اتفاق إثيوبيا مع «أرض الصومال» يعمّق أزمة «السد» ويفاقم التوترات بالبحر الأحمر

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال توقيعه قانوناً يلغي اتفاق إقليم أرض الصومال الانفصالي مع أديس أبابا (الرئاسة الصومالية - «إكس»)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال توقيعه قانوناً يلغي اتفاق إقليم أرض الصومال الانفصالي مع أديس أبابا (الرئاسة الصومالية - «إكس»)
TT

اتفاق إثيوبيا مع «أرض الصومال» يعمّق أزمة «السد» ويفاقم التوترات بالبحر الأحمر

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال توقيعه قانوناً يلغي اتفاق إقليم أرض الصومال الانفصالي مع أديس أبابا (الرئاسة الصومالية - «إكس»)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال توقيعه قانوناً يلغي اتفاق إقليم أرض الصومال الانفصالي مع أديس أبابا (الرئاسة الصومالية - «إكس»)

وسعت الصومال تحركاتها الإقليمية والدولية الساعية لمواجهة اتفاق مبدئي بين إثيوبيا وإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، تحصل بموجبه أديس أبابا على ميناء تجاري وقاعدة عسكرية على البحر الأحمر.

وجاء الاتفاق الإثيوبي مع الإقليم في وقت يشهد البحر الأحمر اضطرابات متصاعدة، على وقع توتر غير مسبوق نتيجة استهداف ميليشيا «الحوثي» لسفن تجارية بالمنطقة، فضلاً عن احتشاد قوى بحرية تابعة لدول عدة، وانسداد أفق التفاوض بين مصر والسودان من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر، بشأن «سد النهضة».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم بين رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مع زعيم «أرض الصومال»، موسى بيهي عبدي، بداية يناير (كانون الثاني) الحالي، لم تتوقف ردود الفعل الإقليمية والدولية، التي غلب عليها الرفض للاتفاق، سواء باعتباره «انتهاكاً للسيادة الصومالية»، أو من زاوية التحذير من تداعياته المحتملة في زيادة منسوب التوتر في منطقة القرن الأفريقي التي تعاني أزمات سياسية وأمنية.

وبموجب الاتفاق بين أديس أبابا و«أرض الصومال» ستحصل إثيوبيا على حق الانتفاع بشريط ساحلي بطول 20 كيلومتراً بميناء بربرة على ساحل البحر الأحمر، لمدة 50 عاماً لتتمركز به القوات البحرية الإثيوبية، مقابل اعترافها الرسمي باستقلال «أرض الصومال»، سيكون الأول من نوعه دولياً، فضلاً عن منح الأخير 20 في المائة من أسهم الخطوط الجوية الإثيوبية.

الرئيس الصومالي معلناً أمام برلمان بلاده رفض اتفاق إثيوبيا مع أرض الصومال (الرئاسة الصومالية - «إكس»)

ورفضت الحكومة الصومالية الاتفاق بشدة، ووصفه الرئيس حسن شيخ محمود بأنه «انتهاك غير مشروع» من جانب أديس أبابا للسيادة الصومالية، مؤكداً أنه «لا يمكن لأحد أن ينتزع شبراً من الصومال»، كما استدعت مقديشو سفيرها لدى إثيوبيا للتشاور، ولاحقاً وقع الرئيس الصومالي قانوناً يلغي الاتفاق.

رفض مصري

وأبدت مصر رفضاً حاسماً للاتفاق الإثيوبي مع «أرض الصومال»؛ إذ أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، أن الصومال دولة عربية، وله حقوق طبقاً لميثاق الجامعة العربية، في الدفاع المشترك لأي تهديد له، مضيفاً في مؤتمر صحافي، عقب مباحثاته بالقاهرة مع نظيره الصومالي، أن مصر لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو المساس بأمنه، قائلاً: «محدش (لا أحد) يجرب مصر ويحاول (أن) يهدد أشقاءها، خاصة لو أشقاؤها طلبوا منها الوقوف معهم».

وسبق لوزير الخارجية المصري سامح شكري، أن حذر خلال اجتماع للمجلس الوزاري للجامعة العربية، الأسبوع الماضي، من مغبة ما وصفه بالسياسات «الأحادية» لإثيوبيا، التي قال إنها «باتت مصدراً لبث الاضطراب في محيطها الإقليمي».

يتزامن التوتر الراهن في مدخل البحر الأحمر مع انقضاء آخر اجتماعات التفاوض المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي، والتي استضافتها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الشهر الماضي، دون تحقيق اتفاق، حسبما أعلنت وزارة الري المصرية، في بيان. وتابع البيان أن «مصر ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وأنها تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حالة تعرضه للضرر».

وفشلت المفاوضات المتقطعة على مدى أكثر من 10 سنوات في التوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبي، الذي تؤكد القاهرة أنه «يضر بمصالحها المائية»، وتتهم إثيوبيا بإفشال المفاوضات، وهو ما تنفيه الأخيرة.

تداعيات خطيرة

ترى بسنت عادل الباحثة بمركز «فاروس للدراسات الاستراتيجية»، وهو مركز بحثي مصري متخصص في الشؤون الأفريقية، أن الاتفاق الإثيوبي مع «أرض الصومال» ستكون له تداعيات وصفتها بـ«الخطيرة»، سواء على الداخل الصومالي أو على الأمن الإقليمي، خاصة في ظل الأوضاع المشتعلة بالفعل في المنطقة، سواء العدوان على غزة أو هجمات الحوثيين على الممرات المائية بالبحر الأحمر أو اشتعال الحرب الأهلية في السودان أخيراً.

وأضافت عادل لـ«الشرق الأوسط» أن الاتفاق يؤدي إلى تأجيج الخلافات بين الصومال وإقليم أرض الصومال الانفصالي في وقت تجري فيه محاولات جادة لإعادة فتح قنوات الحوار بين مقديشو وهارجيسا (عاصمة أرض الصومال)، وهو ما ستكون له تداعيات سلبية بالغة على مسار المصالحة الوطنية داخل الصومال.

وتشير الباحثة المتخصصة في العلاقات الدولية إلى أن الاتفاق سيؤدي كذلك إلى تزايد القوى العسكرية في البحر الأحمر في سياق إقليمي وعالمي معقد؛ إذ تشهد المنطقة زيادة الوجود العسكري المكثف في الآونة الأخيرة، وسط تنافس القوى الدولية والإقليمية على النفوذ في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وهو ما يعكس رغبة القوى الدولية والإقليمية في السيطرة على المنطقة، وتأمين مصالحها الاستراتيجية، وتوسيع نفوذها السياسي والعسكري.

ولا تستبعد بسنت عادل أن يقود التوتر الناجم عن عقد الاتفاقية بين إقليم الصومال الانفصالي وإثيوبيا إلى مواجهات عسكرية، لا سيما أن أغلب دول المنطقة تعاني من هشاشة أمنية، وربما لأن القوى الدولية والإقليمية تسعى لتحقيق أهداف مختلفة في المنطقة، وقد يؤدي هذا الاتفاق إلى تصادم مصالحها.

وحذرت بالفعل دول ومنظمات إقليمية ودولية عدة، من بينها جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، من خطورة الخطوة الإثيوبية على السلم والأمن في منطقة القرن الأفريقي.

تنشيط الإرهاب

ولا تقتصر التداعيات المتوقعة للاتفاق الإثيوبي مع «أرض الصومال» على تصعيد حدة التوتر على مستوى الدول، بل يمتد الأمر إلى تنظيمات إرهابية تنشط بكثافة في منطقة القرن الأفريقي، وهو ما تراه الدكتورة نرمين توفيق الباحثة في الشؤون الأفريقية والمتخصصة في شؤون التنظيمات المتطرفة، «أمراً محتملاً بقوة».

وتشير توفيق في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن البيئة الأمنية في شرق أفريقيا تعاني من هشاشة واضحة، وهناك العديد من التنظيمات الإرهابية العاملة في المنطقة، ولديها ارتباطات فكرية وتنظيمية بجماعات أكبر مثل «القاعدة» و«داعش»، منوهة بأن «حركة الشباب» التي تنشط في جنوب ووسط الصومال لديها هدف مركزي هو استهداف أي وجود أجنبي في الصومال، فضلاً عن اعتبارها إقليم «أرض الصومال» جزءاً من نطاق تحركاتها.

وتضيف الباحثة أن العداء الذي تكنه التنظيمات الإرهابية النشطة في القرن الأفريقي تجاه إثيوبيا سيكتسب بعداً دينياً وسياسياً؛ فإثيوبيا دولة مسيحية، ولها علاقات وطيدة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وهو ما يضيف بعداً أوسع لتنشيط خلايا تلك التنظيمات واستنفارها في المنطقة لاستهداف المصالح الإثيوبية، وقد يمتد الأمر إلى مصالح الدول التي تدعمها، الأمر الذي ينذر بخطر أكبر قد يطال العديد من دول المنطقة التي تعاني وضعاً أمنياً وسياسياً واقتصادياً غير مستقر، علاوة على ما تمتلكه التنظيمات الإرهابية في المنطقة من قدرة على تنفيذ عمليات داخل العديد من دول المنطقة، وسبق لها بالفعل تنفيذ العديد من الاستهدافات في إثيوبيا وجيبوتي وكينيا وأوغندا، فضلاً عن توطنها بالصومال.


مقالات ذات صلة

«تفعيل عنتيبي»... ما مسارات مصر والسودان للرد؟

شمال افريقيا وزير الري المصري هاني سويلم خلال لقاء نظيره السوداني ضو البيت عبد الرحمن منصور في القاهرة السبت (الري المصرية)

«تفعيل عنتيبي»... ما مسارات مصر والسودان للرد؟

إعلان إثيوبيا عن دخول اتفاقية دول حوض نهر النيل المعروفة بـ«عنتيبي» حيز التنفيذ على غير رغبة القاهرة والخرطوم، يثير تساؤلات بشأن مسارات الرد من قبل مصر والسودان

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال كلمته في «أسبوع القاهرة للمياه» (مجلس الوزراء المصري)

تحذيرات مصرية من المشروعات «غير المدروسة» على الأنهار

حذرت مصر من المشروعات المائية «غير المدروسة» التي تقام على الأنهار الدولية. وأكدت ضرورة حفاظ واستدامة الموارد المائية الدولية وفقاً لمبادئ القانون الدولي.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال نظيره الصومالي حسن شيخ محمود بالقاهرة في وقت سابق (الرئاسة المصرية)

القلق الإثيوبي يتصاعد بسبب التعاون المصري - الصومالي

القلق الإثيوبي لم يتوقف منذ إعلان القاهرة المشاركة في قوات حفظ السلام في الصومال، ثم وصول معدات عسكرية مصرية في أغسطس (آب) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مؤتمر صحافي للرئيس الإريتري مع نظيريه المصري والصومالي في أسمرة (الرئاسة المصرية)

كيف يؤثر التعاون المصري - الصومالي - الإريتري في توازن القوى بـ«القرن الأفريقي»؟

تحركات مصرية مكثفة في منطقة القرن الأفريقي، كان أحدثها القمة الثلاثية بين قادة مصر وإريتريا والصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا قمة ثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة أسمرة (الرئاسة المصرية)

السيسي في أسمرة... القاهرة تُعمق حضورها بالقرن الأفريقي

أبعاد استراتيجية ذات «دلالات مُهمة» حملتها زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، إلى أسمرة، كونها تأتي في «توقيت بالغ الأهمية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

قلق دولي عقب إحالة الحوثيين موظفِين أمميّين وإغاثيين إلى المحاكمة

خلال سنوات الانقلاب سخّر الحوثيون المساعدات الدولية لمصلحة أتباعهم (أ.ف.ب)
خلال سنوات الانقلاب سخّر الحوثيون المساعدات الدولية لمصلحة أتباعهم (أ.ف.ب)
TT

قلق دولي عقب إحالة الحوثيين موظفِين أمميّين وإغاثيين إلى المحاكمة

خلال سنوات الانقلاب سخّر الحوثيون المساعدات الدولية لمصلحة أتباعهم (أ.ف.ب)
خلال سنوات الانقلاب سخّر الحوثيون المساعدات الدولية لمصلحة أتباعهم (أ.ف.ب)

بدأت الجماعة الحوثية، أخيراً أول إجراءات محاكمة المعتقلين لديها من موظفي الوكالات الأممية والمنظمات الدولية الإغاثية من خلال إحالتهم إلى نيابة خاضعة للجماعة في صنعاء، مختصة بأمن الدولة وقضايا الإرهاب، وهو ما أثار قلق رؤساء الوكالات الأممية والدولية، مع تجدد المطالب بسرعة إطلاق سراح المحتجزين فوراً.

وكانت الجماعة المدعومة من إيران شنّت في يونيو (حزيران) الماضي أوسع حملة اعتقالات للعاملين في مجال الإغاثة والمنظمات الأممية والدولية والمحلية، وسط تقديرات باعتقال نحو 70 شخصاً، بينهم نساء، ليضافوا إلى عشرات آخرين من موظفي الأمم المتحدة والعاملين السابقين في الهيئات الدبلوماسية الأجنبية.

الحوثيون يواصلون استهداف العاملين الإغاثيين في المنظمات الأممية والدولية (أ.ف.ب)

ورداً على الإجراء الحوثي، أصدر رؤساء الكيانات المتأثرة التابعة للأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الدولية، بياناً جدّدوا فيه نداءهم للإفراج فوراً عن الموظفين المحتجَزين.

وإضافة إلى المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، وقّع على البيان كل من: أخيم شتاينر مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتيدروس أدهانوم غيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، وإنغر أشينغ الرئيس التنفيذي لمنظمة رعاية الأطفال الدولية، وأميتاب بيهار المدير التنفيذي لمنظمة «أوكسفام» الدولية.

كما وقّع على البيان كل من: أودري أزولاي المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، وسيندي هينسلي ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، وفولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، وكاثرين راسل المديرة التنفيذية لـ«يونيسيف»، ورينتغي فان هايرينغن الرئيس التنفيذي لمنظمة «كير هولندا» ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة «كير» الدولية.

وقال مديرو الكيانات الأممية والدولية، في بيانهم، إن القلق البالغ يساورهم إزاء ما ورد بشأن إحالة الحوثيين عدداً كبيراً «من الزملاء المحتجَزين تعسفاً إلى النيابة الجزائية»، من بينهم 3 من موظفي الأمم المتحدة: اثنان من «يونيسكو»، وواحد من مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الذين تم اعتقالهم في عامَي 2021 و2023.

العاملون في المنظمات الدولية والأممية يعيشون رعب الاعتقالات الحوثية (أ.ف.ب)

وعبّر الموقِّعون على البيان عن «حزنهم الشديد» إزاء تلقي خبر هذا التطور المُبلَّغ عنه، في الوقت الذي كانوا يأملون فيه إطلاق سراح المعتقلين. وشددوا على أن توجيه «اتهامات» محتملة ضد المعتقلين أمر غير مقبول، ويزيد من فترة احتجازهم دون أي تواصل مع ذويهم، وهو الأمر الذي عانوا منه بالفعل.

مخاوف جدية

في حين يثير القرار الحوثي، بحسب مديري الوكالات الأممية والمنظمات الدولية، «مخاوف جدية» بشأن سلامة وأمن العاملين في هذه الوكالات والمنظمات وأسرهم. وأكدوا أن ذلك «سيعوق بشكل أكبر القدرة على الوصول إلى ملايين الناس في اليمن الذين هم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية، الأمر الذي ينعكس سلباً على سلامتهم ووضعهم».

وفي حال تمّت إدانة هؤلاء المحتجَزين عبر المحاكم الحوثية، فإن العقوبة التي تنتظرهم هي الإعدام، بالنظر إلى التهم التي كانت الجماعة روّجتها بحقهم، وهي تهم مزعومة بـ«الجاسوسية» لمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل.

اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين تشكل تهديداً حقيقياً لمجتمع العمل الإنساني (أ.ف.ب)

وجدّد رؤساء الكيانات المتأثرة التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، «النداء العاجل للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي وكالات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية، ومنظمات المجتمع المدني، والبعثات الدبلوماسية المحتجَزين بصورة تعسفية في اليمن» من قبل الحوثيين.

وشدد البيان المشترك على وجوب «إيقاف استهداف العاملين في المجال الإنساني في اليمن، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي، والتخويف، وسوء المعاملة، والادعاءات الباطلة»، وعلى وجوب «الإفراج الفوري عن المحتجزين جميعاً».

وأوضح البيان: «تعمل الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والشركاء، عبر جميع القنوات الممكنة ومع حكومات متعددة، لضمان إطلاق سراح هؤلاء المحتجَزين».

خطوات أكثر حزماً

كانت الحكومة اليمنية طالبت في نداءات متكررة باتخاذ تدابير أكثر حزماً ضد الجماعة الحوثية رداً على حملات الاعتقال في صفوف العاملين في مجال الإغاثة وفي الوكالات الأممية والدولية، بما في ذلك وقف الأنشطة في مناطق سيطرة الجماعة، ونقل مقار الوكالات والمنظمات إلى المناطق المُحرَّرة.

وفي أحدث البيانات الحكومية، جدّدت وزارة حقوق الإنسان اليمنية إدانتها «بشدة» استمرار اختطاف وإخفاء أكثر من 70 موظفاً وناشطاً، بينهم 5 نساء، منذ مطلع يونيو 2024 في سجون ومعتقلات الحوثيين الذين وصفتهم بـ«الميليشيا الإرهابية».

وذكرت الوزارة، في بيان، أن المختطفين، الذين بينهم 19 من موظفي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ما زالوا حتى اللحظة مخفيين قسراً، ولم يستطع أهاليهم معرفة أماكن احتجازهم أو حالاتهم الصحية في أقبية الميليشيات. ووصفت ذلك بأنه «انتهاك صارخ لحقوقهم في الحياة، والحرية، والأمن الشخصي».

وأشار البيان إلى أن المحتجَزين والمختطفين يقبعون في سجون سرية، ويتعرّضون لصنوف من التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية؛ لإجبارهم على الإدلاء بأقوال واعترافات تدينهم.

حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم تضامناً مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)

ولفت البيان اليمني إلى الحملة الإعلامية الحوثية التي رافقت الاختطافات بالترويج عبر معلومات مضللة تتهم المحتجَزين بأنهم جواسيس وعملاء لصالح أميركا وإسرائيل وجهات خارجية أخرى. وقال إن ذلك «يشوه صورة العمل الإنساني، ويحط من أدوار المعتقلين الإنسانية أمام أسرهم ومجتمعاتهم».

وشدّدت وزارة حقوق الإنسان اليمنية، في بيانها، على أن ممارسات الحوثيين غير القانونية «تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، التي تحمي حقوق المدنيين في النزاعات المسلحة، كما تمثل انتهاكاً صارخاً للإعلان العالمي، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية».

وجدّدت الوزارة اليمنية دعوة المجتمع الدولي إلى سرعة التحرك لاتخاذ قرارات رادعة بحق الجماعة الحوثية، وضم أسماء قادتها الذين يقومون بالانتهاكات إلى قائمة العقوبات، بحيث يكون هذا التحرك «بمثابة قوة ضغط رادعة لإنقاذ حياة المختطفين وحمايتهم».

وناشد البيان اليمني وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية، الوطنية والإقليمية والدولية، تسليط الضوء على «الانتهاكات والجرائم الحوثية» التي استهدفت الحقوق والحريات الإنسانية كلها. وطالب بتضافر الجهود المحلية والإقليمية والدولية للإفراج الفوري وغير المشروط عن المختطفين جميعاً، وضمان محاسبة جميع المسؤولين عن هذه الجرائم.