إجراءات انقلابية في صنعاء لإرهاق السياحة الداخلية بمزيد من الجبايات

8 مليارات دولار حجم خسائر القطاع خلال 8 سنوات

محل تجاري لبيع الفخار في ضواحي مدينة إب اليمنية (الشرق الأوسط)
محل تجاري لبيع الفخار في ضواحي مدينة إب اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

إجراءات انقلابية في صنعاء لإرهاق السياحة الداخلية بمزيد من الجبايات

محل تجاري لبيع الفخار في ضواحي مدينة إب اليمنية (الشرق الأوسط)
محل تجاري لبيع الفخار في ضواحي مدينة إب اليمنية (الشرق الأوسط)

تعتزم جماعة الحوثيين في اليمن استهداف ما يزيد على 8 آلاف منشأة ومرفق سياحي في العاصمة المختطفة صنعاء ومناطق أخرى بحزمة جديدة من الإجراءات والقيود التعسفية، وذلك ضمن مساعي الجماعة لجباية مزيد من الأموال.

وأعلنت الجماعة في هذا السياق، تأسيس ما سمته معهد «إرمذات»، وأوكلت إليه عدم منح أي تراخيص أو تجديد للمرافق والمنشآت السياحية بمناطق سيطرتها إلا بعد تحصل العاملين بتلك المنشآت على ما أطلقت عليه الجماعة «شهادات تأهيل» صادرة عن المعهد المزعوم الذي أسست له مقرا رئيسيا في صنعاء، وأطلقت له فروعا عدة في بقية المدن تحت قبضتها.

أسس الحوثيون في صنعاء معهداً لجبابة الأموال من القطاع السياحي (إعلام حوثي)

ووفق وسائل إعلام الجماعة، دعا القيادي الحوثي عصام السنيني المعين في منصب وكيل أول وزارة السياحة في حكومة الانقلاب ملّاك المنشآت السياحية إلى سرعة التوجه إلى معهد «إرمذات» والتسجيل فيه باعتباره المعيار الأهم في إصدار أي تصاريح لأى مرافق سياحية.

وفي الوقت الذي يعاني فيه الموظفون العموميون في مناطق سيطرة الجماعة منذ سنوات من انقطاع رواتبهم، هدفت الجماعة من وراء تأسيس المعهد إلى تحصيل أكبر قدر من الموارد المالية بذريعة تأهيل وتدريب العاملين بالمنشآت السياحية الكبرى والمتوسطة والأصغر.

نهب منظم

اتهمت مصادر عاملة في قطاع السياحة في صنعاء الجماعة الحوثية بالاستمرار في نهب موارد قطاع السياحة الداخلية، عبر وقف رواتب موظفي هذا القطاع، والسطو على الودائع المصرفية الخاصة به، إضافة إلى إحلال عناصرها المؤدلجين في مفاصل المؤسسات ذات الصلة، وكذا استهداف ملاك ما تبقى من المنشآت والمرافق السياحية في صنعاء وغيرها بحملات التعسف والابتزاز.

وتحدث مستثمرون في القطاع السياحي بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن استيائهم من تدابير الجماعة التي تشترط عدم منح أي تراخيص أو تجديد للمرافق والمنشآت السياحية إلا بعد تحصل العاملين فيها على شهادات من أحد المعاهد المستحدثة.

تقاطع جسر «مذبح» وشارع الستين في العاصمة المختطفة صنعاء (الشرق الأوسط)

ويؤكد مراد، وهو اسم مستعار لأحد العاملين بمرفق سياحي وسط صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» أنه يعمل في هذا القطاع منذ سنوات ولديه الخبرة الكافية لأداء مهامه الوظيفية على أكمل وجه. لافتاً إلى أنه والكثير من زملائه لا يحتاجون لأي دورات تأهيل وتدريب حوثية ذات طابع تعبوي وطائفي.

وأبدى استنكاره لاشتراط الحوثيين الالتحاق بالمعهد الذي لا يخضع لأدنى المعايير، سوى أنه يهدف إلى جبابة الأموال نظير تلقي دورات وبرامج مشبوهة وليس لها أي علاقة بالعمل السياحي.

وجاء هذا التوجه الحوثي بالتزامن مع شن حملات واسعة استهدفت عدداً من الفنادق السياحية والمقاهي والمتنزهات والحدائق العامة والخاصة في صنعاء وإب وذمار ومدن أخرى، بحجة منع اليمنيين من إقامة أي احتفالات لمناسبة رأس السنة الميلادية.

وذكرت مصادر محلية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحين حوثيين يقودهم مشرفون على قطاع السياحة في العاصمة داهموا عددا من الفنادق والمقاهي والمتنزهات والحدائق العامة والترفيهية، وحذروا مالكيها من إقامة أي احتفالات خاصة برأس السنة الميلادية بناءً على أوامر من زعيم الجماعة.

وعلى مدى الأعوام الماضية من عمر الانقلاب، سعت الجماعة بمختلف الطرق إلى نهب وتدمير القطاع السياحي في مناطق قبضتها تارة بالاستهداف المباشر للمنشآت والمرافق السياحية، وأخرى عبر حملات الجباية غير القانونية بحق المتبقين من منتسبي هذا القطاع.

خسائر السياحة

وقدرت تقارير يمنية سابقة حجم الخسائر الأولية التي لحقت بقطاع السياحة خلال أكثر من ثمانية أعوام ماضية من عمر الانقلاب، بأنها تصل إلى أكثر من ثمانية مليارات دولار.

وأوضحت التقارير أن الصراع المستمر أدى إلى إغلاق نحو 550 وكالة سياحية، وتكبيدها خسائر تقدر بـ800 مليون دولار.

كما قاد الانقلاب الحوثي وما تبعه من صراع دام إلى تسريح 95 في المائة من العاملين في قطاع السياحة الذين يعول غالبيتهم أكثر من 500 ألف فرد، إضافة إلى فقدان آلاف من فرص العمل التي كانت تشكل دخلا رئيسيا للمئات من الأسر اليمنية.

يجبر الحوثيون العاملين في مختلف المهن على دفع الإتاوات (الشرق الأوسط)

وكانت تقارير محلية أخرى أكدت أن عائدات اليمن من السياحة بلغت نحو مليار دولار في عام 2010؛ مشيرة إلى أنها تشكل نحو 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وذكرت أنه «حتى عام 2010 كان القطاع السياحي يشكل دخلا رئيسيا لحوالي 250 ألف شخص يمني، يعيلون أكثر من مليون نسمة من إجمالي السكان البالغ عددهم نحو 27 مليوناً».

وتذهب تقديرات محلية أخرى إلى أن حوالي 90 في المائة من العمالة في القطاع السياحي تم تسريحهم بشكل نهائي، بينما تعرضت المئات من المنشآت والمرافق السياحية للفساد والتدمير والعبث والنهب الحوثي.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.