلوا عن الزراعة، مما أدى إلى زيادة الانخفاض في الإنتاج الزراعي وانعدام الأمن الغذائي.

وأكدت العطاس أن المشروع ساعد في استصلاح الأراضي المتضررة؛ إذ استفاد المزارعون من مناسح الري واستغلوها لتوسيع المساحات التي يمكنهم زراعتها، مما مكَّنهم من زيادة إنتاج المحاصيل، وستساهم هذه التدخلات في نهاية المطاف في تحسين الأمن الغذائي لكل من المزارعين والمجتمع المحلي.


مقالات ذات صلة

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

المشرق العربي التطرفات المناخية باليمن أسهمت إلى جانب الانقلاب والحرب في مضاعفة معاناة اليمنيين (أ.ف.ب)

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

تعتزم الحكومة اليمنية بدء حملة للحصول على تمويلات تساعدها في مواجهة تطرفات المناخ بينما ينفذ برنامج أممي مشروعاً لحماية البيئة والثروة السمكية.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي طفلة تعاني من سوء التغذية وتنتظر العلاج في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء (رويترز)

الكوليرا والحصبة تفتكان بمئات آلاف اليمنيين

تتزايد أعداد المصابين بالكوليرا والحصبة وأمراض أخرى في اليمن، بموازاة تفاقم سوء التغذية الذي تعتزم الحكومة مواجهته بالتعاون مع الأمم المتحدة بمناطق غرب البلاد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الجيش الإسرائيلي يقتل 16 فلسطينياً في هجمات على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة

TT

الجيش الإسرائيلي يقتل 16 فلسطينياً في هجمات على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة

لحظة قصف مبنى في مخيم النصيرات (رويترز)
لحظة قصف مبنى في مخيم النصيرات (رويترز)

قتل الجيش الإسرائيلي 16 فلسطينياً، على الأقل، في هجمات جوية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وفق ما أعلن مستشفى العودة في المخيم، اليوم الخميس.

ووفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، قال مستشفى العودة بالنصيرات، في بيان صحافي: «جرى نقل جثث لـ16 فلسطينياً؛ بينهم أطفال ونساء، غالبيتهم وصلوا أشلاء، جراء هجمات من الطيران الحربي الإسرائيلي على مناطق مختلفة في المخيم».

وأضاف المستشفى أنه جرى نقل عشرات الجرحى إلى المستشفى؛ لتلقّي العلاج، بينهم حالات بتر في الأطراف، وإصابات في الجزء العلوي من الأجساد، مما استدعى طلب المستشفى من المواطنين التبرع بالدم.

وقال شهود عيان في المخيم إن الجيش الإسرائيلي استهدف مجموعة من المواطنين كانوا في منطقة أرض المفتي بالمخيم، ما أدى إلى مقتل عدد منهم، في حين قصف الجيش عدداً من المنازل السكنية فوق رؤوس ساكنيها، واستهدف تكية خيرية لإعداد الطعام المجاني للنازحين في المخيم.

يأتي ذلك فيما يواصل الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية في شمال قطاع غزة، حيث قتل أربعة فلسطينيين، على الأقل، في قصف استهدف منزلين سكنيين في بلدة بيت لاهيا، شمال غزة.

وفي محيط مستشفى كمال عدوان، استهدف الجيش الإسرائيلي تجمعاً للفلسطينيين، مما أدى إلى مقتل فلسطينيين اثنين على الأقل.

وفي مخيم جباليا للاجئين شمال غزة، قالت مصادر طبية إن الجيش الإسرائيلي قتل فلسطينياً، على الأقل، في قصف استهدف منزله، في حين لم يجرِ الإبلاغ عن أي إصابات.