نفذ العشرات من الطلبة الخريجين من كلية الشريعة والقانون في صنعاء مظاهرة احتجاجية، هي الثانية منذ مطلع هذا الأسبوع، أمام مبنى وزارة العدل الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء؛ تنديداً باستبعادهم بشكل تعسفي من الدراسة في المعهد العالي للقضاء وحصر الدراسة فيه على الأتباع والمنتمين إلى سلالة زعيم الجماعة.
وخلال المظاهرة، رفع المحتجون شعارات منددة ورافضة للقرارات الحوثية، حيث رفض قادة الجماعة تنفيذ قرار صادر عن المحكمة الإدارية يقضي بتمكين الطلبة المستبعدين قسراً من دخول امتحانات القبول للمعهد وتمكينهم من إتمام إجراءات المفاضلة لذلك الامتحان.
ورفض المشاركون أساليب الاحتكار الحوثي للدراسة في المعهد وحصره فقط بالأتباع والمنتمين للجماعة سلالياً دون غيرهم من الطلبة اليمنيين ممن لديهم مؤهلات علمية وأكاديمية واستوفوا كامل الشروط.
واتهم ماهر، وهو اسم مستعار لأحد المشاركين في المظاهرة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» قيادات حوثية، منها وزير العدل في حكومة الحوثيين والمنتحل لصفة رئيس مجلس القضاء وعميد المعهد العالي للقضاء، بـ«اتخاذهم إجراءات مجحفة وغير قانونية» تهدف إلى استبعاده وزملائه من امتحانات القبول على الرغم من استيفائهم كل الشروط التي تمكّنهم من مواصلة تعليمهم في المعهد.
وسبق أن نفذ الطلبة المستبعدون وقفة احتجاجية مماثلة أمام بوابة معهد القضاء العالي بصنعاء؛ للمطالبة برفع الجور عنهم وتنفيذ جميع مطالبهم المشروعة.
واستبعدت الجماعة الحوثية في الشهر الماضي، نحو ألف متقدم ومتقدمة من الطلاب ذوي الكفاءة العلمية وأوائل كليات الشريعة والقانون والحقوق، مع استبعاد كلي للإناث، دون وجود أي سبب أو مبرر قانوني ودون إخضاعهم لأي مرحلة من مراحل المفاضلة المقررة في النصوص القانونية.
واكتفت قيادات الجماعة التي تدير معهد القضاء بصنعاء بقبول مَن تمت تزكيتهم من قِبل وزير العدل في حكومتهم غير المعترف بها، وغالبيتهم من الأتباع الذين التحقوا بدورات تعبوية مكثفة.
ونقلت مصادر قضائية في صنعاء عن طلبة تقدموا للدراسة في معهد القضاء، بعضهم من أوائل أقسام الشريعة والقانون قولهم، إنهم حُرموا من القبول؛ نتيجة عدم انتمائهم إلى السلالة الحوثية؛ إذ أسقطت الجماعة أسماءهم بينما قبلت محسوبين عليها، أقل كفاءة منهم.
ووصفت المصادر في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، تلك الممارسات بالتمييزية العنصرية الرامية إلى منع عموم الراغبين في دراسة القضاء من الالتحاق بالمعهد، وحصر ذلك في أنصار الانقلاب وعناصر جماعة الحوثي.
تنديد حقوقي
قال المركز الأميركي للعدالة (ACJ) إنه تلقى عشرات الشكاوى من خريجات وخريجي كلية الشريعة والقانون ممن تقدموا للتسجيل في معهد القضاء بصنعاء والذين تم إقصاؤهم على الرغم من استيفائهم متطلبات القبول كافة.
وأكد المركز، وهو منظمة حقوقية تعمل من الأراضي الأميركية، في بيان حديث له، أن إدارة المعهد الخاضعة للجماعة أصدرت قراراً تضمن استبعاد 1000 متقدم ومتقدمة من الطلاب ذوي الكفاءة العلمية وأوائل كليات الشريعة والقانون، واستبعاد كلي للإناث دون وجود أي سبب أو مبرر قانوني، ودون إخضاعهم لأي مرحلة من مراحل المفاضلة المقررة في النصوص القانونية.
وبحسب المعطيات التي قال المركز إنه تحصل عليها، فقد اختارت إدارة معهد القضاء بصنعاء 205 متقدمين جميعهم من الذكور والذين تمت مفاضلتهم بناءً على تزكية من قِبل مشرفي الجماعة في المديريات تحت سيطرتهم.
وشدد البيان على أن ذلك الاستبعاد يشكل مخالفة صارخة للمعايير الموضوعية التي تواتر عليها المعهد طيلة السنوات الماضية منذ تأسيسه.
ورأى أن قرار استبعاد مئات المتقدمين ارتكز على الانتماء المذهبي في الاختيار وعلى اعتبارات ترتبط بالولاء والجنس والمولد، حيث يُطلب من كل خريج يرغب في التقدم للمسابقة أن يُحضر تزكية موقّعة من مشرف جماعة الحوثي في منطقته؛ الأمر الذي يعكس بشكل واضح نية جماعة الحوثي الواضحة في حصر التعيينات في الوظيفة العامة بعناصرها مع إقصاء تام لباقي الفئات.
ويمثل ذلك القرار انتهاكاً مقلقاً لمبدأ سيادة القانون والمساواة وتكافؤ الفرص التي كفلها الدستور اليمني لعموم اليمنيين، لا سيما المادة (41) التي نصت على «المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة»، والمادة (25) التي أكدت بالقول: إن «المجتمع اليمني يقوم على أساس العدل والحرية والمساواة وفقاً للقانون».
وقال المركز: إن حرمان النساء من الحق في شغل منصب القضاء يعد انتقاصاً خطيراً لحقوق المرأة اليمنية التي كفلها دستور البلاد في المادة (31) ويتعارض القرار مع اتفاقية «سيداو» التي صادقت عليها اليمن.
وأبدى الرفض المطلق لاستبعاد الجماعة ثلثي المتقدمين لمعهد القضاء، داعياً إلى سرعة إلغاء القرار وإقامة مسابقة قضائية تستند إلى مبدأ تكافؤ الفرص، وتمكين الخريجين من التقدم دون أي اعتبارات مذهبية وضرورة احترام الجماعة لحرية وكرامة وحقوق اليمنيين جميعاً دون تمييز بسبب الجنس أو الولاء أو العرق أو الانتماء.