أغلق ملاطف متجره لبيع الدواجن في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، منذ أسبوع، بعد أن تكبّد خسائر مادية جراء ما تشهده السوق المحلية من كساد وتراجع للقدرة الشرائية لدى غالبية السكان؛ بسبب التردي الاقتصادي الذي قاد غالبيتهم إلى الاكتفاء بتوفير الخبز.
ويبدي ملاطف، وهو أب لستة أولاد، تخوفه من معاودة فتح محله وشراء كميات من الدواجن كما كانت الحال عليه قبل أشهر؛ خشية تكدسها وعدم إقبال الناس على شرائها، مؤكداً أنه يقوم بتتبع أحوال السوق بشكل يومي؛ عله يجد تحسناً ولو طفيفاً في الحركة، لكن دون جدوى.
وتشهد غالبية أسواق الدجاج في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الحوثيين حالياً ركوداً كبيراً وتراجعاً في حركة البيع؛ بسبب عزوف السكان عن الشراء، مع استمرار تدهور أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية، وانقطاع الرواتب، وندرة فرص العمل.
وشكا تجار دواجن في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار كساد بضائعهم مع عدم قدرتهم على بيعها، مرجعين ذلك إلى أن الناس لا يُقبِلون حالياً على شرائها كما كانوا عليه في السابق؛ نتيجة سوء الأوضاع.
تقليل الكميات
يتحدث أصحاب متاجر لبيع الدجاج عن أن تدني حركة السوق جعلهم يضطرون إلى تقليل كميات الدجاج اليومية التي يتاجرون بها؛ خوفاً من عدم مقدرتهم على بيعها؛ جراء التراجع المستمر للقدرة الشرائية للمواطنين.
ولا تقتصر المعاناة تلك على تجار وبائعي لحوم الدجاج، بل تشمل أيضاً ملايين السكان في صنعاء وغيرها ممن أبدوا في السابق، ولا يزالون، عجزهم التام عن توفير اللحوم بمختلف أنواعها لأطفالهم ولو مرة واحدة كل أسبوع.
ويتحدث أسامة، وهو موظف تربوي في صنعاء، عن تخليه، مع بقية أفراد عائلته المكونة من 8 أفراد، عن استهلاك لحوم الدجاج وغيرها من لحوم المواشي والأسماك، جراء الأوضاع المادية الحرجة.
ويوضح أسامة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه ومعظم السكان في العاصمة المحتلة تخلو موائدهم اليومية من كثير من الأصناف الغذائية، طيلة السنوات العجاف التي مرّت من عُمر الانقلاب والحرب التي أشعلت فتيل نيرانها الجماعةُ الحوثية.
أزمات متلاحقة
يعيش ملايين السكان اليمنيين في المدن تحت سيطرة الجماعة الحوثية أزمات غذائية متلاحقة جراء سياسات الإفقار الحوثية، التي تتمثل في إيقاف رواتب موظفي قطاعات الدولة، وافتعال أزمات المواد الأساسية والضرورية مثل الوقود والغاز والمواد الغذائية التي يتم تحويلها إلى السوق السوداء، التي يديرها قادة وتجار حوثيون.
وإضافةً إلى ذلك، هناك الجبايات والضرائب التي يتم فرضها على التجار ورجال الأعمال والشركات والمؤسسات التجارية، التي يتم تعويضها برفع الأسعار، الأمر الذي يؤدي إلى إفقار المواطن، وإضعاف قدرته الشرائية، وإجباره على التخلي عن كثير من المواد الأساسية والخدمات.
وكان تقرير أممي سابق أكد أن أسعار الدواجن وبيض المائدة في مناطق سيطرة الحوثيين ارتفعت بشكلٍ كبير؛ نتيجة زيادة الضرائب أخيراً على الدجاج والبيض عند نقاط التفتيش.
ووفقاً لـ«شبكة الأمم المتحدة للإنذار المبكر»، فإن ذلك يحد من الوصول إلى مصادر مهمة للبروتين والمواد المغذية لملايين الأسر. كما رصد التقرير الأممي ارتفاع أسعار الماشية في اليمن.
وأشار إلى أن استهلاك العاصمة صنعاء فقط من الدواجن الحية والمجمدة يقدّر بنحو مليوني دجاجة حية ومجمدة تدخل يومياً إلى المدينة، في حين يفرض الحوثيون على الدجاجة الواحدة رسوماً بنحو 300 ريال يمني بعد أن كانت بـ10 ريالات حتى عام 2010 (الدولار يساوي نحو 530 ريالاً يمنياً في مناطق سيطرة الحوثيين).
ويقدّر التقرير الأممي أن الجماعة تتحصل على ما يعادل مليون دولار يومياً من رسوم وضرائب دخول نحو مليوني دجاجة (حية ومجمدة) إلى العاصمة صنعاء فقط.
وكشف نقابيون يمنيون، في صنعاء في وقت سابق، عن أن عائدات الضرائب التي يفرضها الحوثيون على الدجاج في مناطق سيطرتهم تكفي وحدها لتغطية صرف رواتب المعلمين وأساتذة الجامعات وموظفيها.
وأوضح النقابيون أنه يتم استهلاك نحو 3 ملايين دجاجة في اليوم الواحد في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يحصّلون 300 ريال يمني (نحو نصف دولار) ضريبةً على كل دجاجة، وهو ما يساوي 900 مليون ريال في اليوم الواحد (نحو 1.5 مليون دولار).
وذكروا أن ما يتم جمعه من هذه الضريبة خلال الشهر يصل إلى 21 مليار ريال يمني (نحو 40 مليون دولار) في حين أن رواتب قطاع التعليم العام والجامعي بمناطق سيطرة الجماعة لا تزيد على 7 مليارات ريال في الشهر (نحو 13 مليون دولار).