تباين دولي إزاء ضربات تحجيم هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

الجماعة توعدت بالانتقام وحلفاؤها يستنكرون

استغلت الجماعة الحوثية حرب غزة لحشد مزيد من المسلحين وجمع الأموال (رويترز)
استغلت الجماعة الحوثية حرب غزة لحشد مزيد من المسلحين وجمع الأموال (رويترز)
TT

تباين دولي إزاء ضربات تحجيم هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

استغلت الجماعة الحوثية حرب غزة لحشد مزيد من المسلحين وجمع الأموال (رويترز)
استغلت الجماعة الحوثية حرب غزة لحشد مزيد من المسلحين وجمع الأموال (رويترز)

لم تمر سوى ساعات منذ أنهى زعيم الحوثيين في اليمن خطبة توعد فيها بالاستمرار في تهديد السفن في البحر الأحمر ومقارعة أي قوة دولية تعترض جماعته، حتى جاء الرد عبر ضربات جوية وبحرية أميركية بريطانية تباينت المصادر في عددها، ففي حين قال الإعلام الغربي إنها بلغت نحو 60 هدفاً للجماعة في صنعاء و4 محافظات أخرى، أعلن الحوثيون أنها تجاوزت 70 ضربة.

وجاءت العملية، التي أعلن عنها الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، غداة قرار لمجلس الأمن الدولي، ندّد بهجمات الحوثيين، ودعا للتوقف عنها فوراً مع منح الدول الحق للدفاع عن مصالحها ضد التهديدات.

استهدفت الضربات نحو 60 هدفاً حوثياً في صنعاء ومناطق يمنية أخرى (أ.ب)

وفيما يرى مراقبون سياسيون أن الضربات كانت من باب «التحذير العنيف»، مستندين إلى تسرب أخبار بدئها قبل وقوعها، اعترفت الجماعة الموالية لإيران بمقتل 5 من مسلحيها وإصابة 6 آخرين فقط.

وبحسب واشنطن ولندن، جاءت الضربات رداً على الهجمات الحوثية التي استهدفت سفن الشحن والسفن العسكرية في البحر الأحمر، مع الإشارة إلى إمكانية شنّ ضربات مماثلة إذا استمر التهديد الحوثي في واحد من أهم ممرات التجارة العالمية.

الجماعة المدعومة من إيران استغلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لتحسين صورتها محلياً وإقليمياً والهروب من أزماتها الداخلية، من خلال شنّ هجمات ضد سفن الشحن التي تزعم أنها متجهة من إسرائيل وإليها بغضّ النظر عن جنسيتها، في سياق المساندة المزعومة للفلسطينيين، وفق اتهامات الحكومة اليمنية ومراقبين يمنيين.

وطبقاً لبيانات البحرية الأميركية، بلغت الهجمات الحوثية ضد السفن نحو 27 هجوماً منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بما في ذلك قرصنة السفينة الدولية «غالاكسي ليدر» واحتجاز طاقمها وتحويلها إلى مزار لأتباع الجماعة قبالة سواحل الحديدة.

استهدفت الضربات مواقع رادار ومخازن أسلحة وذخائر في عدة مناطق خاضعة للحوثيين (أ.ب)

يقول جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأميركية الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»: «أظن أن هذه الضربات مناسبة جداً نظراً للتهديد الذي يشكله الحوثيون، وأعتقد أيضاً أنها أتت متأخرة. إن الإدارة اتخذت الخطوة الصحيحة من خلال التأني، ثم الضرب بقوة ضد الحوثيين. ومن المهم أيضاً أننا نفذنا هذه المهمة مع تحالف من دول مسؤولة تدافع عن الحقوق الأساسية لحرية الملاحة». ويعتقد فوتيل أن «الوقت سيظهر ما إذا كانت الضربات ستردع الحوثيين، لكن علينا أن نكون مستعدين لمواصلة هذا المستوى من الضربات لإثبات إرادتنا في الاستمرار. هناك دائماً احتمال للتصعيد في التوتر في البحر الأحمر أو في المنطقة، لكن التخلي عن الحيرة المرتبطة بردّنا على هجمات الحوثيين المستمرة هي الطريقة الفضلى لاستعادة الردع».

ولا يرى القائد السابق لـ«سنتكوم» أن إيران تريد مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، لكنه يقول: «الآن، وبعدما أظهرنا استعدادنا لضرب الحوثيين بقساوة، ستكون إيران التالية إذا لم يتغير سلوكها».

وانقسم الشارع اليمني بين محتج على الضربات، ولا سيما من هم في مناطق سيطرة الحوثيين، وبين مؤيد لها، خاصة في أوساط خصوم الجماعة، التي ينظر إليها بأنها أدخلت البلاد في أزمة من شأنها مضاعفة الحالة الإنسانية لأكثر من 18 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية.

في المقابل، أيّدت دول غربية مثل فرنسا وألمانيا هذه الضربات، ودعت روسيا إلى عقد جلسة لمجلس الأمن في سياق النكاية بواشنطن، في حين لقيت العملية تنديداً من طهران وأذرعها في المنطقة، وفي مقدمهم «حزب الله» اللبناني، وحركة «حماس» الفلسطينية.

وكان الإعلام الغربي أفاد على نطاق واسع قبل تنفيذ الضربات بأن واشنطن ولندن تستعدان لتنفيذها ضد أهداف حوثية في سياق عملية محدودة، وليست لها علاقة بتحالف «حارس الازدهار» الذي شكّلته واشنطن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي لحماية السفن من الهجمات الحوثية.

تفاصيل الضربات

صرّح الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس، أن بلاده وبريطانيا وجّهتا بنجاح ضربات للحوثيين رداً على هجمات الجماعة المدعومة من إيران على سفن في البحر الأحمر.

شنّ الحوثيون نحو 27 هجوماً ضد سفن الشحن في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

وقال بايدن، في بيان: «بتوجيه مني، نفّذت القوات العسكرية الأميركية بالتعاون مع بريطانيا وبدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا ضربات ناجحة ضد عدد من الأهداف في اليمن التي يستخدمها الحوثيون لتعريض حرية الملاحة للخطر في أحد الممرات المائية الأكثر حيوية في العالم».

وفي حين أشار بايدن إلى أن الضربات ردّ مباشر على هجمات الحوثيين غير المسبوقة في البحر الأحمر باستخدام صواريخ بالستية مضادة للسفن، أعلن وزير دفاعه لويد أوستن أنّ الضربات استهدفت أجهزة رادار وبنى تحتيّة لمسيّرات وصواريخ، في مسعى لإضعاف قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن التجاريّة في البحر الأحمر.

وقال أوستن، في بيان، إنّ «ضربات اليوم استهدفت مواقع مرتبطة بالطائرات بلا طيّار التابعة للحوثيّين والصواريخ البالستيّة وصواريخ كروز وقدرات الرادار الساحلي والمراقبة الجوّية».

وشدّد وزير الدفاع الأميركي على أنّ «إجراءات التحالف اليوم تبعث رسالة واضحة إلى الحوثيّين، مفادها أنّهم سيتحمّلون مزيداً من الأثمان إذا لم يُنهوا هجماتهم غير الشرعيّة».

توعدت واشنطن ولندن بضربات أخرى إذا لم يتوقف الحوثيون عن الهجمات (رويترز)

من جهتها، أوضحت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت الجمعة، الساعة 2:30 صباحاً (بتوقيت صنعاء)، بالتنسيق مع المملكة المتحدة، وبدعم من أستراليا وكندا وهولندا والبحرين، ضربات مشتركة على أهداف الحوثيين لإضعاف قدرتهم على الاستمرار في هجماتهم غير القانونية والمتهورة على السفن الأميركية والدولية والسفن التجارية في البحر الأحمر.

وبحسب البيان، استهدف هذا العمل المتعدد الجنسيات أنظمة الرادار وأنظمة الدفاع الجوي ومواقع التخزين والإطلاق للهجوم أحادي الاتجاه على الأنظمة الجوية من دون طيار وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية.

وأكدت القيادة المركزية الأميركية أنه لا علاقة لهذه الضربات بعمليات تحالف «حارس الازدهار»، وهو التحالف الدفاعي الذي يضم أكثر من 20 دولة تعمل في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.

وقال الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية: «إننا نحمل المسلحين الحوثيين ورعاتهم الإيرانيين الذين يزعزعون الاستقرار مسؤولية الهجمات غير القانونية والعشوائية والمتهورة على الشحن الدولي، التي أثرت على 55 دولة حتى الآن، بما في ذلك تعريض حياة مئات البحارة، بما في ذلك الولايات المتحدة، للخطر». وأضاف: «لن يتم التسامح مع أفعالهم غير القانونية والخطيرة، وستتم محاسبتهم».

من جهته، أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، في بيان، الجمعة، أن المملكة المتحدة والولايات المتحدة، بدعم من كثير من الحلفاء الآخرين، شنّتا ضربات في اليمن. وأن القوات الجوية الملكية نفّذت ضربات ضد المنشآت العسكرية التي يستخدمها المتمردون الحوثيون في اليمن.

وقال سوناك: «في الأشهر الأخيرة، نفذت ميليشيا الحوثي سلسلة من الهجمات الخطيرة والمزعزعة للاستقرار ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، وهو الأمر الذي يهدد السفن البريطانية وغيرها من السفن الدولية، ما تسبب في تعطيل كبير لإحدى الطرق التجارية الحيوية ورفع أسعار السلع الأساسية».

وتابع: «تحركاتهم المتهورة تخاطر بحياة الناس في البحر، وتؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن». وأضاف أنه «على الرغم من التحذيرات المتكررة من المجتمع الدولي، واصل الحوثيون تنفيذ هجمات في البحر الأحمر، بما في ذلك ضد السفن الحربية البريطانية والأميركية، التي وقعت هذا الأسبوع». وأكد أن «هذا لا يمكن أن يستمر. المملكة المتحدة ستدافع دائماً عن حرية الملاحة وحرية تدفق التجارة».

وعيد حوثي بالانتقام

توعد قادة الجماعة الحوثية، الجمعة، بالانتقام وعدم الرجوع عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر التي يزعمون أن لها علاقة بإسرائيل، وذلك غداة دعوة زعيمهم الحوثي للتظاهر، الجمعة، في مختلف الميادين الخاضعة للجماعة والاستمرار في عمليات التجنيد وجمع الأموال.

قال زعيم الجماعة الحوثية إنه غير مهتم بالخسائر التي قد تتكبدها جماعته (أ.ف.ب)

واعترف المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، بأن القوات الأميركية والبريطانية شنّت 73 غارة استهدفت صنعاء ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة، وأدت إلى مقتل 5 مسلحين وإصابة 6 آخرين.

وقال المتحدث الحوثي يحيى سريع، في بيان، إن الهجوم «لن يمر دون ردّ أو عقاب»، وإن جماعته لن تتردد في استهداف مصادر التهديد والأهداف المعادية كافة. في حين توعد محمد علي الحوثي، وهو ابن عم زعيم الجماعة، بأن هذه الضربات «لن تمر مرور الكرام»، وأنه «سيتم الردّ».

إلى ذلك، توعدت الجماعة، في بيان لمجلس حكمها الانقلابي، بأن «كل المصالح الأميركية البريطانية أصبحت أهدافاً مشروعة».

من ناحيته، قال القيادي في الجماعة، حسين العزي، على منصة «إكس»، إن جماعته «تعرضت لهجوم واسع من سفن وغواصات وطائرات حربية أميركية وبريطانية»، وإنه «سيتعين على أميركا وبريطانيا الاستعداد لدفع الثمن الباهظ وتحمل العواقب الوخيمة كافة». وفق تعبيره.

واستناداً لما أفاد به إعلام الجماعة الحوثية، استهدفت الضربات بـ4 غارات قاعدة «الديلمي» الجوية الملاصقة لمطار صنعاء في شمال المدينة، إضافة إلى ضربات في محيط مطار الحديدة ومناطق في مديرية زبيد جنوب مدينة الحديدة، وأخرى استهدفت معسكر كهلان شرق مدينة صعدة، وجبل الصمع غرب المدينة نفسها، ومنطقة طخية بمديرية مجز في صعدة حيث معقل الجماعة الرئيس.

وشملت الضربات مطار تعز الخاضع للجماعة (جنوب غرب) ومعسكر اللواء 22 بمديرية التعزية في تعز نفسها، إلى جانب مطار في مديرية عبس بمحافظة حجة الحدودية (شمال غرب).

تزعم الجماعة الحوثية أنها تناصر فلسطين عبر الهجمات في البحر الأحمر (إ.ب.أ)

ومع عدم ورود تفاصيل عما إذا كانت هذه الضربات استطاعت أن تضعف من قدرة الحوثيين على شنّ الهجمات البحرية، يتخوف مراقبون من لجوء الجماعة إلى الزوارق المفخخة ونشر الألغام البحرية، وهو ما سيكون له أثر كارثي على الملاحة التجارية وقوارب الصيادين.

الردود الدولية

تباينت ردود الأفعال الدولية إزاء الضربات الأميركية البريطانية للحوثيين في اليمن، بين تأييد لها كما هو موقف فرنسا ودول أوروبية أخرى مثل الدنمارك وألمانيا، وبين رفض لها كما هو موقف روسيا الداعي إلى اجتماع لمجلس الأمن، فضلاً عن إيران وبقية الجماعات الموالية لها، وبين دعوات تشعر بالقلق وتدعو إلى ضبط النفس كما هو موقف السعودية.

شكّلت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً لحماية الملاحة في البحر الأحمر (رويترز)

وفي بيان مشترك للدول المنفذة والمساندة للضربات، قال إن العملية جرى تنفيذها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، رداً على هجمات الحوثيين غير القانونية والخطيرة والمزعزعة للاستقرار ضد السفن، بما في ذلك سفن الشحن التجاري في البحر الأحمر.

ووقّعت على البيان حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، حيث أفاد الموقعون بأن «الهدف من هذه الضربات الدقيقة هو تقويض وإضعاف قدرات الحوثيين التي يستخدمونها في تهديد التجارة العالمية وحياة البحارة الدوليين في أحد أهم الممرات المائية في العالم».

وأوضح البيان أن الغارات العسكرية «تؤكد الالتزام المشترك بحرية الملاحة والتجارة الدولية والدفاع عن حياة البحارة من الهجمات غير القانونية وغير المبررة».

وقال البيان إن الهدف المشترك لا يزال هو خفض التصعيد واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر، وإنه في ضوء التهديدات المستمرة «لن نتردد في الدفاع عن الحيوات، وحماية التدفق الحر للتجارة في أحد أكثر الممرات المائية أهمية في العالم».

وجاء في بيان للخارجية السعودية أن المملكة «تتابع بقلق بالغ العمليات العسكرية التي تشهدها منطقة البحر الأحمر، والغارات الجوية التي تعرض لها عدد من المواقع في الجمهورية اليمنية».

قالت واشنطن إنها ليست بحاجة إلى إرسال مزيد من القوات إلى الشرق الأوسط (رويترز)

وأضاف البيان: «إذ تؤكد المملكة على أهمية المحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر التي تعد حرية الملاحة فيها مطلباً دولياً لمساسها بمصالح العالم أجمع، لتدعو إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث».

من جهتها، أعربت الخارجية العمانية، في بيان، أنها تتابع بقلق بالغ تطورات القصف الأميركي البريطاني الذي طال عدة مدن يمنية، وقالت إنه لا يمكنها إلا أن «تستنكر اللجوء لهذا العمل العسكري من قبل دول صديقة، بينما تتمادى إسرائيل في قصفها وحربها الغاشمة وحصارها لقطاع غزة دون حساب أو عقاب».

من ناحيته، ندّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بما وصفه بالردّ «غير المتناسب» ضد الحوثيين، وأضاف في تصريحات صحافية، الجمعة: «كل هذه التصرفات تشكل استخداماً غير متناسب للقوة». وتابع: «أميركا وإسرائيل تستخدمان القوة غير المتناسبة نفسها ضد الفلسطينيين، والبريطانيون يسيرون على خطى الولايات المتحدة. إنهم يسعون إلى إحداث حمام دم في البحر الأحمر».

وفي سياق التأييد، أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تأييد حكومة بلادها للضربة العسكرية، وقالت في أعقاب لقاء مع نظيرها الماليزي محمد حسن، في العاصمة الماليزية كوالالمبور، اليوم (الجمعة)، إن «ردّ الفعل يحظى بتأييدنا السياسي».

وانتقدت بيربوك الحوثيين، قائلة إنهم يهددون بأعمالهم العدائية أمن الملاحة البحرية الدولية المدنية، ويشكلون خطراً على التجارة العالمية، ويعرضون حياة البشر للخطر بلا اعتبار.

روسيا هي الأخرى ندّدت بالضربات، ووصفتها بأنها خطوة تفضي «إلى التصعيد». وأكد الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أمام صحافيين، إدانة الضربات التي اعتبرها «غير مشروعة بموجب القانون الدولي».

وفي حين ندّدت وزارة الخارجية العراقية، في بيان، بالهجمات قالت إن «توسيع دائرة الاستهدافات لا يمثل حلاً للمشكلة، وإنما سيدفع لاتساع نطاق الحرب»، مع تأكيدها على «وجوب الحفاظ على حرية الملاحة في المياه الدولية».

إلى ذلك، أكدت الكويت أنها تتابع بقلق واهتمام بالغين تطورات الأحداث في منطقة البحر الأحمر إثر الهجمات، وشددت في بيان للخارجية على «أهمية حفظ الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأحمر، وتأمين حرية الملاحة في الممرات كافة».

توعد الحوثيون بالردّ على الضربات الأميركية والبريطانية وسط مخاوف دولية من التصعيد في الشرق الأوسط (رويترز)

ونقلت «رويترز» عن متحدث باسم حلف شمال الأطلسي، الجمعة، قوله إن الضربات التي شنّها الجيشان الأميركي والبريطاني ضد الحوثيين في اليمن كانت «دفاعية، وتهدف إلى حماية حرية الملاحة في أحد أهم الممرات المائية في العالم».

وأضاف المتحدث: «القوات الحوثية تتلقى دعماً وإمداداً وعتاداً من إيران. لذلك على إيران مسؤولية خاصة للسيطرة على وكلائها».

كما نقلت الوكالة عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، باتريك رايدر، الجمعة، أن الولايات المتحدة ليست لديها خطط لإرسال قوات إضافية إلى منطقة الشرق الأوسط بعد أن شنّ الجيشان الأميركي والبريطاني ضربات على قوات الحوثيين في اليمن.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.