أسبوع من التصعيد في البحر الأحمر ينتهي بضربة أميركية سادسة

دعوة صينية للتهدئة... وإصرار حوثي على استمرار الهجمات

دعا زعيم الجماعة الحوثية أتباعه في صنعاء للتظاهر الجمعة في ميدان السبعين (رويترز)
دعا زعيم الجماعة الحوثية أتباعه في صنعاء للتظاهر الجمعة في ميدان السبعين (رويترز)
TT

أسبوع من التصعيد في البحر الأحمر ينتهي بضربة أميركية سادسة

دعا زعيم الجماعة الحوثية أتباعه في صنعاء للتظاهر الجمعة في ميدان السبعين (رويترز)
دعا زعيم الجماعة الحوثية أتباعه في صنعاء للتظاهر الجمعة في ميدان السبعين (رويترز)

انتهى الأسبوع الأول من التصعيد الجديد في البحر الأحمر بضربة أميركية سادسة يوم الجمعة ضد أهداف حوثية ضربة سبقتها ضربة الخميس، وأعقبها بساعات محاولة فاشلة من قبل الجماعة المدعومة من إيران لاستهداف ثالث سفن واشنطن في خليج عدن، وفق ما أفاد به الجيش الأميركي.

ومنذ 12 يناير (كانون الثاني) الحالي نفذت واشنطن خمس ضربات ضد أهداف حوثية في مناطق يمنية متفرقة، وشاركت في أولى الضربات طائرات بريطانية، في مسعى لوقف هجمات الجماعة الموالية لإيران على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ إذ تزعم الجماعة أنها تستهدف السفن الإسرائيلية أو المتجهة من وإلى تل أبيب نصرة للفلسطينيين في غزة.

آثار هجوم حوثي تعرضت له سفينة أميركية في خليج عدن (أ.ب)

وأدى التصعيد إلى هجرة جماعية لسفن الشحن من البحر الأحمر باتجاه رأس الرجاء الصالح، وهو ما ألقى بتبعاته على اقتصاد الدول بخاصة المتضررة من الأحداث وفي مقدمها اليمن حيث زادت تكاليف الشحن نحو ثلاثة أضعاف، فضلاً عن انخفاض إيرادات قناة السويس المصرية إلى مستويات قياسية.

وإذ صنفت الولايات المتحدة الحوثيين بطريقة أقل تشدداً على لائحة الإرهاب بموازاة الضربات، دعت الصين، الجمعة، إلى التهدئة، في حين انضمت بلجيكا إلى جانب الدنمارك لإرسال قوات للمساهمة في حماية السفن في البحر الأحمر.

وكانت واشنطن شكلت تحالف «حارس الازدهار» المتعدد الجنسيات الشهر الماضي لحماية السفن رداً على هجمات الحوثيين التي ناهزت 30 هجوماً منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بما في ذلك قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها بذريعة أنها سفينة إسرائيلية.

وجد الحوثيون في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة لزيادة شعبيتهم (إ.ب.أ)

وجدد قادة الجماعة الحوثية وعيدهم باستمرار الهجمات وإضافة السفن الأميركية والبريطانية إلى لائحة السفن المستهدفة رداً على الضربات التي تلقوها والتي تقول واشنطن إنها ستستمر حتى يتوقف الحوثيون عن تهديد الملاحة في المياه الإقليمية اليمنية.

ضربات ومهاجمة سفينة

أفادت القيادة المركزية الأميركية في بيان بأنها شنت ضربات، الخميس، كجزء من الجهود المستمرة متعددة الجنسيات لحماية حرية الملاحة ومنع الهجمات على السفن البحرية في البحر الأحمر، استهدفت صاروخين حوثيين مضادين للسفن كانا يستهدفان جنوب البحر الأحمر ومستعدين للانطلاق.

وأضاف البيان أن القوات الأميركية حددت الصواريخ في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن في نحو الساعة 3:40 مساءً (بتوقيت صنعاء) وقررت أنها تمثل تهديداً وشيكاً للسفن التجارية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة. وبعد ذلك قصفتها ودمرتها دفاعاً عن النفس.

وأكد المتحدث باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام أن عدد ضربات الخميس بلغ نحو 13 صاروخاً، وفق ما ذكره في تغريدة على منصة «إكس».

وفي حين تعد هذه الضربات هي الخامسة خلال أسبوع، هاجم الحوثيون ثالث سفينة أميركية في خليج عدن، وأعلنوا إصابة السفينة بصواريخ، وفق زعمهم، وهي الرواية التي كذبها بيان للقيادة المركزية الأميركية.

سفينة أميركية تعرضت للهجوم من قبل الحوثيين في خليج عدن (أ.ب)

وذكر البيان الأميركي أنه في 18 يناير (كانون الثاني) في نحو الساعة 9 مساءً (بتوقيت صنعاء)، «أطلق الإرهابيون الحوثيون المدعومون من إيران صاروخين باليستيين مضادين للسفن على سفينة (كيم رينجر)، وهي سفينة ناقلة نفط مملوكة للولايات المتحدة وتديرها اليونان وترفع علم جزيرة مارشال».

ووفقاً للبيان، لاحظ الطاقم ارتطام الصواريخ بالمياه بالقرب من السفينة، ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار للسفينة التي استمرت في التحرك.

إصرار حوثي ومخاوف دولية

مع المخاوف الدولية من اتساع الصراع في البحر الأحمر إلى مديات أخطر، أكدت الجماعة الحوثية استمرار هجماتها، ورهنت توقفها بانتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وتوعدت بالانتقام لقتلاها جراء ضربات واشنطن، البالغ عددهم نحو 15 عنصراً وستة جرحى.

توعّد الحوثيون باستهداف السفن الأميركية والبريطانية رداً على الضربات (إ.ب.أ)

ويوم الجمعة، أفاد المتحدث الحوثي محمد عبد السلام لـ«رويترز» بأن جماعته تستفيد من الخبرة الإيرانية في التصنيع العسكري، لكنه نفى أن تكون إيران هي المتحكمة فيما تتخذه الجماعة من قرارات.

وقال: «لا ننكر أن لدينا علاقة مع إيران وأننا استفدنا من التجربة الإيرانية فيما له علاقة بالتصنيع والبنية التحتية العسكرية البحرية والجوية وما غير ذلك»... لكن القرار الذي اتخذته جماعته هو قرار مستقل لا علاقة له بأي طرف آخر.

وعما إذا كانت الجماعة قد تلقت طلباً من إيران لوقف الهجمات، أجاب عبد السلام: «حتى الآن لم يصل إلينا أي تعليق من الإيرانيين... وأعتقد أنهم لن يبلغونا بمثل هذا الطلب، لا سيما أن إيران موقفها المعلن هو (مساندة الجماعة)».

في الأثناء، دعت الصين الجمعة إلى وضع حد لـ«مضايقة السفن المدنية في البحر الأحمر عقب هجمات للحوثيين على سفن تضامناً مع الفلسطينيين في غزة»، على حد قولهم.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينيغ: «ندعو إلى وضع حد لمضايقة سفن مدنية من أجل الحفاظ على العبور السلس للإنتاج الدولي وسلاسل الإمداد ونظام التجارة العالمي».

تزعم الجماعة الحوثية أنها تناصر الفلسطينيين في غزة عبر هجمات البحر الأحمر (أ.ب)

وجاءت تصريحات المتحدثة الصينية، عقب دعوة مماثلة من وزارة التجارة الصينية لجميع الأطراف في المنطقة إلى «استعادة سلامة الممرات المائية في البحر الأحمر وضمانها».

ونقلت وكالة الأنباء الصينية الرسمية «شينخوا»، عن المتحدث باسم الوزارة هي يادونغ، قوله: «يؤمَّل أن تنطلق الأطراف المعنية من المصالح الشاملة للأمن والاستقرار الإقليميين، وكذلك المصالح المشتركة للمجتمع الدولي».

وتؤكد واشنطن أنها ليست في حالة حرب مع الحوثيين المدعومين من إيران، على الرغم من هجماتها المتكررة على مواقعهم.

وفي وقت سابق قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، سابرينا سينغ، في واشنطن: «نحن لا نسعى إلى الحرب. ولا نعتقد بأننا في حالة حرب. ولا نريد أن نشهد حرباً إقليمية».

وتابعت سينغ أن المسلحين الحوثيين يواصلون إطلاق صواريخ «كروز»، والصواريخ المضادة للسفن، على البحّارة الأبرياء والسفن التجارية في البحر الأحمر، وفق «وكالة الأنباء الألمانية».

السفينة المقرصنة لدى الحوثيين «غالاكسي ليدر» منذ نوفمبر الماضي (رويترز)

وأضافت المتحدثة الأميركية: «ما نفعله مع شركائنا دفاعٌ عن النفس. بالتأكيد لا نريد أن يتسع هذا إلى حرب إقليمية، ولا نريد استمرار ذلك».

في اتجاه آخر، نقلت قناة «في آر تي» التلفزيونية البلجيكية، الجمعة، عن مصادر حكومية قولها إن بلجيكا ستقدم سفينة لمهمة الاتحاد الأوروبي لحماية الملاحة في البحر الأحمر من هجمات جماعة الحوثي اليمنية المسلحة المتحالفة مع إيران، وذلك بعد يوم من قرار دنماركي مماثل.


مقالات ذات صلة

تحذير أممي من آثار عميقة للمواجهة الاقتصادية في اليمن

العالم العربي مخاوف من انعكاسات سلبية للصراع الاقتصادي في اليمن على الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

تحذير أممي من آثار عميقة للمواجهة الاقتصادية في اليمن

حذر تقرير أممي من آثار عميقة على الوضع المعيشي والاقتصادي في اليمن جراء المواجهة الاقتصادية بين الحوثيين والحكومة اليمنية مع الخشية من عودة القتال

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي مروحية حوثية تحلق فوق سفينة شحن قبيل احتجازها في البحر الأحمر في 21 نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين في البحر الأحمر والمحيط الهندي

قالت جماعة الحوثي اليمنية، يوم أمس (الأحد)، إن قواتها استهدفت سفينتين في البحر الأحمر والمحيط الهندي، باستخدام «زورق مسير» و«بعدد من الصواريخ المجنحة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مقاتلة أميركية على متن حاملة الطائرات «أيزنهاور» (رويترز)

هجمات الحوثيين تزداد خطورة... وواشنطن تنفي إصابة «أيزنهاور»

زادت هجمات الحوثيين البحرية خطورة في الأسابيع الأخيرة مع مزاعم توسعها إلى الموانئ الإسرائيلية والتنسيق مع الفصائل العراقية واستمرارها في البحرين الأحمر والعربي.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مدير مكتب زعيم الحوثيين يشرف على التعبئة الطائفية في حجة وعمران (إعلام حوثي)

لماذا يفرض الحوثيون حكماً صارماً في محافظات أقصى الشمال؟

تعمل الجماعة الحوثية منذ سنوات على تشكيل جغرافيا لإمارة خاصة بسلالة زعيمها في أقصى شمال البلاد، تضم محافظتي حجة وعمران، إلى جانب محافظة صعدة المعقل الرئيسي لها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي جانب من عملية تحميل الدقيق في ميناء الحديدة (أ.ف.ب)

الإغاثة الإنسانية أهم موارد إثراء الانقلابيين في اليمن

كشف تقرير دولي حديث عن البنية التنظيمية التي أنشأتها الجماعة الحوثية للتحكم في المساعدات الإنسانية وتحويلها إلى أحد أهم موارد إثرائها

وضاح الجليل (عدن)

بوريل: نحن على أعتاب اتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط

TT

بوريل: نحن على أعتاب اتساع رقعة الحرب في الشرق الأوسط

مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)
مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)

قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الاثنين، إن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع إلى لبنان.

وأضاف بوريل، للصحافيين قبل اجتماع وزراء خارجية التكتل في لوكسمبورغ: «يزداد خطر تأثير هذه الحرب على جنوب لبنان وامتدادها يوماً بعد يوم. نحن على أعتاب حرب يتسع نطاقها»، وفقاً لوكالة «رويترز».

وأكدت وزيرة خارجية ألمانيا، أنالينا بيربوك، أنها ستتوجه إلى لبنان، موضحة: «الوضع على الحدود مع إسرائيل أكثر من مُقلق».

ورأى وزير الخارجية اليوناني، جورج جيرابيتريتيس، أن تهديدات جماعة «حزب الله» اللبنانية ضد قبرص غير مقبولة، وأن الاتحاد الأوروبي سيقف إلى جانب الدول الأعضاء ضد كل هذه التهديدات.

وأضاف، للصحافيين، قبيل حضور الاجتماع الشهري لوزراء خارجية التكتل: «من غير المقبول على الإطلاق توجيه تهديدات ضد دولة ذات سيادة في الاتحاد الأوروبي».

وتابع: «نقف إلى جانب قبرص، وسنكون جميعاً معاً في مواجهة جميع أنواع التهديدات العالمية القادمة من المنظمات الإرهابية».

وهدَّد حسن نصر الله، الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني، في خطاب له، قبرص بوصفها شريكاً في الحرب، إذا استخدمت إسرائيل مطاراتها وقواعدها لتنفيذ هجمات ضد لبنان.